تفسير سورة الفلق

أوضح التفاسير

تفسير سورة سورة الفلق من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير.
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ الفلق: الصبح
﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ من شر كل شيء خلقه؛ كنار،
-[٧٦٦]- وشيطان، وحية، وعقرب، وغير ذلك
﴿وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ قيل: إنه الليل إذا دخل؛ لما يتبع ذلك من الشرور، والإجرام، والفتك. وقيل: إنه الثريا إذا سقطت؛ لما يتبع سقوطها من الأسقام والطواعين. أو هو القمر إذا انخسف؛ لأنه من علائم الجدب والقحط، أو انخسافه يوم القيامة؛ حيث لا يوجد على ظهرها مؤمن. وقيل: الغاسق إذا وقب: الأير إذا قام؛ وكم في ذلك من بلاء كبير، وشر مستطير وهذا القول مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما
﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ المراد هنا: النمامون، الذين يقطعون روابط الألفة، وحبال المحبة؛ بما ينفثونه من سموم نمائمهم. شبههم تعالى بالسحرة المشعوذين؛ الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين الرجل وزوجه: عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحلوها؛ ليكون ذلك حلاً للعقدة التي بين الزوجين، أو بين المتحابين.
والنميمة تشبه أن تكون ضرباً من ضروب السحر؛ لأنها تحول ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة ولما كانت النميمة على هذا الجانب العظيم من الخطورة: علمنا الله تعالى أن نلجأ إليه، ونعوذ به منها. أما ما رواه بعض المحرفين المخرفين - في تأويل هذه الآية - من أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد سحره لبيد بن الأعصم، وقد أثر سحره فيه؛ حتى أنه كان يخيل إليه أنه يأتي الشيء وهو لا يأتيه؛ فهو باطل مردود ممجوج؛ إذ ما أشبه هذا بقول المشركين فيه: «إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً» ولا يبعد أن من خولط في عقله بدرجة أنه كان يخيل إليه أنه يأتي الشيء وهو لا يأتيه: أن يخيل إليه أيضاً أنه يوحى إليه، ولم يوح إليه، أو أنه قد بلغ ما أوحي إليه ولم يبلغ وفضلاً عن هذا فإن هذه السورة مقطوع بمكيتها، وما يزعمونه من السحر يقولون: إنه وقع بالمدينة. وبالجملة فإن هذا واضح البطلان، بادي الخسران لا يلتفت إليه، ولا يعول عليه
﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ الحاسد: الذي يتمنى زوال نعمة الغير؛ ومن طبيعة الذي يتمنى زوال النعمة: أن يجتهد في إيصال الأذى، وتدبير المكائد؛ بكافة الوسائل، وسائر السبل. وجدير بمن هذا شأنه أن يلجأ الإنسان منه إلى قوة عظيمة يستعين بها على دفع أذاه؛ ومن أعظم من الله في دفع الأذى، وحماية من يحتمي به؟
أما ما يروونه في الحسد من أنه هو التأثير بنفس العين المجردة، فهذا ما لا أظنه ولا أعتقده - رغم تواتره، وكثرة وقوعه - وقد يكون من بعض الخرافات السائدة. وقد يؤثر السحر على بعض النفوس الضعيفة القلقة.
766
سورة الناس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

766
سورة الفلق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الفَلَق) من السُّوَر المكية، يطلق عليها وعلى سورة (الناس): (المُعوِّذتانِ)، ومحورها تعليمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الالتجاءَ إلى الله عز وجل؛ ليحميَهم ويُعِيذَهم من شرِّ الخَلْق، وقد أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءتها في غير موضع: بعد كلِّ صلاة، وصباحًا ومساءً، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تأذى أحدٌ من أهل بيته قرأ عليه (المُعوِّذتين).

ترتيبها المصحفي
113
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
20
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* سورة (الفَلَقِ):

سُمِّيت سورة (الفَلَقِ) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ} [الفلق: 1].

* سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}:

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لافتتاحها به، وقد ثبَت هذا الاسمُ في كثير من الأحاديث؛ منها:

ما جاء عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «اتَّبَعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو راكبٌ، فوضَعْتُ يدي على قَدَمِه، فقلتُ: أقرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةَ هودٍ، وسورةَ يوسُفَ، فقال: «لن تَقرأَ شيئًا أبلَغَ عند اللهِ مِن {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}»». أخرجه النسائي (953).

* وتُسمَّى مع سورة (الناس) بـ (المُعوِّذتَينِ):

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرأَ بالمُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرقِي أهلَه بـ(المُعوِّذات):

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا مَرِضَ أحدٌ مِن أهلِ بيتِه، نفَثَ عليه بالمُعوِّذاتِ...». أخرجه مسلم (٢١٩٢).

* وصَفهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنْ لا مثيلَ لهنَّ:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «ألَمْ ترَ آياتٍ أُنزِلتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثْلُهنَّ قطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}». أخرجه مسلم (٨١٤).

قرَأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (المُعوِّذتَينِ) في غير موضع:

* في صلاة الفجر:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَّهم بالمُعوِّذتَينِ في صلاةِ الصُّبْحِ». أخرجه ابن حبان (١٨١٨).

* في الوتر:

عن عبدِ العزيزِ بن جُرَيجٍ، قال: «سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شيءٍ كان يُوتِرُ رسولُ اللهِ ﷺ؟ قالت: كان يَقرأُ في الركعةِ الأُولى بـ {سَبِّحِ اْسْمَ رَبِّكَ اْلْأَعْلَى}، وفي الثانيةِ بـ {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا اْلْكَٰفِرُونَ}، وفي الثالثةِ بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، والمُعوِّذتَينِ». أخرجه أحمد (25906).

* قبل النوم:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوَى إلى فراشِه، جمَعَ كفَّيْهِ، ثم نفَثَ فيهما، وقرَأَ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اْلنَّاسِ}، ثمَّ يَمسَحُ بهما ما استطاعَ مِن جسدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ». أخرجه ابن حبان (٥٥٤٤).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة (المُعوِّذتَينِ) صباحًا ومساءً:

عن عبدِ اللهِ بن خُبَيبٍ رضي الله عنه، قال: «خرَجْنا في ليلةِ مطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ اللهِ ﷺ ليُصلِّيَ لنا، فأدرَكْناه، فقال: «أصلَّيْتم؟»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، فقال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فلَمْ أقُلْ شيئًا، ثم قال: «قُلْ»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اْللَّهُ أَحَدٌ} والمُعوِّذتَينِ حينَ تُمسِي وحينَ تُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ: تَكفِيك مِن كلِّ شيءٍ»». أخرجه أبو داود (٥٠٨٢).

* أمَر صلى الله عليه وسلم بقراءة المُعوِّذتَينِ بعد كل صلاة:

عن عُقْبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه، قال: «أمَرَني النبيُّ ﷺ أن أقرَأَ المُعوِّذاتِ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ». أخرجه أبو داود (١٥٢٣).

الاستعاذةُ بالله من شرِّ الخَلْقِ الظاهر (١-٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /468).

تعليمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلماتٍ للالتجاءِ إليه، والتعوُّذِ به من شرِّ ما يُتَّقى شرُّه من شرِّ المخلوقات الشريرة.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /625).