تفسير سورة القلم

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة القلم من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿وَالْقَلَمِ﴾ يُقْسِمُ اللهُ تعالى بالقَلَمِ وهو اسْمُ جِنْسٍ شَامِلٌ للأَقْلَامِ التي تُكْتَبُ بها العُلُومُ.
﴿يَسْطُرُونَ﴾ يُسْطَرُ بها المَنْثُورُ والمَنْظُومُ.
﴿مَا أَنتَ﴾ أَيْ: يَا مُحَمَّدُ.
﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ أي: بِإِنْعَامِهِ عَلَيْكَ بالنبوةِ والحكمةِ وَرَجَاحَةِ العَقْلِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ.
﴿غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ غَيْرَ مَقْطُوعٍ عَنْكَ ولا مَنْقُوصٍ عَلَيْكَ.
﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾ تَرَى وَيَرَوْنَ، يَعْنِي المُشْرِكِينَ. والمقصودُ: سَتَعْلَمُ يا مُحَمَّدُ وَيَعْلَمُ مُكَذِّبُوكَ عَمَّا قَرِيبٍ، وهذا وَعْدٌ له وَوَعِيدٌ لهم.
﴿بِأَييِّكُمُ المَفْتُونُ﴾ أَيُّكُمُ المَجْنُونُ، والمفتونُ: المجنونُ الَّذِي فَتَنَهُ الشيطانُ وَابْتَلَاهُ.
﴿تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ أي: لَوْ تَلِينُ لهم في دِينِكَ بإجابتكَ إياهم، وَبِالرُّكُونِ إلى آلهتهم فَيَلِينُونَ لَكَ في عِبَادَةِ إِلَهِكَ.
﴿كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ﴾ كُلَّ ذِي إِكْثَارٍ لِلْحَلِفِ بالباطلِ، فَهُوَ حَقِيرٌ ذَلِيلٌ.
﴿هَمَّازٍ﴾ عَيَّابٌ طَعَّانٌ مُغْتَابٌ.
﴿مَشَّاء بِنَمِيمٍ﴾ سَارَعَ بالكلامِ بَيْنَ الناسِ عَلَى وَجْهِ الإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ.
﴿مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ﴾ بَخِيْلٌ بِمَالِهِ مُمْسِكٌ له عَنِ المُحْتَاجِينَ.
﴿مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ عَلَى الناس ظَلُومٌ، مُتَجَاوِزٌ لِلْحَقِّ.
﴿عُتُلٍّ﴾ غَلِيظٌ جَافٍ.
﴿زَنِيمٍ﴾ مَعْرُوفٌ بِالشَّرِّ كما تُعْرَفُ الشاةُ بِزَنَمَتِهَا، والزَّنَمَةُ: شَيْءٌ يكون للمَعْزِ في أُذُنِهَا كالقِرَاطِ، وَقِيلَ: الزَّنِيمُ هُوَ الدَّاعِي المُلْصَقُ في القومِ وليسَ مِنْهُمْ.
﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ حِكَايَاتُهُمْ وَخُرَافَاتُهُمْ التي سَطَّرُوهَا مِنْ كُتُبِهِمْ، جَمْعُ أُسْطُورَةٍ.
﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ﴾ سَنَكْوِيهِ عَلَى أَنْفِهِ يومَ القيامةِ مَهَانَةً له، وَعَلَمًا يُعْرَفُ به، والسِّمَةُ: العَلَامَةُ، وَتَخْصِيصُ الأَنْفِ بِالذِّكْرِ لأنَّ الوَسْمَ عَلَيْهِ أَبْشَعُ، والتعبيرُ بلفظِ الخرطومِ استخفافٌ به؛ لأنه لا يُسْتَعْمَلُ إلا في الفيلِ، فإذا اسْتُعْمِلَ في الإنسانِ كان دَلِيلًا عَلَى التَّحْقِيرِ.
﴿بَلَوْنَاهُمْ﴾ عَامَلْنَاهُمْ مُعَامَلَةَ الاخْتِبَارِ وَالِابْتِلَاءِ.
﴿أَصْحَابَ الجَنَّةِ﴾ أَهْلَ البُسْتَانِ كَانُوا بِصَنْعَاءَ.
﴿أَقْسَمُوا﴾ حَلَفُوا فيما بَيْنَهُمْ.
﴿لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ﴾ لَيَقْطَعُنَّ ثِمَارَهَا وَقْتَ الصَّبَاحِ قبلَ انتشارِ الفقراءِ كي لا يَشْعُرُوا بِهِمْ فلا يَعْطُونَ منها ما كان أَبُوهُمْ يَتَصَدَّقُ به عليهم منها.
﴿وَلَا يَسْتَثْنُونَ﴾: وَلَا يَسْتَثْنُونَ في يَمِينِهِمْ مَشِيئَةَ اللهِ تعالى، (لَا يَقُولُونَ: إِنْ شَاءَ اللهُ) وَقِيلَ: يَذْكُرُونَ اللهَ وَيُنَزِّهُونَهُ.
﴿طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ﴾ نَارٌ أَحْرَقَتْهَا، وقيل: طَرَقَهَا طَارِقٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ.
﴿كَالصَّرِيمِ﴾ كالليلِ الأسودِ الشديدِ الظلمةِ والسوادِ.
﴿حَرْثِكُمْ﴾ أي: غَلَّةِ جَنَّتِكُمْ، وقيل: فيها حرثٌ لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا فيها.
﴿صَارِمِينَ﴾ قَاصِدِينَ قَطْعَ ثَمَرِهِ.
﴿يَتَخَافَتُونَ﴾ أي: يَتَشَاوَرُونَ بِأَصْوَاتٍ مُنْخَفِضَةٍ غيرِ مرتفعةٍ حتى لا يسْمَعَ بِهِمْ.
﴿حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ أَيْ: غَدَوْا صَبَاحًا مُصَمِّمِينَ عَلَى مَنْعِ المَسَاكِينِ وَحِرْمَانِهِمْ ظَانِّينَ أنهم قَادِرُونَ عَلَى ذلك، والحَرْدُ: القَصْدُ، يقال: حَرَدَ يحْرِد حَرْدًا.
﴿إِنَّا لَضَالّونَ﴾ أي: مُخْطِئُونَ الطَّرِيقَ، أي: ما هذا طريقَ جَنَّتِنَا ولا هي هذه.
﴿مَحْرُومُونَ﴾ حُرِمْنَا مَنْفَعَةَ جَنَّتِنَا بِذَهَابِ حَرْثِهَا.
﴿يَتَلَاوَمُونَ﴾ يَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
﴿إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ﴾ مُتَعَدِّينَ أَمْرَ رَبِّنَا، مُتَجَاوِزِينَ حَدَّ العَقْلِ والشَّرْعِ بِقَصْدِنَا مَنْعَ المساكين حُقُوقَهُمْ.
﴿رَاغِبُونَ﴾ أي: طَالِبُونَ منه الخيرَ، وَرَاجُونَ لِعَفْوِهِ.
﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ إِذْ تَجْعَلُونَ المُطِيعَ للهِ في عِبَادَتِهِ والعَاصِيَ في كَرَامَتِهِ سَوَاءً.
﴿لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾ بِأَنَّ لَكُمْ ما تَخْتَارُونَ من الأمورِ لِأَنْفُسِكُمْ.
﴿بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ أي: لكم عُهُودٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالأَيْمَانِ تَبْلُغُ ذلك اليومَ وَتَنْتَهِي إليه.
﴿زَعِيمٌ﴾ كَفِيلٌ وَضَامِنٌ.
﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ ذَلِيلَةٌ لا يستطيعون رَفْعَهَا.
﴿تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ تَغْشَاهُمْ ذِلَّةٌ شَدِيدَةٌ وَحَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ.
﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم﴾ سَنُدْنِيهِمْ من العَذَابِ دَرَجَةً دَرَجَةً، وَنَأْخُذُهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ.
وقيل: حيث يُمَدُّونَ بالأموالِ والأولادِ والأرزاقِ والأعمالِ لِيَغْتَرُّوا وَيَسْتَمِرُّوا عَلَى ما يَضُرُّهُمْ، وهذا مِنْ كَيْدِ اللهِ لهم، وَكَيْدُ اللهِ لِأَعْدَائِهِ مَتِينٌ قَوِيٌّ.
﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ﴾ أي: أَتَطْلُبُ أيها الرسولُ مِنْ هؤلاء المشركين أَجْرًا عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَيَثْقُلُ عليهم حَمْلُ الغَرَامَاتِ في أموالهم فَيُثَبِّطُهُمْ ذلك عن الإيمانِ.
والمعنى: لَسْتَ تَطْلُبُ منهم أَجْرًا حتى أُثْقِلَ عليهم ذلك.
﴿كَصَاحِبِ الحُوتِ﴾ يُونُسَ عَلَيْهِ السلامُ، أي: لَا تَكُنْ مِثْلَهُ في الغضبِ والضَّجَرِ.
﴿إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ أي: وهو في بَطْنِهَا قَدْ كَظَمَتْ عليه، أو نَادَى وهو مُغْتَمٌّ مُهْتَمٌّ فقال: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ».
﴿لَنُبِذَ بِالْعَرَاء﴾ لَطُرِحَ في العراءِ، وهي الأرضُ الخاليةُ التي ليس فيها جَبَلٌ ولا شَجَرٌ يَسْتُرُ.
﴿وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ مَلُومٌ مُعَاتَبٌ، لكنه رُحِمَ وعُذِرَ، فَنُبِذَ غَيْرَ مَذْمُومٍ.
﴿فَاجْتَبَاهُ﴾ اخْتَارَهُ وَنَقَّاهُ مِنْ كُلِّ كَدَرٍ.
﴿لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ﴾ أي: ينظرون إليكَ نَظَرًا شَدِيدًا بالعَدَاوَةِ يَكَادُ يُسْقِطُكَ عَلَى الأَرْضِ.
﴿ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾ مِنَ الإِنْسِ وَالجِنِّ.
52
سُورة الحَاقَّة
سورة القلم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القَلَم) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ إعجاز هذا الكتاب للكفار، وتأكيدِ صدقِ نبوَّة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من عندِ الله؛ فلن يستطيع الكفارُ أن يأتوا بمثل هذه الحروف أبدًا، وفي ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيت له، وخُتمت بتخويفِ الكفار من بطشِ الله، وتوصيةِ النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر.

ترتيبها المصحفي
68
نوعها
مكية
ألفاظها
301
ترتيب نزولها
2
العد المدني الأول
52
العد المدني الأخير
52
العد البصري
52
العد الكوفي
52
العد الشامي
52

* سورة (القلم):

سُمِّيت سورة (القلم) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ الله بـ(القلم).

* سورة {نٓ}:

وسُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا الحرفِ {نٓ}.

1. بيان رِفْعة قَدْرِ النبي عليه السلام (١-٧).

2. تحقير شأن الكافرين، وذمُّهم (٨-١٦).

3. قصة أصحاب الجنَّة (١٧-٣٣).

4. جزاء المؤمنين، وأسئلة إقناعية للكافرين (٣٤-٤٣).

5. تخويف الكفار من بطشِ الله، وتوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر (٤٤ -٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /292).

 تَحدِّي الكفار والمعانِدين بهذا الكتاب، والدلالةُ على عجزِهم عن الإتيان بمثل سُوَرِه، وإبطالُ مطاعنِ المشركين في النبي صلى الله عليه وسلم، وإثباتُ صدقِه، ومن ثم تسليةُ الله له وتثبيته.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /58).