تفسير سورة الزلزلة

الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية

تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المعروف بـالفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية.
لمؤلفه النخجواني . المتوفي سنة 920 هـ

خاتمة سورة البينة
عليك ايها المريد القاصد نحو الحق الراجي منه القبول والرضاء ان تصفى سرك عن مطلق الرعونات المنافية للرضاء والتسليم بما جرى به القضاء وتخلى خلدك وضميرك عن الميل الى مطلق البدع والأهواء المبعدة عن التقرب نحو المولى فعليك بالتسليم والرضاء والتبتل الى الحق في السراء والضراء والتوكل عليه في الخصب والرخاء فانه لا يجرى في ملكه الا ما يشاء وما يشاء سبحانه الا على وفق الرضاء تفضلا منه وامتنانا
[سورة الزلزال]
فاتحة سورة الزلزال
لا يخفى على الموحدين المنكشفين بأحوال النشأة الاخرى التي هي نشأة انتقاد الأعمال وجزائها ان الحكمة المتقنة الإلهية الباعثة على إيجاد الموجودات واظهار عموم المخلوقات تقتضي ان تكون نشأة الاختبار والابتلاء سابقة على نشأة الجزاء لتظهر سرائر التكاليف الإلهية وفوائد الأوامر والنواهي والاحكام المنزلة من عنده وتتميز مرتبة الربوبية عن مرتبة العبودية والألوهية عن المألوهية وبعد ما قد اقتضت الحكمة المتقنة الإلهية ترتب النشأة الاخرى على الاولى أشار سبحانه الى امارات النشأة الاخرى وعلاماتها بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ المدبر لأمور عباده حسب النشأتين الرَّحْمنِ عليهم في النشأة الاولى حيث وضع عليهم التكاليف المثمرة لهم خير الجزاء الرَّحِيمِ لخواصهم في النشأة الاخرى يجزيهم جزاء الأوفى اذكر يا أكمل الرسل لمن كذب بالنشأة الاخرى وأنكر يوم العرض والجزاء كيف وقت
[الآيات]
إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ اى هاجت واضطربت بعد ما وصل إليها الأمر الإلهي المتضمن للتحريك والتهييج زِلْزالَها الذي قدره الله لها عند النفخة الاولى
وَبعد ما هاجت وتحركت قد أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها اى دفائنها ومكنوناتها وما في جوفها من الأموات
وَبعد ما رأى الناس زلزالها وإخراجها قالَ الْإِنْسانُ من كمال حيرته وتعجبه ما لَها اى ما عرض على الأرض وما لحق بها حتى اضطرت الى الحركة والاضطراب مع انها ساكنة في حد ذاتها جامدة دائما وبالجملة
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ الأرض بالهام الله إياها أَخْبارَها اى الأعمال التي قد عمل عليها بنو آدم عن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال قال رسول الله ﷺ هذه الآية يومئذ تحدث اخبارها قال اتدرون ما اخبارها قالوا الله ورسوله اعلم قال فان اخبارها ان تشهد على كل عبد وامة بما عمل على ظهرها اى تقول عمل على كذا وكذا يوم كذا فهذه اخبارها وذلك
بِأَنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل أَوْحى لَها اى امر لها سبحانه واذن لها بالكلام فحينئذ لتكلمت وتحدثت واذكر يا أكمل الرسل
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ يرجع ويعود النَّاسُ عن موقف العرض والحساب أَشْتاتاً متفرقين متحزبين حسب مراتبهم في الحساب كل منهم مع شاكلته لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ أجزأتهم المعدة لهم في الجنة او النار
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ اى مقدار نملة صغيرة ووزنها خَيْراً يَرَهُ اى ير جزاءه في الجنة
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ اى جزاءه في النار هذه الآية احكم آية وأقسطها من الآيات الدالة على كمال العدل الإلهي وأشملها حكما لذلك قال ﷺ إذا زلزلت تعدل نصف القرآن وقل هو الله احد تعدل ثلث القرآن وقل يا ايها الكافرون تعدل ربع القرآن
سورة الزلزلة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الزَّلْزلة) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (النساء)، ولها فضلٌ عظيم؛ فهي تَعدِل رُبُعَ القرآن؛ كما صح في الحديث، وقد تحدثت عن أهوالِ يوم القيامة، وحالِ الناس يوم البعث، وما يعتريهم من الفزعِ والخوف، وأُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لها في صلاة الفجر.

ترتيبها المصحفي
99
نوعها
مدنية
ألفاظها
35
ترتيب نزولها
93
العد المدني الأول
8
العد المدني الأخير
9
العد البصري
9
العد الكوفي
8
العد الشامي
9

* سورة (الزَّلْزلة):

سُمِّيت سورة (الزَّلْزلة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1].

* سورة (الزَّلْزلة) تَعدِل رُبُعَ القرآن:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال لرجُلٍ مِن أصحابِه: «هل تزوَّجْتَ يا فلانُ؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، ولا عندي ما أتزوَّجُ به، قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ثُلُثُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اْللَّهِ وَاْلْفَتْحُ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}؟»، قال: بلى، قال: «رُبُعُ القرآنِ»، قال: تزوَّجْ، تزوَّجْ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٥).

* أوصى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجُلًا بقراءة سورة (الزَّلْزلة):

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنه، قال: «أتى رجُلٌ رسولَ اللهِ ﷺ، فقال: أقرِئْني يا رسولَ اللهِ، فقال: «اقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ {الٓر}»، فقال: كَبِرتْ سِنِّي، واشتَدَّ قلبي، وغلُظَ لساني، قال: «فاقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ {حمٓ}»، فقال مِثْلَ مقالتِه، فقال: اقرَأْ ثلاثًا مِن (المُسبِّحاتِ)»، فقال مِثْلَ مقالتِه، فقال الرجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أقرِئْني سورةً جامعةً، فأقرَأَه النبيُّ ﷺ: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ} حتى فرَغَ منها، فقال الرجُلُ: والذي بعَثَك بالحقِّ، لا أَزيدُ عليها أبدًا، ثم أدبَرَ الرجُلُ، فقال النبيُّ ﷺ: «أفلَحَ الرُّوَيجِلُ» مرَّتَينِ». أخرجه أبو داود (١٣٩٩).

* ثبَت عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الزَّلْزلة) في صلاة الفجر:

عن مُعاذِ بن عبدِ اللهِ الجُهَنيِّ: «أنَّ رجُلًا مِن جُهَينةَ أخبَرَه أنَّه سَمِعَ النبيَّ ﷺ يَقرأُ في الصُّبْحِ: {إِذَا زُلْزِلَتِ اْلْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} في الرَّكعتَينِ كلتَيْهما، فلا أدري أنَسِيَ رسولُ اللهِ ﷺ أم قرَأَ ذلك عمدًا؟». أخرجه أبو داود (٨١٦).

* كان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتَينِ بعد الوترِ يقرأ فيهما (الزلزلة) و(الكافرون):

عن سعدِ بن هشامٍ: «أنَّه سأَلَ عائشةَ عن صلاةِ النبيِّ ﷺ باللَّيلِ، فقالت: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا صلَّى العِشاءَ تجوَّزَ بركعتَينِ، ثم ينامُ وعند رأسِه طَهُورُه وسِواكُه، فيقُومُ فيَتسوَّكُ ويَتوضَّأُ ويُصلِّي، ويَتجوَّزُ بركعتَينِ، ثم يقُومُ فيُصلِّي ثمانَ ركَعاتٍ يُسوِّي بَيْنهنَّ في القراءةِ، ثم يُوتِرُ بالتاسعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، فلمَّا أسَنَّ رسولُ اللهِ ﷺ وأخَذَ اللَّحْمَ، جعَلَ الثَّمانَ سِتًّا، ويُوتِرُ بالسابعةِ، ويُصلِّي ركعتَينِ وهو جالسٌ، يَقرأُ فيهما: {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، و{إِذَا زُلْزِلَتِ}». أخرجه ابن حبان (٢٦٣٥).

1. أهوال القيامة وشدائدها (١-٥).

2. مآل الخلائقِ يوم الحساب (٦-٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /287).

إثباتُ البعثِ ووقوعِ القيامةِ وما يعتري الناسَ من الأهوال؛ وبذلك تنكشفُ الأمور، وينقسمُ الناس إلى أشقياءَ وسعداءَ.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /231).