تفسير سورة الزلزلة

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة إذا زلزلت ( وهي مدنية ).

بسم الله الرحمن الرحيم١.
عبد الرزاق عن الثوري في قوله :﴿ وأخرجت الأرض أثقالها ﴾ قال : ما استودعت يومئذ، ﴿ تحدث أخبارها ﴾ قال : ما عمل عليها من خير أو شر ]٢.
١ قوله وهي مدنية، والبسملة من (م)..
٢ ما بين المعكوفتين نقص من نسخة (ق) وكذلك ما بعده إلى منتصف سورة التكاثر.
حيث سقطت صفحة من النسخة، وما أثبتناه من (م)..

عبد الرزاق عن معمر عن الحسن قال : لما نزلت ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾ قال رجل من المسلمين : حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير أو شر أريته انتهيت الموعظة. عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع رجلا إلى رجل يعلمه فعلمه حتى إذا بلغ ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ﴾ قال : حسبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" دعه فقد فقه " ١.
عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها، فقام رجل فجعل يضع يده على رأسه وهو يقول : واسوأتاه ! ! فقال : النبي صلى الله عليه وسلم :" أما الرجل فقد آمن " ٢.
عبد الرزاق عن معمر قال : وأخبرني عمرو بن قتادة عن محمد بن كعب أنه قال : في قوله :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ﴾ فقال : أما المؤمن فيرى حسناته في الآخرة، وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا.
قال معمر : وبلغني أن عمر بن الخطاب مر به ركب فأرسل إليهم يسألهم من هم ؟ فقالوا : جئنا من الفج العميق، فقال : أين تريدون ؟ فقالوا : نؤم البيت العتيق، فرجع إليه الرسول فأخبره، فقال عمر : إن لهؤلاء لنبأ ثم أرسل إليهم [ أي آية في كتاب الله أحكم ؟ قالوا :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾ فقال : أي آية أعدل ؟ قالوا :﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء هذا ذي القربى ﴾٣ قال : فأي آية أعظم ؟ قالوا :﴿ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾٤ قال : فأي آية أرجى ؟ قالوا :﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ﴾٥، قال : فأي آية أخوف ؟ قالوا :﴿ من يعمل سوءا يجز به ﴾٦ قال : سلهم أفيهم ابن أم عبد٧ ؟ قالوا : نعم.
١ أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم. انظر الدر ج ٦ ص ٣٨١..
٢ أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد انظر الدر ج ٦ ص ٣٨١..
٣ الآية رقم: ٩٠ من سورة النحل..
٤ آية الكرسي وهي الآية رقم: ٢٠٠ من سورة البقرة..
٥ الآية رقم: ٣٥ من سورة الزمر..
٦ الآية رقم: ١٢٣ من سورة النساء..
٧ هو عبد الله بن مسعود..
سورة الزلزلة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزَّلْزلة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (النساء)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن؛ كما صح في الحديث، وقد تحدثت عن أهوالِ يوم القيامة، وحالِ الناس يوم البعث، وما يعتريهم من الفزعِ والخوف، وأُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
99
نوعها
مدنية
ألفاظها
35
ترتيب نزولها
93
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
9
العد البصري
9
العد الكوفي
8
العد الشامي
9

* سورة (الزَّلْزلة):

سُمِّيت سورة (الزَّلْزلة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1].

* سورة (الزَّلْزلة) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

* أوصى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجُلًا بقراءة سورة (الزَّلْزلة):

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنه، قال: «أتى رجُلٌ رسولَ اللهِ ﷺ، فقال: أقرِئْني يا رسولَ اللهِ، فقال: «اقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ {الٓر}»، فقال: كَبِرتْ سِنِّي، واشتَدَّ قلبي، وغلُظَ لساني، قال: «فاقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ {حمٓ}»، فقال مِثْلَ مقالتِه، فقال: اقرَأْ ثلاثًا مِن (المُسبِّحاتِ)»، فقال مِثْلَ مقالتِه، فقال الرجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أقرِئْني سورةً جامعةً، فأقرَأَه النبيُّ ﷺ: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ} حتى فرَغَ منها، فقال الرجُلُ: والذي بعَثَك بالحقِّ، لا أَزيدُ عليها أبدًا، ثم أدبَرَ الرجُلُ، فقال النبيُّ ﷺ: «أفلَحَ الرُّوَيجِلُ» مرَّتَينِ». أخرجه أبو داود (١٣٩٩).

* ثبَت عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الزَّلْزلة) في صلاة الفجر:

عن مُعاذِ بن عبدِ اللهِ الجُهَنيِّ: «أنَّ رجُلًا مِن جُهَينةَ أخبَرَه أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرأُ في الصُّبْحِ: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} في الرَّكعتَينِ كلتَيْهما، فلا أدري أنَسِيَ رسولُ اللهِ ﷺ أم قرَأَ ذلك عمدًا؟». أخرجه أبو داود (٨١٦).

* كان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتَينِ بعد الوترِ يقرأ فيهما (الزلزلة) و(الكافرون):

عن سعدِ بن هشامٍ: «أنَّه سأَلَ عائشةَ عن صلاةِ النبيِّ ﷺ باللَّيلِ، فقالت: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا صلَّى العِشاءَ تجوَّزَ بركعتَينِ، ثم ينامُ وعند رأسِه طَهُورُه وسِواكُه، فيقُومُ فيَتسوَّكُ ويَتوضَّأُ ويُصلِّي، ويَتجوَّزُ بركعتَينِ، ثم يقُومُ فيُصلِّي ثمانَ ركَعاتٍ يُسوِّي بَيْنهنَّ في القراءةِ، ثم يُوتِرُ بالتاسعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ ﷺ وأخَذَ اللَّحْمَ، جعَلَ الثَّمانَ سِتًّا، ويُوتِرُ بالسابعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، يَقرأُ فيهما: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{إِذَا زُلْزِلَتِ}». أخرجه ابن حبان (٢٦٣٥).

1. أهوال القيامة وشدائدها (١-٥).

2. مآل الخلائقِ يوم الحساب (٦-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /287).

إثباتُ البعثِ ووقوعِ القيامةِ وما يعتري الناسَ من الأهوال؛ وبذلك تنكشفُ الأمور، وينقسمُ الناس إلى أشقياءَ وسعداءَ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /231).