تفسير سورة الرعد

تفسير الشافعي

تفسير سورة سورة الرعد من كتاب تفسير الشافعي
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٢٨٢- قال الشافعي : وبلغني عن مجاهد أنه قال : وقد سمعتُ من تصيبه الصواعق كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل :﴿ وَيُرْسِلُ اَلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَّشَاء ﴾.
وسمعت من يقول : الصواعق١ ربما قتلت وأحرقت٢.
ــــــــــــ
٢٨٢- الأم : ١/٢٥٤. ون أحكام الشافعي : ١/٩٩.
١ - الصواعق: جمع صاعقة: الصوت الشديد من الرعدة يسقط معها قطعة نار، ويقال: إنها الْمِخْرَاقُ الذي بيد المَلَكُ لا يأتي عليه شيء إلا أحرقه. اللسان: صعق..
٢ - روى الترمذي في الدعوات (٤٥) باب: ما يقول إذا سمع الرعد (٥١)(ر٣٤٥٠) عن سالم بن عبد الله ابن عمر، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: « اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك » قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
ورواه أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. قال شاكر: إسناده صحيح.
ورواه البيهقي في كتاب صلاة الاستسقاء باب: ما يقول إذا سمع الرعد: ٣/٣٦٢.
ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: ١١٠ باب: ما يقول إذا سمع الرعد والصواعق..

٢٨٣- قال الشافعي : واعلموا أن الله خالق أكساب الخلق ومحدثها من العدم إلى الوجود، وجاعلها كسبا لهم بأن خلق لهم قدرة معها. والعبد مكتسب غير خالق، والباري تعالى خالق غير مكتسب.
ومعنى الخلق هو الإحداث من العدم إلى الوجود. ومعنى الكسب ما تعلقت به قدرة حادثة، والدليل عليه قوله تعالى :﴿ أَمْ جَعَلُوا لِلهِ شُرَكَاء خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ اَلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ﴾ الآية، فبين أن كل مخلوق فالله تعالى خالقه ولا خالق غيره. وقال تعالى :﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾١ فأخبر الله سبحانه بأنه خالق أعمالهم، كما أنه خالق أنفسهم وأعيانهم. ولأن من شرط الخالق أن يكون عالما بما خلق، فلو كان العبد خالقا لكسبه وفعله لكان يعلم عدد حركاته وسكناته وسائر أوصاف كسبه الراجعة إلى ذاته، وإذا رجع إلى نفسه علم بالضرورة أنه لا يعلم ذلك، فثبت أن الخالق هو الله تعالى.
وفي هذا المعنى قوله تعالى :﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمُ أَوِ اِجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ اِلصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ ﴾٢ فبان أن الخالق لا بد أن يكون عالما بما خلق، لأنه لو صح وجود الخلق ممن لا يعلم خلقه لصح وجود الأفعال ممن ليس بعالم أصلا، فيؤدي إلى إبطال الإلاهية وذلك محال.
فإذا ثبت بأن أكساب العبد كلها مخلوقة لله تعالى، ويدل عليه إطلاق السلف بأن : لا خالق إلا الله، كإطلاقهم لا إله إلا الله. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ١٨. )
١ - الصافات: ٩٥-٩٦..
٢ - الملك: ١٣-١٤..
سورة الرعد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

اهتمَّتْ سورةُ (الرَّعْدِ) ببيان أصول الاعتقاد؛ من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبِه، كما دلَّتْ على عظيم قدرة الله تعالى، وتحكُّمِه في هذا الكون، وتدبيرِه؛ فهو الخالق، المالك، المُدبِّر، المستحِقُّ للعبادة، وجاءت السورةُ على ذكرِ آية عظيمة من آيات الله في الكون؛ وهي الرعدُ الذي يُخوِّف اللهُ به عباده، كما أن باطنَ هذا الرعد خيرٌ وغَيْثٌ ورحمة، يُصرِّفه الخالقُ كيف شاء؛ فالله خالقُ كل شيء، وبيدِه مقاليدُ كل شيء.

ترتيبها المصحفي
13
نوعها
مكية
ألفاظها
853
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
44
العد المدني الأخير
44
العد البصري
45
العد الكوفي
43
العد الشامي
47

* سورة (الرَّعْدِ):

سُمِّيتْ سورة (الرَّعد) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ الرَّعد.

اشتمَلتْ سورةُ (الرَّعد) على الموضوعات الآتية:

1. عظمةُ القرآن الكريم (١-٢).

2. أدلة على قدرة الله، وعظيم سلطانه (٣-٤).

3. إنكار المشركين للبعث، وإحاطةُ علم الله تعالى (٥-١١).

4. بيان قدرة الله الكونية (١٢- ١٣).

5. لله دعوةُ الحق (١٤-٢٩).

6. مقارَعة المشركين بالحُجة (١٤-٢٩).

7. مثال عن الحق والباطل (١٤-٢٩).

8. صفات المؤمنين /الكافرين (١٤-٢٩).

9. الرد على الكفار، والجزاء (٣٠-٤٣).

10. وصف الجنة (٣٠-٤٣).

11. إثبات النَّسخ (٣٠-٤٣).

12. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم (٣٠-٤٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /563).

دلَّ اسم السُّورة على مقصدِها العظيم، وقد ذكَره البقاعيُّ فقال:

«وصفُ الكتاب بأنه الحقُّ في نفسه، وتارةً يتأثر عنه، مع أن له صوتًا وصِيتًا، وإرغابًا وإرهابًا، يَهدي بالفعل وتراه لا يتأثر؛ بل يكون سببًا للضَّلال والعمى.

وأنسَبُ ما فيها لهذا المقصدِ: الرَّعدُ؛ فإنه مع كونه حقًّا في نفسه يَسمَعه الأعمى والبصير، والبارز والمستتِرُ، وتارة يتأثر عنه البَرْقُ والمطر، وتارة لا، وإذا نزَل المطر: فتارة يَنفَع إذا أصاب الأراضيَ الطيِّبة، وتارة يَخِيبُ إذا نزَل على السِّباخ الخوَّارة، وتارة يضرُّ بالإغراق، أو الصواعق، أو البَرَد، وغيرها». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /193).