تفسير سورة الإنسان

تفسير الشافعي

تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب تفسير الشافعي
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٤٣٩- قال الشافعي : واعلموا أن ما شاء الله كونه لا محالة يكون، وما شاء الله أن لا يكون فمحال كونه. ولا يجوز أن يجري في سلطانه إلا ما يريده، والدليل عليه إطباق المسلمين على القول بأن ما شاء الله كان وما لم يشا لم يكن، قال الله تعالى :﴿ وَمَا تَشَاءونَ إِلا أَنْ يَّشَاء اَللَّهُ ﴾ وقوله سبحانه :﴿ وَلَوْ شَاء لَهَدَياكُمُ أَجْمَعِينَ ﴾١ وقوله تعالى :﴿ يُثَبِّتُ اَللَّهُ اَلذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ اِلثَّابِتِ فِى اِلْحَيَواةِ اِلدُّنْيَا وَفِى اِلاَخِرَةِ ﴾٢ فثبت أن الهداية والضلال كلاهما من الله تعالى، وأن قدرة الله عز وجل قديمة شاملة لجميع المقدورات، ولا يجوز خروج مقدور عن قدرته. ولو كان يجري في سلطانه ما لا يريده لوجب خروجه عن قدرته، وذلك يوجب تناهي مقدوراته ودخول النقص في قدرته وذلك محال في صفته. فبان استحالة وُجُود ما لم يرد كونه. ولأنه لو أراد من فرعون الإيمان وعلم خلاف ما أراد فهو تجهيل نفسه وسقوطه عن رتبة الإلاهية، وذلك محال في صفة الله تعالى.
فإن قيل : فتقولون إن الله تعالى يريد الكفر والقتل وسائر المعاصي ؟ نقول له : لا يقال على هذا الإطلاق، لأنه يوهم الخطأ، لكنا نقول : أن جميع ما يجري في سلطانه فبإرادته ومشيئته، فتدخل في ذلك جميع المحدثات. كما نقول يا خالق الخلق ولا نقول يا خالق الخنازير والعقارب والحيات، وإن كانت تلك مخلوقة لله تعالى. كذلك هاهنا. ولنا أن نقول : إن الله تعالى أراد ما يكون من الكفر والمعاصي منهيا عنه، فإذن يجب الاحتراز عن إيهام الخطا كما يجب الاحتراز عن نفس الخطأ. والله المعين. ( الكوكب الأزهر : ١٧-١٨. ون مناقب الشافعي : ١/٤١٢ و ١/٤٥٢. ومناقب الإمام الشافعي : ١١٢-١١٣. والأم : ١/٢٠٢. وأحكام الشافعي : ١/٤٠. )
١ - النحل: ٩..
٢ - إبراهيم: ٢٧..
سورة الإنسان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإنسان) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الرحمن)، وقد ذكَّرتِ الإنسانَ بأصل خِلْقته، وقدرة الله عليه؛ ليتواضعَ لأمر الله ويستجيب له؛ فاللهُ هو الذي جعل هذا الإنسانَ سميعًا بصيرًا؛ فالواجب المتحتم عليه أن تُجعَلَ هذه الجوارحُ كما أراد لها خالقها وبارئها؛ ليكونَ بذلك حسَنَ الجزاء يوم القيامة، ومَن كفر فمشيئة الله نافذةٌ في عذابه إياه، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤها في فجرِ الجمعة.

ترتيبها المصحفي
76
نوعها
مكية
ألفاظها
243
ترتيب نزولها
98
العد المدني الأول
31
العد المدني الأخير
31
العد البصري
31
العد الكوفي
31
العد الشامي
31

* سورة (الإنسان):

سُمِّيت سورة (الإنسان) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ الإنسان وخَلْقِه من عدمٍ.

* سورة {هَلْ أَتَىٰ} أو {هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}:

سُمِّيت بذلك؛ لافتتاحها به.

كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (الإنسان) في فجرِ الجمعة:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قرَأَ في صلاةِ الغداةِ يومَ الجمعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}». أخرجه مسلم (٨٧٩).

1. نعمة الخَلْق والهداية (١-٣).

2. مصير الكفار (٤).

3. جزاء الأبرار (٥-٢٢).

4. توجيهٌ للنبي عليه السلام (٢٣-٢٦).

5. وعيدٌ للمشركين (٢٧-٢٨).

6. مشيئة الله تعالى نافذة (٢٩-٣١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /511).

مقصود السورة الأعظمُ تذكيرُ الناس بأصل خِلْقَتِهم، وأنَّ الله أوجَدهم من عدم، وبَعْثُهم بعد أن أوجَدهم أسهَلُ من إيجادهم؛ ففي ذلك أكبَرُ دلالةٍ على قدرة الله على إحياء الناس وحسابهم.
وفي ذلك يقول ابن عاشور رحمه الله: «محورها التذكيرُ بأنَّ كل إنسان كُوِّنَ بعد أن لم يكُنْ، فكيف يَقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه؟

وإثبات أن الإنسان محقوقٌ بإفراد الله بالعبادة؛ شكرًا لخالقه، ومُحذَّرٌ من الإشراك به.

وإثبات الجزاء على الحالينِ، مع شيءٍ من وصفِ ذلك الجزاء بحالتيه، والإطنابِ في وصفِ جزاء الشاكرين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /371).