تفسير سورة الممتحنة

المصحف المفسّر

تفسير سورة سورة الممتحنة من كتاب المصحف المفسّر
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة الممتحنة مدنية وآياتها ثلاث عشرة.

تفسير الألفاظ :
﴿ أولياء ﴾ أي نصراء. ﴿ تلقون إليهم بالمودة ﴾ أي تفضون إليهم المودة بالمكاتبة ؛ لأن المسلمين كانوا بالمدينة والكفار المذكورين كانوا بمكة. ﴿ يخرجون الرسول وإياكم ﴾ أي من مكة. ﴿ أن تؤمنوا ﴾ أي لأن تؤمنوا. ﴿ وابتغاء مرضاتي ﴾ أي طلبا لمرضاتي. ﴿ تسرون إليهم بالمودة ﴾ أي تخفون لهم المودة، من أسر الشيء أي أخفاه. ﴿ سواء السبيل ﴾ أي وسط السبيل.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون احذروا أن تتخذوا أعدائي وأعداءكم نصراء ومحبين تفضون إليهم بالمودة بالمكاتبات المتبادلة بينكم، وقد كفروا بما أوحاه الله إليكم من الحق، يخرجون الرسول وإياكم من مكة، من أجل أنكم تؤمنون بالله ربكم، فاحذروا ذلك إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وطلبا لرضائي، فأنتم تخفون المودة إليهم وأنا أعلم بما أخفيتم وما أظهرتم، ومن يفعل ما أنهاه عنه بعد اليوم فقد ضل الطريق الوسط.
تفسير الألفاظ :
﴿ إن يثقفوكم ﴾ أي إن يصادفوكم. يقال ثقفه يثقفه ثقفا أي صادفه وظفر به.
تفسير المعاني :
هؤلاء إن يصادفوكم ويظفروا بكم يكونوا لكم أعداء ويمدوا إليكم أيديهم بالبطش، ويبسطوا ألسنتهم بالطعن عليكم، ويحبوا لو تكفرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ أرحامكم ﴾ أي قراباتكم. وأصل الرحم بيت الولد في بطن أمه استعير للقربة.
تفسير المعاني :
لن تنفعكم قراباتكم ولا أولادكم، ويوم القيامة يفصل الله بينكم والله بما تعملون بصير.
تفسير الألفاظ :
﴿ أسوة ﴾ اسم لما يؤتسى به أي قدوة. ﴿ كفرنا بكم ﴾ أي كفرنا بدينكم. ﴿ والبغضاء ﴾ أي البغض والكراهة. ﴿ إلا قول إبراهيم لأبيه ﴾ هذا استثناء من قوله : أسوة حسنة، فإن استغفاره لأبيه الكافر ليس مما ينبغي أن تأتسوا به فإنه كان قبل النهي، أو لوعد وعده إياه. ﴿ وإليك أنبنا ﴾ أي وإليك رجعنا. يقال أناب إلى الله ينيب إنابة أي رجع.
تفسير المعاني :
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:نقول : إن هذه الآيات يشير ظاهرها إلى مقاطعة الكفار، ولكن كان ذلك في أول الهجرة خوفا من حدوث الفشل، وقد رخص بعد ذلك في مودتهم ومعاملتهم في دائرة العاطفة الإنسانية.

قد كانت لكم قدوة حسنة تقتدون بها في إبراهيم والذين آمنوا معه، إذ قالوا لقومهم : إننا بريئون منكم ومما تعبدونهم من دون الله، قد كفرنا بآلهتكم، وبدت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبد الآبدين، حتى تؤمنوا بالله وحده، يستثنى من هذه القدوة الحسنة قول إبراهيم لأبيه : لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء، فإن هذا الوعد وعده إياه ووفاه إياه، ربنا عليك توكلنا وإليك رجعنا وإليك المآل.
تفسير المعاني :
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:نقول : إن هذه الآيات يشير ظاهرها إلى مقاطعة الكفار، ولكن كان ذلك في أول الهجرة خوفا من حدوث الفشل، وقد رخص بعد ذلك في مودتهم ومعاملتهم في دائرة العاطفة الإنسانية.

ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، أي لا تمتحن طاعتهم بنا فيهلكونا، واغفر لنا إنك أنت العزيز الحكيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن يتول ﴾ أي ومن يعرض. ﴿ الحميد ﴾ المحمود.
تفسير المعاني :
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:نقول : إن هذه الآيات يشير ظاهرها إلى مقاطعة الكفار، ولكن كان ذلك في أول الهجرة خوفا من حدوث الفشل، وقد رخص بعد ذلك في مودتهم ومعاملتهم في دائرة العاطفة الإنسانية.

لقد كان لكم فيهم قدوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، ومن يعرض عن الحق فإن الله هو الغني المحمود.
تفسير الألفاظ :
﴿ عسى ﴾ فعل جامد معناه يتوقع ويُرجى.
تفسير المعاني :
لعل الله يجعل بينكم وبين الذين عاديتم من الكافرين مودة، والله قدير والله غفور رحيم.
نقول : بعد أن نهى الله عن موادة الكافرين عاد ففصل : أي صنف منهم تجب مقاطعته، أي صنف تباح معاملته ومعاشرته، بل والبر به والإحسان إليه. وقد راعى المسلمون هذه النصائح فلم يتدنس تاريخهم بمثل المذابح التي حدثت في أوربا باسم الدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أن تبروهم ﴾ أي أن تحسنوا إليهم. والبر هو المبالغة في الإحسان. يقال بره يبره برا، أي أحسن إليه وبالغ. ﴿ وتقسطوا ﴾ أي وتعدلوا، يقال أقسط يقسط، وقسط يقسط، ويقسط قسطا أي عدل.
تفسير المعاني :
لا ينهاكم الله عن الكافرين الذين لم يقاتلوكم بسبب الدين، ولم يحملوكم على الهجرة من وطنكم أن تحسنوا إليهم وتعدلوا معهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وظاهروا ﴾ أي وعاونوا، عاونوا أعداءكم. ﴿ أن تولوهم ﴾ أي أن تتولوهم، أي تتخذوهم أولياء.
تفسير المعاني :
إنما ينهاكم الله عن موادة الكافرين الذين قاتلوكم وأخرجوكم من وطنكم وأعانوا غيرهم على إخراجكم أن تتخذوهم أولياء.
تفسير الألفاظ :
﴿ فامتحنوهن ﴾ أي فاختبروهن هل هن مؤمنات أم لا. ﴿ حل ﴾ أي حلال. ﴿ وآتوهم ﴾ أي آتوا أزواجهن ما دفعوه إليهن من المهور. ﴿ أجورهن ﴾ أي مهورهن. ﴿ ولا تمسكوا بعصم الكوافر ﴾ أي ولا تتمسكوا بما تعتصم به الكافرات من عقد أو صلة وهي جمع عصمة. والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات.
تفسير المعاني :
وإذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فاختبروهن، فإن تحققتم صدقهن فلا ترجعوهن للكفار ؛ إذ لا يحللن لهم، وادفعوا لأزواجهن المهور التي دفعوها لهن، ولا إثم عليكم أن تتزوجوهن إن مهرتموهن، ولا تتمسكوا بما يتمسك به النساء الكافرات من عقد أو صلة، بل تخلصوا منهن، واطلبوا إلى المشركين المهور التي دفعتموها للنساء اللاتي لحقن بهم هاربات منكم، وليطلبوا هم مهور نسائهم اللاتي لحقن بكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ فعاقبتم ﴾ أي فجاءت عقبتكم أي توبتكم من أداء المهر. يقال عاقبه معاقبة أي جاء بعقبه، وعاقب فلانا في الراحلة ركب هو مرة وركب الآخر مرة.
تفسير المعاني :
وإن أفلت منكم شيء من زوجاتكم " عبر عنهن بشيء للتحقير "، فجاءت نوبتكم من أداء المهر، فأعطوا الذين فرت زوجاتكم إليكم قدر ما دفعوه لهن، وخافوا الله الذي أنتم به مؤمنون.
تفسير الألفاظ :
﴿ يبايعنك ﴾ أي يعاهدنك. ﴿ ببهتان ﴾ البهتان هو الكذب، والباطل الذي يتحير من بطلانه. فعله بهته يبهته بهتا أي رماه بالباطل وافترى عليه.
تفسير المعاني :
يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يعاهدنك على عدم الشرك بالله، وعلى ألا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، أي ولا يأتين بولد ملوط ينسبنه إلى الزوج، وقد سماه الله بهتانا يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، فوصفه بصفة الولد الحقيقي ؛ فإن الأم إذا وضعت سقط الولد بين يديها ورجليها... وألا يعصينك في معروف – فعاهدهن واستغفر الله لهن إنه غفور رحيم.
نقول : إن أعداء الإسلام يفترون عليه بأنه لم يحفل بالنساء، وبأنه عدهن من الأشياء لا الأحياء. وأنت ترى أن الكتاب الكريم ينوه بهن في كل فرصة ويجعل لمبايعتهن الرسول شأنا، فينص عليه في آيات خاصة شأن الحوادث ذات الخطر. وكفى بهذا تكذيبا للمتقولين على الإسلام.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا تتولوا ﴾ أي لا تتخذوهم أولياء أي أحبابا ونصراء.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا قوما غضب الله عليهم أولياء لكم قد يئسوا من الحياة الآخرة كما يئس الكفار من عود أصحاب القبور إلى الحياة الدنيا بعد أن ماتوا وتحللت أجسادهم.
سورة الممتحنة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الممتحنة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الأحزاب)، وقد جاءت بالنهيِ عن موالاة الكفار واتخاذِهم أولياءَ، وجعلت ذلك امتحانًا ودلالةً على صدقِ الإيمان واكتماله، وسُمِّيت بـ(الممتحنة) لأنَّ فيها ذِكْرَ امتحانِ النساء المهاجِرات المبايِعات للنبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ} [الممتحنة: 10].

ترتيبها المصحفي
60
نوعها
مدنية
ألفاظها
352
ترتيب نزولها
91
العد المدني الأول
13
العد المدني الأخير
13
العد البصري
13
العد الكوفي
13
العد الشامي
13

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِاْلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ اْلْحَقِّ يُخْرِجُونَ اْلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاْللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَاْبْتِغَآءَ مَرْضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِاْلْمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ اْلسَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]:

عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: «بعَثَني رسولُ اللهِ ﷺ أنا والزُّبَيرَ والمِقْدادَ، فقال: «انطلِقوا حتى تأتوا رَوْضةَ خاخٍ؛ فإنَّ بها ظعينةً معها كتابٌ، فَخُذوا منها»، قال: فانطلَقْنا تَعادَى بنا خَيْلُنا حتى أتَيْنا الرَّوْضةَ، فإذا نحنُ بالظَّعينةِ، قُلْنا لها: أخرِجي الكتابَ، قالت: ما معي كتابٌ، فقُلْنا: لَتُخرِجِنَّ الكتابَ، أو لَنُلقِيَنَّ الثِّيابَ، قال: فأخرَجتْهُ مِن عِقاصِها، فأتَيْنا به رسولَ اللهِ ﷺ، فإذا فيه: مِن حاطبِ بنِ أبي بَلْتعةَ، إلى ناسٍ بمكَّةَ مِن المشرِكين، يُخبِرُهم ببعضِ أمرِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «يا حاطبُ، ما هذا؟»، قال: يا رسولَ اللهِ، لا تَعجَلْ عليَّ، إنِّي كنتُ امرأً ملصَقًا في قُرَيشٍ، يقولُ: كنتُ حليفًا، ولم أكُنْ مِن أنفُسِها، وكان مَن معك مِن المهاجِرِينَ مَن لهم قراباتٌ يحمُونَ أهلِيهم وأموالَهم، فأحبَبْتُ إذ فاتَني ذلك مِن النَّسَبِ فيهم أن أتَّخِذَ عندهم يدًا يحمُونَ قرابتي، ولم أفعَلْهُ ارتدادًا عن دِيني، ولا رضًا بالكفرِ بعد الإسلامِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «أمَا إنَّه قد صدَقَكم»، فقال عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، دَعْني أضرِبْ عُنُقَ هذا المنافقِ، فقال: «إنَّه قد شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدرِيك لعلَّ اللهَ اطَّلَعَ على مَن شَهِدَ بَدْرًا، فقال: اعمَلوا ما شِئْتم فقد غفَرْتُ لكم! فأنزَلَ اللهُ السُّورةَ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِاْلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ اْلْحَقِّ} [الممتحنة: 1] إلى قولِه: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ اْلسَّبِيلِ} [الممتحنة: 1]». أخرجه البخاري (٤٢٧٤).

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ اْللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَٰتٖ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى اْلْكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ} [الممتحنة: 10]:

عن عُرْوةَ بن الزُّبَيرِ، أنَّه سَمِعَ مَرْوانَ والمِسْوَرَ بن مَخرَمةَ رضي الله عنهما يُخبِرانِ عن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: «لمَّا كاتَبَ سُهَيلُ بنُ عمرٍو يومَئذٍ، كان فيما اشترَطَ سُهَيلُ بنُ عمرٍو على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّه لا يأتيك منَّا أحدٌ - وإن كان على دِينِك - إلا ردَدتَّه إلينا، وخلَّيْتَ بَيْننا وبَيْنَه، فكَرِهَ المؤمنون ذلك، وامتعَضوا منه، وأبى سُهَيلٌ إلا ذلك، فكاتَبَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، فرَدَّ يومَئذٍ أبا جَنْدلٍ إلى أبيه سُهَيلِ بنِ عمرٍو، ولم يأتِه أحدٌ مِن الرِّجالِ إلا رَدَّه في تلك المُدَّةِ، وإن كان مسلِمًا، وجاءت المؤمِناتُ مهاجِراتٍ، وكانت أمُّ كُلْثومٍ بنتُ عُقْبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ ممَّن خرَجَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَئذٍ، وهي عاتِقٌ، فجاءَ أهلُها يَسألون النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يَرجِعَها إليهم، فلم يَرجِعْها إليهم؛ لِما أنزَلَ اللهُ فيهنَّ: {إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ اْللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ} [الممتحنة: 10] إلى قولِه: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ} [الممتحنة: 10]».

قال عُرْوةُ: «فأخبَرتْني عائشةُ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يمتحِنُهنَّ بهذه الآيةِ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ} [الممتحنة: 10] إلى {غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [الممتحنة: 12]».

قال عُرْوةُ: «قالت عائشةُ: فمَن أقَرَّ بهذا الشرطِ منهنَّ، قال لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قد بايَعْتُكِ»؛ كلامًا يُكلِّمُها به، واللهِ، ما مسَّتْ يدُه يدَ امرأةٍ قطُّ في المبايَعةِ، وما بايَعَهنَّ إلا بقولِه». أخرجه البخاري (٢٧١١).

* سورة (الممتحنة):

سُمِّيت سورة (الممتحنة) بهذا الاسم؛ لأنه جاءت فيها آيةُ امتحان إيمان النساء اللواتي يأتينَ مهاجِراتٍ من مكَّةَ إلى المدينة؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ اْلْمُؤْمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَاْمْتَحِنُوهُنَّۖ} [الممتحنة: 10].

1. النهيُ عن موالاة الكفار (١-٦).

2. الموالاة المباحة، والموالاة المحرَّمة (٧-٩).

3. امتحان المهاجِرات (١٠-١١).

4. بَيْعة المؤمنات (١١-١٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /96).

مقصدُ سورة (الممتحنة) هو البراءةُ من الشرك والمشركين، وعدمُ اتخاذهم أولياءَ، وفي ذلك دلالةٌ على صدقِ التوحيد واكتماله.

يقول ابنُ عاشور رحمه الله: «اشتملت من الأغراض على تحذيرِ المؤمنين من اتخاذ المشركين أولياءَ مع أنهم كفروا بالدِّين الحق، وأخرَجوهم من بلادهم.

وإعلامِهم بأن اتخاذَهم أولياءَ ضلالٌ، وأنهم لو تمكَّنوا من المؤمنين، لأساؤوا إليهم بالفعل والقول، وأن ما بينهم وبين المشركين من أواصرِ القرابة لا يُعتد به تجاه العداوة في الدِّين، وضرَب لهم مثَلًا في ذلك قطيعةَ إبراهيم لأبيه وقومه.

وأردَف ذلك باستئناس المؤمنين برجاءِ أن تحصُلَ مودةٌ بينهم وبين الذين أمرهم اللهُ بمعاداتهم؛ أي: هذه معاداةٌ غيرُ دائمة...». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /131).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /76).