تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب التبيان في إعراب القرآن
لمؤلفه
أبو البقاء العكبري
.
المتوفي سنة 616 هـ
ﰡ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ
ﰀ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
ﰁ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ
ﰂ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ
ﰃ
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ
ﰄ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ
ﰅ
سُورَةُ الطَّلَاقِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ... (١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذَا طَلَّقْتُمُ) : قِيلَ: التَّقْدِيرُ: قُلْ لِأُمَّتِكَ: إِذَا طَلَّقْتُمْ. وَقِيلَ: الْخِطَّابُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِغَيْرِهِ. (لِعِدَّتِهِنَّ) أَيْ عِنْدَ أَوَّلِ مَا يُعْتَدُّ لَهُنَّ [بِهِ] وَهُوَ فِي قُبُلِ الطُّهْرِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَالِغُ أَمْرِهِ) : يُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ، وَالنَّصْبِ، وَبِالْإِضَافَةِ وَالْجَرِّ، وَالْإِضَافَةُ غَيْرُ مَحْضَةٍ. وَيُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ وَالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ «بَالِغُ».
وَقِيلَ: أَمْرِهِ مُبْتَدَأٌ، وَبَالِغُ خَبَرُهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ... (٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) : هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ. وَ (أَجَلُهُنَّ) : مُبْتَدَأٌ، وَ «أَنْ يَضَعْنَ» : خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أُولَاتِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَجَلُهُنَّ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ؛ أَيْ وَأَجَلُ أُولَاتِ الْأَحْمَالِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ... (٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ) :«مِنْ» هَاهُنَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ؛ وَالْمَعْنَى: تَسَبَّبُوا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ... (١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذَا طَلَّقْتُمُ) : قِيلَ: التَّقْدِيرُ: قُلْ لِأُمَّتِكَ: إِذَا طَلَّقْتُمْ. وَقِيلَ: الْخِطَّابُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِغَيْرِهِ. (لِعِدَّتِهِنَّ) أَيْ عِنْدَ أَوَّلِ مَا يُعْتَدُّ لَهُنَّ [بِهِ] وَهُوَ فِي قُبُلِ الطُّهْرِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَالِغُ أَمْرِهِ) : يُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ، وَالنَّصْبِ، وَبِالْإِضَافَةِ وَالْجَرِّ، وَالْإِضَافَةُ غَيْرُ مَحْضَةٍ. وَيُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ وَالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ «بَالِغُ».
وَقِيلَ: أَمْرِهِ مُبْتَدَأٌ، وَبَالِغُ خَبَرُهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ... (٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) : هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ. وَ (أَجَلُهُنَّ) : مُبْتَدَأٌ، وَ «أَنْ يَضَعْنَ» : خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أُولَاتِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَجَلُهُنَّ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ؛ أَيْ وَأَجَلُ أُولَاتِ الْأَحْمَالِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ... (٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ) :«مِنْ» هَاهُنَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ؛ وَالْمَعْنَى: تَسَبَّبُوا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ
ﰅ
ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ
ﰆ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
ﰇ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ
ﰈ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ
ﰉ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ
ﰊ
ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ
ﰋ
فِي إِسْكَانِهِنَّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي تَسْكُنُونَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ وُجْدِكُمْ).
وَالْوُجْدُ: الْغِنَى. وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَمِنْ وُجْدِكُمْ: بَدَلٌ مِنْ «مِنْ حَيْثُ».
قَالَ تَعَالَى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (١١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَسُولًا) : فِي نَصْبِهِ أَوْجُهٌ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَنْتَصِبَ بِذِكْرًا؛ أَيْ أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ أَنْ ذَكَرَ رَسُولًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ «ذِكْرًا» وَيَكُونَ الرَّسُولُ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ. وَ «يَتْلُو» عَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: ذِكْرًا شَرَفَ رَسُولٍ، أَوْ ذِكْرًا ذِكْرَ رَسُولٍ؛ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الشَّرَفَ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَنْتَصِبَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ وَأَرْسَلَ رَسُولًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ ثَانِيَةٌ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «خَالِدِينَ».
قَالَ تَعَالَى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ... (١٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِثْلَهُنَّ) : مَنْ نَصَبَ عَطَفَهُ؛ أَيْ وَخَلَقَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، وَمَنْ رَفَعَ اسْتَأْنَفَهُ. وَ (يَتَنَزَّلُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَا قَبْلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْوُجْدُ: الْغِنَى. وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَمِنْ وُجْدِكُمْ: بَدَلٌ مِنْ «مِنْ حَيْثُ».
قَالَ تَعَالَى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (١١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَسُولًا) : فِي نَصْبِهِ أَوْجُهٌ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَنْتَصِبَ بِذِكْرًا؛ أَيْ أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ أَنْ ذَكَرَ رَسُولًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ «ذِكْرًا» وَيَكُونَ الرَّسُولُ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ. وَ «يَتْلُو» عَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: ذِكْرًا شَرَفَ رَسُولٍ، أَوْ ذِكْرًا ذِكْرَ رَسُولٍ؛ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الشَّرَفَ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَنْتَصِبَ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ وَأَرْسَلَ رَسُولًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ ثَانِيَةٌ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «خَالِدِينَ».
قَالَ تَعَالَى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ... (١٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِثْلَهُنَّ) : مَنْ نَصَبَ عَطَفَهُ؛ أَيْ وَخَلَقَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، وَمَنْ رَفَعَ اسْتَأْنَفَهُ. وَ (يَتَنَزَّلُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَا قَبْلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ