ﰡ
(أُحبُّهُ والذي أرسى قواعده | حُبًّا إذا ظهرت آياتُه بطنا) |
(العلم والحلم خُلّتا كرَمٍ | للمرءِ زين إذا هما اجتمعا) |
(صنوانٍ لا يستتم حسنها | إلا بجمع ذا وذاك معا) |
العلم والحلم خُلّتا كرَمٍ | للمرءِ زين إذا هما اجتمعا |
صنوانٍ لا يستتم حسنها | إلا بجمع ذا وذاك معا١ |
الثالث : أن الصنوان الأشكال، وغير الصنوان المختلف، قاله بعض المتأخرين.
الرابع : أن الصنوان الفسيل يقطع من أمهاته، وهو معروف، وغير الصنوان ما ينبت من النوى، وهو غير معروف حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا، قاله علي بن عيسى.
﴿ يسقى بماءٍ واحدٍ ونُفَضّلُ بعْضَها على بعضٍ في الأكل ﴾ فبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أصفر، وبعضه أحمر، وبعضه قليل، وبعضه كثير.
﴿ إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن في اختلاف ذلك اعتبار يدل ذوي العقول على عظيم القدرة، وهو معنى قول الضحاك.
الثاني : أنه مثل ضربه الله تعالى لبني آدم، أصلهم واحد وهم مختلفون في الخير والشر والإيمان والكفر كاختلاف الثمار التي تسقى بماء واحد، قاله الحسن.
(وليلٍ يقول الناسُ في ظلُماتِه | سَواءٌ صحيحات العُيون وعورها) |
(أنَّى سَرَبْتِ وكُنْتِ غير سروب | وتقرب الأحلام غير قريب) |
٨٩ (ما في السماء سوى الرحمن من والِ} ٩
أحدها : أنهم حراس الأمراء يتعاقبون الحرس، قاله ابن عباس وعكرمة.
الثاني : أنه ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عباده، قاله عبد الرحمن بن زيد.
الثالث : أنهم الملائكة، إذا صعدت ملائكة النهار أعقبتها ملائكة الليل، وإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار، قاله مجاهد وقتادة. قال الحسن : وهم أربعة أملاك : اثنان بالنهار، واثنان بالليل، يجتمعون عند صلاة الفجر.
وفي قوله تعالى :﴿ من بين يديه ومن خلفه ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : من أمامه وورائه، وهذا قول من زعم أن المعقبات حراس الأمراء١.
الثاني : الماضي والمستقبل، وهذا قول من زعم أن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه.
الثالث : من هُداه وضلالِه، وهذا قول من زعم أن المعقبات الملائكة. ﴿ يحفظونَه من أمر الله ﴾ تأويله يختلف بحسب اختلاف [ معنى ] المعقبات، فإن قيل بالقول الأول أنهم حراس الأمراء ففي قوله :﴿ يحفظونه ﴾ أي عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه، قاله ابن عباس وعكرمة.
الثاني : أن في الكلام حرف نفي محذوفاً وتقديره : لا يحفظونه من أمر الله.
وإن قيل بالقول الثاني، إن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله وقضائه، ففي تأويل قوله تعالى :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾ وجهان :
أحدهما : يحفظونه من الموت ما لم يأت أجله، قاله الضحاك.
الثاني : يحفظونه من الجن والهوام المؤذية ما لم يأت قدر، قاله أبو مالك وكعب الأحبار.
وإن قيل بالقول الثالث : وهو الأشبه : أن المعقبات الملائكة ففيما أريد بحفظهم له وجهان :
أحدهما : يحفظون حسناته وسيئاته بأمر الله.
الثاني : يحفظون نفسه.
فعلى هذا في تأويل قوله تعالى :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : يحفظونه بأمر الله، قاله مجاهد.
الثاني : يحفظونه من أمر الله حتى يأتي أمر الله، وهو محكي عن ابن عباس.
الثالث : أنه على التقديم والتأخير وتقديره : له معقبات من أمر الله تعالى يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، قاله إبراهيم.
وفي هذه الآية قولان :
أحدهما : أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الجمهور.
الثاني : أنها خاصة نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أزمع عامر بن الطفيل وأريد بن ربيعة٢ أخو لبيد على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله عز وجل منهما وأنزل هذه الآية فيه، قاله ابن زيد.
﴿ إنَّ الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيِّرُوا ما بأنفسِهم ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن الله لا يغير ما بقوم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من معصية.
الثاني : لا يغير ما بهم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة.
﴿ وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إذا أراد الله بهم عذاباً فلا مرد لعذابه.
الثاني : إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام فلا مرد لبلائه.
﴿ وما لهم مِن دونه من وال ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من ملجأ وهو معنى قول السدي.
الثاني : يعني من ناصر، ومنه قول الشاعر :
*** ما في السماء سوى الرحمن من والِ٣
٢ أربد بن ربيعة: هكذا ورد في الأصول، ومثله في تفسير القرطبي، والذي في سيرة ابن هشام أنه أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر. فهو أخو لبيد لأمه. سيرة ابن هشام ٤/٢١٣، ٢١٥..
٣ لم أعثر تمام البيت..
(أخشى على أربد الحتوف ولا | أرهب نوء السِّماك والأسد) |
(فجّعني البرق والصواعق بالفا | رسِ يوم الكريمة النَّجُدِ) |
(فرع نبع يهتز في غصن المج | د كريم الندى عظيم المحال) |
أخشى على أربد الحتوف ولا | أرهب نوء السِّماك والأسد |
الثالث : أنها نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني عن ربك من أي شيء، من لؤلؤ أو ياقوت ؟ فجاءت صاعقة فأخذته، قال علي وابن عباس ومجاهد.
روى أبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تأخذ الصاعقة ذاكراً لله عز وجل ٢ ".
﴿ وهم يجادلون في الله ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني جدال اليهودي حين سأل عن الله : من أي شيء هو ؟ قاله مجاهد.
الثاني : جدال أربد فيما همّ به من قتل النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن جريج.
﴿ وهو شديد المِحالِ ﴾ فيه تسعة تأويلات :
أحدها : يعني شديد العداوة، قاله ابن عباس.
الثاني : شديد الحقد، قاله الحسن.
الثالث : شديد القوة، قاله مجاهد.
الرابع : شديد الغضب، قاله وهب بن منبه.
الخامس : شديد الحيلة، قاله قتادة والسدي.
السادس : شديد الحول، قاله ابن عباس أيضاً.
السابع : شديد الإهلاك بالمحل وهو القحط، قاله الحسن أيضاً.
الثامن : شديد الأخذ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. التاسع : شديد الانتقام والعقوبة، قاله أبو عبيدة وأنشد لأعشى بني ثعلبة.
فرع نبع يهتز في غصن المج | د كريم الندى عظيم المحال |
٢ لم أجده في الصحاح السنة، وأورده القرطبي بهذه الألفاظ وبنفس السند..
(فأصبحتُ مما كان بيني وبينها | مِن الود مثل القابض الماء باليد) |
(فإن الماء ماءُ أبي وجدي | وبئري ذو حَفَرْتُ وذو طويت) |
(لعمري لأنت البيت أكرم أهله | وأقعد في أفيائِه بالأصائل) |
(ألم ييأس الأقوام أنِّي أنا ابْنُهُ | وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا) |
(فلولا رجالٌ من قريش أعزةٌ | سرقتم ثياب البيت والله قائم) |
(أعَيّرتنا ألبانها ولحومها | وذلك عارٌ يا ابن ريطة ظاهر) |
فلولا رجالٌ من قريش أعزةٌ | سرقتم ثياب البيت والله قائم |
أحدهما : ما كسبت من رزق تفضلاً عليها فيكون خارجاً مخرج الامتنان.
الثاني : ما كسبت من عمل حفظاً عليها، فيكون خارجاً مخرج الوعد والوعيد
﴿ وجعلوا لله شركاء ﴾ يعني أصناماً جعلوها آلهة.
﴿ قل سموهم ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : قل سموهم آلهة على وجه التهديد.
الثاني : يعني قل صفوهم ليعلموا أنهم لا يجوز أن يكونوا آلهة.
﴿ أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ﴾ أي تخبرونه بما لا يعلم أن في الأرض إلهاً غيره.
﴿ أم بظاهر مِن القول ﴾ فيها أربعة تأويلات :
أحدها : معناه بباطل من القول، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر :
أعَيّرتنا ألبانها ولحومها | وذلك عارٌ يا ابن ريطة ظاهر١ |
الثاني : بظن من القول، وهو قول مجاهد.
الثالث : بكذب من القول، قاله الضحاك.
الرابع : أن الظاهر من القول هو القرآن، قاله السدي.
ويحتمل تأويلاً خامساً : أن يكون الظاهر من القول حجة يظهرونها بقولهم، ويكون معنى الكلام : أتخبرونه بذلك مشاهدين أم تقولون محتجّين.
أحدهما : يشبه الجنة، قاله علي بن عيسى.
الثاني : نعت الجنة لأنه ليس للجنة مثل، قاله عكرمة.
﴿ تجري من تحتها الأنهار أكُلُها دائم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ثمرها غير منقطع، قاله القاسم بن يحيى.
الثاني : لذتها في الأفواه باقية، قاله إبراهيم التيمي.
ويحتمل ثالثاً : لا تمل من شبع ولا مرباد لمجاعة١.
﴿ وظلها ﴾٢ يحتمل وجهين :
أحدهما : دائم البقاء.
الثاني : دائم اللذة٣.
٢ أي وظلها دائم كذلك فالخبر محذوف..
٣ في هذا رد على الجهمية الذين قالوا أن نعيم الجنة يغني. وهذه الآية دليل قاطع على عدم فنائه..
أحدها : يمحو الله ما يشاء من أمور عباده فيغيره إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران، قاله ابن عباس.
الثاني : يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء في كتاب سوى أُم الكتاب، وهما كتابان أحدهما : أم الكتاب لا يغيره ولا يمحو منه شيئاً كما أراد، قاله عكرمة.
الثالث : أن الله عز وجل ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه، قاله قتادة وابن زيد.
الرابع : أنه يمحو مَنْ قد جاء أجلُه ويثبت من لم يأت أجلُه، قاله الحسن.
الخامس : يغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، قاله سعيد بن جبير.
السادس : أنه الرجل يقدم الطاعة ثم يختمها بالمعصية فتمحو ما قد سلف، والرجل يقدم المعصية ثم يختمها بالطاعة فتمحو ما قد سلف، وهذا القول مأثور عن ابن عباس أيضاً.
السابع : أن الحفظة من الملائكة يرفعون جميع أقواله وأفعاله، فيمحو الله عز وجل منها ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب، قاله الضحاك.
﴿ وعنده أم الكتاب ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : الحلال والحرام، قاله الحسن.
الثاني : جملة الكتاب، قاله الضحاك.
الثالث : هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق، قاله كعب الأحبار.
الرابع : هو الذكر، قاله ابن عباس.
الخامس : أنه الكتاب الذي لا يبدل، قاله السدي.
السادس : أنه أصل الكتاب في اللوح المحفوظ، قاله عكرمة.
أحدها : بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، قاله قتادة.
الثاني : بخراجها بعد العمارة، قاله مجاهد.
الثالث : بنقصان بركتها وتمحيق ثمرتها، قاله الكلبي والشعبي.
الرابع : بموت فقهائها وخيارها، قاله ابن عباس.
ويحتمل خامساً : أنه بجور ولاتها.
مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس وقتادة: إلا آيتين منها مدينة وهي ﴿ألم تر بدّلوا نعمة الله كفراً﴾ والتي بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ قلْ كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ﴾ أي يشهد بصدقي وكذبكم.
﴿ ومن عنده علم الكتاب ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم عبد الله بن سلام وسلمان وتميم الداري، قاله قتادة.
الثاني : أنه جبريل، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : هو الله تعالى، قاله الحسن ومجاهد والضحاك.
وكانوا يقرأون ﴿ ومِن عنده١ علم الكتاب ﴾ أي من عِنْد الله علم الكتاب، وينكرون على من قال هو عبد الله بن سلام وسلمان لأنهم يرون السورة مكية، وهؤلاء أسلموا بالمدينة، والله تعالى أعلم بالصواب.
سورة الرعد
اهتمَّتْ سورةُ (الرَّعْدِ) ببيان أصول الاعتقاد؛ من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبِه، كما دلَّتْ على عظيم قدرة الله تعالى، وتحكُّمِه في هذا الكون، وتدبيرِه؛ فهو الخالق، المالك، المُدبِّر، المستحِقُّ للعبادة، وجاءت السورةُ على ذكرِ آية عظيمة من آيات الله في الكون؛ وهي الرعدُ الذي يُخوِّف اللهُ به عباده، كما أن باطنَ هذا الرعد خيرٌ وغَيْثٌ ورحمة، يُصرِّفه الخالقُ كيف شاء؛ فالله خالقُ كل شيء، وبيدِه مقاليدُ كل شيء.
ترتيبها المصحفي
13نوعها
مكيةألفاظها
853ترتيب نزولها
96العد المدني الأول
44العد المدني الأخير
44العد البصري
45العد الكوفي
43العد الشامي
47
* سورة (الرَّعْدِ):
سُمِّيتْ سورة (الرَّعد) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ الرَّعد.
اشتمَلتْ سورةُ (الرَّعد) على الموضوعات الآتية:
1. عظمةُ القرآن الكريم (١-٢).
2. أدلة على قدرة الله، وعظيم سلطانه (٣-٤).
3. إنكار المشركين للبعث، وإحاطةُ علم الله تعالى (٥-١١).
4. بيان قدرة الله الكونية (١٢- ١٣).
5. لله دعوةُ الحق (١٤-٢٩).
6. مقارَعة المشركين بالحُجة (١٤-٢٩).
7. مثال عن الحق والباطل (١٤-٢٩).
8. صفات المؤمنين /الكافرين (١٤-٢٩).
9. الرد على الكفار، والجزاء (٣٠-٤٣).
10. وصف الجنة (٣٠-٤٣).
11. إثبات النَّسخ (٣٠-٤٣).
12. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم (٣٠-٤٣).
ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /563).
دلَّ اسم السُّورة على مقصدِها العظيم، وقد ذكَره البقاعيُّ فقال:
«وصفُ الكتاب بأنه الحقُّ في نفسه، وتارةً يتأثر عنه، مع أن له صوتًا وصِيتًا، وإرغابًا وإرهابًا، يَهدي بالفعل وتراه لا يتأثر؛ بل يكون سببًا للضَّلال والعمى.
وأنسَبُ ما فيها لهذا المقصدِ: الرَّعدُ؛ فإنه مع كونه حقًّا في نفسه يَسمَعه الأعمى والبصير، والبارز والمستتِرُ، وتارة يتأثر عنه البَرْقُ والمطر، وتارة لا، وإذا نزَل المطر: فتارة يَنفَع إذا أصاب الأراضيَ الطيِّبة، وتارة يَخِيبُ إذا نزَل على السِّباخ الخوَّارة، وتارة يضرُّ بالإغراق، أو الصواعق، أو البَرَد، وغيرها». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /193).