تفسير سورة الإنسان

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ أَمْشَاجٍ ﴾ ( ٢ ) واحدها : " المَشَج ".
وقال ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ ( ٣ ) كذلك ﴿ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ ﴾ كأنك لم تذكر " إمَّا " [ ١٨٠ ء ] وان شئت ابتدأت ما بعدها فرفعته.
وقال ﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ ( ٦ ) فنصبه من ثلاثة أوجه، إن شئت فعلى قوله ﴿ يَشْرَبُونَ ﴾ ( ٥ ) " ﴿ عَيْناً ﴾ " ( ٦ ) وإن شئت فعلى ﴿ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ﴾ ( ٥ ) ﴿ عَيْناً ﴾ ( ٦ ) وإن شئت فعلى وجه المدح كما يذكر لك الرجل فتقول أنت : " العاقلَ واللبيبَ " أي : ذكرتَ العاقلَ اللبيبَ. على " أَعْنِي عَيْناً ".
[ وقال ] ﴿ وَلاَ شُكُوراً ﴾ إن شئت جعلته جماعة " الشُكْر " وجعلت " الكُفُور " جماعة " الكُفْر " مثل " الفَلْس " و " الفُلُوس ". وان شئت جعلته مصدرا واحدا في معنى جميع مثل : " قَعَد قُعُودا " و " خَرَج خُروجا ".
وقال ﴿ مُّتَّكِئِينَ ﴾ ( ١٣ ) على المدح أو على : " جَزَاهُمْ جَنَّةً مَتُكَّئِيِنَ فيها " على الحال. وقد تقول " جَزاَهُم ذلك َ قِياماً " وكذلك ﴿ وَدَانِيَةً ﴾ ( ١٤ ) على الحال أو على المدح، إنما انتصابه بفعل مضمر. وقد يجوز في قوله ﴿ وَدَانِيَةً ﴾ أن يكون على وجهين على " وجزاهمْ دانيةً ظِلاَلُها " تقول : " اَعطَيْتُكَ جَيْداً طَرَفاهُ " و " رأينَا حَسَناً وَجْهُهُ ".
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:وقال ﴿ مُّتَّكِئِينَ ﴾ ( ١٣ ) على المدح أو على :" جَزَاهُمْ جَنَّةً مَتُكَّئِيِنَ فيها " على الحال. وقد تقول " جَزاَهُم ذلك َ قِياماً " وكذلك ﴿ وَدَانِيَةً ﴾ ( ١٤ ) على الحال أو على المدح، إنما انتصابه بفعل مضمر. وقد يجوز في قوله ﴿ وَدَانِيَةً ﴾ أن يكون على وجهين على " وجزاهمْ دانيةً ظِلاَلُها " تقول :" اَعطَيْتُكَ جَيْداً طَرَفاهُ " و " رأينَا حَسَناً وَجْهُهُ ".
وقال ﴿ كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً ﴾ ( ١٧ ) فنصب العين على أربعة وجوه على " يُسْقَوْنَ عَيْناً " أو على الحال، أو بدلاً من الكأس أو على المدح والفعل مضمر. وقال بعضهم " إِن " " سلسبيل " صفة للعين بالسلسبيل. وقال بعضهم : " إِنّما أراد " " عَيْناً تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً " أي : تسمى من طِيبها، أيْ : تُوصَفُ للناسِ كما [ ١٨٠ ب ] تقول : " الأعوجيّ " و " الأَرْحَبِيّ " و " المَهْرِيّ من الإِبل " وكما تنسب الخيل إذا وصفت إلى هذه الخيل المعروفة والمنسوبة كذلك تنسب العين إلى أنها تسمى [ سَلسبيلا ] لأن القرآن يدل على كلام العرب. قال الشاعر وأنشدناه يونس هكذا :[ من الكامل وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المئتين ] :
صَفْراءُ مِنْ نَبْعٍ يُسَمَّى سَهْمُها مِنْ طُولِ ما صَرَعَ الصُّيُودَ الصَّيِّبُ
فرفع " الصيِّب " لأنه لم يرد " يسمى سهمها بالصيِّب " إنما " الصيِّب " من صفة الاسم والسهم. وقوله " يسمى سهمها " : يُذْكَرُ سهمُها. وقال بعضهم : " لا بل هو اسم العين وهو معرفة ولكن لما كان رأس آية [ و ] كان مفتوحاً زدت فيه الألف كما كانت ﴿ قَوَارِيرَاْ ﴾ ( ١٥ ).
وقال ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً ﴾ ( ٢٠ ) يريد أن يجعل " رأَيْتَ " لا تتعدى كما يقول : " ظننت في الدار خيرٌ " لمكان ظنه وأخبر بمكان رؤيته.
سورة الإنسان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإنسان) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الرحمن)، وقد ذكَّرتِ الإنسانَ بأصل خِلْقته، وقدرة الله عليه؛ ليتواضعَ لأمر الله ويستجيب له؛ فاللهُ هو الذي جعل هذا الإنسانَ سميعًا بصيرًا؛ فالواجب المتحتم عليه أن تُجعَلَ هذه الجوارحُ كما أراد لها خالقها وبارئها؛ ليكونَ بذلك حسَنَ الجزاء يوم القيامة، ومَن كفر فمشيئة الله نافذةٌ في عذابه إياه، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤها في فجرِ الجمعة.

ترتيبها المصحفي
76
نوعها
مكية
ألفاظها
243
ترتيب نزولها
98
العد المدني الأول
31
العد المدني الأخير
31
العد البصري
31
العد الكوفي
31
العد الشامي
31

* سورة (الإنسان):

سُمِّيت سورة (الإنسان) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ الإنسان وخَلْقِه من عدمٍ.

* سورة {هَلْ أَتَىٰ} أو {هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}:

سُمِّيت بذلك؛ لافتتاحها به.

كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (الإنسان) في فجرِ الجمعة:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قرَأَ في صلاةِ الغداةِ يومَ الجمعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}». أخرجه مسلم (٨٧٩).

1. نعمة الخَلْق والهداية (١-٣).

2. مصير الكفار (٤).

3. جزاء الأبرار (٥-٢٢).

4. توجيهٌ للنبي عليه السلام (٢٣-٢٦).

5. وعيدٌ للمشركين (٢٧-٢٨).

6. مشيئة الله تعالى نافذة (٢٩-٣١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /511).

مقصود السورة الأعظمُ تذكيرُ الناس بأصل خِلْقَتِهم، وأنَّ الله أوجَدهم من عدم، وبَعْثُهم بعد أن أوجَدهم أسهَلُ من إيجادهم؛ ففي ذلك أكبَرُ دلالةٍ على قدرة الله على إحياء الناس وحسابهم.
وفي ذلك يقول ابن عاشور رحمه الله: «محورها التذكيرُ بأنَّ كل إنسان كُوِّنَ بعد أن لم يكُنْ، فكيف يَقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه؟

وإثبات أن الإنسان محقوقٌ بإفراد الله بالعبادة؛ شكرًا لخالقه، ومُحذَّرٌ من الإشراك به.

وإثبات الجزاء على الحالينِ، مع شيءٍ من وصفِ ذلك الجزاء بحالتيه، والإطنابِ في وصفِ جزاء الشاكرين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /371).