تفسير سورة ق

تفسير الشافعي

تفسير سورة سورة ق من كتاب تفسير الشافعي
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٣٨٧- قال الشافعي رحمه الله تعالى : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده١. وروي عن ابن عباس أن السماء أمطرت فقال لغلامه : أخرج فراشي ورحلي يصيبه المطر، فقال أبو الجوزاء٢ لابن عباس : لم تفعل هذا يرحمك الله ؟ فقال : أما تقرا كتاب الله :﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ اَلسَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا ﴾ فأحب أن تصيب البركة فراشي ورحلي٣. أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة، عن ابن المسيب : أنه رآه في المسجد، ومطرت السماء، وهو في السقاية فخرج إلى رحبة المسجد، ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه، ثم رجع إلى مجلسه٤. ( الأم : ١/٢٥٢ )
١ - أخرج مسلم في صلاة الاستسقاء (٩) باب: الدعاء في الاستسقاء (٢)(ر٨٩٨) عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر. قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ قال: « لأنه حديث عهد بربِّهِ تعالى » ( أي بتكوين ربه إياه. ومعناه: أن المطر رحمةٌ، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها ).
ورواه أبو داود في الأدب (٣٥) باب: ما جاء في المطر (١١٤)(ر٥١٠٠)..

٢ - أوس بن عبد الله، أبو الجوزاء الربعي البصري. عن: عائشة، وصفوان بن عسال، وعدة. وعنه: قتادة، وأبو الأشهب، وعدة. ثقة. قتل يوم الجماجم. الكاشف: ١/٩٣. ون التهذيب: ١/٣٩٧. وقال في التقريب: يرسل كثيرا، ثقة..
٣ - لم أقف عليه..
٤ - لم أقف عليه..
سورة ق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُرسَلات)، وقد افتُتحت بالتنويه بهذا الكتابِ، وتذكيرِ الكفار بأصل خِلْقتهم، وقدرة الله عز وجل على الإحياء من عدمٍ؛ وذلك دليلٌ صريح على قُدْرته على بعثِهم وحسابهم بعد أن أوجَدهم، وفي ذلك دعوةٌ لهم إلى الإيمان بعد أن بيَّن اللهُ لهم مصيرَ من آمن ومصيرَ من كفر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاةِ الفجر.

ترتيبها المصحفي
50
نوعها
مكية
ألفاظها
373
ترتيب نزولها
34
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
45

* سورةُ (ق):

سُمِّيت سورةُ (ق) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحها بهذا الحرفِ.

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (ق) في صلاةِ الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «إنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الفجرِ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، وكان صلاتُه بعدُ تخفيفًا». أخرجه مسلم (٤٥٨).

* وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (ق) في عيدَيِ الفطرِ والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (٢٨٢٠).

1. إنكار المشركين للبعث (١-٥).

2. التأمُّل في الآيات (٦-١٥).

3. التأمل في الأنفس خَلْقًا ومآلًا (١٦-٣٨).

4. توجيهات للرسول، وتهديد للمشركين (٣٩-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /402).

مقصودُ السورة الدَّلالة على قدرة الله عز وجل أن يَبعَثَ الناسَ بعد موتهم، وأكبَرُ دليلٍ على ذلك خَلْقُهم من عدمٍ، وهو أصعب من بعثِهم من موجود، وفي ذلك يقول البِقاعيُّ رحمه الله: «مقصودها: الدلالةُ على إحاطة القدرة، التي هي نتيجة ما خُتمت به الحُجُرات من إحاطةِ العلم؛ لبيانِ أنه لا بد من البعث ليوم الوعيد؛ لتنكشفَ هذه الإحاطةُ بما يحصل من الفصل بين العباد بالعدل؛ لأن ذلك سِرُّ المُلك، الذي هو سرُّ الوجود.

والذي تكفَّلَ بالدلالة على هذا كلِّه: ما شُوهِد من إحاطة مجدِ القرآن بإعجازه في بلوغه - في كلٍّ من جمعِ المعاني وعلوِّ التراكيب، وجلالة المفرَدات وجزالةِ المقاصد، وتلاؤم الحروف وتناسُبِ النظم، ورشاقة الجمع وحلاوة التفصيل - إلى حدٍّ لا تُطيقه القُوَى من إحاطةِ أوصاف الرسل، الذي اختاره سبحانه لإبلاغِ هذا الكتاب، في الخَلْقِ والخُلُق، وما شُوهِد من إحاطة القدرة بما هدى إليه القرآنُ من آيات الإيجاد والإعدام». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (3 /15).