ﰡ
أحدها : أن التبارُك تفاعُل من البركة، قاله ابن عباس. وهو أبلغ من المبارك لاختصاص اللَّه بالتبارك واشتراك المخلوقين في المبارك.
الثاني : أي تبارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة، قاله ابن عطاء.
الثالث : معناه علا وارتفع، قاله يحيى بن سلام.
وفي قوله « الذي بيده الملك » وجهان :
أحدهما : ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة.
الثاني : ملك النبوة التي أعزّ بها من اتبعه وأذل بها من خالفه، قاله محمد بن إسحاق.
﴿ وهو عَلى كُلِّ شَىْءٍ قَديرٌ ﴾ من إنعام وانتقام.
﴿ الذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ ﴾ يعني الموت في الدنيا، والحياة في الآخرة.
قال قتادة : كان رسول اللَّه ﷺ يقول :« » إن اللَّه أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء «.
الثاني : أنه خلق الموت والحياة جسمين، فخلق الموت في صورة كبش أملح، وخلق الحياة في صورة فرس [ أنثى بلقاء ]، وهذا مأثور حكاه الكلبي ومقاتل.
﴿ لِيَبْلُوكم أيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : أيكم أتم عقلاً، قاله قتادة.
الثاني : أيكم أزهد في الدنيا، قاله سفيان.
الثالث : أيكم أورع عن محارم اللَّه وأسرع إلى طاعة اللَّه، وهذا قول مأثور. الرابع : أيكم للموت أكثر ذِكْراً وله أحسن استعداداً ومنه أشد خوفاً وحذراً، قاله السدي.
الخامس : أيكم أعرف بعيوب نفسه.
ويحتمل سادساً : أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه.
﴿ الذي خَلَقَ سَبْعَ سمواتٍ طِباقاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أي متفق متشابه، مأخوذ من قولهم هذا مطابق لهذا أي شبيه له، قاله ابن بحر.
الثاني : يعني بعضهن فوق بعض، قال الحسن : وسبع أرضين بعضهن فوق بعض، بين كل سماء وأرض خلق وأمر.
﴿ ما تَرَة في خَلْق الرحمنِ من تفاوُتٍ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : من اختلاَف، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر :
متفاوتات من الأعنة قطّباً | حتى وفي عشية أثقالها. |
الثالث : من تفرق، قاله ابن عباس.
الرابع : لا يفوت بعضه بعضاً، قاله عطاء بن أبي مسلم.
قال الشاعر :
فلستُ بمُدْركٍ ما فاتَ مِنِّي | بِلَهْفَ وَلاَ بِليْتَ ولا لَو أنِّي |
﴿ هل تَرَى من فُطور ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : من شقوق، قاله مجاهد والضحاك.
الثاني : من خلل، قاله قتادة.
الثالث : من خروق قاله السدي.
الرابع : من وهن، قاله ابن عباس.
ويحتمل أمره بالنظر مرتين وجهين :
أحدهما : لأنه في الثانية أقوى نظراً وأحدّ بصراً.
الثاني : لأنه يرى في الثانية من سير كواكبها واختلاف بروجها ما لا يراه من الأولى فيتحقق أنه لا فطور فيها.
وتأول قوم بوجه ثالث : أنه عنى بالمرتين قلباً وبصراً.
﴿ ينْقَلِبْ إليك البَصَرُ خَاسئاً وهو حَسيرٌ ﴾ أي يرجع إليك البصر لأنه لا يرى فطوراً فيرتد.
وفي « خاسئاً » أربعة أوجه :
أحدها : ذليلاً، قاله ابن عباس.
الثاني : منقطعاً، قاله السدي.
الثالث : كليلاً، قاله يحيى بن سلام.
الرابع : مبعداً، قاله الأخفش مأخوذ من خسأت الكلب إذا أبعدته.
وفي « حسير » ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه النادم، ومنه قول الشاعر :
ما أنا اليوم على شيء خلا | يا ابنة القَيْنِ تَولّى بحَسيرْ |
مَنْ مدّ طرْفاً إلى ما فوق غايته | ارتدَّ خَسْآنَ مِنه الطّرْفُ قد حَسِرا |
والخيلُ شُعثٌ ما تزال جيادها | حَسْرى تغادرُ بالطريق سخالها |
تركتم قِدْرَكم لا شيىءَ فيها | وقِدْرُ القوم حاميةٌ تفورُ |
أحدهما : تنقطع، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : تتفرق، قاله ابن عباس والضحاك.
وقوله « من الغيط » فيه ها هنا وجهان :
أحدهما : أنه الغليان، قال الشاعر :
فيا قلب مهلاً وهو غضبان قد غلا | من الغيظ وسط القوم ألا يثبكا |
﴿ ألمْ يأتِكم نَذيرٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن النذر من الجن، والرسل من الإنس، قاله مجاهد.
الثاني : أنهم الرسل والأنبياء، واحدهم نذير، قاله السدي.
﴿ فسُحْقاً لأصحاب السّعيرٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فبعداً لأصحاب السعير يعني جهنم، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه وادٍ من جهنم يسمى سحقاً، قاله ابن جبير وأبو صالح، وفي هذا الدعاء إثبات لاستحقاق الوعيد.
أحدها : أن الغيب اللَّه تعالى وملائكته، قاله أبو العالية.
الثاني : الجنة والنار، قاله السدي.
الثالث : أنه القرآن، قاله زر بن حبيش.
الرابع : أنه الإسلام لأنه يغيب، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الخامس : أنه القلب، قاله ابن بحر.
السادس : أنه الخلوة إذا خلا بنفسه فذكر ذنبه استغفر ربه، قاله يحيى بن سلام.
﴿ لهم مغْفرةٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : بالتوبة والاستغفار.
الثاني : بخشية ربهم بالغيب.
الثالث : لأنهم حلّوا باجتناب الذنوب محل المغفور له.
﴿ وأجرٌ كبيرٌ ﴾ يعني الجنة.
ويحتمل وجهاً آخر : أنه العفو عن العقاب ومضاعفة الثواب.
﴿ هو الذي جَعَلَ لكم الأرْضَ ذَلولاً ﴾ يعني مذللة سهلة.
حكى قتادة عن أبي الجلد : أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، فللسودان اثنا عشر [ ألفاً ]، وللروم [ ثمانية آلاف ]، وللفرس ثلاثة آلاف وللعرب ألف. ﴿ فامْشُوا في مَنَاكِبِها ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : في جبالها، قاله ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب.
الثاني : في أطرفاها وفجاجها، قاله مجاهد والسدي.
الثالث : في طرفها.
ويحتمل رابعاً : في منابت زرعها وأشجارها، قاله الحسن.
﴿ وكُلوا مِن رِزْقِهِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مما أحله لكم، قاله الحسن.
الثاني : مما أنبته لكم، قاله ابن كامل.
﴿ وإليه النشور ﴾ أي البعث.
أحدهما : أنهم الملائكة، قاله ابن بحر.
الثاني : يعني أنه اللَّه تعالى، قاله ابن عباس.
﴿ أنْ يَخْسِفَ بكم الأرضَ فإذا هي تمورُ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : تتحرك، قاله يحيى.
الثاني : تدور، قاله قطرب وابن شجرة.
الثالث : تسيل ويجري بعضها في بعض، قاله مجاهد، ومنه قول الشاعر :
رَمَيْن فأقصدْن القلوب ولن ترى | دماً مائراً إلا جرى في الخيازم |
إنّ الذين غدوا بُلبِّك غادَروا | وشَلاً بعيْنِك لا يزال مَعِيناً |
سورة الملك
سورة (المُلْكِ) من السُّوَر المكية، وتسمى أيضًا سورة {تَبَٰرَكَ}، وسورة (المُنْجِية)، وقد جاءت للدلالة على عظيمِ قدرة الله وجلال قَدْره، وتنزيهِه عن النقائص؛ فهو المستحِقُّ للعبادة، واشتملت على تخويفٍ من عذاب الله، وتهديد من مخالَفة أمره، وأنه لا نجاةَ إلا بالرجوع إليه، والالتجاء إليه، وسورة (المُلْكِ) تَشفَع لصاحبها، وتُنجِي مَن قرأها من عذاب القبر.
ترتيبها المصحفي
67نوعها
مكيةألفاظها
333ترتيب نزولها
77العد المدني الأول
30العد المدني الأخير
30العد البصري
30العد الكوفي
30العد الشامي
30* سورة (المُلْكِ):
سُمِّيت سورةُ (المُلْكِ) بذلك؛ لافتتاحها بتعظيمِ الله نفسَه بأنَّ بيدِه المُلْكَ؛ قال تعالى: {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٖ قَدِيرٌ} [الملك: 1].
* سورة {تَبَٰرَكَ}:
وسُمِّيت بهذا الاسمِ {تَبَٰرَكَ}؛ لافتتاحِها به.
* سورة (المُنْجِية):
وسُمِّيت بهذا الاسمِ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «ضرَبَ بعضُ أصحابِ النبيِّ ﷺ خِباءَه على قَبْرٍ، وهو لا يَحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ} حتى ختَمَها، فأتى النبيَّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي ضرَبْتُ خِبائي على قَبْرٍ، وأنا لا أحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ المُلْكِ حتى ختَمَها، فقال النبيُّ ﷺ: «هي المانعةُ، هي المُنْجِيةُ؛ تُنجِيه مِن عذابِ القَبْرِ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٠).
وهذا الاسمُ أقرَبُ إلى أن يكونَ وصفًا من كونِه اسمًا.
* سورة (المُلْكِ) تَشفَع لصاحبها حتى يغفرَ اللهُ له:
عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ سورةً مِن القرآنِ ثلاثون آيةً شفَعتْ لِرَجُلٍ حتى غُفِرَ له؛ وهي: {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٢٨٩١).
* سورة (المُلْكِ) تُنجِي مَن قرأها من عذاب القبر:
عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «ضرَبَ بعضُ أصحابِ النبيِّ ﷺ خِباءَه على قَبْرٍ، وهو لا يَحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ} حتى ختَمَها، فأتى النبيَّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي ضرَبْتُ خِبائي على قَبْرٍ، وأنا لا أحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ المُلْكِ حتى ختَمَها، فقال النبيُّ ﷺ: «هي المانعةُ، هي المُنْجِيةُ؛ تُنجِيه مِن عذابِ القَبْرِ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٠).
* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (المُلْكِ) قبل نومه:
عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّه صلى الله عليه وسلم كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ: {الٓمٓ * تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٣٤٠٤).
1. عظيم قدرة الله، وجلال قَدْره (١-٥).
2. قُدْرته تعالى على العقاب (٦-١١).
3. قدرته تعالى على الثواب (١٢-١٥).
4. تخويفٌ وتهديد (١٦-١٩).
5. قدرته تعالى على الحَشْرِ والخَلْق (٢٠-٢٤).
6. النجاة بالتوكل على الله (٢٥-٣٠).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /270).