تفسير سورة الزلزلة

إعراب القرآن للنحاس

تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس.
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

٩٩ شرح إعراب سورة إذا زلزلت (الزلزلة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١)
إِذا في موضع نصب ظرف زمان، والعامل فيها زلزلت زِلْزالَها مصدر كما قال: أكرمتك كرامتك والمعنى كرامة، وكذا المعنى زلزلت زلزالا. وحسنت الإضافة لتتفق الآيات. والكسائي والفراء «١» يذهبان إلى أن الزلزال مصدر والزلزال اسم وأنه يقال: وسوسة وسواسا، والوسواس الاسم. وقرأ عاصم الجحدري وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً [الأحزاب: ١١] بالفتح، وقرأ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها «٢».
[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ٢]
وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢)
جمع ثقل والثقل في الأذن.
[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ٣]
وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣)
ما في موضع رفع بالابتداء، وهو اسم تام.
[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ٤]
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤)
قال أبو جعفر: لأن معنى تحدّث وتخبّر واحد. ودل هذا على أن معنى حدّثنا وأخبرنا واحد.
[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ٥]
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥)
ويقال: وحى له وإليه فيهما.
[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ٦]
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦)
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً نصب على الحال. قال الفراء «٣» : اجتمع القراء على لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ «٤» قال أبو جعفر: حكى أبو حاتم أن عبّاد بن كثير قال: بلغني أنّ
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٨٣.
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٩٦.
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٤٨.
(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٩٨. [.....]
النبي صلّى الله عليه وسلّم قرأ لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ «١». قال أبو جعفر: في الكلام تقديم وتأخير عند النحويين أي يومئذ تحدّث أخبارها ليروا أعمالهم.
[سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ٧ الى ٨]
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)
فَمَنْ في موضع رفع بالابتداء، وهو اسم تام. ويعمل جزم بالشرط وخَيْراً منصوب على البيان أو بدل من مثقال «يره» جواب الشرط حذف الألف منه للجزم، وكذا وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨) فدلّ ظاهر الكلام على أنّ كلّ من عمل شيئا رآه من مؤمن وكافر، وأنّ الكافر يجازى على عمله الحسن في الدنيا من دفع مكروه، وكذا الأحاديث على هذا. أن الكافر يجازى على حسن عمله في الدنيا، ولا يكون له في الآخرة خير، وأن المؤمن على الضدّ من ذلك نصيبه المصائب في الدنيا وأجره موفّر عليه في الآخرة.
(١) انظر تيسير الداني ١٨٢ ( «يره» قرأ هشام بإسكان الهاء والباقون بصلتها).
سورة الزلزلة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزَّلْزلة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (النساء)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن؛ كما صح في الحديث، وقد تحدثت عن أهوالِ يوم القيامة، وحالِ الناس يوم البعث، وما يعتريهم من الفزعِ والخوف، وأُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
99
نوعها
مدنية
ألفاظها
35
ترتيب نزولها
93
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
9
العد البصري
9
العد الكوفي
8
العد الشامي
9

* سورة (الزَّلْزلة):

سُمِّيت سورة (الزَّلْزلة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1].

* سورة (الزَّلْزلة) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

* أوصى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجُلًا بقراءة سورة (الزَّلْزلة):

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنه، قال: «أتى رجُلٌ رسولَ اللهِ ﷺ، فقال: أقرِئْني يا رسولَ اللهِ، فقال: «اقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ {الٓر}»، فقال: كَبِرتْ سِنِّي، واشتَدَّ قلبي، وغلُظَ لساني، قال: «فاقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ {حمٓ}»، فقال مِثْلَ مقالتِه، فقال: اقرَأْ ثلاثًا مِن (المُسبِّحاتِ)»، فقال مِثْلَ مقالتِه، فقال الرجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أقرِئْني سورةً جامعةً، فأقرَأَه النبيُّ ﷺ: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ} حتى فرَغَ منها، فقال الرجُلُ: والذي بعَثَك بالحقِّ، لا أَزيدُ عليها أبدًا، ثم أدبَرَ الرجُلُ، فقال النبيُّ ﷺ: «أفلَحَ الرُّوَيجِلُ» مرَّتَينِ». أخرجه أبو داود (١٣٩٩).

* ثبَت عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الزَّلْزلة) في صلاة الفجر:

عن مُعاذِ بن عبدِ اللهِ الجُهَنيِّ: «أنَّ رجُلًا مِن جُهَينةَ أخبَرَه أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرأُ في الصُّبْحِ: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} في الرَّكعتَينِ كلتَيْهما، فلا أدري أنَسِيَ رسولُ اللهِ ﷺ أم قرَأَ ذلك عمدًا؟». أخرجه أبو داود (٨١٦).

* كان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتَينِ بعد الوترِ يقرأ فيهما (الزلزلة) و(الكافرون):

عن سعدِ بن هشامٍ: «أنَّه سأَلَ عائشةَ عن صلاةِ النبيِّ ﷺ باللَّيلِ، فقالت: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا صلَّى العِشاءَ تجوَّزَ بركعتَينِ، ثم ينامُ وعند رأسِه طَهُورُه وسِواكُه، فيقُومُ فيَتسوَّكُ ويَتوضَّأُ ويُصلِّي، ويَتجوَّزُ بركعتَينِ، ثم يقُومُ فيُصلِّي ثمانَ ركَعاتٍ يُسوِّي بَيْنهنَّ في القراءةِ، ثم يُوتِرُ بالتاسعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ ﷺ وأخَذَ اللَّحْمَ، جعَلَ الثَّمانَ سِتًّا، ويُوتِرُ بالسابعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، يَقرأُ فيهما: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{إِذَا زُلْزِلَتِ}». أخرجه ابن حبان (٢٦٣٥).

1. أهوال القيامة وشدائدها (١-٥).

2. مآل الخلائقِ يوم الحساب (٦-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /287).

إثباتُ البعثِ ووقوعِ القيامةِ وما يعتري الناسَ من الأهوال؛ وبذلك تنكشفُ الأمور، وينقسمُ الناس إلى أشقياءَ وسعداءَ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /231).