تفسير سورة الإنسان

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ﴾ [ الإنسان : ١ ].
٩٢٦- مكي : قال مالك : الحين هنا ما مضى قبل ذلك من أمر الدهر كله، ومن قبل أن يخلق آدم. ١
٩٢٧- ابن رشد : سئل مالك عن قول الله عز وجل :﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ﴾ أهو ما بين أن حمل به إلى أن وضعته أمه ؟ فقال : لا، ولكن ما مضى قبل ذلك من الدهر كله وقبل أن يخلق آدم. وقيل هو حين يعرف وحين لا يعرف. فمن الحين الذي لا يعرف هذا. وقوله عز وجل :﴿ ومتاعا إلى حين ﴾٢. فهذا الحين الذي لا يعرف، ولا يدري متى هو، والحين الذي يعرف قوله عز وجل :﴿ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ﴾٣ [ إبراهيم : ٢٥ ]. ٤
١ - الهداية: ٢٥٦ م. خ ع ق ٢١٨..
٢ - سورة النحل، الآية: ٨٠..
٣ - سورة إبراهيم، الآية: ٢٥..
٤ - البيان والتحصيل: ١٨/ ٣٥٦..
الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ يوفون بالنذر ﴾ [ الإنسان : ٧ ].
٩٢٨- القرطبي : روى أشهب عن مالك أنه قال :﴿ يوفون بالنذر ﴾ هو نذر١ العتق٢ والصيام والصلاة. ٣
وروى عنه أبو بكر بن عبد العزيز قال مالك :﴿ يوفون بالنذر ﴾ قال : النذر : هو اليمين٤.
١ - النذر: إيجاب عين الفعل المباح على نفسه تعظيما لله تعالى. التعريفات: ٢٤٠. ينظر: أنيس الفقهاء: ٣٠١، والمصباح المنير: ٢/ ٩٢٣. القاموس..
٢ - العتق: في اللغة القوة وفي الشرع هي قوة حكمية يصير بها أهلا للتصرفات الشرعية. التعريفات: ١٤٧. ينظر: أنيس الفقهاء: ١٦٨ القاموس..
٣ - الجامع: ١٩/١٢٨. وأخرج ابن كثير في تفسيره، قال: "قال الإمام مالك، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن مالك، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه": ٤/٤٥٥..
٤ - اليمين: في اللغة القوة وفي الشرع تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله تعالى. التعريفات: ٢٥٩. ينظر: أنيس الفقهاء: ١٧٣، ١٧٤..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ﴾ [ الإنسان : ٨ ].
٩٢٩- مكي : قال مالك : يعني أسرى المشركين. ١
٩٣٠- ابن رشد : سئل مالك عن الأسير في هذه الآية أمسلم هو أم مشرك ؟ فقال : بل مشرك، كان ببدر أسارى فأنزلت فيهم هذه الآية. ٢
١ - الهداية: ٢٥٨ م. خ ع ق: ٢١٨..
٢ - البيان والتحصيل: وأضاف محمد بن رشد قائلا: "والأظهر حمل الآية على كل أسير مسلما كان أو كافرا" ينظر: الجواهر الحسان: ٤/١٣٧١..
سورة الإنسان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإنسان) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الرحمن)، وقد ذكَّرتِ الإنسانَ بأصل خِلْقته، وقدرة الله عليه؛ ليتواضعَ لأمر الله ويستجيب له؛ فاللهُ هو الذي جعل هذا الإنسانَ سميعًا بصيرًا؛ فالواجب المتحتم عليه أن تُجعَلَ هذه الجوارحُ كما أراد لها خالقها وبارئها؛ ليكونَ بذلك حسَنَ الجزاء يوم القيامة، ومَن كفر فمشيئة الله نافذةٌ في عذابه إياه، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤها في فجرِ الجمعة.

ترتيبها المصحفي
76
نوعها
مكية
ألفاظها
243
ترتيب نزولها
98
العد المدني الأول
31
العد المدني الأخير
31
العد البصري
31
العد الكوفي
31
العد الشامي
31

* سورة (الإنسان):

سُمِّيت سورة (الإنسان) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ الإنسان وخَلْقِه من عدمٍ.

* سورة {هَلْ أَتَىٰ} أو {هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}:

سُمِّيت بذلك؛ لافتتاحها به.

كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (الإنسان) في فجرِ الجمعة:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قرَأَ في صلاةِ الغداةِ يومَ الجمعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}». أخرجه مسلم (٨٧٩).

1. نعمة الخَلْق والهداية (١-٣).

2. مصير الكفار (٤).

3. جزاء الأبرار (٥-٢٢).

4. توجيهٌ للنبي عليه السلام (٢٣-٢٦).

5. وعيدٌ للمشركين (٢٧-٢٨).

6. مشيئة الله تعالى نافذة (٢٩-٣١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /511).

مقصود السورة الأعظمُ تذكيرُ الناس بأصل خِلْقَتِهم، وأنَّ الله أوجَدهم من عدم، وبَعْثُهم بعد أن أوجَدهم أسهَلُ من إيجادهم؛ ففي ذلك أكبَرُ دلالةٍ على قدرة الله على إحياء الناس وحسابهم.
وفي ذلك يقول ابن عاشور رحمه الله: «محورها التذكيرُ بأنَّ كل إنسان كُوِّنَ بعد أن لم يكُنْ، فكيف يَقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه؟

وإثبات أن الإنسان محقوقٌ بإفراد الله بالعبادة؛ شكرًا لخالقه، ومُحذَّرٌ من الإشراك به.

وإثبات الجزاء على الحالينِ، مع شيءٍ من وصفِ ذلك الجزاء بحالتيه، والإطنابِ في وصفِ جزاء الشاكرين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /371).