تفسير سورة الطلاق

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ أي: لأجلِ عِدَّتِهِنَّ بأن يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا وهي طاهرةٌ في طُهْرٍ لم يُجَامِعْهَا فيه، فهذا الطلاقُ هُوَ الَّذِي تكونُ العدةُ فيه واضحةً بَيِّنَةً.
﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ الإحصاءُ: مَعْرِفَةُ العَدِّ وَضَبْطُهُ، وهو مُشْتَقٌّ من الحَصَى وهي صِغَارُ الحِجَارَةِ.
﴿بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ إلا أن يَفْحَشْنَ عليكم فُحْشًا بَيِّنًا بالعصيانِ وسوءِ المعاملةِ وَمُنْكَرِ القَوْلِ، فلا سُكْنَى لهن عَلَيْكُمْ، وقيل: المرادُ الزِّنَا، وقيل: جَمِيعُ المعَاصِي من القَذْفِ وَالزِّنَا وَغَيْرِهَا.
﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ وذلك بأن يُوقِعَ اللهُ في قَلْبِكَ حُبَّهَا، والرغبةَ في مُرَاجَعَتِهَا بعد الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ.
﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ فإذا بَلَغَ المطَلَّقَاتُ اللَّوَاتِي في عِدَّةِ أَجَلِهِنَّ، وَذَلِكَ حينَ قَرُبَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهِنَّ.
﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ أي: عَلَى وَجْهِ المُعَاشَرَةِ الحَسَنَةِ والصُّحْبَةِ الطَّيِّبَةِ، لا عَلَى وَجْهِ الضَرَرِ والشَّرِّ والحَبْسِ.
﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ أي: فِرَاقًا لا مَحْذُورَ فِيهِ من غيرِ تَشَاتُمٍ ولا تَخَاصُمٍ، ولا قَهْرٍ لها عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا.
﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾ عَلَى الإمساكِ إن أَمْسَكْتُمُوهُنَّ، وعندَ الطلاقِ إن طَلَّقْتُمُوهُنَّ.
﴿بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ أي: مُنْفِذُ أَمْرِهِ لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ.
﴿وُجْدِكُمْ﴾ مِنْ سَعَتِكُمْ وَطَاقَتِكُمْ التي تَجِدُونَ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ.
﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ﴾ وَلَا تُؤْذُونَهُنَّ.
﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ﴾ الِائْتِمَارُ بِمَعْنَى التَّآمُرِ، كالِاشْتِوَارِ بمعنى التَّشَاوُرِ، وهذا خطابٌ للأزواجِ والزوجاتِ الَّذِينَ وَقَعَ بَيْنَهُمْ الفِرَاقُ بالطَّلَاقِ.
﴿وَإِن تَعَاسَرْتُمْ﴾ وإن اخْتَلَفْتُمْ وَتَضَايَقْتُمْ في أَمْرِ الرَّضَاعِ، فشَحَّ الأَبُ في الأُجْرَةِ، وَاشْتَطَّتِ الأُمُّ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ.
﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ أَيْ: كَانَ مُضَيَّقًا عَلَيْهِ في الرِّزْقِ فَقِيرًا.
﴿عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا﴾ أَيْ: عَصَتْ وَطَغَتْ، والمرادُ أهلُ القريةِ.
﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ خَلَقَ سَبْعَ أَرَضِينَ.
﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ مَا بَيْنَ السماءِ السابعةِ والأرضِ السابعةِ، وأنزلَ الأمرَ وهو: الشرائعُ والأحكامُ الدينيةُ التي أَوْحَاهَا إلى رُسُلِهِ لتذكيرِ العبادِ وَوَعْظِهِمْ، وكذلك الأوامرُ الكونيةُ والقَدَرِيَّةُ التي يُدَبِّرُ بها الخَلْقَ.
12
سُورة التحرِيم
سورة الطلاق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطَّلاق) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الإنسان)، وقد تحدثت عن أحكامِ الطلاق، وعن الأحكام المترتِّبة عليه؛ من العِدَّة، والإرضاع، وغير ذلك، وخُتمت السورة بالعِبَر والعظات، وكانت تُسمَّى بسورة (النِّساء الصُّغْرى)؛ لِما فيها من أحكامٍ تتعلق بالمرأة، وسورة (النِّساء الكُبْرى): هي سورة (النِّساء).

ترتيبها المصحفي
65
نوعها
مدنية
ألفاظها
289
ترتيب نزولها
99
العد المدني الأول
12
العد المدني الأخير
12
العد البصري
11
العد الكوفي
12
العد الشامي
12

* سورة (الطَّلاق):

سُمِّيت سورة (الطَّلاق) بهذا الاسم؛ لأنَّها بيَّنتْ أحكامَ الطَّلاق والعِدَّة، ولأنه جاء في فاتحتِها؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ اْلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ اْلْعِدَّةَۖ وَاْتَّقُواْ اْللَّهَ رَبَّكُمْۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّآ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اْللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اْللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُۥۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اْللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرٗا} [الطلاق: 1].

* (النِّساء الصُّغْرى) أو (القُصْرى):

وسُمِّيت بذلك تمييزًا لها عن سورة (النساء الكبرى)، ولاشتمالها على بعضِ أحكام النساء، وقد ورَدتْ هذه التسميةُ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «نزَلتْ سورةُ النِّساءِ القُصْرى بعد الطُّولى». أخرجه البخاري (4532).

1. من أحكام الطلاق (١-٣).

2. من الأحكام المترتِّبة على الطلاق (٤-٧).

3. عِبَرٌ وعِظَات (٨-١٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /217).

مقصدُ هذه السورة هو بيانُ حُكْمٍ من الأحكام التي تتعلق بالعلاقات الزوجية.

يقول البقاعي: «مقصودها: تقديرُ حُسْنِ التدبير في المفارَقة والمهاجَرة بتهذيب الأخلاق بالتقوى، لا سيما إن كان ذلك عند الشِّقاق، لا سيما إن كان في أمر النساء، لا سيما عند الطلاق؛ ليكونَ الفِراق على نحوِ التواصل والتَّلاق.
واسمها (الطلاق): أجمَعُ ما يكون لذلك؛ فلذا سُمِّيت به.
وكذا سورة (النساء القُصْرى)؛ لأن العدلَ في الفِراق بعضُ مطلَقِ العدل، الذي هو محطُّ مقصود سورة (النساء)». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /95).

وينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /293).