تفسير سورة الكهف

تذكرة الاريب في تفسير الغريب

تفسير سورة سورة الكهف من كتاب تذكرة الاريب في تفسير الغريب
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ

عوجا قيما مقدم ومؤخر تقديره انزل الكتاب قيما أي مستقيما ولم يجعل له عوجا أي لم يجعل فيه اختلافا
والباس العذاب
كبرت أي عظمت تلك الكلمة كلمة
باخع قاتل
احسن عملا ازهد فيها
صعيدا وهو الطريق الذي لا نبات فيه والجرز الارض التي لا تنبت وهذا يكون يوم القيامة
ام حسبت المعنى احسبت والكهف المغارة في الجبل الا انه واسع فاذا صغر فهو غار والرقيم الكتاب والمعنى المرقوم وكان اصحاب الكهف لما دخلوه واطلع عليهم كتب رجلان من المؤمنين اسماء الفتية في لوح ووضعاها في البناء لما سد عليهم والمعنى احسبت انهم اعجب اياتنا في اياتنا ما هو اعجب منه
رحمة رزقا
فضربنا على اذانهم أي انمناهم
لنعلم أي الحزبين يعنى المؤمنين والكافرين من قومهم فما علم احد من القوم
وربطنا الهمنا القلوب الصبراذ قاموا بين يدي ملكهم فقالوا ربنا رب السمواتوالشطط الجور
واذا اعتزلتموهم هذا قول رئيسهم يمليخا أي فارقتم عبدة الاصناممن رحمته أي من رزقهمرفقا أي يهيء لكم بدلا من ارمكم الصعب مرفقا أي ياتيكم باليسر واللطف
تزاور تميلتقرضهم تعدل عنهموالفجوة المتسع
وتحسبهم ايقاظا لان اعينهم كانت في نومهم وكانوا يقلبون ستة اشهر على جنب وستة اشهر على الجنب الاخروالوصيد عتبة البابلوليت منهم فرارا هيبة لهم
ليتساؤلوا فيفيد تساؤلهم اعتبار المعتبرينوالورق الفضةازكى طعاما أي احل ذبيحةوليطلطف أي ليحتل لالى يطلع عليه احد
يرجموكم يقتلوكم
اعثرنا اطلعناليعلموا يعني اهل بلدهم ان وعد الله بالبعث حق اذ يتنازعون بينهم يعني اهل البلد كانوا يتنازعون فيقول بعضهم انما تبعث الارواح وبعضهم يقول الارواح والاجسادبنيانا أي استروهم من الناسالذين غلبوا الملك واصحابه المؤمنون
سيقولون يعنى نصارى نجران ناظروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة اصحاب الكهف فقالت طائفة منهم ثلاثة وقالت طائفة خمسة وقالت طائفة سبعةالاقليلا قال عطاء يعني اهل الكتابالا مراء ظاهرا وهو ان تقول ليس كما تقولونمنهم أي من النصارى
الا ان يشاء الله المعنى الا ان تقول ان شاء اللهواذكر ربك المعنى اذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فقلت ان شاء اللهلاقرب من هذا رشدا أي عسى ان يعطيني من الدلائل على النبوة اقرب من قصة اصحاب الكهف
الله اعلم بما لبثوا لما نزل قوله وازدادوا تسعا قالت نصارى نجران اما الثلاثمائة فقد عرفناها واما التسع فلا علم لنا بها فنزل قل الله اعلم بما لبثواابصر به واسمع أي ما ابصره واسمعهما لهم ما للخلق من ولي ناصر
ملتحدا ملجا
اغفلنا قلبه جعلناه غافلافرطا تفريطا
وقل الحق المعنى الذي اتيتكم به الحقفمن شاء فليؤمن وعيدوالسرادق كل ما احاط بشيءوالمهل ماء غليظ كدردي الزيتمرتفقا مجلسا
ان الذين امنوا جوابه اولئك لهم جنات عدن
والاساور جمع سوار والسندس رقيق الديباج والاستبرق ثخينةوالارائك الفرش في الحجال
ولم تظلم تنقص
وكان له أي للاخ الكافر والثمر المال فقال يعني الكافر لصاحبه المؤمن وهو يحاوره يراجعه الكلام
ظالم لنفسه بالكفر
وما اظن الساعة قائمة ولئن رددت أي كما تزعم والمعنى لان كان البعث حقا ليعطيني في الاخرة كما اعطاني في الدنيا
خلقك من تراب يعني اباك ادم
لكن أي لكن انا
قلت ما شاء الله أي هو ما شاء الله يؤتيني في الاخرة
حسبانا مرامي من السماءصعيدا وهو الاملس المستوي والزلق ما تزل عنه الاقدام
والغور الغائر والمراد بالطلب الوصول اليه
واحيط بثمره أي احاط الله العذاب بثمرهيقلب كفية أي يضرب بيد على يد فعل النادم على ما انفق فيها أي في جنته وفي بمعنى علىخاوية ساقطة على عروشها والعروش السقوف والمعنى حيطانها قائمة وسقوفها قد تهدمت فصارت الحيطان كانها على السقوف
هنالك الولاية أي في مثل تلك الحال تبين نصرة اللهعقبا عاقبة والمعنى عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيرهوهذان الرجلان كانا اخوين في بني اسرائيل خلفهما ابوهما مالا فاشتغل الكافر بالدنيا واقبل المؤمن على الاخرة فافتقر وهما المذكوران في الصافات في قوله اني كان لي قرين
هشيما وهو النبات الجاف
والباقيات سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر
بارزة ظاهرة ليس عليها جبل ولا شجر ولا بناءيغادر يترك
كان من الجن اصله منهم ففسق خرج
ما اشهدتهم يعني ابليس وذريتهالمضلين الشياطين عضدا انصارا واعوانا
موبقا مهلكا قال الزجاج جعلنا بينهم وبين العذاب ما يوبقهم أي يهلكهم فالموضع المهلك
فظنوا ايقنوامصرفا أي موضعا يصرفون اليه
وكان الانسان نزلت في ابي بن خلف كان يجادل في البعث
ان تاتيهم أي لان تاتيهم سنة الاولين بوقوع العذاب بهم
ليدحضوا ليبطلوا
والموئل المنحى
لمهلكهم أي لهلاكهم وقرا ابو بكر عن عاصم بفتح الميم واللام وهي مصدر مثل الهلاك وقرا حفص بفتح الميم وكسر اللام ومعناه لوقت هلاكهم
لفتاه يوشع بن نون لا ابرح لا ازالمجمع البحرين ملقاهما وهما بحر الروم نحو المغرب وبحر فارس نحو المشرق وهو الموضع الذي وعد بلقاء الخضر في واسم البلد الذي فيه مجمع البحرين افريقية وقيل طنجةوالحقب الدهر
نسيا حوتهما وكانا قد تزودا حوتا مملوحا في زنبيل وكان موسى قد ذهب لحاجته فانتضح على الحوت الماء فعاش وانصرب في البحر ونسي يوشع ان يخبر موسى حتى رحلا فالنسيان ليوشع وانما قال نسيا حوتهما توسعا في الكلام كقوله يخرج منهما اللؤلؤ وانما يخرج من الملح لا من العذب
نسيت الحوت أي نسيت ان اخبرك خبره
قصصا يقصان الاثر
وكيف تصبر المعنى ان علمي ينكر ظاهره من لم يخبر باطنه
امرا عجبا
ترهقني تعجلني
زاكية ناميةنكرا منكرا
فراق بيني وبينك أي فراق اتصالنا وكرر بين تاكيدا
اعيبها اجعلها ذات عيبوراءهم امامهمكل سفينة صالحة والمعنى اني خرقتها ليتركها ويرقعها اهلها فينتفعون بها
يرهقهما يغشيهما والمعنى يحملهما على دينه
زكاة دينا واقرب رحما اوصل للرحم قال ابن عباس بدلا جارية ولدت سبعين نبيا
والكنز لوح من ذهب وفيه كلمات من الوعظ منها عجبا لمن ايقن بالقدر ثم هو ينصب عجبا لمن ايقن بالنار ثم هو يضحك
واسم ذي القرنين الاسكندر سار الى المغرب والمشرق فسمي ذا القرنين
سببا أي علما بالطرق والمسالك
فاتبع سببا سلك طريقا
حمئة ذات حماة ومن قرا حامية اراد حارةقلنا هذا الهاماما ان تعذب بالقتل واما ان تاسرهم فتبصرهم الرشد
ظلم اشرك
جزاء الحسنى وهي الجنة واضيف الجزاء اليها وهي الجزاء كقوله دين القيمة لحق اليقين ولدار الاخرة
بما لديه أي بما عنده من الجيوش والعدد
بين السدين جبلان منيفان
ياجوج وماجوج ابنا يافث بن نوحخرجا أي نخرج لك من اموالنا شيئا كالجعل
بقوة يعني الالهةوالردم الحاجز
والزور القطعوالصدفان الجبلان حشا ما بينهما بالحديد ونسج بين طبقات الحديد الحطب والفحم ووضع عليها المنافيخ ثم قال انفخوانارا أي كالنارقطرا نحاسا
يظهروه يعلوه
وعد ربي القيامة
وتركنا بعضهم يعني ياجوج وماجوج يوم سد السد يموج مختلطين لكثرتهم
ان يتخذوا عبادي كالملائكة والمسيح وعازير والاصنام والجواب محذوف تقديره فلا اغضب واعاقبكموالنزل ما يهيأ للضيف
وبالاخسرين اعمالا وهم القسيسون والرهبان
وزنا أي قدرا
الفردوس البستان
حولا تحويلا
لو كان البحر أي ماء البحر مدادا يكتب بهمددا أي زيادة
سورة الكهف
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الكهف) من السُّوَر المكية العظيمة التي اهتمت بالعقيدةِ، والاعتصامِ بحبل الله المتين، وأنْ لا ملجأَ من اللهِ إلا إليه، وقد أصَّلتِ السورةُ لفكرة التمسك بالعقيدة والتوحيد من خلالِ ضربِ الأمثلة، وقَصِّ القَصص، واشتملت السورةُ على أربعِ قِصَصٍ: قصةِ (فِتْيةِ الكهف)، وقصةِ (صاحب الجنَّتَينِ)، وقصةِ (موسى والخَضِرِ عليهما السلام)، وقصةِ (ذي القَرْنَينِ)، وتدعو كلُّ هذه القِصص إلى الاعتصام بالكتاب والسُّنة وأمرِ الله عز وجل، وقد احتوت السورةُ على الكثير من العِبَر والعظات، وحاجةُ المسلم إليها في زمن الفِتَن كبيرة؛ لتُثبِّتَه على هذا الدِّين وتُصبِّرَه، وقد ثبَت فضلُها وفضل قراءتها في كلِّ جمعة، وكذا فإن مَن حَفِظ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ منها عُصِم من فتنة الدَّجَّال؛ كما صح في الخبر.

ترتيبها المصحفي
18
نوعها
مكية
ألفاظها
1584
ترتيب نزولها
69
العد المدني الأول
105
العد المدني الأخير
105
العد البصري
111
العد الكوفي
110
العد الشامي
106

* سورةُ (الكهف):

سُمِّيتْ سورةُ (الكهف) بذلك؛ لاحتوائها على قصَّةِ (أصحاب الكهف)، وهي أبرَزُ ما ورَد في هذه السورة.

مما جاء في فضلِ سورة (الكهف):

* نزولُ الملائكةِ مستمِعةً لها:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «قرَأَ رجُلٌ الكهفَ وفي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فجعَلتْ تَنفِرُ، فسلَّمَ، فإذا ضَبابةٌ أو سحابةٌ غَشِيَتْهُ، فذكَرَه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «اقرَأْ فلانُ؛ فإنَّها السَّكينةُ نزَلتْ للقرآنِ، أو تنزَّلتْ للقرآنِ»». أخرجه البخاري (3614)، ومسلم (795).

* مَن حَفِظ أوَّلَ عَشْرِ آياتٍ منها عُصِم من فتنة الدَّجَّال:

عن النَّوَّاسِ بن سَمْعانَ الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال: «ذكَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذاتَ غَداةٍ، فخفَّضَ فيه ورفَّعَ، حتى ظنَنَّاه في طائفةِ النَّخلِ، فلمَّا رُحْنا إليه عرَفَ ذلك فينا، فقال: ما شأنُكم؟ قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، ذكَرْتَ الدَّجَّالَ غَداةً، فخفَّضْتَ فيه ورفَّعْتَ، حتى ظنَنَّاه في طائفةِ النَّخلِ، فقال: غيرُ الدَّجَّالِ أخوَفُني عليكم، إن يخرُجْ وأنا فيكم فأنا حَجِيجُه دُونَكم، وإن يخرُجْ ولستُ فيكم فامرؤٌ حَجِيجُ نفسِه، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلِمٍ، إنَّه شابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُه طافئةٌ، كأنِّي أُشبِّهُه بعبدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أدرَكَه منكم فَلْيَقرأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ ...». أخرجه مسلم (٢٩٣٧).

وقريبٌ منه ما صحَّ عن أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سورةِ الكهفِ، عُصِمَ مِن الدَّجَّالِ». أخرجه مسلم (٨٠٩).

* مَن قرَأها يوم الجمعة أضاءت له ما بين الجمعتَينِ:

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «مَن قرَأَ سورةَ الكهفِ يومَ الجُمُعةِ، أضاءَ له مِن النُّورِ ما بين الجُمُعتَينِ». أخرجه البيهقي (6209).

جاءت موضوعاتُ سورة (الكهف) على الترتيب الآتي:

1. الحمد الله /التبشير والإنذار (١-٨).

2. قصة أصحاب الكهف (٩-٣١).

3. قصة صاحب الجنَّتَينِ (٣٢-٤٤).

4. تعقيب على صاحب القصة (٣٢-٤٤).

5. من مشاهد يوم القيامة (٤٥-٤٩).

6. فتنة إبليس (٥٠-٥٣).

7. الاعتصام بالكتاب والسُّنة (٥٤-٥٩).

8. رحلة موسى والخَضِر (٦٠-٨٢).

9. قصة ذي القَرْنَينِ (٨٣-٩٨).

10. جزاءُ مَن غَرِق في الفِتَن ومَن نجا منها (٩٩-١١٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /289).

افتُتِحت السورة بمقصدٍ عظيم؛ وهو وصفُ الكتاب بأنه قيِّمٌ؛ لكونه زاجرًا عن الشريك الذي هو خلافُ ما قام عليه الدليلُ في سورةِ (سُبْحانَ).

ومِن المقاصد العظيمة لهذه السورةِ: الاعتصامُ بحبلِ الله المتين، وبالاعتقادِ الصحيح في زمنِ الفتن؛ وقد وصَّلتِ السورةُ هذا المقصدَ عن طريقِ قَصِّ مجموعةٍ من القِصَص، على رأسها قصةُ (فتية الكهف).

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /243).