ﰡ
قوله: ﴿زِلْزَالَهَا﴾ مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه. والمعنى: زِلْزالَها الذي تَسْتَحقه ويَقْتضيه جِرْمُها وعِظَمُها. قال الزمخشري: «ونحُوه: أكرِمِ التقيَّ إكرامَه، وأَهِنِ الفاسِقَ إهانتَه، أو زِلْزالَها كلَّه» والعامَّةُ بكسر الزايِ.
ثم قال الزمخشريُّ: «ويجوزُ أَنْ يكونَ» بأنَّ ربَّك «بدلاً مِنْ» أخبارَها «كأنه قيل: يومئذٍ تُحَدِّثُ بأخبارِها بأنَّ ربَّك أوحى لها؛ لأنَّك تقول: حَدَّثْتُه كذا، وحَدَّثْتُه بكذا» قال الشيخ: «وإذا كان الفعلُ يتعدَّى تارةً بحرفِ جرٍّ، وتارةً يتعدى بنفسِه، وحرفُ الجرِّ ليس بزائدٍ، فلا يجوزُ في تابِعه إلاَّ الموافقةُ في الإِعرابِ فلا يجوز:» استغفَرْتُ الذنبَ العظيمِ «بنصبِ» الذنبَ «وجَرِّ» العظيم «لجواز أنَّك تقولُ» من الذنب «، ولا» اخْتَرْتُ زيداً الرجالَ الكرامِ «بنصبِ الرجالَ» وخَفْضِ الكرامِ «، وكذلك لا يجوزُ اَنْ تقولَ:» استغفرتُ من الذنبِ العظيمَ «بنصبِ» العظيمَ «وكذلك في» اخْتَرْتُ «فلو كان حرفُ الجر زائداً جاز الإِتباعُ
ونظيرُ ما قاله الزمخشريُّ في بابِ «استغفر» أَنْ تقولَ «استغفرْتُ اللَّهَ ذنباً مِنْ شَتْمي زيداً» فقولك: «مِنْ شَتْمي» بدلٌ مِنْ «الذنب» وهذا جائزٌ لا مَحالةَ.
قوله: ﴿أوحى لَهَا﴾ في هذه اللامِ أوجهٌ، أحدُها: أنها بمعنى إلى، وإنما أُوْثِرَتْ على «إلى» لموافقةِ الفواصلِ. وقال العجَّاج في وَصْف الأرض:
٤٦١٤ - أَوْحَى لها القرارَ فاستقرَّتِ | وشَدَّها بالرَّاسياتِ الثُّبَّتِ |
قوله: ﴿أَشْتَاتاً﴾ حالٌ مِنْ» الناس «وهو جمع شَتَّ، أي: متفرِّقين في الأمنِ والخوفِ والبياضِ والسوادِ.
قوله: ﴿لِّيُرَوْاْ﴾ متعلِّقٌ ب» يَصْدُرُ «وقيل: ب» أوحى «وما بينهما اعتراضٌ. والعامَّةُ على بنائِه للمفعولِ. وهو مِنْ رؤيةِ البصرِ فتعدَّى بالهمزِة إلى ثانٍ، وهو» أعمالَهم «وقرأ الحسن والأعرج وقتادة وحمادة بن سَلَمة - وتروى عن نافع، قال الزمخشري:» وهي قراءةُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «- مبنياً للفاعل والمعنى: جزاءَ أعمالِهم.
قوله: ﴿يَرَهُ﴾ جوابُ الشرط في الموضعين. وقرأ هشام بسكونِ هاء «يَرَهْ» وَصْلاً في الحرفَيْن. وباقي السبعةِ بضمِّها موصولةً بواوٍ وَصْلاً،
وقرأ العامَّةُ «يَرَهُ» مبنياً للفاعلِ. وقرأ ابن عباس والحسين بن علي وزيد بن علي وأبو حيوة وعاصم والكسائي في رواية «يُرَه» مبنياً للمفعول. وعكرمة «يَراه» بالألفِ: إمَّا على تقديرِ الجزمِ بحَذْفِ الحركةِ المقدرة، وإمَّا على تَوَهُّمِ أنَّ «مَنْ» موصولةٌ، وتحقيق هذا مذكورٌ في أواخِر يوسف. وحكى الزمخشري أن أعرابياً أَخَّر «خيراً يَرَهُ» فقيل له: قَدَّمْتُ وأَخَّرْتَ، فأنشد:
٤٦١٥ - خذا بَطْنَ هرشى أوقَفاها فإنَّه | كِلا جانِبَيْ هرشى لَهُنَّ طريقُ |
٤٦١٦ - من القاصراتِ الطَرْفِ لو دَبَّ مُحْوِلٌ | من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرا |