تفسير سورة الحشر

تفسير الشافعي

تفسير سورة سورة الحشر من كتاب تفسير الشافعي
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٤٠٥- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى في بني النضير حين حاربهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
﴿ هُوَ اَلذِى أَخْرَجَ اَلذِينَ كَفَرُوا مِنَ اَهْلِ اِلْكِتَابِ ﴾ قرا إلى :﴿ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى اِلْمُومِنِينَ ﴾ فوصف إخرابهم منازلهم بأيديهم، وإخراب المؤمنين بيوتهم، ووصفه إياه ـ جل ثناؤه ـ كالرِّضا به، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخل من ألوان نخلهم، فأنزل الله تبارك وتعالى رضا بما صنعوا من قطع نخيلهم :﴿ مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ اَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اِللَّهِ وَلِيُخْزِىَ اَلْفَاسِقِينَ ﴾١ فرضي القطع، وأباح الترك، فالقطع والترك موجودان في الكتاب والسنة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وترك، وقطع نخل غيرهم وترك، وممن غزا لم يقطع نخله.
قال الشافعي : أخبرنا أنس بن عياض٢، عن موسى بن عقبة٣، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير٤.
قال الشافعي : أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّق أموال بني النضير٥ فقال قائل :
وهان٦ على سراة٧ بني لؤي حريق بالبويرة٨ مستـطير٩.
فإن قال قائل : ولعل النبي صلى الله عليه وسلم حرق مال بني النضير ثم ترك. قيل : على معنى ما أنزل الله عز وجل، وقد قطع وحرَّق بخيبر وهي بعد النضير، وحرَّق بالطائف وهي آخر غزاة قاتل بها. وأمر أسامة بن زيد أن يحرق على أهل أبنى١٠.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : أخبرنا بعض أصحابنا، عن عبد الله بن جعفر الأزهري١١ قال : سمعت ابن شهاب يحدث عن عروة، عن أسامة بن زيد قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغزو صباحا على أهْلَ أُبْنَى وأحرق١٢. ( الأم : ٤/٢٥٨. ون الأم : ٤/٢٨٧. وأحكام الشافعي : ٢/٤٤-٤٥. )
١ - الحشر: ٥..
٢ - أنس بن عياض أبو ضمرة. عن: سهيل وربيعة. وعنه: أحمد، وأحمد ين صالح، وأمم. ثقة. سمح بعلمه جد. عاش ستا وتسعين سنة، وت سنة: ٢٠٠هـ. الكاشف: ١/٤٨٢. ون التهذيب: ١/٣٨٩. وقال في التقريب: ثقة..
٣ - موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي، مولى آل الزبير. ثقة فقيه إمام في المغازي، لم يصح أن ابن معين لينه. ت سنة: ٤١هـ. التقريب: ٢/٦١١..
٤ - أخرجه البخاري في المغازي (٦٧) باب: حديث بني النضير (١١)(ر٣٨٠٧)، وفي الجهاد (٦٠) باب: حرْقُ الدور والنخيل (١٥١)(ر٢٨٥٧)، وفي التفسير (٦٨) باب: ما قطعتم من لينة (٣٦٢)(ر٤٦٠٢).
وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها (١٠)(ر١٧٤٦).
وأخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والدارمي، وأحمد، والبيهقي..

٥ - هذا الحديث رواه الشافعي منقطعا ولم أقف عليه. ورواه البخاري وغيره متصلا عن ابن عمر: رواه البخاري في المزارعة (٤٦) باب: قطع الشجر والنخل (٦)(ر٢٢٠١)، وفي المغازي (٦٧) باب: حديث بني النضير (١١)(ر٣٨٠٨).
ورواه مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها (١٠)(ر١٧٤٦).
ورواه ابن ماجة، والبيهقي..

٦ - هان: سهل..
٧ - سراة: جمع سَرِيّ: وهو السيد المختار. اللسان: سرا..
٨ - البويرة: موضع من بلد بني النضير. ن معجم البلدان..
٩ - مستطير: منتشر..
١٠ - ن الصفحة الموالية..
١١ - عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة الزهري. عن: أم بكر وهي عمة أبيه، وسعد بن إبراهيم. وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، والقعنبي. صدوق، مفت بالمدينة. مات سنة: ١٧٠هـ. الكاشف: ٢/٧٣. ون التهذيب: ٤/٢٥٧. وقال في التقريب: ليس به بأس. وتعقبه صاحب التحرير ٢/١٩٨ فقال: بل ثقة، وثقه أحمد بن حنبل، ويحي بن معين، وقالا مرة: لا بأس به، والبخاري، وعلي بن المديني، والعجلي، وبكار بن قتيبة، والبرقي، والترمذي، وأبو عبد الله الحاكم. ولم يتكلم فيه سوى ابن حبان، فتعقبه الذهبي وذكر أن ذلك إسراف ومبالغة منه..
١٢ - أخرجه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في الحرق في بلاد العدو (٩١)(ر٢٦١٦).
وأخرجه ابن ماجة في الجهاد (٢٤) باب: التحريق بأرض العدو (٣١)(ر٢٨٤٣).
وأخرجه البيهقي في كتاب السير باب قطع الشجر وحرق المنازل: ٩/٨٣.
وأُبْنَى: موضع من بلاد فلسطين بين الرملة وعسقلان. وتنطق اليوم: يُبْنَى. ن معجم البلدان..

٤٠٦- قال الشافعي : إن الله فرض طاعة نبيه فقال :﴿ وَمَا ءَاتياكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهياكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ ﴾ وقال :﴿ مَّنْ يُّطِعِ اِلرَّسُولَ فَقَدَ اَطَاعَ اَللَّهَ ﴾١ مع ما فرض من طاعة رسوله. فإن قيل : فهذا مقبول عن الله كما وصفت، فهل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي ؟ قيل : الله أعلم. أخبرنا مسلم بن خالد، عن طاوس، قال الربيع : هو عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه : أن عنده كتابا من العقول نزل به الوحي. قال الشافعي : وما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط إلا بوحي، فمن الوحي ما يتلى، ومنه ما يكون وحيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستن به٢. أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن حنطب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقى في روعي أن لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب »٣.
قال الشافعي : وقد قيل : ما لم يتل قرآنا إنما ألقاه جبريل في روعه بأمر الله، فكان وحيا إليه. وقيل : جعل الله إليه بما شهد له به من أنه يهدي إلى صراط مستقيم أن يسُن. وأيهما كان فقد ألزمهما الله تعالى خلقه، ولم يجعل لهم الخيرة من أمرهم فيما سن لهم، وفرض عليهم اتباع سنته. ( الأم : ٧/٢٩٩. ون الأم : ٧/٢٨٦ و ٧/١٥. )
١ - النساء: ٨٠..
٢ - رواه الشافعي في المسند (ر٢٨)..
٣ - رواه البيهقي في كتاب النكاح باب: الدليل على أنه صلى الله عليه وسلم لا يقتدى به فيما خص به ٧/٧٦.
ورواه الشافعي في المسند..

٤٠٧- قال الشافعي : واعلموا أن الصورة والتركيب يستحيل على الله تعالى للمعنى الذي ذكرناه في الجسم١. ولأن الصورة لا تختص بصورة دون صورة إلا بمخصص هو فاعلها وخالقها. ومن يكون له صورة لابد أن يكون مخلوقا لا إشكال فيه.
ولأن الصورة نسبة إلى المكان واختصاصها لجواز أن يكون لتلك الصورة صورة أخرى، ولتلك الصورة مصور آخر للصورة، والله تعالى خالق المصّوَّر وصورته ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ ﴾٢ قال الله تعالى :﴿ هُوَ اَللَّهُ اَلْخَالِقُ اَلْبَارِئُ اَلْمُصَوِّرُ ﴾. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ١٢-١٣. )
١ - لأن الجسم هو المجتمع المؤلف ومنه قول أهل اللغة: هذا جسم: إذا كثر تأليفه واجتماعه، وهو محال وباطل في حق الله تعالى لأن ذات الباري تعالى غير مركبة. والجسم يأخذ حيزا من الفضاء، وذات الباري تعالى غير متحيزة، بل مطلقة، فسبحان الله وتبارك الله..
٢ - الشورى: ١١..
سورة الحشر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الحشر) من السُّوَر المدنية، من (المسبِّحات)، وهي التي تبدأ بـ {سَبَّحَ}، نزلت بعد سورة (البيِّنة)، وقد نزلت في إجلاء يهودِ (بني النَّضير)، وأشارت إلى تاريخِ اليهود المليء بالخيانات، وعدم الالتزام بالمواثيق والعهود، وتعرَّضت لحُكْمِ (الفَيْء)، وقد افتُتحت بمقصدٍ عظيم؛ وهو تنزيهُ الله عزَّ وجلَّ عن كل نقص، وإثبات كلِّ كمال له سبحانه؛ فهو المستحِقُّ لصفات الألوهيَّة والربوبيَّة.

ترتيبها المصحفي
59
نوعها
مدنية
ألفاظها
447
ترتيب نزولها
101
العد المدني الأول
24
العد المدني الأخير
24
العد البصري
24
العد الكوفي
24
العد الشامي
24

* نزَلتْ سورة (الحشر) في يهودِ (بني النَّضير):

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «قلتُ لابنِ عباسٍ: سورةُ التَّوْبةِ؟ قال: التَّوْبةُ هي الفاضحةُ، ما زالت تَنزِلُ: {وَمِنْهُمْ} {وَمِنْهُمْ} حتى ظَنُّوا أنَّها لن تُبقِيَ أحدًا منهم إلا ذُكِرَ فيها، قال: قلتُ: سورةُ الأنفالِ؟ قال: نزَلتْ في بَدْرٍ، قال: قلتُ: سورةُ الحَشْرِ؟ قال: نزَلتْ في بني النَّضِيرِ». أخرجه البخاري (٤٨٨٢).

* قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ وَهُوَ اْلْعَزِيزُ اْلْحَكِيمُ ١ هُوَ اْلَّذِيٓ أَخْرَجَ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمْ لِأَوَّلِ اْلْحَشْرِۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اْللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ اْللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ اْلرُّعْبَۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي اْلْمُؤْمِنِينَ فَاْعْتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي اْلْأَبْصَٰرِ} [الحشر: 1-2]:

عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «كانت غَزْوةُ بني النَّضِيرِ - وهم طائفةٌ مِن اليهودِ - على رأسِ ستَّةِ أشهُرٍ مِن وَقْعةِ بَدْرٍ، وكان مَنزِلُهم ونَخْلُهم بناحيةِ المدينةِ، فحاصَرَهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى نزَلوا على الجَلاءِ، وعلى أنَّ لهم ما أقَلَّتِ الإبلُ مِن الأمتعةِ والأموالِ، إلا الحَلَقةَ؛ يَعني: السِّلاحَ؛ فأنزَلَ اللهُ فيهم: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي اْلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي اْلْأَرْضِۖ} [الحشر: 1] إلى قولِه: {لِأَوَّلِ اْلْحَشْرِۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْۖ} [الحشر: 2]، فقاتَلَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى صالَحَهم على الجَلاءِ، فأَجْلاهم إلى الشَّامِ، وكانوا مِن سِبْطٍ لم يُصِبْهم جَلاءٌ فيما خلا، وكان اللهُ قد كتَبَ عليهم ذلك، ولولا ذلك لعذَّبَهم في الدُّنيا بالقتلِ والسَّبْيِ، وأمَّا قولُه: {لِأَوَّلِ اْلْحَشْرِۚ} [الحشر: 2]، فكان جَلاؤُهم ذلك أوَّلَ حَشْرٍ في الدُّنيا إلى الشَّامِ». أخرجه الحاكم (3850).

* قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اْللَّهِ وَلِيُخْزِيَ اْلْفَٰسِقِينَ} [الحشر: 5]:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «حرَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بني النَّضِيرِ وقطَعَ، وهي البُوَيرةُ؛ فنزَلتْ: {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اْللَّهِ} [الحشر: 5]». أخرجه البخاري (٤٠٣١).

* قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رجُلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبعَثَ إلى نسائِه، فقُلْنَ: ما معنا إلا الماءُ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن يضُمُّ أو يُضِيفُ هذا؟»، فقال رجُلٌ مِن الأنصارِ: أنا، فانطلَقَ به إلى امرأتِه، فقال: أكرِمي ضيفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما عندنا إلا قُوتُ صِبْياني، فقال: هَيِّئي طعامَكِ، وأصبِحي سِراجَكِ، ونَوِّمي صِبْيانَكِ إذا أرادوا عَشاءً، فهيَّأتْ طعامَها، وأصبَحتْ سِراجَها، ونوَّمتْ صِبْيانَها، ثم قامت كأنَّها تُصلِحُ سِراجَها فأطفأته، فجعَلَا يُرِيانِه أنَّهما يأكُلانِ، فبَاتَا طاوِيَينِ، فلمَّا أصبَحَ غَدَا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: «ضَحِكَ اللهُ اللَّيلةَ - أو عَجِبَ - مِن فَعالِكما»؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]». أخرجه البخاري (٣٧٩٨).

* سورةُ (الحَشْر):

سُمِّيت سورةُ (الحَشْر) بذلك؛ لوقوع لفظِ (الحشر) فيها؛ قال تعالى: {هُوَ اْلَّذِيٓ أَخْرَجَ اْلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ اْلْكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمْ لِأَوَّلِ اْلْحَشْرِۚ} [الحشر: 2].

والمراد بـ(الحَشْر) هنا: إخراجُ (بني النَّضِير)، لا يومُ القيامة.

* سورة (بني النَّضِير):

وسُمِّيت بذلك؛ لاشتمالها على قِصَّة إجلاء يهودِ (بني النَّضير).

1. إجلاء بني النَّضير (١-٥).

2. حُكْمُ الفَيء (٦-١٧).

3. التقوى، قوة القرآن، أسماء الله الحسنى (١٨-٢٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /60).

مقصودُ سورة (الحشر) تنزيهُ الله عز وجل عن كلِّ النقائص، وإثباتُ الكمال المطلق له؛ فهو الإله المستحِقُّ للعبادة؛ لكمال اتصافه بالقدرة الشاملة والحِكْمة البالغة، وهذه دعوةٌ لتوحيد الرُّبوبية والألوهية له سبحانه.

ويذكُرُ ابنُ عاشور أنَّ السورة جاءت لبيان: «حُكْم أموال بني النَّضير بعد الانتصار عليهم»، ثم يقول في بيان مقاصدها: «وقد اشتملت على أن ما في السموات وما في الأرض دالٌّ على تنزيه الله، وكونِ ما في السموات والأرض مِلْكَه، وأنه الغالب المدبِّر.

وعلى ذِكْرِ نعمة الله على ما يسَّر من إجلاء بني النَّضير مع ما كانوا عليه من المَنَعةِ والحصون والعُدَّة؛ وتلك آيةٌ من آيات تأييد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغَلَبَتِه على أعدائه.

وذِكْرِ ما أجراه المسلمون من إتلافِ أموال بني النَّضير، وأحكام ذلك في أموالهم، وتعيين مستحِقِّيه من المسلمين». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /63).

وينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /72).