تفسير سورة الممتحنة

تفسير ابن أبي حاتم

تفسير سورة سورة الممتحنة من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم.
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

قوله تعالى :﴿ أسوة حسنة ﴾.
من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿ لقد كان لكم أسوة حسنة ﴾ قال : في صنع إبراهيم كله إلا في الاستغفار لأبيه لا يستغفر له وهو مشرك.
قوله تعالى :﴿ فتنة ﴾، عن ابن عباس في قوله :﴿ لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ﴾ يقول : لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
سُورَةُ الْممتحنة
٦٠
قَوْلُهُ تَعَالَى: أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
١٨٨٦١ - مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ (فِيهِمْ) أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قَالَ: فِي صُنْعِ إِبْرَاهِيمَ كُلِّهُ إِلا فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأَبِيهِ لَا يُسْتَغْفَرُ لَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: فِتْنَةً
١٨٨٦٢ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا يَقُولُ: لَا تُسَلِّطْهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا «٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَوَدَّةً
١٨٨٦٣ - عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ فَلَقِيَ ذَا الْخِمَارِ مُرْتَدًّا فَقَاتَلَهُ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ فِي الرِّدَّةِ وَجَاهَدَ عَنِ الدِّينِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَهُوَ فِيمَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِنْهُمْ مَوَدَّةً «٣».
١٨٨٦٤ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزَّبِيْرِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِهَدَايَا ضُبَابٍ وَأَقْطٍ وَسَمْنٍ. وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، أَوْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا، حَتَّى أَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ سَلِي عَنْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إِلَى آخَرَ الْآيَةِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: مُهَاجِرَاتٍ
١٨٨٦٥ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ رَضِيَ الله عنه أنه بلغه أنه نزلت
(١) الدر ٨/ ١٢٩.
(٢) الدر ٨/ ١٢٩ وفتح القدير ٥/ ٢١٣.
(٣) الدر ٨/ ١٣٠- ١٣١ وفتح القدير ٥/ ٢١٤
(٤) الدر ٨/ ١٣٠- ١٣١ وفتح القدير ٥/ ٢١٤
قوله تعالى :﴿ مودة ﴾ عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا سفيان بن حرب على بعض اليمن، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل فلقي ذا الخمار مرتدا فقاتله، فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين. قال ابن شهاب : وهو فيمن أنزل الله فيه ﴿ عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ﴾.
عن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ضباب وأقط وسمن، وهي مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها، أو تدخلها بيتها، حتى أرسلت إلى عائشة أن سلي عن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته، فأنزل الله ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ﴾ إلى آخر الآية، فأمرها أن تقبل هديتها، وتدخل بيتها.
قوله تعالى :﴿ مهاجرات ﴾ عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه أنه بلغه أنه نزلت :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ﴾ الآية في امرأة أبي حسان بن الدحداحة، وهي أميمة بنت بسر امرأة من بني عمرو بن عوف، وأن سهل بن حنيف تزوجها حين فرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولدت له عبد الله بن سهل.
عن مقاتل رضي الله عنه قال : كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة عهد شرط في أن يرد النساء، فجاءت امرأة تسمى سعيدة وكانت تحت صيفي بن الراهب، وهو مشرك من أهل مكة، وطلبوا ردها فأنزل الله ﴿ إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ﴾ الآية.
قوله تعالى :﴿ فامتحنوهن ﴾ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ﴾ أنه سئل بم كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتحن النساء ؟ قال : كانت المرأة إذا جاءت النبي صلى الله عليه وسلم حلفها عمر رضي الله عنه بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله.
قوله تعالى :﴿ الكوافر ﴾ عن طلحة رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾ طلقت امرأتي أروى بنت ربيعة، طلق عمر قريبة بنت أبي أمية وأم كلثوم بنت جرول الخزاعية.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ الْآيَةَ. فِي امْرَأَةِ أَبيِ حَسَّانِ بْنِ الدَّحْدَاحَةِ، وَهِيَ أُمَيْمَةُ بِنْتُ بُسْرٍ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَأَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ تَزَوَّجَهَا حِينَ فَرَّتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ «١».
١٨٨٦٦ - عَنْ مُقَاتِلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ عَهْدٌ شُرِطَ في أَنْ يَرُدَّ النِّسَاءَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ تُسَمَّى سَعِيدَةُ وكانت تحت صيفي بن الراهب، وَهُوَ مُشْرِكٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَطَلَبُوا رَدَّهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ الْآيَةَ «٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَامْتَحِنُوهُنَّ
١٨٨٦٧ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ أَنَّهُ سُئِلَ بِمَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَحِنُ النِّسَاءَ؟
قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ رَغْبَةً بِأَرْضٍ عَنْ أَرْضٍ، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتِ الْتِمَاسَ دُنْيَا، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ إِلا حُبًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ «٣».
قَوْلُهُ تَعَالَى: الْكَوَافِرِ
١٨٨٦٨ - عَنْ طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي أروى بنت ربيعة، طلق عُمَرُ قُرَيْبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ وَأُمَّ كَلْثُومٍ بِنْتَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيَّةَ «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاتَكُمْ
١٨٨٦٩ - عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي امْرَأَةِ الْحَكَمِ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ ارْتَدَّتْ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ ثَقَفِيٌّ، وَلَمْ تَرْتَدَّ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ غَيْرُهَا، فَأَسْلَمَتْ مَعَ ثَقِيْفٍ حِينَ أَسْلَمُوا «٥».
١٨٨٧٠ - عَنْ مُقَاتِلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْفَتْحِ فَبَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَالَ عَلَى الصَّفَا وَعُمَرُ يُبَايِعُ النِّسَاءَ تَحْتَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٦».
(١) الدر ٨/ ١٣٠- ١٣١ وفتح القدير ٥/ ٢١٤.
(٢) الدر ٨/ ١٣٦- ١٣٨.
(٣) الدر ٨/ ١٣٦- ١٣٨.
(٤) الدر ٨/ ١٣٦- ١٣٨.
(٥) الدر ٨/ ١٣٦- ١٣٨.
(٦) الدر ٨/ ١٣٨.
3350
١٨٨٧١ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ أَبيِ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الصَّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ حَضَرَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى، وَكَنَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ وَذَلِكَ قِبلَ أَنْ يُفْرَضَ الْحَرْبُ، عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا نَسْرِقَ وَلا نَزْنِي وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا، وَلا نَأْتِي بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهُ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلا نَعْصِيهِ فِي مَعْرُوفٍ، وقال: «فإن وَفَيْتُمْ فَلَكُمُ الْجَنَّةُ» «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ
١٨٨٧٢ - عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَبَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَالَ عَلَى الصَّفَا، وَعُمَرُ يُبَايِعُ النِّسَاءَ تَحْتَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ بَقِيَّتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَزَادَ، فَلَمَّا قَالَ: وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ، قَالَتْ هِنْدُ: رَبَّيْنَاهُمْ صِغَارًا فَقَتَلْتُمُوهُمْ كِبَارًا، فَضَحِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى اسْتَلْقَى «٢».
١٨٨٧٣ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا نصر بن علي، حدثتني غَبْطَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَتَنِي عَمَّتِي، عَنْ جَدَّتِهَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبة إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتُبَايِعَهُ فَنَظَرَ إِلَى يَدِهَا قَالَ: «اذْهَبِي فَغَيِّرِي يَدَكِ» فَذَهَبَتْ فَغَيَّرَتْهَا بِحِنَّاءَ ثُمَّ جَاءَتْ فَقَالَ: «أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا» فَبَايَعَهَا وَفِي يَدِهَا سُوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَتْ: مَا تَقُولُ فِي هَذَيْنِ السُّوَارَيْنِ؟ فَقَالَ: «جَمْرَتَانِ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» «٣».
١٨٨٧٤ - حَدَّثَنَا أَبوُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ هُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَ: بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَعَلَى يَدَهُ قَدْ وَضَعَهُ عَلَى كَفِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلا تَقْتُلْنَ أولادكن. فقال امْرَأَةٌ: تَقْتُلُ آبَاءَهُمْ وَتُوصِينَا بِأَوْلادِهِمْ؟
قَالَ: وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا جَاءَهُ النِّسَاءَ يُبَايَعْنَهُ، جَمَعَهُنَّ فعرض عليهن فإذا أقررن رجعن «٤».
(١) ابن كثير ٨/ ١٢٤.
(٢) الدر ٨/ ١٣٨.
(٣) ابن كثير ٨/ ١٢٤
(٤) ابن كثير ٨/ ١٢٥- ١٢٨. [.....]
3351
١٨٨٧٥ - حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، أخبرنا ابن أبي زائدة، حدثني مُبَارَكٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ فِيمَا أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا تُحَدِّثْنَ الرِّجَالَ إِلا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ مَحْرَمٍ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يُحَدِّثَ الْمَرْأَةَ حَتَّى يُمْذِيَ بَيْنَ فَخْذَيْهِ «١».
١٨٨٧٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ أسد ابن أَبِي أُسَيْدٍ الْبَرَّادِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نَعْصِيَ فِي مَعْرُوفٍ: أَنْ لَا نَخْمِشَ وَجُوهًا، وَلا ننشر شعرا، لا نشق جيبا، ولا ندعوا وَيْلًا «٢».
قَوْلُهُ تَعَالَى: بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ
١٨٨٧٧ - عَنْ طَريِقِ عَلِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ قَالَ: لَا يُلْحِقْنَ بِأَزْوَاجِهِنَّ غَيْرَ أَوْلادِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ:
إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لِلنِّسَاءِ «٣».
١٨٨٧٨ - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ مَا هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْصِيَكَ فِيهِ؟ قَالَ: «لَا تَنِحْنَ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ بَنِي فُلانٍ أَسْعَدُونِي عَلَى عَمِّي وَلا بُدَ لِي مِنْ قَضَائِهِنَّ، فَأَبَى عَلَيَّ فَعَاوَدْتُهُ مِرَارًا فَأَذَنَ لِي فِي قَضَائِهِنَّ، فَلَمْ أَنِحْ بَعْدُ، وَلَمْ يبق مِنَّا امْرَأَةٌ إِلا وَقَدْ نَاحَتْ غَيْرِي.
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَعْرُوفٍ
١٨٨٧٩ - فِي قَوْلِهِ: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَال: لَا يَشْقُقْنَ جُيُوبَهُنَّ وَلا يَصْكُكْنَ خُدُودَهُنَّ «٤».
(١) ابن كثير ٨/ ١٢٥- ١٢٨.
(٢) ابن كثير ٨/ ١٢٥- ١٢٨.
(٣) الدر ٨/ ٦٤٠.
(٤) الدر ٨/ ٦٤٠.
3352
عن مقاتل رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية يوم الفتح فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على الصفا وعمر يبايع النساء تحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، عن عبادة بن الصامت قال : كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثنى عشر رجلا، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن يفرض الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، وقال : " فإن وفيتم فلكم الجنة ".
قوله تعالى :﴿ ولا يقتلن أولادهن ﴾عن مقاتل بن حيان : أنزلت هذه الآية يوم الفتح، فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على الصفا، وعمر يبايع النساء تحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر بقيته كما تقدم وزاد، فلما قال :﴿ ولا يقتلن أولادهن ﴾، قالت هند : ربيناهم صغارا فقتلتموهم كبارا، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى.
حدثنا أبي، حدثنا نصر بن علي، حدثتني غبطة بنت سليمان، حدثتني عمتي، عن جدتها عن عائشة قالت : جاءت هند بنت عتبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبايعه فنظر إلى يدها قال : " اذهبي فغيري يدك " فذهبت فغيرتها بحناء ثم جاءت فقال : " أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا " فبايعها وفي يدها سواران من ذهب فقالت : ما تقول في هذين السوارين ؟ فقال : " جمرتان من جمر جهنم ".
حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فضيل، عن حصين عن عامر هو الشعبي قال : بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وعلى يده قد وضعه على كفه، ثم قال : ولا تقتلن أولادكن. فقال امرأة : تقتل آباءهم وتوصينا بأولادهم ؟ قال : وكان بعد ذلك إذا جاءه النساء يبايعنه، جمعهن فعرض عليهن فإذا أقررن رجعن.
حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، أخبرنا ابن أبي زائدة، حدثني مبارك عن الحسن قال : كان فيما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم : ألا تحدثن الرجال إلا أن تكون ذات محرم، فإن الرجل لا يزال يحدث المرأة حتى يمذي بين فخذيه. حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا العقنبي، حدثنا الحجاج بن صفوان عن أسد ابن أبي أسيد البراد عن امرأة من المبايعات قالت : كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نعصى في معروف : أن لا نخمش وجوها، ولا ننشر شعرا، لا نشق جيبا، ولا ندعو ويلا.
قوله تعالى :﴿ ببهتان يفترينه ﴾عن طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ ولا يأتين ببهتان يفترينه ﴾ قال : لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن ﴿ ولا يعصينك في معروف ﴾ قال : إنما هو شرط شرطه الله للنساء. عن أم سلمة الأنصارية قالت : قالت امرأة من النسوة ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه ؟ قال : " لا تنحن " قلت يا رسول الله : إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بد لي من قضائهن، فأبى علي فعاودته مرارا فأذن لي في قضائهن، فلم أنح بعد، ولم يبق منا امرأة إلا وقد ناحت غيري.
قوله تعالى :﴿ معروف ﴾ في قوله :﴿ ولا يعصينك في معروف ﴾ قال : لا يشققن جيوبهن ولا يصككن خدودهن.
سورة الممتحنة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الممتحنة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الأحزاب)، وقد جاءت بالنهيِ عن موالاة الكفار واتخاذِهم أولياءَ، وجعلت ذلك امتحانًا ودلالةً على صدقِ الإيمان واكتماله، وسُمِّيت بـ(الممتحنة) لأنَّ فيها ذِكْرَ امتحانِ النساء المهاجِرات المبايِعات للنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ} [الممتحنة: 10].

ترتيبها المصحفي
60
نوعها
مدنية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
91
العد المدني الأول
13
العد المدني الأخير
13
العد البصري
13
العد الكوفي
13
العد الشامي
13

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِاْلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ اْلْحَقِّ يُخْرِجُونَ اْلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاْللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَاْبْتِغَآءَ مَرْضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِاْلْمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ اْلسَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]:

عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: «بعَثَني رسولُ اللهِ ﷺ أنا والزُّبَيرَ والمِقْدادَ، فقال: «انطلِقوا حتى تأتوا رَوْضةَ خاخٍ؛ فإنَّ بها ظعينةً معها كتابٌ، فَخُذوا منها»، قال: فانطلَقْنا تَعادَى بنا خَيْلُنا حتى أتَيْنا الرَّوْضةَ، فإذا نحنُ بالظَّعينةِ، قُلْنا لها: أخرِجي الكتابَ، قالت: ما معي كتابٌ، فقُلْنا: لَتُخرِجِنَّ الكتابَ، أو لَنُلقِيَنَّ الثِّيابَ، قال: فأخرَجتْهُ مِن عِقاصِها، فأتَيْنا به رسولَ اللهِ ﷺ، فإذا فيه: مِن حاطبِ بنِ أبي بَلْتعةَ، إلى ناسٍ بمكَّةَ مِن المشرِكين، يُخبِرُهم ببعضِ أمرِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «يا حاطبُ، ما هذا؟»، قال: يا رسولَ اللهِ، لا تَعجَلْ عليَّ، إنِّي كنتُ امرأً ملصَقًا في قُرَيشٍ، يقولُ: كنتُ حليفًا، ولم أكُنْ مِن أنفُسِها، وكان مَن معك مِن المهاجِرِينَ مَن لهم قراباتٌ يحمُونَ أهلِيهم وأموالَهم، فأحبَبْتُ إذ فاتَني ذلك مِن النَّسَبِ فيهم أن أتَّخِذَ عندهم يدًا يحمُونَ قرابتي، ولم أفعَلْهُ ارتدادًا عن دِيني، ولا رضًا بالكفرِ بعد الإسلامِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «أمَا إنَّه قد صدَقَكم»، فقال عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، دَعْني أضرِبْ عُنُقَ هذا المنافقِ، فقال: «إنَّه قد شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدرِيك لعلَّ اللهَ اطَّلَعَ على مَن شَهِدَ بَدْرًا، فقال: اعمَلوا ما شِئْتم فقد غفَرْتُ لكم! فأنزَلَ اللهُ السُّورةَ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِاْلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ اْلْحَقِّ} [الممتحنة: 1] إلى قولِه: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ اْلسَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]». أخرجه البخاري (٤٢٧٤).

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ اْللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَٰتٖ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى اْلْكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ} [الممتحنة: 10]:

عن عُرْوةَ بن الزُّبَيرِ، أنَّه سَمِعَ مَرْوانَ والمِسْوَرَ بن مَخرَمةَ رضي الله عنهما يُخبِرانِ عن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: «لمَّا كاتَبَ سُهَيلُ بنُ عمرٍو يومَئذٍ، كان فيما اشترَطَ سُهَيلُ بنُ عمرٍو على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّه لا يأتيك منَّا أحدٌ - وإن كان على دِينِك - إلا ردَدتَّه إلينا، وخلَّيْتَ بَيْننا وبَيْنَه، فكَرِهَ المؤمنون ذلك، وامتعَضوا منه، وأبى سُهَيلٌ إلا ذلك، فكاتَبَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، فرَدَّ يومَئذٍ أبا جَنْدلٍ إلى أبيه سُهَيلِ بنِ عمرٍو، ولم يأتِه أحدٌ مِن الرِّجالِ إلا رَدَّه في تلك المُدَّةِ، وإن كان مسلِمًا، وجاءت المؤمِناتُ مهاجِراتٍ، وكانت أمُّ كُلْثومٍ بنتُ عُقْبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ ممَّن خرَجَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَئذٍ، وهي عاتِقٌ، فجاءَ أهلُها يَسألون النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يَرجِعَها إليهم، فلم يَرجِعْها إليهم؛ لِما أنزَلَ اللهُ فيهنَّ: {إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ اْللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ} [الممتحنة: 10] إلى قولِه: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ} [الممتحنة: 10]».

قال عُرْوةُ: «فأخبَرتْني عائشةُ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يمتحِنُهنَّ بهذه الآيةِ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ} [الممتحنة: 10] إلى {غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [الممتحنة: 12]».

قال عُرْوةُ: «قالت عائشةُ: فمَن أقَرَّ بهذا الشرطِ منهنَّ، قال لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قد بايَعْتُكِ»؛ كلامًا يُكلِّمُها به، واللهِ، ما مسَّتْ يدُه يدَ امرأةٍ قطُّ في المبايَعةِ، وما بايَعَهنَّ إلا بقولِه». أخرجه البخاري (٢٧١١).

* سورة (الممتحنة):

سُمِّيت سورة (الممتحنة) بهذا الاسم؛ لأنه جاءت فيها آيةُ امتحان إيمان النساء اللواتي يأتينَ مهاجِراتٍ من مكَّةَ إلى المدينة؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ} [الممتحنة: 10].

1. النهيُ عن موالاة الكفار (١-٦).

2. الموالاة المباحة، والموالاة المحرَّمة (٧-٩).

3. امتحان المهاجِرات (١٠-١١).

4. بَيْعة المؤمنات (١١-١٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /96).

مقصدُ سورة (الممتحنة) هو البراءةُ من الشرك والمشركين، وعدمُ اتخاذهم أولياءَ، وفي ذلك دلالةٌ على صدقِ التوحيد واكتماله.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت من الأغراض على تحذيرِ المؤمنين من اتخاذ المشركين أولياءَ مع أنهم كفروا بالدِّين الحق، وأخرَجوهم من بلادهم.

وإعلامِهم بأن اتخاذَهم أولياءَ ضلالٌ، وأنهم لو تمكَّنوا من المؤمنين، لأساؤوا إليهم بالفعل والقول، وأن ما بينهم وبين المشركين من أواصرِ القرابة لا يُعتد به تجاه العداوة في الدِّين، وضرَب لهم مثَلًا في ذلك قطيعةَ إبراهيم لأبيه وقومه.

وأردَف ذلك باستئناس المؤمنين برجاءِ أن تحصُلَ مودةٌ بينهم وبين الذين أمرهم اللهُ بمعاداتهم؛ أي: هذه معاداةٌ غيرُ دائمة...». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /131).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /76).