تفسير سورة الرعد

آراء ابن حزم الظاهري في التفسير

تفسير سورة سورة الرعد من كتاب آراء ابن حزم الظاهري في التفسير
لمؤلفه ابن حزم . المتوفي سنة 456 هـ

قوله تعالى :﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾
المسألة السابعة والثلاثون : في خلق أفعال العباد.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن جميع أفعال العباد مخلوقة، قد خلقها الله عز وجل في الفاعلين لها، وأنه لا خالق سواه سبحانه وتعالى.
قال ابن حزم : اختلفوا في خلق الله عز وجل لأفعال عباده، فذهب أهل السنة كلهم، وكل من قال بالاستطاعة مع الفعل إلى أن جميع أفعال العباد مخلوقة، قد خلقها الله عز وجل في الفاعلين لها.
والبرهان على صحة قول من قال : إن الله تعالى خلق أفعال العباد كلها، نصوص من القرآن، وبراهين ضرورية منتجة من بديهة العقل والحواس، لا يغيب عنها إلا جاهل، وبالله تعالى التوفيق.
فمن النصوص : قول الله عز وجل :﴿ هل من خالق غير الله ﴾١ هذا كاف لمن عقل واتقى ربه.
وقوله تعالى :﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء ﴾٢
وهذا بيان جلي أن الخلق كله جواهر وأعراض، ولا شك في أنه لا يفعل الجواهر أحد إلا الله تعالى، وإنما يفعلها الله تعالى وحده، فلم يبق الأعراض، فلو كان الله تعالى خالقا لبعض الأعراض، ويكون الناس خالقين لبعضها، لكانوا شركاء في الخلق، ولكانوا قد خلقوا كخلقه، خلق أعراضا وخلقوا أعراضا، وهذا تكذيب لله تعالى، ورد للقرآن مجرد، فصح أنه لا يخلق شيئا غير الله تعالى وحده.
والخلق : هو الاختراع، فالله تعالى مخترع لأعراضنا كسائر الأعراض، ولا فرق. ٣ اه
١ فاطر (٣).
٢ الرعد (١٦)..
٣ الفصل ٣/٨١-٨٥. باختصار..
قوله تعالى :﴿ جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ﴾
المسألة الثامنة والثلاثون : في الإيمان بالملائكة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله – إلى وجوب الإيمان بالملائكة، وأنهم حق.
قال ابن حزم : وأن الملائكة حق، وهم خلق من خلق الله عز وجل، مكرمون كلهم، رسل الله، قال الله تعالى :﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ﴾
وقال تعالى :﴿ بل عباد مكرمون ﴾١ وقال تعالى :﴿ جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة ﴾٢ ٣
١ الأنبياء ٢٦..
٢ فاطر (١)..
٣ المحلى (١/٩٦)..
قوله تعالى :﴿ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ﴾
المسألة التاسعة والثلاثون : في المعجزات.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن الإتيان بالمعجزات خاص بأنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، وأن العادة لا تخرق لمن سواهم.
قال ابن حزم : وأن المعجزات لا يأتي بها أحد إلا الأنبياء عليهم السلام.
قال عز وجل :﴿ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ﴾ وقال تعالى :﴿ وإن يروا آية يعرضوا ويقولووا سحر مستمر ﴾١ وقال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام أنه :﴿ قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه ﴾٢ وقال تعالى :﴿ فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه ﴾٣
فصح أنه لو أمكن أن يأتي أحد، ساحر أو غيره، بما يحيل طبيعة، أو يقلب نوعا لما سمى تعالى ما يأتي به الأنبياء عليهم السلام برهانا لهم ولا آية لهم، ولا أنكر على من سمى ذلك سحرا، ولا يكون ذلك آية لهم عليهم السلام. ٤ اه
وقال أيضا : ولا يجوز البتة وجود معجزة، وإحالة طبيعة لغير نبي أصلا، ولو كان ذلك لما كان بين النبي وغير النبي فرق.
والتحدي لا معنى له ؛ لأن الله تعالى لم يخبر باشتراطه، ولا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل : إن المعجزة إذا ظهرت من رجل فاضل فإنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم، كالتي ظهرت في حياته عليه السلام.
قلنا : ليس كذلك ؛ لأنه لا يكون الفاضل أحق بها من الفاسق من المسلمين. ٥
١ القمر (٢)..
٢ الشعراء (٣٠-٣٢)..
٣ القصص (٣٢)..
٤ المحلى (١/١٠٩)..
٥ الدرة فيما يجب اعتقاده ص (١٩٥، ١٩٤).
سورة الرعد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اهتمَّتْ سورةُ (الرَّعْدِ) ببيان أصول الاعتقاد؛ من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبِه، كما دلَّتْ على عظيم قدرة الله تعالى، وتحكُّمِه في هذا الكون، وتدبيرِه؛ فهو الخالق، المالك، المُدبِّر، المستحِقُّ للعبادة، وجاءت السورةُ على ذكرِ آية عظيمة من آيات الله في الكون؛ وهي الرعدُ الذي يُخوِّف اللهُ به عباده، كما أن باطنَ هذا الرعد خيرٌ وغَيْثٌ ورحمة، يُصرِّفه الخالقُ كيف شاء؛ فالله خالقُ كل شيء، وبيدِه مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
13
نوعها
مكية
ألفاظها
853
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
44
العد المدني الأخير
44
العد البصري
45
العد الكوفي
43
العد الشامي
47

* سورة (الرَّعْدِ):

سُمِّيتْ سورة (الرَّعد) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ الرَّعد.

اشتمَلتْ سورةُ (الرَّعد) على الموضوعات الآتية:

1. عظمةُ القرآن الكريم (١-٢).

2. أدلة على قدرة الله، وعظيم سلطانه (٣-٤).

3. إنكار المشركين للبعث، وإحاطةُ علم الله تعالى (٥-١١).

4. بيان قدرة الله الكونية (١٢- ١٣).

5. لله دعوةُ الحق (١٤-٢٩).

6. مقارَعة المشركين بالحُجة (١٤-٢٩).

7. مثال عن الحق والباطل (١٤-٢٩).

8. صفات المؤمنين /الكافرين (١٤-٢٩).

9. الرد على الكفار، والجزاء (٣٠-٤٣).

10. وصف الجنة (٣٠-٤٣).

11. إثبات النَّسخ (٣٠-٤٣).

12. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم (٣٠-٤٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /563).

دلَّ اسم السُّورة على مقصدِها العظيم، وقد ذكَره البقاعيُّ فقال:

«وصفُ الكتاب بأنه الحقُّ في نفسه، وتارةً يتأثر عنه، مع أن له صوتًا وصِيتًا، وإرغابًا وإرهابًا، يَهدي بالفعل وتراه لا يتأثر؛ بل يكون سببًا للضَّلال والعمى.

وأنسَبُ ما فيها لهذا المقصدِ: الرَّعدُ؛ فإنه مع كونه حقًّا في نفسه يَسمَعه الأعمى والبصير، والبارز والمستتِرُ، وتارة يتأثر عنه البَرْقُ والمطر، وتارة لا، وإذا نزَل المطر: فتارة يَنفَع إذا أصاب الأراضيَ الطيِّبة، وتارة يَخِيبُ إذا نزَل على السِّباخ الخوَّارة، وتارة يضرُّ بالإغراق، أو الصواعق، أو البَرَد، وغيرها». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /193).