تفسير سورة الزخرف

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
وهي مكية وفيها مواضع من الأحكام ١.
١ "من الأحكام" كلام ساقط في (أ). أوصلها ابن الفرس إلى تسع آيات..

– قوله تعالى :﴿ أومن ينشأ في الحلية ﴾ :
الآية فيها دليل على إباحة الحلي للنساء، والإجماع منعقد عليه، والأخبار فيه لا تحصى.
– قوله تعالى :﴿ بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ( ٢٢ ) ﴾ :
في هذه الآية دليل على إبطال التقليد لذمه إياهم على تقليد آبائهم وتركهم النظر.
– قوله تعالى :﴿ لبيوتهم سقفا من فضة ﴾ :
استدل بعضهم بهذه الآية ١ على أن السقف لرب البيت الأسفل لا لصاحب العلوي إذ هو منسوب إلى البيت ٢ وفي ذلك قولان في المذهب : أحدهما : هذا المستدل عليه بالآية، والآخر : أنه لرب العلو. وهذا الاحتجاج بالآية ضعيف لأن اللام فيها لا توجب ملكا لأنها مثل اللام في قولهم : الدابة للسائس، وهي ليست له. فإذا كان كذلك لم يجب من إضافة السقف إلى البيت إضافته لرب البيت مع أنه لو أضيف إلى رب البيت لكان الأمر محتملا فكيف ولم يضف.
١ "بهذه الآية" كلام ساقط في (أ)، (ح)، (هـ)، (ز)..
٢ "الأسفل لا لصاحب العلو إذ هو منسوب إلى البيت" كلام ساقط في (ح)، (هـ). وقد نسب ابن عطية هذا القول إلى المهدوي وقال عنه: وهذا تفقه واهن. راجع المحرر الوجيز ١٤/ ٢٥٥..
– قوله تعالى :﴿ وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ( ٣٧ ) ﴾ :
قال النقاش في قوله :﴿ ويحسبون أنهم مهتدون ﴾ رد على من يقول إنه ليس أحد يفارق الحق إلا ويعرف أنه ضال، وإن كفر فعلى وجه العناد. قال وفيها أيضا دلالة على رد قول من زعم إن المعارف اضطرارية.
– قوله تعالى :﴿ وإنه لذكر لك ولقومك ﴾ :
اختلف في الآية، فذهب الحسن بن أبي الحسن إلى أن الذكر بمعنى التذكرة والموعظة والقوم : أمته صلى الله عليه وسلم بأجمعها. وذهب ابن عباس وقتادة والسدي وغيرهم إلى أن الذكر الشرف والحمد في الدنيا، والقوم قريش ثم العرب. قال ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل فإذا قالوا له فيمن يكون الأمر من بعدك سكت حتى نزلت هذه الآية. فكان إذا سئل بعد ذلك قال لقريش، فكانت العرب لا تقبل ذلك حتى قبلته الأنصار. ففي هذه الآية على هذا القول دلالة على أن الخلافة إنما هي في قريش خلافا لمن رأى أن قريشا وغيرها في ذلك سواء. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " ١ وجاءت أحاديث غير ذلك كثيرة في هذا المعنى تعضد دليل الآية ٢.
١ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن يونس، كتاب الإمارة، باب: الناس تبع لقريش ٢/ ١٤٥٢..
٢ ذكر بعضها ابن عطية في المحرر الوجيز ١٤/ ٢٦٢، ٢٦٣..
– قوله تعالى :﴿ ما ضربوه لك إلا جدلا ﴾ :
قال النقاش قد استدل بهذه الآية مبطلو القياس والنظر والجدل وزعموا أنه إفصاح أو كالإفصاح بذم الجدل، والرد عليهم أن يقال إنه تعالى لم يرد بهذا القول ذم الجدل بل أخبر أنهم لم يريدوا بسؤالهم تثبتا ووقوفا عندنا ما يوجبه السؤال. وعبر عن ذلك بالجدل ولا ينكر أن يكون من الجدل ما هو مذموم. فهو الذي أراد تعالى. وقد روى أبو أمامة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا وأتوا الجدل " ثم قرأ :﴿ ما ضربوه لك إلا جدلا ﴾ ١ ورأى عليه الصلاة والسلام قوما يتنازعون في القرآن فغضب حتى كأنما صب في وجهه الخل وقال : " لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فما ضل قوم إلا أوتوا الجدل " ٢. فهذا كله ينبغي أن يحمل على الجدل المذموم وهو الذي لا يراد به إظهار حق.
١ ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ١٤/ ٢٧٠، وأخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم في الجامع الصغير ٢/ ٤٣٠..
٢ راجع جامع البيان للطبري ٢٥/ ٨٨..
– قوله تعالى :﴿ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ( ٨٣ ) ﴾ :
في هذه الآية موادعة وهي منسوخة بآية السيف.
– قوله تعالى :﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾ :
فيه دليل على أن من شرط الشهادات في الحقوق وغيرها أن يكون الشاهد عالما بها. ونحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع " ١.
١ الحديث أخرجه الإمام أحمد وابن حميد والحاكم والبيهقي والطبراني في المعجم الأوسط وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة ص ٢٩١..
– قوله تعالى :﴿ فاصفح عنهم وقل سلام ﴾ :
السلام : المسالمة، وقيل التسليم على جهة الموادعة. والآية منسوخة لما فيها من الموادعة بآية السيف.
سورة الزخرف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزُّخْرف) من السُّوَر المكية، من مجموعة سُوَر (الحواميم)، افتُتحت ببيان عظمة هذا الكتاب، وقُدْرتِه على البيان والإبلاغ، وجاءت ببشارةِ الأمَّة بعلوِّ قَدْرها ورفعتها، محذِّرةً إياها من زخارفِ هذه الدنيا وزَيْفِها؛ فهي دارُ مَمَرٍّ، لا دارُ مستقرٍّ، وخُتمت السورة بتنزيه الله عز وجل عن الولدِ والشريك؛ لكمالِ اتصافه بصفات الألوهية الحَقَّة.

ترتيبها المصحفي
43
نوعها
مكية
ألفاظها
837
ترتيب نزولها
63
العد المدني الأول
89
العد المدني الأخير
89
العد البصري
89
العد الكوفي
89
العد الشامي
88

* قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]:

عن أبي يَحيَى مولَى ابنِ عَقِيلٍ الأنصاريِّ، قال: «قال ابنُ عباسٍ: لقد عَلِمْتُ آيةً مِن القرآنِ ما سألَني عنها رجُلٌ قطُّ، فما أدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها فيَسألوا عنها؟ ثم طَفِقَ يُحدِّثُنا، فلمَّا قامَ، تلاوَمْنا ألَّا نكونَ سأَلْناه عنها، فقلتُ: أنا لها إذا راحَ غدًا، فلما راحَ الغَدَ، قلتُ: يا بنَ عباسٍ، ذكَرْتَ أمسِ أنَّ آيةً مِن القرآنِ لم يَسأَلْك عنها رجُلٌ قطُّ، فلا تَدري أعَلِمَها الناسُ فلم يَسألوا عنها، أم لم يَفطَنوا لها؟ فقلتُ: أخبِرْني عنها، وعن اللَّاتي قرأتَ قبلها، قال: نَعم، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لقُرَيشٍ: يا معشرَ قُرَيشٍ، إنَّه ليس أحدٌ يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ فيه خيرٌ، وقد عَلِمتْ قُرَيشٌ أنَّ النَّصارى تعبُدُ عيسى ابنَ مَرْيَمَ، وما تقولُ في مُحمَّدٍ، فقالوا: يا مُحمَّدُ، ألستَ تزعُمُ أنَّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا مِن عبادِ اللهِ صالحًا، فلَئِنْ كنتَ صادقًا، فإنَّ آلهتَهم لكما تقولون؟! قال: فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَمَّا ضُرِبَ اْبْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]، قال: قلتُ: ما {يَصِدُّونَ}؟ قال: يَضِجُّون، {وَإِنَّهُۥ لَعِلْمٞ لِّلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]، قال: هو خروجُ عيسى ابنِ مَرْيَمَ عليه السلام قبلَ يومِ القيامةِ». أخرجه أحمد (٢٩١٨).

*(سورةُ الزُّخْرف):

سُمِّيت (سورةُ الزُّخْرف) بهذا الاسم؛ لمجيء لفظ (الزُّخْرف) في وصفِ الحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَٰبٗا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِـُٔونَ ٣٤ وَزُخْرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَاْلْأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 34-35].

1. مكانة القرآن، وعاقبة المستهزئين بالمرسلين (١-٨).

2. إقرار المشركين بربوبية الله تعالى (٩-١٤).

3. ضلال المشركين في العبادة (١٥-٢٥).

4. حِكْمة الله تعالى في اختيار رسله (٢٦-٣٥).

5. حال المُعرِض عن ذكرِ الله، وتسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم (٣٦-٤٥).

6. قصة موسى عليه السلام مع فرعون (٤٦-٥٦).

7. قصة عيسى عليه السلام (٥٧-٦٦).

8. عباد الله المؤمنين ونِعَمُ الله عليهم (٦٧-٧٣).

9. الأشقياء الفُجَّار يوم القيامة (٧٤-٨٠).

10. تنزيه الله تعالى عن الولدِ والشريك (٨١-٨٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /102).

مقصدُ سورة (الزُّخْرف) هو البِشارة بإعلاء الله لهذه الأمَّة، وتفضيلها على باقي الأُمَم؛ فالأمة الإسلامية هي أعلى الأمم شأنًا ورفعةً، ولتحقيق ذلك لا بد من الارتباط بالآخرة، وتركِ زَيْفِ الدنيا وزُخْرُفها، وعدمِ التعلق بها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /466).