تفسير سورة الفلق

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة الفلق من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

[قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ....﴾ إلى آخر السورة]. [١-٥].
قال المفسرون: كان غلامٌ من اليهود يخدُمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فدَنَتْ إليه اليهودُ، ولم يزالوا به حتى أخَذ مُشَاطَةَ [رأسِ] النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعدَّةَ أسنانٍ من مُشْطِه، فأعطاها اليهودَ، فسحَرُوه فيها.
وكان الذي تولَّى ذلك لَبيدُ بن الأعْصَم اليهوديُّ، ثم دسها في بئر لبني زُرَيْقٍ، يقال لها: "ذَرْوَانُ".
فمرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانْتَثَرَ شعرُ رأسه، و [لَبِث ستةَ أشهر] يُرَى أنه يأتي النساء ولا يأتِيهِنَّ، وجعل يَذُوبُ ولا يدري ما عَرَاه.
فبينما هو نائم ذاتَ يوم، [إِذْ] أتاه ملَكان، فقعد أحدُهما عند رأسه، والآخرُ عند رِجلَيْه. فقال الذي عند رأسه: ما بالُ الرَّجُلِ؟ قلت: طُبَّ. قال: وما الطُّبُّ؟ قال: سحرٌ. قال: ومَن سحَرَه؟ قال: لَبِيدُ بن الأعْصَم اليهوديُّ. قال: وبم طَبَّه؟ قال: بِمُشْط ومُشَاطَةٍ. قال: وأيْنَ هو؟ قال: في جُفِّ طَلْعَةٍ تحت راعُوفَةٍ في بئر ذَرْوَانَ.
و "الجُفُّ": قشرُ الطَّلْع. و "الرَّعُوفَةُ": حجرٌ في أسفل البئر، يقومُ عليه الماتِحُ.
فانتَبَهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عائشةُ! أمَا شَعَرْتِ أن الله أخبرني بدائي؟! ثم بعث عليَّاً والزُّبَيرَ وعَمَّارَ بن ياسرٍ، فنَزَحوا ماء تلك البئرِ كأنه نُقاعةُ الحِنَّاءِ، ثم رفعوا الصخرةَ وأخْرجوا الجُفَّ، فإذا فيه مُشاطَةُ رأسِه - صلى الله عليه وسلم - وأسنانُ مُشْطِه، وإذا [فيه] وَتَرٌ معقودٌ فيه إحدى عشرة عُقْدَةً مغروزة بالإبَر.
فأنزل الله تعالى سورتَيْ المُعَوِّذَتَيْنَ. فجعل كلَّما قرأ آية انحلَّتْ عُقدةٌ، ووجَد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خِفَّةً، حتى انحلَّتْ العُقدةُ الأخيرة، فقام كأنَّما أُنْشِطَ من عِقَالٍ. وجعل جبريلُ - عليه السلام - يقول: بسم الله أَرْقيك، من كل شيء يُؤْذِيك، ومن حاسدٍ وعينٍ اللهُ يَشفيك!.
فقالوا: يا رسولَ الله! أفلا نؤُم الخبيث؟! فنقتله؟! فقال: أما أنا فقد شفاني الله وأكرهُ أن أثيرَ على الناس شرَّاً.
[فهذا من حِلم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم].
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفر، أخبرنا أبو عَمرٍو محمدُ بن أحمدَ الحِيريُّ، أخبرنا أحمد بن عليٍّ المَوْصِليُّ، أخبرنا مجاهد بن موسى، أخبرنا أبو أسَامةَ عن هشام بن عُرْوةَ: عن أبيه، عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت:
سُحَرِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه فَعَل الشيء، وما فَعَل. حتى إذا كان ذات يومٍ - وهو عندي - دعا الله ودَعَا، ثم قال: أشَعَرْتِ - يا عائشةُ! - أن الله قد أفتاني فيما اسْتفتَيتُهُ فيه؟!
قلتُ: وما ذاكَ يا رسول الله؟ قال: أتاني ملَكان.
وذكر القصة بطولها. رواه البخاري عن عُبَيْد بن إسماعيلَ، عن أبي أُسامة.
ولهذا الحديث طرقٌ في الصحيحين. [قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ....﴾ إلى آخر السورة]. [١-٦].
قال المفسرون: كان غلامٌ من اليهود يخدُمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فدَنَتْ إليه اليهودُ، ولم يزالوا به حتى أخَذ مُشَاطَةَ [رأسِ] النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعدَّةَ أسنانٍ من مُشْطِه، فأعطاها اليهودَ، فسحَرُوه فيها.
وكان الذي تولَّى ذلك لَبيدُ بن الأعْصَم اليهوديُّ، ثم دسها في بئر لبني زُرَيْقٍ، يقال لها: "ذَرْوَانُ".
فمرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانْتَثَرَ شعرُ رأسه، و [لَبِث ستةَ أشهر] يُرَى أنه يأتي النساء ولا يأتِيهِنَّ، وجعل يَذُوبُ ولا يدري ما عَرَاه.
فبينما هو نائم ذاتَ يوم، [إِذْ] أتاه ملَكان، فقعد أحدُهما عند رأسه، والآخرُ عند رِجلَيْه. فقال الذي عند رأسه: ما بالُ الرَّجُلِ؟ قلت: طُبَّ. قال: وما الطُّبُّ؟ قال: سحرٌ. قال: ومَن سحَرَه؟ قال: لَبِيدُ بن الأعْصَم اليهوديُّ. قال: وبم طَبَّه؟ قال: بِمُشْط ومُشَاطَةٍ. قال: وأيْنَ هو؟ قال: في جُفِّ طَلْعَةٍ تحت راعُوفَةٍ في بئر ذَرْوَانَ.
و "الجُفُّ": قشرُ الطَّلْع. و "الرَّعُوفَةُ": حجرٌ في أسفل البئر، يقومُ عليه الماتِحُ.
فانتَبَهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عائشةُ! أمَا شَعَرْتِ أن الله أخبرني بدائي؟! ثم بعث عليَّاً والزُّبَيرَ وعَمَّارَ بن ياسرٍ، فنَزَحوا ماء تلك البئرِ كأنه نُقاعةُ الحِنَّاءِ، ثم رفعوا الصخرةَ وأخْرجوا الجُفَّ، فإذا فيه مُشاطَةُ رأسِه - صلى الله عليه وسلم - وأسنانُ مُشْطِه، وإذا [فيه] وَتَرٌ معقودٌ فيه إحدى عشرة عُقْدَةً مغروزة بالإبَر.
فأنزل الله تعالى سورتَيْ المُعَوِّذَتَيْنَ. فجعل كلَّما قرأ آية انحلَّتْ عُقدةٌ، ووجَد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خِفَّةً، حتى انحلَّتْ العُقدةُ الأخيرة، فقام كأنَّما أُنْشِطَ من عِقَالٍ. وجعل جبريلُ - عليه السلام - يقول: بسم الله أَرْقيك، من كل شيء يُؤْذِيك، ومن حاسدٍ وعينٍ اللهُ يَشفيك!.
فقالوا: يا رسولَ الله! أفلا نؤُم الخبيث؟! فنقتله؟! فقال: أما أنا فقد شفاني الله وأكرهُ أن أثيرَ على الناس شرَّاً.
[فهذا من حِلم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم].
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفر، أخبرنا أبو عَمرٍو محمدُ بن أحمدَ الحِيريُّ، أخبرنا أحمد بن عليٍّ المَوْصِليُّ، أخبرنا مجاهد بن موسى، أخبرنا أبو أسَامةَ عن هشام بن عُرْوةَ: عن أبيه، عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت:
سُحَرِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه فَعَل الشيء، وما فَعَل. حتى إذا كان ذات يومٍ - وهو عندي - دعا الله ودَعَا، ثم قال: أشَعَرْتِ - يا عائشةُ! - أن الله قد أفتاني فيما اسْتفتَيتُهُ فيه؟!
قلتُ: وما ذاكَ يا رسول الله؟ قال: أتاني ملَكان.
وذكر القصة بطولها. رواه البخاري عن عُبَيْد بن إسماعيلَ، عن أبي أُسامة.
ولهذا الحديث طرقٌ في الصحيحين.
سورة الفلق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفَلَق) من السُّوَر المكية، يطلق عليها وعلى سورة (الناس): (المُعوِّذتانِ)، ومحورها تعليمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الالتجاءَ إلى الله عز وجل؛ ليحميَهم ويُعِيذَهم من شرِّ الخَلْق، وقد أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءتها في غير موضع: بعد كلِّ صلاة، وصباحًا ومساءً، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تأذى أحدٌ من أهل بيته قرأ عليه (المُعوِّذتين).

ترتيبها المصحفي
113
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
20
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفَلَقِ):

سُمِّيت سورة (الفَلَقِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ} [الفلق: 1].

* سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ثبَت هذا الاسمُ في كثير من الأحاديث؛ منها:

ما جاء عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «اتَّبَعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو راكبٌ، فوضَعْتُ يدي على قَدَمِه، فقلتُ: أقرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةَ هودٍ، وسورةَ يوسُفَ، فقال: «لن تَقرأَ شيئًا أبلَغَ عند اللهِ مِن {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}»». أخرجه النسائي (953).

* وتُسمَّى مع سورة (الناس) بـ (المُعوِّذتَينِ):

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرأَ بالمُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرقِي أهلَه بـ(المُعوِّذات):

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحدٌ مِن أهلِ بيتِه، نفَثَ عليه بالمُعوِّذاتِ...». أخرجه مسلم (٢١٩٢).

* وصَفهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنْ لا مثيلَ لهنَّ:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «ألَمْ ترَ آياتٍ أُنزِلتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثْلُهنَّ قطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}». أخرجه مسلم (٨١٤).

قرَأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (المُعوِّذتَينِ) في غير موضع:

* في صلاة الفجر:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* في الوتر:

عن عبدِ العزيزِ بن جُرَيجٍ، قال: «سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شيءٍ كان يُوتِرُ رسولُ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان يَقرأُ في الركعةِ الأُولى بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ بـ {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، والمُعوِّذتَينِ». أخرجه أحمد (25906).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) صباحًا ومساءً:

عن عبدِ اللهِ بن خُبَيبٍ رضي الله عنه، قال: «خرَجْنا في ليلةِ مطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ اللهِ ﷺ ليُصلِّيَ لنا، فأدرَكْناه، فقال: «أصلَّيْتم؟»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، فقال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} والمُعوِّذتَينِ حينَ تُمسِي وحينَ تُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ: تَكفِيك مِن كلِّ شيءٍ»». أخرجه أبو داود (٥٠٨٢).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة المُعوِّذتَينِ بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

الاستعاذةُ بالله من شرِّ الخَلْقِ الظاهر (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /468).

تعليمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلماتٍ للالتجاءِ إليه، والتعوُّذِ به من شرِّ ما يُتَّقى شرُّه من شرِّ المخلوقات الشريرة.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /625).