تفسير سورة الكافرون

روح البيان

تفسير سورة سورة الكافرون من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان.
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

والاشارة فيها انا بجميع اسمائنا اللطيفة الجمالية الاكرامية أعطيناك يا محمد القلب ورسول الهدى المبعوث الى جميع القوى بالخير والهدى الكوثر وهو العلم الكثير الفائض من منبع الاسم الرحمن فانا رحمناك بهذه الرحمة العامة الشاملة لجميع الرحمات فلذا صرت مظهر الرحمة الكلية فى جميع المواطن فلك علم الاحكام وعلم الحقائق فصل فى مسجد الفناء والتسليم وهو المسجد الابراهيمى لربك اى لشكر ربك ولادامة شهوده وابقاء حضوره معك فى جميع الحالات وانحر بدنة البدن فى طريق الخدمة وبدنة الطبيعة فى طريق العفة وبدنة النفس فى طريق الفتوة ان شانئك اى مبغضك من القوى الشريرة الانفسية والآفاقية هو الأبتر المقطوع أعقابه وآخره كما قال تعالى فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين الذي ربى أولياءه فجعل لهم الوصل كما جعل لاعدائهم القطع ثم ان قوله هو الأبتر يوقف عليه ثم يقال الله اكبر ولا يوصل بالتكبير حذرا من الإيهام
تفسير سورة الكافرين
ست آيات مكية او مدنية بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ قالوا فى مناداتهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه فى بلدتهم ومحل عزهم وشوكتهم إيذان بأنه عليه السلام محروس منهم ففيها علم من اعلام النبوة وفى التعبير بالجمع الصحيح دلالة على قلتهم او حقارتهم وذلتهم وهم كفرة مخصوصة كالوليد بن المغيرة وابى جهل والعاص بن وائل وامية بن خلف والأسود بن عبد يغوث والحارث بن قيس ونحوهم قد علم الله انه لا يأتى ولا يتأتى منهم الايمان ابدا على ما هو مضمون السورة فالخطاب للرسول عليه السلام بالنسبة الى قوم مخصوصين فلا يردان مقتضى هذا الأمر ان يقول كل مسلم ذلك لكل جماعة من الكفار مع ان الشرع ليس حاكما به روى ان رهطا من عتاة قريش قالوا لرسول الله ﷺ هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك بعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فقال معاذ الله ان أشرك بالله غيره فقالوا استلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك فنزلت فغدا الى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم فقرأها عليهم فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه وفيه اشارة الى الذين ستروا نور استعدادهم الأصلي بظلمة صفات النفوس وآثار الطبيعة فحجبوا عن الحق بالغير لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ اى فيما يستقبل لان لا لا تدخل غالبا الأعلى مضارع فى معنى الاستقبال كما ان ما لا تدخل الأعلى مضارع فى معنى الحال الا ترى ان لن تأكيد فيما ينفيه لا قال الخليل فى لن أصله لا والمعنى لا افعل فى المستقبل ما تطلبونه منى من عبادة آلهتكم وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ اى ولا أنتم فاعلون فى المستقبل ما اطلب منكم من عبادة الهى والمراد ولا أنتم عابدون عبادة يعتد بها إذا العبادة مع اشراك الانداد لا تكون فى حيز الاعتداد وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ اى وما كنت عابدا فيما سلف ما عبدتم فيه اى لم يعهد منى عبادة صنم فى الجاهلية فكيف يرجى منى فى الإسلام وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ اى وما عبدتم فى وقت من الأوقات ما انا على عبادته وهو الله تعالى فليس فى
سورة الكافرون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الكافرون) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الماعون)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن، وقد نزلت في إعلانِ البراءة من الشرك وأهله، وفي تأييسِ الكفار من أن يعبُدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم آلهتَهم، بأسلوبٍ بلاغي، وتوكيد بديع، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في مواضعَ كثيرة؛ منها: سُنَّة الفجر، وسُنَّة المغرب، وركعتا الوتر، وقبل النوم.

ترتيبها المصحفي
109
نوعها
مكية
ألفاظها
27
ترتيب نزولها
18
العد المدني الأول
6
العد المدني الأخير
6
العد البصري
6
العد الكوفي
6
العد الشامي
6

* سورة (الكافرون):

سُمِّيت سورة (الكافرون) بهذا الاسم؛ لمجيءِ لفظ {اْلْكَٰفِرُونَ} في فاتحتِها.

* سورة {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}:

سُمِّيت بسورة {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؛ لافتتاحها بهذه الجملة، وقد وردت هذه التسميةُ في عدد من الأحاديث؛ منها:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).
وغيره من الأحاديث.

* سورة (الكافرون) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

كان عليه الصلاة والسلام يقرأ سورةَ (الكافرون) في غيرِ موضع:

* في سُنَّة الفجر:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي ركعتَينِ قبل الفجرِ، وكان يقولُ: «نِعْمَ السُّورتانِ يُقرَأُ بهما في ركعتَيِ الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}»». أخرجه ابن ماجه (١١٥٠).

وجاء عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ النبيَّ ﷺ شهرًا، فكان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه الترمذي (٤١٧).

* في الرَّكعتَينِ بعد الوتر:

عن سعدِ بن هشامٍ: «أنَّه سأَلَ عائشةَ عن صلاةِ النبيِّ ﷺ باللَّيلِ، فقالت: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا صلَّى العِشاءَ تجوَّزَ بركعتَينِ، ثم ينامُ وعند رأسِه طَهُورُه وسِواكُه، فيقُومُ فيَتسوَّكُ ويَتوضَّأُ ويُصلِّي، ويَتجوَّزُ بركعتَينِ، ثم يقُومُ فيُصلِّي ثمانَ ركَعاتٍ يُسوِّي بَيْنهنَّ في القراءةِ، ثم يُوتِرُ بالتاسعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ ﷺ وأخَذَ اللَّحْمَ، جعَلَ الثَّمانَ سِتًّا، ويُوتِرُ بالسابعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، يَقرأُ فيهما: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{إِذَا زُلْزِلَتِ}». أخرجه ابن حبان (2635).

* في صلاة الوتر:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقرأُ في الوترِ بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى} و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} في ركعةٍ ركعةٍ». أخرجه الترمذي (٤٦٢).

* في سُنَّة صلاة المغرب:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «رمَقْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِشْرينَ مرَّةً، يَقرأُ في الرَّكعتَينِ بعد المغربِ وفي الرَّكعتَينِ قبل الفجرِ: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}». أخرجه النسائي (992).

* قبل النوم:

عن نَوْفلِ بن فَرْوةَ الأشجَعيِّ: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ: اقرَأْ عند منامِك: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؛ فإنَّها براءةٌ مِن الشِّرْكِ». أخرجه أبو داود (٥٠٥٥).

* في ركعتَيِ الطَّوافِ خلف مقام إبراهيمَ:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الرَّكعتَينِ - أي: ركعتَيِ الطَّوافِ -: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}». صحيح مسلم (١٢١٨).

البراءة من الشرك (١-٦).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /407).

تأييسُ الكفَّار من موافقة النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وإعلانُ البراءة من الشرك وأهله.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /580).