تفسير سورة الشورى

جهود ابن عبد البر في التفسير

تفسير سورة سورة الشورى من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٤٢٤- حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ، قال : حدثنا ابن وضاح، قال : حدثنا موسى بن معاوية، قال : حدثنا عبد الرحمان بن مهدي، قال : حدثنا خالد بن يزيد، قال حدثني أبو جعفر١، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ﴾، قال : إقامة الدين : إخلاصه، ﴿ ولا تتفرقوا فيه ﴾، يقول : لا تتعادوا عليه، وكونوا عليه إخوانا، قال : ثم ذكر بني إسرائيل وحذرهم أن يأخذوا بسنتهم.
١ هو عيسى بن أبي عيسى، أبو جعفر التميمي، تقدم التعريف به..
قال :﴿ وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ﴾، قال : من هذا الإخلاص. ( جامع بيان العلم وفضله : ٢/١٠٣-١٠٤ )
٤٢٥- روى ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب أنه سئل عن هذه الآية :﴿ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ﴾، قال : ترى هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من البشر كلهم، والكلام، كلام الله الذي كلم به موسى –عليه السلام- من وراء حجاب، والوحي ما يوحي الله إلى النبي من أنبيائه، فيثبت الله ما أراد من الوحي في قلب النبي، فيتكلم به النبي فيكتبه، فهو كلام الله ووحيه، ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحد من الأنبياء أحدا من الناس، ولكنه يكون سر غيب بين الله وبين رسله. ومنه ما يتكلم به الأنبياء، ولا يكتمونه أحدا ولا يؤمرون بكتمانه، ولكنهم يحدثون به الناس حديثا ويبينون لهم أن الله- عز وجل- أمرهم أن يبينوه للناس ويبلغونهم إياه، ومن الوحي ما يرسل الله من يشاء من ملائكته فيوحيه وحيا في قلوب من يشاء من أنبيائه ورسله، وقد بين في كتابه أنه كان يرسل جبريل إلى محمد – عليهما السلام- فقال في كتابه :﴿ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك ﴾١، وقال عز وجل :﴿ وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ﴾٢.
وروي عن مجاهد في قوله- عز وجل- :﴿ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ﴾، قال : أن ينفث في نفسه :﴿ أو من وراء حجاب ﴾، قال : موسى حين كلمه الله، ﴿ أو يرسل رسولا ﴾، قال : جبريل إلى محمد وأشباهه من الرسل- صلوات الله عليهم أجمعين. ( س : ٨/٦٦-٦٧ )
١ سورة البقرة: ٩٦..
٢ سورة الشعراء: ١٩٢-١٩٥..
سورة الشورى
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الشُّورى) من السُّوَر المدنية، وقد دعَتِ السورةُ الكريمة إلى الوَحْدة، والاجتماع، والاعتصام، ونَبْذِ الفُرْقة والاختلاف، ولا يكون اجتماعٌ ووَحْدة دون الاجتماع على الكتاب والسُّنة، والاعتصام بهما؛ فالجماعة للأفهام قبل أن تكونَ للأبدان، كما أبانت السورةُ عن مقاصدِ الوحي والرسالة، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكون، وصفات المؤمنين التي ينبغي أن تكون.

ترتيبها المصحفي
42
نوعها
مكية
ألفاظها
860
ترتيب نزولها
62
العد المدني الأول
50
العد المدني الأخير
50
العد البصري
50
العد الكوفي
53
العد الشامي
50

* سورة (الشُّورى):

سُمِّيت سورة (الشُّورى) بهذا الاسم؛ لوصفِ المؤمنين فيها بالتشاور في أمورهم؛ كما في قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ اْسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ اْلصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ} [الشورى: 38].

مقصودُ السُّورة هو الاجتماعُ على هذا الدِّين القائم على الإيمان بأركانه، ورُوحُه الأُلْفة والتشاوُرُ وتقارُبُ القلوب، الداعي إلى التواضعِ وعدم التكبُّر، والاجتماع والوَحْدة وعدم التفرُّق، ولا سيما الاجتماع على أمر هذا الدِّين العظيم.

وأمرُ المؤمنين بالشُّورى، وتسمية السورة بـ(الشورى): واضحُ الدَّلالة على ذلك.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /451).