تفسير سورة الحاقة

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الحاقة من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿الحَاقَّةُ﴾ من أسماءِ يومِ القيامةِ؛ لأنها تَحِقُّ وَتَتَنَزَّلُ بالخَلْقِ، تَظْهَرُ فيها حقائقُ وأمورٌ وَمُخَبَّآتُ الصُّدُورِ.
﴿مَا الحَاقَّةُ﴾ استفهامٌ معناه التفخيمُ لِشَأْنِهَا، والتعظيمُ لِهَوْلِهَا، أي: أَيُّ شَيْءٍ هِيَ.
﴿بِالْقَارِعَةِ﴾ بالقيامةِ، سُمِّيَتْ بالقَارِعَةِ كما سُمِّيَتْ حَاقَّةً؛ لأنها تَقْرَعُ الناسَ بِأَهْوَالِهَا، يقال: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ؛ أي: أَهْوَالُهُ وَشَدَائِدُهُ.
﴿بِالطَّاغِيَةِ﴾ وهي الصيحةُ العظيمةُ الفظيعةُ التي قَطَّعتْ قُلُوبَهُمْ وَزَهَقَتْ لها أَرْوَاحُهُمْ فَأَصْبَحُوا مَوْتَى لا يُرَى إلا مَسَاكِنُهُمْ وَجُثَثُهُمْ.
﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ قَوِيَّةٍ شَدِيدَةِ الهُبُوبِ، لها صَوْتٌ بَلَغَ صَوْتَ الرَّعْدِ القَاصِفِ.
﴿عَاتِيَةٍ﴾ شَدِيدَة قد تَجَاوَزَتِ الحَدَّ في عَصْفِهَا وَهُبُوبِهَا.
﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ﴾ سَلَّطَهَا عليهم.
﴿حُسُومًا﴾ مُتَتَابِعَاتِ الهُبُوبِ بلا فَاصِلٍ كَتَتَابُعِ الكيِّ القَاطِعِ لِلدَّاءِ.
﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ﴾ أي: أُصُولُ نَخْلٍ سَاقِطَةٌ، فَارِغَةٌ ليس في جَوْفِهَا شَيْءٌ.
﴿المُؤْتَفِكَاتُ بِالخَاطِئَةِ﴾ أي: أَهْلُهَا، وَهِيَ قُرَى لُوطٍ بالفِعْلَاتِ ذَاتِ الخَطَأِ.
﴿أَخْذَةً رَّابِيَةً﴾ أي: زَائِدَةً في الشِّدَّةِ عَلَى عُقُوبَاتِ غَيْرِهِمْ؛ لأن أَفْعَالَهُمْ كانت زائدةً في القُبْحِ.
﴿طَغَى المَاء﴾ ارْتَفَعَ الماءُ، وذلك في طُوفَانِ نُوحٍ عَلَيْهِ السلامُ.
﴿الجَارِيَةِ﴾ أي السفينةِ التي صَنَعَهَا نوحٌ وَنَجَا بها هُوَ ومَنْ مَعَهُ مِنَ المؤمنين.
﴿تَذْكِرَةً﴾ عِبْرَةً وَمَوْعِظَةً تَسْتَدِلُّونَ بها عَلَى عظيمِ قُدْرَةِ اللهِ وَشِدَّةِ انْتِقَامِهِ.
﴿تَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ تَحْفَظُهَا بَعْدَ سَمَاعِهَا أُذُنٌ حَافِظَةٌ لما جاء من عند الله.
﴿نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ هي النفخةُ الأُولَى التي يموتُ عندها الناسُ.
﴿حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ رُفِعَتَا عَنْ مَوَاضِعِهِمَا.
﴿فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ دُقَّتَا وَضُرِبَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حتى تَنْدَقَّ وَتَرْجِعَ كَثِيبًا مَهِيلًا وَهَبَاءً مُنْبَثًّا، وهذا من أَنْبَاءِ الغيبِ، واللهُ أَعْلَمُ لحقيقتِه وَطَرِيقَتِهِ.
﴿انشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾ تَشَقَّقَتْ وَتَصَدَّعَتْ وَتَبَدَّلَتْ أَحْوَالُهَا.
﴿وَاهِيَةٌ﴾ ضَعِيفَةٌ مُسْتَرْخِيَةٌ لِتَشَقُّقِهَا بَعْدَ أن كانت قَوِيَّةً مُحْكَمَةً.
﴿عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ عَلَى جَوَانِبِهَا.
﴿هَاؤُمُ﴾: أي: دُونَكُمْ كِتَابِي فَاقْرَؤُوهُ؛ فإنه يُبَشِّرُ بالخيراتِ وأنواعِ الكراماتِ، ومغفرةِ الذنوبِ وَسَتْرِ العُيُوبِ.
﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ أَيْ: ثَمَرُهَا وَجَنَاهَا من أنواعِ الفواكهِ قَرِيبَةٌ سَهْلَةُ التَّنَاوُلِ عَلَى أَهْلِهَا، يَنَالُهَا أَهْلُهَا قِيَامًا وَقُعُودًا وَمُتَّكِئينَ.
﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ يقول: يا لَيْتَ الموتةَ التي مُتُّها في الدنيا كانت هي الفراغَ من كل ما بَعْدَهَا حتى لا أُبْعَثَ.
﴿فَغُلُّوهُ﴾ اجْعَلُوا الغُلَّ في عُنُقِهِ، واجْمَعُوا يَدَيْهِ إلى رَقَبَتِهِ.
﴿الجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ أَدْخِلُوهُ في جَهَنَّمَ، وَأَحْرِقُوهُ بِهَا.
﴿لَا يَحُضُّ﴾ ولا يَحُثُّ نَفْسَهُ ولا أَهْلَهُ.
﴿حَمِيمٌ﴾ قَرِيبٌ أو صَدِيقٌ يَشْفَعُ له؛ لينجوَ من عذابِ اللهِ أو يفوزَ بثوابِه.
﴿غِسْلِينٍ﴾ وهو صديدُ أهلِ النَّارِ الَّذِي هُوَ في غايةِ الحرارةِ والمرارةِ، ونتنِ الريحِ وَقُبْحِ الطَّعْمِ.
﴿الخَاطِؤُونَ﴾ الكافرونَ، أصحابُ الخَطَايَا، يقال: خَطِئَ الرجلُ إذا تَعَمَّدَ الذَّنْبَ.
(٤٤، ٤٥) ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ فلو قُدِّرَ أن رسولَ اللهِ - ﷺ - حَاشَاهُ وَكَلَّا- تَقَوَّلَ عَلَى اللهِ لَعَاجَلَهُ بالعقوبةِ، وَأَخَذَهُ أَخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِرٍ؛ لأنه حَكِيمٌ قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.
﴿الْوَتِينَ﴾ وهو عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ إذا انْقَطَعَ هَلَكَ منه الإنسانُ.
46
سُورة المَعَارِج
سورة الحاقة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الحاقَّة) من السُّوَر المكية، وقد أثبتت هولَ يومِ القيامة، وتحقُّقَ وقوعه؛ ليرجعَ الكفار عن كفرهم وعنادهم، وليخافوا من هذا اليوم، لا سيما بعد أن ذكَّرهم اللهُ بما أوقَعَ من العذاب على الأُمم السابقة التي خالفت أمره فدمَّرهم تدميرًا، وأهلكهم في الدنيا قبل الآخرة، وفي ذلك تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتٌ له، وتأييدٌ من الله وحفظ له وللمؤمنين.

ترتيبها المصحفي
69
نوعها
مكية
ألفاظها
261
ترتيب نزولها
87
العد المدني الأول
52
العد المدني الأخير
52
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
51

* سورة (الحاقَّة):

سُمِّيت سورة (الحاقة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا اللفظ، و(الحاقَّة): اسمٌ من أسماء يوم القيامة.

1. تعظيم يوم القيامة، وإهلاك المكذِّبين به (١-١٢).

2. أهوال يوم القيامة (١٣-١٨).

3. جزاء الأبرار وتكريمهم (١٩-٢٤).

4. حال الأشقياء يوم القيامة (٢٥-٣٧).

5. تعظيم القرآن، وتأكيد نزوله من عند الله (٣٨-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /320).

مقصدها تهويلُ يوم القيامة، وتهديد الكفار به؛ ليَرجعوا إلى الحقِّ، وتذكيرُهم بما حلَّ بالأمم السابقة التي عاندت وخالفت أمرَ الله من قبلِهم، وأُدمِجَ في ذلك أن اللهَ نجَّى المؤمنين من العذاب، وفي ذلك تذكيرٌ بنعمة الله على البشر؛ إذ أبقى نوعَهم بالإنجاء من الطُّوفان.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /111).