تفسير سورة الطلاق

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

١٢٣١- قوله تعالى :﴿ فطلقوهن لعدتهن ﴾ : الطلاق الذي هو التحريم غير مقدور للعبد لأنه كلام الله تعالى وصفته القديمة، فيتعين حمله على سببه الذي هو قول الزوج : " أنت طالق " ويكون ذلك من باب التعبير بالسبب عن المسبب. ( الفروق : ٢/١٩ )
١٢٣٢- أي : الطلاق مخصص بهذا الزمان. ( الذخيرة : ٣/١٤٠ )
١٢٣٣- قوله تعالى :﴿ لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ﴾ يعني : الرغبة في الرجعة١، والرغبة في الرجعة صفة للمطلق حكم شرعي، ومعلوم أن ذلك خاص بالرجعيات. فهل يقال : هذا الضمير لما اختص بالرجعيات وجب أن يكون العموم السابق المراد به الرجعيات حتى يعمل بقاعدة " عود الضمائر على الظواهر " وأن معناه يجب أن يكون واحدا، أو يقول : التزام العموم، والمجاز في التركيب أولى من الإفراد. ٢
ظاهر الضمير يقتضي الرجوع إلى كل ما تقدم لأنه شأن الضمائر. ( العقد : ٢/٤٦٤ )
١ - ن : أيضا شرح التنقيح : ٢٢٣..
٢ - قرر القرافي في هذه المسالة ما نصه :"وأما عود الضمير على معنى تضمنه الظاهر فليس مجازا في الإفراد، فإن الضمير حينئذ مستعمل في موضعه، نعم يلزم المجاز في التركيب، فإن العرب لم تضع لفظ الضمير إلا مع ظاهر معناه هو معناه، فإذا رأيته مع لفظ ليس معناه كان مجازا في التركيب، والمجاز في التركيب أخف من المجاز في الإفراد لاختلاف العلماء في أن العرب وضعت المركبات أو لا..." ن : العقد المنظوم : ٢/٦٤٤..
١٢٣٤- قوله ﴿ منكم ﴾ إشارة للمسلمين. ( الذخيرة : ١٠/١٩٩ والفروق : ٤/٨٣-٨٤ )
١٢٣٥- أي : من أحراركم، وإلا لم يبق لقوله ﴿ منكم ﴾ } فائدة. ( نفسه : ١٠/٢٢٧ )
١٢٣٦- قال صاحب المقدمات : " إجابة الشاهد لمن دعاه واجبة١ لقوله تعالى :﴿ وأقيموا الشهادة لله ﴾. ( الذخيرة : ١٠/١٦٧ )
١ - لم أعثر على صاحب هذا النص في كتاب المقدمات وإنما قال ابن رشد في البيان والتحصيل : ١٧/٧٨: "من دعي إلى أن يشهد على حرام فلا يحل له أن يشهد عليه، ومن دعي إلى أن يشهد على أمر جائز أو مستحب أو واجب، فالإجابة عليه فرض من فروض الكفاية"..
١٢٣٧- الله سبحانه وتعالى جعل الإياس سببا١ للعدة- ثلاثة أشهر- لأنه تعالى رتبه عليها بصيغة الفاء، فتدل الآية على السببية في الإياس من وجهين :
أحدهما : أن ترتيب الحكم على الوصف يدل على علة٢ ذلك الوصف لذلك الحكم، كقولنا : " اقطعوا يد السارق " و " اجلدوا الزاني " وغير ذلك، فإن هذه الأوصاف المتقدمة أسباب لهذه الأحكام المترتبة عليها.
كذلك هاهنا، يكون الإياس سببا للاعتداد بثلاثة أشهر. والواقع من الأشهر قبل كمال التسعة واقع قبل إياسنا وإياسهن من المحيض، فيكون واقعا قبل سببه فلا يعتد به، ويتعين استئناف ثلاثة بعد تحقق السبب.
وأما المطلقات تمضي لهن ثلاثة أشهر بعد الطلاق وقبل العلم به، والمتوفى عنهن أزواجهن يمضي لهن أربعة أشهر وعشر٣ بعد الوفاة وقبل علمهن بأن تلك الآجال عدد وقعت بعد أسبابها، فلا بد أن يتحقق كما تحققت الوفاة والطلاق، فلذلك لم تحصل العدة قبله كما لا تعتد قبل الوفاة والطلاق. ( الفروق : ٣/٢٠٢ )
١ - "السبب عند جمهور الفقهاء، هو الأمر الظاهر المضبوط الذي جعله الشارع أمارة لوجود الحكم". ن : أصول الفقه لأبي زهرة: ٥٥..
٢ - أطلق الأصوليون على العلة أسامي كثيرة، فقالوا :"هي السبب والأمارة والداعي والمستدعي والباعث والحامل والمناط والدليل والمقتضى والموجب والمؤثر" ن : الخطاب الشرعي وطرق استثماره : ٢٢٨..
٣ - يشير إلى قوله تعالى :﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾ البقرة : ٢٣٢..
١٢٣٨- في الكتاب : " على الرجعية الإرضاع كالزوجة، فإذا انقضت العدة أو كانت بائنا فعلى الأب أجرة الرضاع، فإن اختلفا في مقدار الأجرة فالأم أحق بما يرضى به غيرها، وليس للأب التفرقة بينهما، فإن أبت فلا حق لها إلا أن لا يقبل الولد غيرها فتجبر عليه " ١. قال ابن يونس : يريد : الأم أحق بأجرة المثل لا بما زاد، سواء وجد من يرضع غير الأم أم لا، ولو كان الأب معدما فوجد من يرضعه باطلا٢، قيل : للأم إما أن ترضعه باطلا أو تسلمه، وكذلك إن كان الأب لا يقدر على أجرة المثل، ووجد من يرضعه بدونها، وإن كان موسرا أو وجد من يرضعه باطلا فليس ذلك له. وروي عنه أنها لا تأخذه إلا بما وجد. قال : والأول أحسن لقوله تعالى :﴿ فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ﴾. ( الذخيرة : ٤/٢٧١ )
١ - المدونة : ٢/٣٠٤ بتصرف..
٢ - باطلا : يعني مجانا. وما زال هذا التعبير مستعملا في دارجة المغرب..
١٢٣٩- في الجواهر : " يختلف الطعام باختلاف أحوال الزوجات والإنكاح والبلاد وعسر الزوج ويسره " ١ لقوله تعالى :﴿ لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ﴾. ( الذخيرة : ٤/٤٦٦ )
١٢٤٠- ينبغي للولي أن يوسع على اليتيم في نفقته وكسوته على قدر حاله لقوله تعالى :﴿ لينفق ذو سعة من سعته ﴾. ( الذخيرة : ٨/١٤٢ )
١ - الجواهر الثمينة : ٢/٢٩٦-٢٩٧- ولفظه :"يختلف بحسب اختلاف أحوال الأزواج والزوجات واختلاف البلاد. قال مالك رحمه الله : والاعتبار في النفقات بقدر حال المرأة وحال الزوج في يسر أو إعسار"..
١٢٤١- أخبر الله تعالى إخبارا قاطعا بأن كل مؤمن لا يخلد في النار ولا بد له من الجنة. ( الفروق : ٤/٢٦١ )
١٢٤٢- فائدة : قال العلماء : لم يرد في السمعيات ما يدل على تعدد الأرضين إلا قوله تعالى :﴿ الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ﴾ وقيل : المثلية في العظم لا في العدد. ( الذخيرة : ٨/٢٥٧ )
سورة الطلاق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطَّلاق) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الإنسان)، وقد تحدثت عن أحكامِ الطلاق، وعن الأحكام المترتِّبة عليه؛ من العِدَّة، والإرضاع، وغير ذلك، وخُتمت السورة بالعِبَر والعظات، وكانت تُسمَّى بسورة (النِّساء الصُّغْرى)؛ لِما فيها من أحكامٍ تتعلق بالمرأة، وسورة (النِّساء الكُبْرى): هي سورة (النِّساء).

ترتيبها المصحفي
65
نوعها
مدنية
ألفاظها
289
ترتيب نزولها
99
العد المدني الأول
12
العد المدني الأخير
12
العد البصري
11
العد الكوفي
12
العد الشامي
12

* سورة (الطَّلاق):

سُمِّيت سورة (الطَّلاق) بهذا الاسم؛ لأنَّها بيَّنتْ أحكامَ الطَّلاق والعِدَّة، ولأنه جاء في فاتحتِها؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ اْلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ اْلْعِدَّةَۖ وَاْتَّقُواْ اْللَّهَ رَبَّكُمْۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّآ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اْللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اْللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُۥۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اْللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرٗا} [الطلاق: 1].

* (النِّساء الصُّغْرى) أو (القُصْرى):

وسُمِّيت بذلك تمييزًا لها عن سورة (النساء الكبرى)، ولاشتمالها على بعضِ أحكام النساء، وقد ورَدتْ هذه التسميةُ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ سورةُ النِّساءِ القُصْرى بعد الطُّولى». أخرجه البخاري (4532).

1. من أحكام الطلاق (١-٣).

2. من الأحكام المترتِّبة على الطلاق (٤-٧).

3. عِبَرٌ وعِظَات (٨-١٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /217).

مقصدُ هذه السورة هو بيانُ حُكْمٍ من الأحكام التي تتعلق بالعلاقات الزوجية.

يقول البقاعي: «مقصودها: تقديرُ حُسْنِ التدبير في المفارَقة والمهاجَرة بتهذيب الأخلاق بالتقوى، لا سيما إن كان ذلك عند الشِّقاق، لا سيما إن كان في أمر النساء، لا سيما عند الطلاق؛ ليكونَ الفِراق على نحوِ التواصل والتَّلاق.
واسمها (الطلاق): أجمَعُ ما يكون لذلك؛ فلذا سُمِّيت به.
وكذا سورة (النساء القُصْرى)؛ لأن العدلَ في الفِراق بعضُ مطلَقِ العدل، الذي هو محطُّ مقصود سورة (النساء)». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /95).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /293).