تفسير سورة الرعد

غريب القرآن لابن قتيبة

تفسير سورة سورة الرعد من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة.
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة الرعد
مكية كلها
٢- وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ذلّلهما وقصرهما على شيء واحد.
٣- جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أي من كل الثمرات لونين حلوّ وحامضا. والزّوج: هو اللون الواحد.
٤- وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ يعني قرى متجاورات.
و (الصّنوان) من النخل: النخلتان أو النخلات يكون أصلها واحدا.
وَغَيْرُ صِنْوانٍ يعني متفرق الأصول. ومن هذا قيل: بعض الرجل صنو أبيه.
وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ أي في الثمر.
٦- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ أي بالعقوبة.
وأصل المثلة: الشّبه والنظير وما يعتبر به. يريد من خلا من الأمم.
٧- وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي نبي يدعوهم.
٨- وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ أي ما تنقص في الحمل عن تسعة أشهر من السقط وغيره.
وَما تَزْدادُ على التسعة. يقال: غاض الماء فهو يغيض إذا نقص، وغضته.
١٠- وَسارِبٌ بِالنَّهارِ أي متصرّف في حوائجه. يقال: سرب يسرب. وقال الشاعر:
أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب
أي ذاهب.
١١- لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يعني: ملائكة يعقب بعضها بعضا في الليل والنهار، إذا مضى فريق خلف بعده فريق.
يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي بأمر الله.
وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ أي وليّ. مثل: قادر وقدير. وحافظ وحفيظ.
١٢- يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً للمسافر، وَطَمَعاً للمقيم.
١٣- وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ أي الكيد والمكر. وأصل المحال:
الحيلة. والحول: الحيلة. قال ذو الرّمة:
وليس بين أقوام فكلّ أعدّ له الشغازب والمحالا
١٤- لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ أي لا يصير في أيديهم منه إذا دعوهم إلّا ما يصير في يدي من قبض على الماء ليبلغه فاه. والعرب تقول لمن طلب ما لا يجد: هو كالقابض على الماء. قال الشاعر:
فإني وإيّاكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله
لم تسقه: أي لم تحمله، والوسق: الحمل.
١٥- وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً أي
يستسلم وينقاد ويخضع. وقد بينت هذا في تأويل «المشكل».
١٧- فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها أي على قدرها في الصغر والكبر.
فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً أي زبدا عاليا على الماء.
ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أي حلى، أَوْ مَتاعٍ أو آنية. يعني: أن من فلزّ الأرض وجواهرها مثل الرصاص والحديد والصّفر والذهب والفضة- خبثا يعلوها إذا أذيبت، مثل زبد الماء.
والجفاء ما رمى به الوادي إلى جنباته. يقال: أجفأت القدر بزبدها: إذا ألقت زبدها عنها.
٢٢- وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعون السيئة بالحسنة، كأنهم إذا سفه عليهم حلموا. فالسّفه سيئة والحلم حسنة. ونحوه ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [سورة فصلت آية: ٣٤].
ويقال: درأ الله عنّي شرّك: أي دفعه. فهو يدرؤه درءا.
٢٤- يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ أي يقولون:
سلام عليكم. فحذف اختصارا.
٣١- وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى «١» أراد لكان هذا القرآن. فحذف اختصارا.
أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أي أفلم يعلم. ويقال: هي لغة للنخع.
وقال الشاعر:
(١)
أخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس قال: قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلم إن كان كما تقول فأرنا أشياخنا الأول نكلمهم من الموتى وافسح لنا هذه الجبال جبال مكة القي قد ضمتنا فنزلت: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ الآية.
أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني ألم تيأسوا أنّي ابن فارس زهدم
أي ألم تعلموا.
قارِعَةٌ داهية تقرع أو مصيبة تنزل. وأراد أن ذاك لا يزال يصيبهم من سرايا رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
٣٢- فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أي أمهلتهم وأطلت لهم.
٣٣- أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ. هو الله القائم على كل نفس بما كسبت يأخذها بما جنت ويثيبها بما أحسنت. وقد بينت [معنى] القيام في مثل هذا في كتاب «المشكل».
٣٨- لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ أي وقت قد كتب.
٣٩- يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ «١» أي ينسخ من القرآن ما يشاء وَيُثْبِتُ أي يدعه ثابتا فلا ينسخه، وهو المحكم وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ أي جملته وأصله.
وفي رواية أبي صالح: أنه يمحو من كتب الحفظة ما تلكم به الإنسان مما ليس له ولا عليه، ويثبت ما عليه وما له.
٤١- نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أي بموت العلماء والعبّاد ويقال:
بالفتوح على المسلمين. كأنه ينقص المشركين مما في أيديهم.
لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا يتعقبه أحد بتغيير ولا نقص.
(١)
اخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قالت قريش حين أنزل: وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ما نراك يا محمد تملك لله شيء لقد فرغ من الأمر فأنزل الله:
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ.
سورة الرعد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اهتمَّتْ سورةُ (الرَّعْدِ) ببيان أصول الاعتقاد؛ من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبِه، كما دلَّتْ على عظيم قدرة الله تعالى، وتحكُّمِه في هذا الكون، وتدبيرِه؛ فهو الخالق، المالك، المُدبِّر، المستحِقُّ للعبادة، وجاءت السورةُ على ذكرِ آية عظيمة من آيات الله في الكون؛ وهي الرعدُ الذي يُخوِّف اللهُ به عباده، كما أن باطنَ هذا الرعد خيرٌ وغَيْثٌ ورحمة، يُصرِّفه الخالقُ كيف شاء؛ فالله خالقُ كل شيء، وبيدِه مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
13
نوعها
مكية
ألفاظها
853
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
44
العد المدني الأخير
44
العد البصري
45
العد الكوفي
43
العد الشامي
47

* سورة (الرَّعْدِ):

سُمِّيتْ سورة (الرَّعد) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ الرَّعد.

اشتمَلتْ سورةُ (الرَّعد) على الموضوعات الآتية:

1. عظمةُ القرآن الكريم (١-٢).

2. أدلة على قدرة الله، وعظيم سلطانه (٣-٤).

3. إنكار المشركين للبعث، وإحاطةُ علم الله تعالى (٥-١١).

4. بيان قدرة الله الكونية (١٢- ١٣).

5. لله دعوةُ الحق (١٤-٢٩).

6. مقارَعة المشركين بالحُجة (١٤-٢٩).

7. مثال عن الحق والباطل (١٤-٢٩).

8. صفات المؤمنين /الكافرين (١٤-٢٩).

9. الرد على الكفار، والجزاء (٣٠-٤٣).

10. وصف الجنة (٣٠-٤٣).

11. إثبات النَّسخ (٣٠-٤٣).

12. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم (٣٠-٤٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /563).

دلَّ اسم السُّورة على مقصدِها العظيم، وقد ذكَره البقاعيُّ فقال:

«وصفُ الكتاب بأنه الحقُّ في نفسه، وتارةً يتأثر عنه، مع أن له صوتًا وصِيتًا، وإرغابًا وإرهابًا، يَهدي بالفعل وتراه لا يتأثر؛ بل يكون سببًا للضَّلال والعمى.

وأنسَبُ ما فيها لهذا المقصدِ: الرَّعدُ؛ فإنه مع كونه حقًّا في نفسه يَسمَعه الأعمى والبصير، والبارز والمستتِرُ، وتارة يتأثر عنه البَرْقُ والمطر، وتارة لا، وإذا نزَل المطر: فتارة يَنفَع إذا أصاب الأراضيَ الطيِّبة، وتارة يَخِيبُ إذا نزَل على السِّباخ الخوَّارة، وتارة يضرُّ بالإغراق، أو الصواعق، أو البَرَد، وغيرها». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /193).