تفسير سورة الملك

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الملك من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

قوله عز وجل :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾.
لم يوقع البلوى على أي ؛ لأن فيما بين أي، وبين البلوى إضمار فعل، كما تقول في الكلام : بلوتكم لأنظر أيُّكم أطوع، فكذلك، فأعمل فيما تراه قبل، أي مما يحسن فيه إضمار النظر في قولك : اعلم أيُّهم ذهب [ ٢٠٢/ا ] وشبهه، وكذلك قوله :﴿ سَلْهُمْ أَيُّهم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ﴾ يريد : سلهم ثم انظر أيهم يكفل بذلك، وقد يصلح مكان النظر القولُ في قولك : اعلم أيهم ذهب ؛ لأنه يأتيهم ؛ فيقول : أيكم ذهب ؟ فهذا شأن هذا الباب، وقد فسر في غير هذا الموضع. ولو قلت : اضرب أيّهم ذهب. لكان نصبا ؛ لأن الضرب لا يحتمل أن يضمر فيه النظر، كما احتمله العلم والسؤال والبلوى.
وقوله :﴿ ما تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمانِ مِن تَفَاوُتٍ ﴾.
[ حدثني محمد بن الجهم قال ] حدثنا الفراء قال : حدثني بعض أصحابنا عن زهير بن معاوية الجُعفي عن أبي إسحاق : أنّ عبد الله بن مسعود قرأ «من تفوّت ».
حدثنا محمد بن الجهم، حدثنا الفراء قال : وحدثني حِبان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة : أنه قرأ :«تفوّت » وهي قراءة يحيى، وأصحاب عبد الله، وأهل المدينة وعاصم.
وأهل البصرة يقرأون :«تفاوتٍ » وهما بمنزلةٍ واحدة، كما قال :«ولا تُصَاعِرْ، وتُصَعّر » وتعهّدت فلانا وتعاهدته، والتفاوت : الاختلاف، أي : هل ترى في خلقه من اختلاف، ثم قال : فارجع البصر، وليس قبله فعل مذكور، فيكون الرجوع على ذلك الفعل، لأنه قال : ما ترى، فكأنه قال : انظر، ثم ارجع، وأما الفطور فالصدوع والشقوق.
وقوله :﴿ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً ﴾.
يريد : صاغرا، وهو حسير كليل، كما يحسَر البعيرُ والإِبلُ إذا قوّمت عن هزال وكلال فهي الحسرى، وواحدها : حسير.
وقوله :﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ ﴾ تقطع عليهم غيظا.
وقوله :﴿ فَاعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ ﴾.
ولم يقل :«بذنوبهم » لأنّ في الذنب فعلا، وكل واحد أضفته إلى قوم بعد أن يكون فعلا أدّى عن جمع أفاعيلهم، ألا ترى أنك تقول : قد أذنب القوم إذنابا، ففي معنى إذناب : ذنوب، وكذلك تقول : خرجَتْ أعطيته الناس وعطاء الناس فالمعنى واحد والله أعلم.
وقوله :﴿ فَسُحْقاً لأَصْحابِ السَّعِيرِ ﴾. اجتمعوا على تخفيف السُّحْق، ولو قرئت : فسُحُقاً كانت لغة حسنة.
وقوله :﴿ فَامْشُواْ فِي مَناكِبِها ﴾ في جوانبها.
وقوله :﴿ أَأَمِنتُمْ ﴾ يجوز فيه أن تجعل بين الألفين ألفا غير مهموزة، كما يقال :﴿ آانتم ﴾، ﴿ آإذا مِتْنا ﴾، كذلك فافعل بكل همزتين تحركتا فزد بينهما مدة، وهي من لغة بني تميم.
وقوله :﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ ﴾.
تقول : قد أكبَّ الرجل : إذا كان فعله غير واقع على أحد، فإذا وقع الفعل أسقطت الألف، فتقول : قد كبّه الله لوجهه، وكببتُه أنا لوجهه.
وقوله :﴿ وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ﴾.
يريد : تَدْعُونَ، وهو مثل قوله : تَذْكُرون، وتَذَّكَّرون، وتخبرون و تختبرون، والمعنى واحد والله أعلم.
وقد قرأ بعض القراء :«ما تَدْخَرون » يريد : تدّخرون، فلو قرأ قارئ :«هذا الذي كُنتم به تدْعون » كان صوابا.
وقوله :﴿ فَسَيَعْلَمُون ﴾.
قراءة العوامّ «فستعلمون » بالتاء.
[ حدثنا محمد بن الجهم قال : سمعت الفراء وذكر محمد بن الفضل [ ٢٠٢/ب ] عن عطاء عن أبي عبد الرحمن عن علي ( رحمه الله ) فسيعلمون بالياء، وكل صواب.
وقوله :﴿ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً ﴾.
العرب تقول : ماء غور، وبئر غور، وماءان غور، ولا يثنون ولا يجمعون : لا يقولون : ماءان غوران، ولا مياه أغوار، وهو بمنزلة : الزَّوْر ؛ يقال : هؤلاء زور فلان، وهؤلاء ضيف فلان، ومعناه : هؤلاء أضيافه، وزواره. وذلك أنه مصدر فأُجري على مثل قولهم : قوم عدل، وقوم رِضا ومَقْنَع.
سورة الملك
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المُلْكِ) من السُّوَر المكية، وتسمى أيضًا سورة {تَبَٰرَكَ}، وسورة (المُنْجِية)، وقد جاءت للدلالة على عظيمِ قدرة الله وجلال قَدْره، وتنزيهِه عن النقائص؛ فهو المستحِقُّ للعبادة، واشتملت على تخويفٍ من عذاب الله، وتهديد من مخالَفة أمره، وأنه لا نجاةَ إلا بالرجوع إليه، والالتجاء إليه، وسورة (المُلْكِ) تَشفَع لصاحبها، وتُنجِي مَن قرأها من عذاب القبر.

ترتيبها المصحفي
67
نوعها
مكية
ألفاظها
333
ترتيب نزولها
77
العد المدني الأول
30
العد المدني الأخير
30
العد البصري
30
العد الكوفي
30
العد الشامي
30

* سورة (المُلْكِ):

سُمِّيت سورةُ (المُلْكِ) بذلك؛ لافتتاحها بتعظيمِ الله نفسَه بأنَّ بيدِه المُلْكَ؛ قال تعالى: {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٖ قَدِيرٌ} [الملك: 1].

* سورة {تَبَٰرَكَ}:

وسُمِّيت بهذا الاسمِ {تَبَٰرَكَ}؛ لافتتاحِها به.

* سورة (المُنْجِية):

وسُمِّيت بهذا الاسمِ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «ضرَبَ بعضُ أصحابِ النبيِّ ﷺ خِباءَه على قَبْرٍ، وهو لا يَحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ} حتى ختَمَها، فأتى النبيَّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي ضرَبْتُ خِبائي على قَبْرٍ، وأنا لا أحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ المُلْكِ حتى ختَمَها، فقال النبيُّ ﷺ: «هي المانعةُ، هي المُنْجِيةُ؛ تُنجِيه مِن عذابِ القَبْرِ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٠).

وهذا الاسمُ أقرَبُ  إلى أن يكونَ وصفًا من كونِه اسمًا.

* سورة (المُلْكِ) تَشفَع لصاحبها حتى يغفرَ اللهُ له:

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ سورةً مِن القرآنِ ثلاثون آيةً شفَعتْ لِرَجُلٍ حتى غُفِرَ له؛ وهي: {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٢٨٩١).

* سورة (المُلْكِ) تُنجِي مَن قرأها من عذاب القبر:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «ضرَبَ بعضُ أصحابِ النبيِّ ﷺ خِباءَه على قَبْرٍ، وهو لا يَحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ {تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ} حتى ختَمَها، فأتى النبيَّ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي ضرَبْتُ خِبائي على قَبْرٍ، وأنا لا أحسَبُ أنَّه قَبْرٌ، فإذا فيه إنسانٌ يَقرأُ سورةَ المُلْكِ حتى ختَمَها، فقال النبيُّ ﷺ: «هي المانعةُ، هي المُنْجِيةُ؛ تُنجِيه مِن عذابِ القَبْرِ»». أخرجه الترمذي (٢٨٩٠).

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (المُلْكِ) قبل نومه:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: «أنَّه صلى الله عليه وسلم كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ: {الٓمٓ * تَنزِيلُ} السَّجْدةَ، و{تَبَٰرَكَ اْلَّذِي بِيَدِهِ اْلْمُلْكُ}». أخرجه الترمذي (٣٤٠٤).

1. عظيم قدرة الله، وجلال قَدْره (١-٥).

2. قُدْرته تعالى على العقاب (٦-١١).

3. قدرته تعالى على الثواب (١٢-١٥).

4. تخويفٌ وتهديد (١٦-١٩).

5. قدرته تعالى على الحَشْرِ والخَلْق (٢٠-٢٤).

6. النجاة بالتوكل على الله (٢٥-٣٠).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /270).