تفسير سورة الكافرون

التفسير المظهري

تفسير سورة سورة الكافرون من كتاب التفسير المظهري
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

سورة الكافرون
مكّيّة وهى ست آيات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اخرج الطبراني وابن ابى حاتم عن ابن عباس ان قريشا دعت رسول الله - ﷺ - الى ان يعطوه ما لا فيكون اغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء فقالوا هذا لك يا محمد وكف عن شتم الهتنا ولا تذكرها بسوء فان لم تفعل فاعبد الهتنا سنة ونعبد إلهك سنة قال حتى انظر ما يأتيني من ربى واخرج عبد الرزاق عن وهب بلفظ قالت قريش ان سرك ان يعقبك عاما وترجع فى ديننا عاما واخرج ابن ابى حاتم عن سعيد بن ميناء لقى الوليد بن مغيرة والعاص ابن وائل والأسود بن عبد المطلب وامية بن خلف رسول الله - ﷺ - فقالوا يا محمد هلم فلتعبد ما نعبد ونعبد ما تعبد ونشترك نحن وأنت فى امر ناكله فانزل الله تعالى
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ خطاب لجماعة مخصوصة سالوا المسالمة قد علم الله منهم انهم لا يومنون.
لا أَعْبُدُ ابدا ما تَعْبُدُونَ غير الله تعالى من الأوثان نفى لموافقهم فى العبادة فى المستقبل من الزمان حتى يطابق السؤال لان سوالهم كان عن المسالمة والمصالحة فى الاستقبال مع ظهور مباينة النبي - ﷺ - الكفار فى الحال وكما قال البيضاوي ان لا لا يدخل على المضارع بمعنى الاستقبال كما ان ما لا يدخل الا على المضارع بمعنى الحال.
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ فيما يستقبل لانه فى مقابلة لا اعبد ما أَعْبُدُ ج أورد ما موضع من للمطابقة او لان المراد الصفة كانه قال لا اعبد الباطل ولا أنتم عابدون الحق وقيل ما مصدرية.
وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ط قرأ هشام عابدون فى الموضعين وعابد بالامالة والباقون بالفتح قال اكثر اهل المعاني ان القران نزلت بلسان العرب وعلى مجارى خطابهم وعلى هذا مذاهبهم التكرار لارادة التوكيد والافهام كما ان من مذاهب الاختصار لارادة التخفيف والإيجاز فهذا تكرير للتأكيد وقال القيبتى تكرار الكلام لتكرار الوقت وذلك انهم قالوا ان سرك ان تدخل دينك عاما فادخل فى ديننا عاما فنزلت السورة كانه نفى المشاركة فى الوقتين وقيل كلمتان الأوليان بمعنى الذي والأخريان مصدريتان فالمقصود نفى المشاركة
من حيث المعبودون حيث كيفية العبادة.
لَكُمْ دِينُكُمْ الذي أنتم عليه لا تتركونه ابدا فهو اخبار كقوله تعالى وَلِيَ دِينِ ع اى دينى الذي انا عليه لا ارفضه ابدأ إنشاء الله تعالى فليس فيه اذن فى الكفر ولا منع عن الجهاد بل تذئيل وتأكيد لما سبق وتقديم الخبر للحصر فلا يحكم بكون الاية منسوخة باية القتال ولا يجوز تفسيره بالمشاركة وتقرير كل من الفريقين الاخر على دينه لان النبي - ﷺ - لم يزل يدعوهم الى الإسلام ما زال الكفار على إيذائه وإيذاء أصحابه وجاز ان يكون المعنى لكم جزاء أعمالكم ولى جزاء أعمالي قرأ نافع وحفص وهشام لى دين والباقون بإسكانها وهى رواية مشهورة عن البزي وقال الدالاني وبه أخذ وقد مر فى حديث انس وابن عباس فى تفسير إذا زلزلت قوله عليه السلام قل يايها الكافرون تعدل ربع القران وعن عائشة قالت قال رسول الله - ﷺ - نعم السورتان هما تقران فى الركعتين قبل الفجر الكافرون والإخلاص رواه ابن هشام وعن فروة بن نوفل بن معاوية عن أبيه انه قال يا رسول الله علمنى شيئا أقوله إذا أويت الى فراشى قال اقرأ قل يايها الكافرون فانها براءة من الشرك رواه الترمذي وابو داود والدارمي وعن جبير بن مطعم قال قال رسول الله - ﷺ - أتحب يا جبير إذا خرجت فى سفر تكون أمثل أصحابك هيئة واكثر زادا فقلت نعم بابى أنت وأمي قال فاقرأ هذه السورة الخمس قل يايها الكافرون وإذا جاء نصر الله وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وافتح كل سورة ببسم الله الرّحمن الرّحيم واختم قراءتك بها قال جبير وكنت غنيا وكثير المال فكنت اخرج فى سفر فاكون ابذلهم هيئة وأقلهم زادا فما تركت منذ علمتهن من رسول الله ﷺ وقرأت بهن أكون أحسنهم هيئة وأكثرهم زادا حتى ارجع من سفرى رواه ابو يعلى وعن على رض قال لدغت النبي صلى الله عليه واله وسلم عقرب فدعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرء قل يا ايها الكافرون وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس والله تعالى اعلم.
سورة الكافرون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكافرون) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الماعون)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت في إعلانِ البراءة من الشرك وأهله، وفي تأييسِ الكفار من أن يعبُدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم آلهتَهم، بأسلوبٍ بلاغي، وتوكيد بديع، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في مواضعَ كثيرة؛ منها: سُنَّة الفجر، وسُنَّة المغرب، وركعتا الوتر، وقبل النوم.

ترتيبها المصحفي
109
نوعها
مكية
ألفاظها
27
ترتيب نزولها
18
العد المدني الأول
6
العد المدني الأخير
6
العد البصري
6
العد الكوفي
6
العد الشامي
6

* سورة (الكافرون):

سُمِّيت سورة (الكافرون) بهذا الاسم؛ لمجيءِ لفظ {اْلْكَٰفِرُونَ} في فاتحتِها.

* سورة {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}:

سُمِّيت بسورة {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؛ لافتتاحها بهذه الجملة، وقد وردت هذه التسميةُ في عدد من الأحاديث؛ منها:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).
وغيره من الأحاديث.

* سورة (الكافرون) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

كان عليه الصلاة والسلام يقرأ سورةَ (الكافرون) في غيرِ موضع:

* في سُنَّة الفجر:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي ركعتَينِ قبل الفجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورتانِ يُقرَأُ بهما في ركعتَيِ الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}»». أخرجه ابن ماجه (١١٥٠).

وجاء عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ النبيَّ ﷺ شهرًا، فكان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه الترمذي (٤١٧).

* في الرَّكعتَينِ بعد الوتر:

عن سعدِ بن هشامٍ: «أنَّه سأَلَ عائشةَ عن صلاةِ النبيِّ ﷺ باللَّيلِ، فقالت: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا صلَّى العِشاءَ تجوَّزَ بركعتَينِ، ثم ينامُ وعند رأسِه طَهُورُه وسِواكُه، فيقُومُ فيَتسوَّكُ ويَتوضَّأُ ويُصلِّي، ويَتجوَّزُ بركعتَينِ، ثم يقُومُ فيُصلِّي ثمانَ ركَعاتٍ يُسوِّي بَيْنهنَّ في القراءةِ، ثم يُوتِرُ بالتاسعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ ﷺ وأخَذَ اللَّحْمَ، جعَلَ الثَّمانَ سِتًّا، ويُوتِرُ بالسابعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، يَقرأُ فيهما: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{إِذَا زُلْزِلَتِ}». أخرجه ابن حبان (2635).

* في صلاة الوتر:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في الوترِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} في ركعةٍ ركعةٍ». أخرجه الترمذي (٤٦٢).

* في سُنَّة صلاة المغرب:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِشْرينَ مرَّةً، يَقرأُ في الرَّكعتَينِ بعد المغربِ وفي الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (992).

* قبل النوم:

عن نَوْفلِ بن فَرْوةَ الأشجَعيِّ: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ: اقرَأْ عند منامِك: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؛ فإنَّها براءةٌ مِن الشِّرْكِ». أخرجه أبو داود (٥٠٥٥).

* في ركعتَيِ الطَّوافِ خلف مقام إبراهيمَ:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).

البراءة من الشرك (١-٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /407).

تأييسُ الكفَّار من موافقة النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وإعلانُ البراءة من الشرك وأهله.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /580).