تفسير سورة الإنسان

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿هَلْ أَتَى﴾ هذا أُسْلُوبٌ اسْتِفْهَامِيٌّ يُقَالُ للتَّشْوِيقِ عِنْدَ ذِكْرِ نَبَأٍ مُهِمٍّ لِلتَّقْرِيرِ، وقيل: مَعْنَاهُ: قَدْ أَتَى.
﴿أَمْشَاجٍ﴾ يعني: أَخْلَاطًا، يقال: مَشَجْتُ هذا بهذا: إذا خَلَطْتَهُ به، وقيل: إذا اجْتَمَعَ مَاءُ الرَّجُلِ وَمَاءُ المَرْأَةِ فهو أَمْشَاجٌ.
﴿نَبْتَلِيهِ﴾ نَخْتَبِرُهُ بالخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
﴿هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ بَيَّنَا له طريقَ الحقِّ وعرَّفْنَاهُ سَبِيلَهُ.
﴿سَلَاسِلَا﴾ سَلَاسِلُ: جَمْعُ سِلْسِلَةٍ وهي: قُيُودٌ تُوضَعُ في الأَرْجُلِ يُسْحَبُونَ بِهَا.
﴿أَغْلَالًا﴾ جَمْعُ غُلٍّ وهو القيدُ الثقيلُ في أيديهم تُغَلُّ بها إلى أَعْنَاقِهِمْ.
﴿وَسَعِيرًا﴾ نَارًا مُوقَدَةً.
﴿كَأْسٍ﴾ الكَأْسُ: تُطْلَقُ عَلَى إِنَاءِ الخَمْرِ، أو عَلَى الخَمْرِ نَفْسِهَا، وإذا لم يَكُنْ فيه شَرَابٌ لا يُسَمَّى كَأْسًا.
﴿مِزَاجُهَا﴾ المِزَاجُ: ما يُمْزَجُ بِهِ وَيُخْلَطُ.
﴿كَافُورًا﴾ ماءُ كَافُورٍ، وهو اسمُ عَيْنٍ في الجنةِ مَاؤُهَا من بياضِ الكافورِ وَرَاءِحَتِهِ وَبَرْدِهِ.
﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا﴾ أي: يَشْرَبُونَ منها الخمرَ، وَيَحْتَمِلُ أن المعنى: يَشْرَبُونَ خَمْرَهُمْ مَمْزُوجَةً بماءِ تِلْكَ العُيُونِ.
﴿يُفَجِّرُونَهَا﴾ أي: يُجْرُونَها حيث شَاءُوا في مَنَازِلهِمْ وَقُصُورِهِمْ، وَأَصْلُ التفجيرِ: شَقُّ الأَرْضِ وإخراجُ الماءِ مِنْهَا.
﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ وهو ما أَوْجَبَهُ الإنسانُ عَلَى نَفْسِهِ للهِ من صلاةٍ وصومٍ وذبحٍ أو غيرِها مما لم يَكُنْ وَاجِبًا بالشَّرْعِ.
﴿مُسْتَطِيرًا﴾ مُنْتَشِرًا فَاشِيًا.
﴿يَوْمًا عَبُوسًا﴾ أي: تَعْبَسُ فيه الوجوهُ مِنْ هَوْلِهِ وَشِدَّتِهِ.
﴿قَمْطَرِيرًا﴾ أي: تَنْقَبِضُ فيه العيونُ والحواجبُ، وقيل: القَمْطَرِيرُ أَشَدُّ ما يكون من الأيامِ وأطولِها في البَلَاءِ.
﴿لَقَّاهُمْ نَضْرَةً﴾ أي: أَعْطَاهُمْ بَدَلَ الْعُبُوسِ نَضْرَةً في الوجوهِ وَسُرُورًا في القلوبِ، والنَّضْرَةُ: البياضُ والنقاءُ في وجوههم من أَثَرِ النِّعْمَةِ.
﴿الْأَرَائِكِ﴾ أي: عَلَى الأَسِرَّةِ بالحجلة، وَوَاحِدُ الأَرَائِكِ أَرِيكَةٌ.
﴿وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ ولا بَرْدًا شَدِيدًا.
﴿دَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا﴾ أي: قَرِيبَةً منهم ظلالُ أشجارِ الجنةِ.
﴿وَأَكْوَابٍ﴾ أي: أَقْدَاحٍ بِلَا عُرَى.
﴿كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾ في صَفَاءِ القَوَارِيرِ وبياضِ الفضةِ.
﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا﴾ الكأسُ: هُوَ الإناءُ فيه الخمرُ أي: مَمْزُوجَةٌ بِالزَّنْجَبِيلِ.
﴿تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ السَّلْسَبِيلُ في اللغةِ اسمُ الماءِ في غايةِ السَّلَاسَةِ حَدِيدِ الجَرْيَةِ، يَسُوغُ في حُلُوقِهِمْ.
﴿وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾ أي: يَأْتُونَ عَلَى ما هم عَلَيْهِ من الشبابِ وَالطَّرَاوَةِ والنَّضَارَةِ، لا يَهْرَمُونَ ولا يَتَغَيَّرُونَ ولا يَمُوتُونَ.
﴿لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ في كثرةِ اللؤلؤِ وَبَيَاضِهِ.
﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ بُكْرَةً في صلاةِ الصبحِ، وَأَصِيلًا آخِرَ النَّهَارِ.
﴿شَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾ أي: شَدَدْنَا أَوْصَالَهُمْ بَعْضًا إلى بَعْضٍ بالعُرُوقِ وَالْعَصَبِ.
28
سُورة المُرْسَلات
سورة الإنسان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الإنسان) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الرحمن)، وقد ذكَّرتِ الإنسانَ بأصل خِلْقته، وقدرة الله عليه؛ ليتواضعَ لأمر الله ويستجيب له؛ فاللهُ هو الذي جعل هذا الإنسانَ سميعًا بصيرًا؛ فالواجب المتحتم عليه أن تُجعَلَ هذه الجوارحُ كما أراد لها خالقها وبارئها؛ ليكونَ بذلك حسَنَ الجزاء يوم القيامة، ومَن كفر فمشيئة الله نافذةٌ في عذابه إياه، وقد كان صلى الله عليه وسلم يَقرؤها في فجرِ الجمعة.

ترتيبها المصحفي
76
نوعها
مكية
ألفاظها
243
ترتيب نزولها
98
العد المدني الأول
31
العد المدني الأخير
31
العد البصري
31
العد الكوفي
31
العد الشامي
31

* سورة (الإنسان):

سُمِّيت سورة (الإنسان) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بذكرِ الإنسان وخَلْقِه من عدمٍ.

* سورة {هَلْ أَتَىٰ} أو {هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}:

سُمِّيت بذلك؛ لافتتاحها به.

كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (الإنسان) في فجرِ الجمعة:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما: «أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قرَأَ في صلاةِ الغداةِ يومَ الجمعةِ: {الٓمٓ ١ تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{هَلْ أَتَىٰ عَلَى اْلْإِنسَٰنِ}». أخرجه مسلم (٨٧٩).

1. نعمة الخَلْق والهداية (١-٣).

2. مصير الكفار (٤).

3. جزاء الأبرار (٥-٢٢).

4. توجيهٌ للنبي عليه السلام (٢٣-٢٦).

5. وعيدٌ للمشركين (٢٧-٢٨).

6. مشيئة الله تعالى نافذة (٢٩-٣١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /511).

مقصود السورة الأعظمُ تذكيرُ الناس بأصل خِلْقَتِهم، وأنَّ الله أوجَدهم من عدم، وبَعْثُهم بعد أن أوجَدهم أسهَلُ من إيجادهم؛ ففي ذلك أكبَرُ دلالةٍ على قدرة الله على إحياء الناس وحسابهم.
وفي ذلك يقول ابن عاشور رحمه الله: «محورها التذكيرُ بأنَّ كل إنسان كُوِّنَ بعد أن لم يكُنْ، فكيف يَقضي باستحالة إعادة تكوينه بعد عدمه؟

وإثبات أن الإنسان محقوقٌ بإفراد الله بالعبادة؛ شكرًا لخالقه، ومُحذَّرٌ من الإشراك به.

وإثبات الجزاء على الحالينِ، مع شيءٍ من وصفِ ذلك الجزاء بحالتيه، والإطنابِ في وصفِ جزاء الشاكرين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /371).