تفسير سورة الرعد

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة الرعد من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ يَجْعَلُ الليلَ يُغَطِّي النَّهَارَ فَيَسْتُرُ بِظُلْمَتِهِ ضَوْءَهُ، وكذلك يَجْعَلُ النَّهَارَ يُغَطِّي الليلَ فَيَسْتُرُ بِضِيَائِهِ ظُلْمَتَهُ، والغشاءُ: الغطاءُ.
﴿قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ﴾ بِقَاعٌ مُتَلَاصِقَةٌ مع اختلافها في التربةِ، فَمِنْهَا طَيِّبَةٌ خَصْبَةٌ، ومنها مُجْدِبَةٌ قَاحِلَةٌ، ومنها بيضاءُ نَاصِعَةٌ، ومنها سوداءُ قَاتِمَةٌ.
﴿وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ﴾ وهي النخلاتُ المتلاصقاتُ يَجْتَمِعْنَ من أصلٍ واحدٍ، جَمْعُ صِنْوٍ.
﴿الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾ يَوْمَ القِيَامَةِ، والأغلالُ: جَمْعُ غُلٍّ، وهو طَوْقٌ من حديدٍ تُشَدُّ بِهِ الْيَدُ إلى العُنُقِ.
﴿المَثُلاَتُ﴾ جمع مَثُلَةٍ -بِفَتْحِ الميمِ وَضَمِّ الثَّاءِ كَسَمُرَةٍ وَصَدَقَةٍ، وبضمِّ الميمِ وسكونِ الثاءِ كَغُرْفَةٍ- وهي العقوبةُ الشديدةُ التي تكون مَثَلًا ليرتدعَ غيرُه به.
﴿تَغِيضُ﴾ تَنْقُصُ.
﴿مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ﴾ مُسْتَتِرٌ بأعمالِه في ظلمةِ الليلِ.
﴿سَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ ظَاهِرٌ بذَهَابِهِ وأعمالِه في طريقِه بالنهار، مُسْتَعْلِنٌ لا يَسْتَخْفِي، والسِّرْبُ: الطريقُ، والحاصلُ أنه يستوي في عِلْمِهِ تعالى السِّرُّ والجهرُ والمُسْتَخْفِي في الظلمات، والظاهرُ في الطرقاتِ، وفي هذه الآياتِ رَدٌّ عَلَى أولئك المُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يؤمنون بِعِلْمِ اللهِ بجميعِ الأشياءِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى بَعْثِ جَمِيعِ الأحياءِ.
﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾ جَمَاعَاتٌ مِنَ المَلَائِكَةِ؛ لأن بعضَهم يَعْقِبُ بَعْضًا، وقيل: معناه: لِلْمَلِكِ من مُلُوكِ الدُّنْيَا حَرَسٌ يَتَعَاقَبُونَ في حِرَاسَتِهِ، وقيل: الضميرُ راجعٌ إلى رسولِ اللهِ - ﷺ -، وعلى المعنى الأولِ: يكونُ الضميرُ رَاجِعًا إلى الإنسانِ.
﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ أي: وَيَخْلُقُ سبحانَه السحابَ المُثْقَلَ بالماءِ الكثيرِ، فينزل بالمطرِ الغزيرِ، فَيُحْيِي به الأرضَ بعدَ مَوْتِهَا، والسَّحَابُ: اسمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ سَحَابَةٌ، والثِّقَالُ: جَمْعُ ثَقِيلَةٍ.
﴿وَظِلالُهُم﴾ الظلالُ جَمْعُ ظِلٍّ: وهو الخيالُ الَّذِي يَظْهَرُ للأشياءِ التي لها جِسْمٌ عند بزوغِ الشمسِ أو القمرِ، أي: وَظِلَالُ الأشياءِ كُلِّهَا خَاضِعَةٌ للهِ مُنْقَادَةٌ لِحُكْمِهِ وَأَمْرِهِ.
﴿بِالْغُدُوِّ﴾ جمع غَدَاةٍ: وهي أولُ النَّهَارِ.
﴿وَالآصَالِ﴾ جمع أُصُلٍ، والأُصُلُ: جَمْعُ أَصِيلٍ: وهو آخِرُ النَّهَارِ، والمرادُ: جَمِيعُ الأَوْقَاتِ.
﴿فَاحْتَمَلَ﴾ حَمَلَ.
﴿زَبَدًا﴾ الرَّغْوَةُ التي تَعْلُو وَجْهَ الماءِ.
﴿رَّابِيًا﴾ طَافِيًا مُرْتَفِعًا.
﴿جُفَاء﴾ مَا رَمَى به الوادي مِنَ الزَّبَدِ إلى جَوَانِبِهِ، يُقَالُ: أَجْفَاهُ الوادي؛ أَيْ: رَمَى به.
﴿يَيْأَسِ﴾ يَعْلَمُ بِلُغَةِ بَعْضِ العَرَبِ.
﴿نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ النَّقْصُ: الذَّهَابُ من الشيء بحيثُ يَقِلُّ مقدارُه، والأطرافُ جَمْعُ طَرَفٍ، وهي الجوانبُ من الأرض، أو الطوائفُ من الناسِ، والمعنى: أَوَلَمْ تَرَ قريشٌ هلاكَ مَنْ قَبْلَهُمْ، وخرابَ أَرْضِهِمْ، أفلا يَخَافُونَ أن يَحِلَّ بهم مثلُ ذلك، والاستفهامُ في الآية استفهامُ تقريرٍ، أي: لقد أريناهم النقصانَ في الأرضِ بالخرابِ، والنقصانَ بالكفارِ بالهلاكِ؛ لِيَعْلَمُوا أن تأخيرَ العذابِ عنهم ليس عن عَجْزٍ، وَلَكِنْ عن حِكْمَةٍ، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ.
﴿لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ لا رَادَّ لقضائه، ولا يَتَعَقَّبُ حُكْمَهُ أَحَدٌ بنقضٍ ولا تغييرٍ، والمُعَقِّبُ هُوَ الَّذِي يُعَقِّبُ غيرَه بالردِّ والإبطالِ.
41
سُورة إِبْرَاهِيمَ
سورة الرعد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اهتمَّتْ سورةُ (الرَّعْدِ) ببيان أصول الاعتقاد؛ من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبِه، كما دلَّتْ على عظيم قدرة الله تعالى، وتحكُّمِه في هذا الكون، وتدبيرِه؛ فهو الخالق، المالك، المُدبِّر، المستحِقُّ للعبادة، وجاءت السورةُ على ذكرِ آية عظيمة من آيات الله في الكون؛ وهي الرعدُ الذي يُخوِّف اللهُ به عباده، كما أن باطنَ هذا الرعد خيرٌ وغَيْثٌ ورحمة، يُصرِّفه الخالقُ كيف شاء؛ فالله خالقُ كل شيء، وبيدِه مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
13
نوعها
مكية
ألفاظها
853
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
44
العد المدني الأخير
44
العد البصري
45
العد الكوفي
43
العد الشامي
47

* سورة (الرَّعْدِ):

سُمِّيتْ سورة (الرَّعد) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ الرَّعد.

اشتمَلتْ سورةُ (الرَّعد) على الموضوعات الآتية:

1. عظمةُ القرآن الكريم (١-٢).

2. أدلة على قدرة الله، وعظيم سلطانه (٣-٤).

3. إنكار المشركين للبعث، وإحاطةُ علم الله تعالى (٥-١١).

4. بيان قدرة الله الكونية (١٢- ١٣).

5. لله دعوةُ الحق (١٤-٢٩).

6. مقارَعة المشركين بالحُجة (١٤-٢٩).

7. مثال عن الحق والباطل (١٤-٢٩).

8. صفات المؤمنين /الكافرين (١٤-٢٩).

9. الرد على الكفار، والجزاء (٣٠-٤٣).

10. وصف الجنة (٣٠-٤٣).

11. إثبات النَّسخ (٣٠-٤٣).

12. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم (٣٠-٤٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /563).

دلَّ اسم السُّورة على مقصدِها العظيم، وقد ذكَره البقاعيُّ فقال:

«وصفُ الكتاب بأنه الحقُّ في نفسه، وتارةً يتأثر عنه، مع أن له صوتًا وصِيتًا، وإرغابًا وإرهابًا، يَهدي بالفعل وتراه لا يتأثر؛ بل يكون سببًا للضَّلال والعمى.

وأنسَبُ ما فيها لهذا المقصدِ: الرَّعدُ؛ فإنه مع كونه حقًّا في نفسه يَسمَعه الأعمى والبصير، والبارز والمستتِرُ، وتارة يتأثر عنه البَرْقُ والمطر، وتارة لا، وإذا نزَل المطر: فتارة يَنفَع إذا أصاب الأراضيَ الطيِّبة، وتارة يَخِيبُ إذا نزَل على السِّباخ الخوَّارة، وتارة يضرُّ بالإغراق، أو الصواعق، أو البَرَد، وغيرها». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /193).