تفسير سورة الإنسان

غريب القرآن

تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أبو جعفر قال : حدّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السّائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهما السّلامُ في قولهِ تعالى :﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ ﴾ قال زيدُ بن علي عليهما السّلامُ : معناه قد أتى، ويُقال : قَدْ جَاءَ. قال : الأَحيانُ تَنقسمُ عَلَى أربعةِ وجُوهٍ. فَحِينُ الدَّهرِ : أعوامٌ. وحِينُ الأعوامِ : أشهرٌ. وحِينُ الأَشهرِ : أيامٌ. والحِينُ : هو المَوتُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ﴾ معناه مُختلطٌ، ماءُ الرَّجلِ وماءُ المَرأةِ. ويُقالُ : الأَمشَاجُ : العُرُوقُ. ويقال : الأَلوانُ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ﴾ معناه بَيّنا لَهُ سُبلَ الخَيرِ والشَّرِ. فمنهم شَاكرٌ لِنعمِ الله تعالى ومنهُم كَافرٌ بِهَا.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ﴾ معناه من خَمرٍ.
وقوله تعالى :﴿ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ معناه يَقودُونَها حَيثُ شَاءوا.
وقوله تعالى :﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ﴾ معناه بمَا نَذرُوا مِن طَاعةِ الله وحَقِّهِ ﴿ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ﴾ معناه فَاشٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ [ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ] ﴾ معناه على شَهوتِهِ مِسكيناً ويتيماً وأسيراً.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ﴾ قال الإِمامُ زيد بن علي عليهما السلام : أما إنهُم لَم يَتكلموا بهِ. ولكنْ عَلِمَ الله تعالى مَا في قلوبِهِم فأثنى عَلَيهم، ليرغبَ فيهِ رَاغبٌ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ﴾ معناه يَعبسُ وَجهُهُ. والقَمطريرُ : الذي يَقْبُضَ بينَ عَينيهِ. ويقال : العَبوسُ : الضِّيقُ. والقَمطريرُ : الطَّويلُ.
وقوله تعالى :﴿ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ﴾ معناه نضارةٌ في الوجوهِ، وسُرورٌ في الصّدورِ.
وقوله تعالى :﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً ﴾ معناه صَبَرُوا عن الشَّهواتِ وأَمسكوا أنفسَهُم عن اللذاتِ.
وقوله تعالى :﴿ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً ﴾ فالشَّمسُ : الحَرُّ. والزَّمهريرُ : البَردُ.
﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا ﴾ معناه قَريبةٌ ﴿ وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا ﴾ معناه ثِمارُهَا.
وقوله تعالى :﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ ﴾، فالأكوابُ : الكِيزانُ التي لا عُرى لَهَا. وهي من فِضَّةٍ في صَفاءِ القَواريرِ، وبَيَاضِ الفِضَّةِ.
وقوله تعالى :﴿ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً ﴾ معناه قُدِّرَتْ عَلَى قَدرِ رَيهِم لَيسَ فيها زِيادةٌ ولا نُقصانٌ.
وقوله تعالى :﴿ عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ﴾ معناه شَديدةُ الجَريةِ. ويقال : سلسلةٌ يصرفونَها حَيثُ شَاءوا.
وقوله تعالى :﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ﴾ أي مُسورون.
وقوله تعالى :﴿ وَكَانَ سَعْيُكُم ﴾ معناه عَملكُمْ.
وقوله تعالى :﴿ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ ﴾ معناه خَلقُهُم والأَسْرُ : المَفاصِلُ.
سورة الإنسان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإنسان) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الرحمن)، وقد ذكَّرتِ الإنسانَ بأصل خِلْقته، وقدرة الله عليه؛ ليتواضعَ لأمر الله ويستجيب له؛ فاللهُ هو الذي جعل هذا الإنسانَ سميعًا بصيرًا؛ فالواجب المتحتم عليه أن تُجعَلَ هذه الجوارحُ كما أراد لها خالقها وبارئها؛ ليكونَ بذلك حسَنَ الجزاء يوم القيامة، ومَن كفر فمشيئة الله نافذةٌ في عذابه إياه، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤها في فجرِ الجمعة.

ترتيبها المصحفي
76
نوعها
مكية
ألفاظها
243
ترتيب نزولها
98
العد المدني الأول
31
العد المدني الأخير
31
العد البصري
31
العد الكوفي
31
العد الشامي
31

* سورة (الإنسان):

سُمِّيت سورة (الإنسان) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ الإنسان وخَلْقِه من عدمٍ.

* سورة {هَلْ أَتَىٰ} أو {هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}:

سُمِّيت بذلك؛ لافتتاحها به.

كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (الإنسان) في فجرِ الجمعة:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قرَأَ في صلاةِ الغداةِ يومَ الجمعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}». أخرجه مسلم (٨٧٩).

1. نعمة الخَلْق والهداية (١-٣).

2. مصير الكفار (٤).

3. جزاء الأبرار (٥-٢٢).

4. توجيهٌ للنبي عليه السلام (٢٣-٢٦).

5. وعيدٌ للمشركين (٢٧-٢٨).

6. مشيئة الله تعالى نافذة (٢٩-٣١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /511).

مقصود السورة الأعظمُ تذكيرُ الناس بأصل خِلْقَتِهم، وأنَّ الله أوجَدهم من عدم، وبَعْثُهم بعد أن أوجَدهم أسهَلُ من إيجادهم؛ ففي ذلك أكبَرُ دلالةٍ على قدرة الله على إحياء الناس وحسابهم.
وفي ذلك يقول ابن عاشور رحمه الله: «محورها التذكيرُ بأنَّ كل إنسان كُوِّنَ بعد أن لم يكُنْ، فكيف يَقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه؟

وإثبات أن الإنسان محقوقٌ بإفراد الله بالعبادة؛ شكرًا لخالقه، ومُحذَّرٌ من الإشراك به.

وإثبات الجزاء على الحالينِ، مع شيءٍ من وصفِ ذلك الجزاء بحالتيه، والإطنابِ في وصفِ جزاء الشاكرين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /371).