تفسير سورة الفلق

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور

تفسير سورة سورة الفلق من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ
سورة الفلق
فضل المعوذتين
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث، فلما اشتد وجعُه كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده رجاء بركتها.
[ المصدر السابق ح ٥١١٦ ].
قال الحاكم : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا وهب ابن جرير، ثنا أبي، سمعت يحيى بن أيوب يحدث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران التجيبي، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله، اقرأ من سورة يوسف، وسورة هود قال : يا عقبة، " اقرأ ب﴿ أعوذ برب الفلق ﴾، فإنك لن تقرأ بسورة أحب إلى الله وأبلغ عنده منها، فإن استطعت أن لا تفوتك فافعل.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، [ المستدرك ٣/ ٥٤٠-ك التفسير ]، وصححه الذهبي. وقد قام بتخريجه الشيخ محمد رزق طرهوني تخريجا وافيا، وتوصل إلى تصحيحه [ موسوعة فضائل سور وآيات القرآن ٢/ ٥٠٩ ].
وانظر سورة الإخلاص في فضلها.

قوله تعالى ﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ قال : الصبح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿ الفلق ﴾ قال : الخلق.
قوله تعالى﴿ من شر ما خلق ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ غاسق ﴾ قال : الليل ﴿ إذا وقب ﴾
قال : إذا دخل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ إذا وقب ﴾ قال : إذا أقبل.
قوله تعالى ﴿ ومن شر غاسق إذا وقب ﴾.
قال الترمذي : حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الملك بن عمرو العقدي، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر، فقال : " يا عائشة، استعيذي بالله من شر هذا ؟ فإن هذا : الغاسق إذا وقب ".
[ السنن ٥/ ٤٥٢ ح ٣٣٦٦- ك التفسير، ب ومن سورة المعوذتين ]، وأخرجه النسائي في [ عمل اليوم والليلة ح ٣٠٦ ] من طريق سفيان، وأحمد [ المسند ٦/ ٢٠٦ ] عن وكيع، والحاكم [ المستدرك ٢/ ٥٤٠-٥٤١ ] من طريق آدم بن أبي إياس، كلهم عن ابن أبي ذئب به. قال الترمذي : حديث حسن صحيح. وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الألباني : حسن صحيح [ صحيح سنن الترمذي ح ٢٦٨١ ].
قوله تعالى ﴿ ومن شر النفاثات في العقد ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : كان الحسن يقول إذا جاز ﴿ ومن شر النفاثات في العقد ﴾ قال : إياكم وما خالط السحر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن الحسن ﴿ النفاثات ﴾ : السواحر.
وصحح إسناده الحافظ ابن حجر [ فتح الباري ١٠/ ٢٢٥ ].
قوله تعالى ﴿ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾.
قال البخاري : حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحاسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فهو يقول : لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقه، فيقول : لو أوتيت مثل ما أوتي، عملت فيه مثل ما يعمل ".
[ الصحيح ١٣/ ٥١١- ك التوحيد، ب قول النبي صلى الله عليه وسلم " رجل آتاه الله القرآن " ح ٧٥٢٨ ].
وقال البخاري : حدثنا بشر بن محمد قال : أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن : فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسّسوا، ولا تجسّسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ).
[ الصحيح ١٠/ ٤٩٦- ك الأدب، ب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ح ٦٠٦٤ }
سورة الفلق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفَلَق) من السُّوَر المكية، يطلق عليها وعلى سورة (الناس): (المُعوِّذتانِ)، ومحورها تعليمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الالتجاءَ إلى الله عز وجل؛ ليحميَهم ويُعِيذَهم من شرِّ الخَلْق، وقد أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءتها في غير موضع: بعد كلِّ صلاة، وصباحًا ومساءً، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تأذى أحدٌ من أهل بيته قرأ عليه (المُعوِّذتين).

ترتيبها المصحفي
113
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
20
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفَلَقِ):

سُمِّيت سورة (الفَلَقِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ} [الفلق: 1].

* سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ثبَت هذا الاسمُ في كثير من الأحاديث؛ منها:

ما جاء عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «اتَّبَعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو راكبٌ، فوضَعْتُ يدي على قَدَمِه، فقلتُ: أقرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةَ هودٍ، وسورةَ يوسُفَ، فقال: «لن تَقرأَ شيئًا أبلَغَ عند اللهِ مِن {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}»». أخرجه النسائي (953).

* وتُسمَّى مع سورة (الناس) بـ (المُعوِّذتَينِ):

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرأَ بالمُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرقِي أهلَه بـ(المُعوِّذات):

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحدٌ مِن أهلِ بيتِه، نفَثَ عليه بالمُعوِّذاتِ...». أخرجه مسلم (٢١٩٢).

* وصَفهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنْ لا مثيلَ لهنَّ:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «ألَمْ ترَ آياتٍ أُنزِلتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثْلُهنَّ قطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}». أخرجه مسلم (٨١٤).

قرَأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (المُعوِّذتَينِ) في غير موضع:

* في صلاة الفجر:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* في الوتر:

عن عبدِ العزيزِ بن جُرَيجٍ، قال: «سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شيءٍ كان يُوتِرُ رسولُ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان يَقرأُ في الركعةِ الأُولى بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ بـ {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، والمُعوِّذتَينِ». أخرجه أحمد (25906).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) صباحًا ومساءً:

عن عبدِ اللهِ بن خُبَيبٍ رضي الله عنه، قال: «خرَجْنا في ليلةِ مطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ اللهِ ﷺ ليُصلِّيَ لنا، فأدرَكْناه، فقال: «أصلَّيْتم؟»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، فقال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} والمُعوِّذتَينِ حينَ تُمسِي وحينَ تُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ: تَكفِيك مِن كلِّ شيءٍ»». أخرجه أبو داود (٥٠٨٢).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة المُعوِّذتَينِ بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

الاستعاذةُ بالله من شرِّ الخَلْقِ الظاهر (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /468).

تعليمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلماتٍ للالتجاءِ إليه، والتعوُّذِ به من شرِّ ما يُتَّقى شرُّه من شرِّ المخلوقات الشريرة.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /625).