تفسير سورة سورة ق من كتاب الجامع لأحكام القرآن
لمؤلفه
القرطبي
.
المتوفي سنة 671 هـ
ﰡ
سُورَة ق مَكِّيَّة كُلّهَا فِي قَوْل الْحَسَن وَعَطَاء وَعِكْرِمَة وَجَابِر.
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب " ( ق : ٣٨ ).
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أُمّ هِشَام بِنْت حَارِثَة بْن النُّعْمَان قَالَتْ : لَقَدْ كَانَ تَنُّورنَا وَتَنُّور رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا سَنَتَيْنِ - أَوْ سَنَة وَبَعْض سَنَة - وَمَا أَخَذْت " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " إِلَّا عَنْ لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; يَقْرَؤُهَا كُلّ يَوْم جُمُعَة عَلَى الْمِنْبَر إِذَا خَطَبَ النَّاس.
وَعَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ سَأَلَ أَبَا وَاقِد اللَّيْثِيّ مَا كَانَ يَقْرَأ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْر ؟ فَقَالَ : كَانَ يَقْرَأ فِيهِمَا بِ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " وَ " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر ".
وَعَنْ جَابِر بْن سَمُرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأ فِي الْفَجْر بِ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " وَكَانَتْ صَلَاته بَعْد تَخْفِيفًا.
قَرَأَ الْعَامَّة " قَاف " بِالْجَزْمِ.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن أَبِي إِسْحَاق وَنَصْر بْن عَاصِم " قَاف " بِكَسْرِ الْفَاء ; لِأَنَّ الْكَسْر أَخُو الْجَزْم، فَلَمَّا سُكِّنَ آخِره حَرَّكُوهُ بِحَرَكَةِ الْخَفْض.
وَقَرَأَ عِيسَى الثَّقَفِيّ بِفَتْحِ الْفَاء حَرَّكَهُ إِلَى أَخَفّ الْحَرَكَات.
وَقَرَأَ هَارُون وَمُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع " قَاف " بِالضَّمِّ ; لِأَنَّهُ فِي غَالِب الْأَمْر حَرَكَة الْبِنَاء نَحْو مُنْذُ وَقَدْ وَقَبْل وَبَعْد.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى " قَاف " مَا هُوَ ؟ فَقَالَ اِبْن زَيْد وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك : هُوَ جَبَل مُحِيط بِالْأَرْضِ مِنْ زُمُرُّدَة خَضْرَاء اِخْضَرَّتْ السَّمَاء مِنْهُ، وَعَلَيْهِ طَرَفَا السَّمَاء وَالسَّمَاء عَلَيْهِ مَقْبِيَّة، وَمَا أَصَابَ النَّاس مِنْ زُمُرُّد كَانَ مِمَّا تَسَاقَطَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَل.
وَرَوَاهُ أَبُو الْجَوْزَاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس.
قَالَ الْفَرَّاء : كَانَ يَجِب عَلَى هَذَا أَنْ يُظْهِر الْإِعْرَاب فِي " ق " ; لِأَنَّهُ اِسْم وَلَيْسَ بِهِجَاءٍ.
قَالَ : وَلَعَلَّ الْقَاف وَحْدهَا ذُكِرَتْ مِنْ اِسْمه ; كَقَوْلِ الْقَائِل :
قُلْت لَهَا قِفِي فَقَالَتْ قَاف
أَيْ أَنَا وَاقِفَة.
وَهَذَا وَجْه حَسَن وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّل " الْبَقَرَة ".
وَقَالَ وَهْب : أَشْرَفَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَلَى جَبَل قَاف فَرَأَى تَحْته جِبَالًا صِغَارًا، فَقَالَ لَهُ : مَا أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا قَاف، قَالَ : فَمَا هَذِهِ الْجِبَال حَوْلك ؟ قَالَ : هِيَ عُرُوقِي وَمَا مِنْ مَدِينَة إِلَّا وَفِيهَا عِرْق مِنْ عُرُوقِي، فَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُزَلْزِل مَدِينَة أَمَرَنِي فَحَرَّكْت عِرْقِي ذَلِكَ فَتَزَلْزَلَتْ تِلْكَ الْأَرْض ; فَقَالَ لَهُ : يَا قَاف أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ مِنْ عَظَمَة اللَّه ; قَالَ : إِنَّ شَأْن رَبّنَا لَعَظِيم، وَإِنَّ وَرَائِي أَرْضًا مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام فِي خَمْسمِائَةِ عَام مِنْ جِبَال ثَلْج يُحَطِّم بَعْضهَا بَعْضًا، لَوْلَا هِيَ لَاحْتَرَقْت مِنْ حَرّ جَهَنَّم.
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب " ( ق : ٣٨ ).
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أُمّ هِشَام بِنْت حَارِثَة بْن النُّعْمَان قَالَتْ : لَقَدْ كَانَ تَنُّورنَا وَتَنُّور رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا سَنَتَيْنِ - أَوْ سَنَة وَبَعْض سَنَة - وَمَا أَخَذْت " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " إِلَّا عَنْ لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; يَقْرَؤُهَا كُلّ يَوْم جُمُعَة عَلَى الْمِنْبَر إِذَا خَطَبَ النَّاس.
وَعَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ سَأَلَ أَبَا وَاقِد اللَّيْثِيّ مَا كَانَ يَقْرَأ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْر ؟ فَقَالَ : كَانَ يَقْرَأ فِيهِمَا بِ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " وَ " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر ".
وَعَنْ جَابِر بْن سَمُرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأ فِي الْفَجْر بِ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " وَكَانَتْ صَلَاته بَعْد تَخْفِيفًا.
قَرَأَ الْعَامَّة " قَاف " بِالْجَزْمِ.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن أَبِي إِسْحَاق وَنَصْر بْن عَاصِم " قَاف " بِكَسْرِ الْفَاء ; لِأَنَّ الْكَسْر أَخُو الْجَزْم، فَلَمَّا سُكِّنَ آخِره حَرَّكُوهُ بِحَرَكَةِ الْخَفْض.
وَقَرَأَ عِيسَى الثَّقَفِيّ بِفَتْحِ الْفَاء حَرَّكَهُ إِلَى أَخَفّ الْحَرَكَات.
وَقَرَأَ هَارُون وَمُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع " قَاف " بِالضَّمِّ ; لِأَنَّهُ فِي غَالِب الْأَمْر حَرَكَة الْبِنَاء نَحْو مُنْذُ وَقَدْ وَقَبْل وَبَعْد.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى " قَاف " مَا هُوَ ؟ فَقَالَ اِبْن زَيْد وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك : هُوَ جَبَل مُحِيط بِالْأَرْضِ مِنْ زُمُرُّدَة خَضْرَاء اِخْضَرَّتْ السَّمَاء مِنْهُ، وَعَلَيْهِ طَرَفَا السَّمَاء وَالسَّمَاء عَلَيْهِ مَقْبِيَّة، وَمَا أَصَابَ النَّاس مِنْ زُمُرُّد كَانَ مِمَّا تَسَاقَطَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَل.
وَرَوَاهُ أَبُو الْجَوْزَاء عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس.
قَالَ الْفَرَّاء : كَانَ يَجِب عَلَى هَذَا أَنْ يُظْهِر الْإِعْرَاب فِي " ق " ; لِأَنَّهُ اِسْم وَلَيْسَ بِهِجَاءٍ.
قَالَ : وَلَعَلَّ الْقَاف وَحْدهَا ذُكِرَتْ مِنْ اِسْمه ; كَقَوْلِ الْقَائِل :
قُلْت لَهَا قِفِي فَقَالَتْ قَاف
أَيْ أَنَا وَاقِفَة.
وَهَذَا وَجْه حَسَن وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّل " الْبَقَرَة ".
وَقَالَ وَهْب : أَشْرَفَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَلَى جَبَل قَاف فَرَأَى تَحْته جِبَالًا صِغَارًا، فَقَالَ لَهُ : مَا أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا قَاف، قَالَ : فَمَا هَذِهِ الْجِبَال حَوْلك ؟ قَالَ : هِيَ عُرُوقِي وَمَا مِنْ مَدِينَة إِلَّا وَفِيهَا عِرْق مِنْ عُرُوقِي، فَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُزَلْزِل مَدِينَة أَمَرَنِي فَحَرَّكْت عِرْقِي ذَلِكَ فَتَزَلْزَلَتْ تِلْكَ الْأَرْض ; فَقَالَ لَهُ : يَا قَاف أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ مِنْ عَظَمَة اللَّه ; قَالَ : إِنَّ شَأْن رَبّنَا لَعَظِيم، وَإِنَّ وَرَائِي أَرْضًا مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام فِي خَمْسمِائَةِ عَام مِنْ جِبَال ثَلْج يُحَطِّم بَعْضهَا بَعْضًا، لَوْلَا هِيَ لَاحْتَرَقْت مِنْ حَرّ جَهَنَّم.
فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ جَهَنَّم عَلَى وَجْه الْأَرْض وَاَللَّه أَعْلَم بِمَوْضِعِهَا ; وَأَيْنَ هِيَ مِنْ الْأَرْض.
قَالَ : زِدْنِي، قَالَ : إِنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَاقِف بَيْن يَدَيْ اللَّه تَرْعَد فَرَائِصه، يَخْلُق اللَّه مِنْ كُلّ رَعْدَة مِائَة أَلْف مَلَك، فَأُولَئِكَ الْمَلَائِكَة وُقُوف بَيْن يَدَيْ اللَّه تَعَالَى مُنَكِّسُو رُءُوسهمْ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ فِي الْكَلَام قَالُوا : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ; وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :" يَوْم يَقُوم الرُّوح وَالْمَلَائِكَة صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابًا " [ النَّبَأ : ٣٨ ] يَعْنِي قَوْل : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه.
وَقَالَ الزَّجَّاج : قَوْله " ق " أَيْ قُضِيَ الْأَمْر، كَمَا قِيلَ فِي " حم " أَيْ حُمَّ الْأَمْر.
و قَالَ اِبْن عَبَّاس :" ق " اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ.
وَعَنْهُ أَيْضًا : أَنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن.
وَهُوَ قَوْل قَتَادَة.
وَقَالَ الْقُرَظِيّ : اِفْتِتَاح أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى قَدِير وَقَاهِر وَقَرِيب وَقَاضٍ وَقَابِض.
وَقَالَ الشَّعْبِيّ : فَاتِحَة السُّورَة.
وَقَالَ أَبُو بَكْر الْوَرَّاق : مَعْنَاهُ قِفْ عِنْد أَمْرنَا وَنَهْينَا وَلَا تَعْدُهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَاصِم الْأَنْطَاكِيّ : هُوَ قُرْب اللَّه مِنْ عِبَاده، بَيَانه " وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد " [ ق : ١٦ ] وَقَالَ اِبْن عَطَاء : أَقْسَمَ اللَّه بِقُوَّةِ قَلْب حَبِيبه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ حَمَلَ الْخِطَاب وَلَمْ يُؤَثِّر ذَلِكَ فِيهِ لِعُلُوِّ حَاله.
قَالَ : زِدْنِي، قَالَ : إِنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَاقِف بَيْن يَدَيْ اللَّه تَرْعَد فَرَائِصه، يَخْلُق اللَّه مِنْ كُلّ رَعْدَة مِائَة أَلْف مَلَك، فَأُولَئِكَ الْمَلَائِكَة وُقُوف بَيْن يَدَيْ اللَّه تَعَالَى مُنَكِّسُو رُءُوسهمْ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ فِي الْكَلَام قَالُوا : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ; وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :" يَوْم يَقُوم الرُّوح وَالْمَلَائِكَة صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابًا " [ النَّبَأ : ٣٨ ] يَعْنِي قَوْل : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه.
وَقَالَ الزَّجَّاج : قَوْله " ق " أَيْ قُضِيَ الْأَمْر، كَمَا قِيلَ فِي " حم " أَيْ حُمَّ الْأَمْر.
و قَالَ اِبْن عَبَّاس :" ق " اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ.
وَعَنْهُ أَيْضًا : أَنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن.
وَهُوَ قَوْل قَتَادَة.
وَقَالَ الْقُرَظِيّ : اِفْتِتَاح أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى قَدِير وَقَاهِر وَقَرِيب وَقَاضٍ وَقَابِض.
وَقَالَ الشَّعْبِيّ : فَاتِحَة السُّورَة.
وَقَالَ أَبُو بَكْر الْوَرَّاق : مَعْنَاهُ قِفْ عِنْد أَمْرنَا وَنَهْينَا وَلَا تَعْدُهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَاصِم الْأَنْطَاكِيّ : هُوَ قُرْب اللَّه مِنْ عِبَاده، بَيَانه " وَنَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل الْوَرِيد " [ ق : ١٦ ] وَقَالَ اِبْن عَطَاء : أَقْسَمَ اللَّه بِقُوَّةِ قَلْب حَبِيبه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ حَمَلَ الْخِطَاب وَلَمْ يُؤَثِّر ذَلِكَ فِيهِ لِعُلُوِّ حَاله.
وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ
أَيْ الرَّفِيع الْقَدْر.
وَقِيلَ : الْكَرِيم ; قَالَهُ الْحَسَن.
وَقِيلَ : الْكَثِير ; مَأْخُوذ مِنْ كَثْرَة الْقَدْر وَالْمَنْزِلَة لَا مِنْ كَثْرَة الْعَدَد، مِنْ قَوْلهمْ : كَثِير فُلَان فِي النُّفُوس ; وَمِنْهُ قَوْل الْعَرَب فِي الْمَثَل السَّائِر :" فِي كُلّ شَجَر نَار، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخ وَالْعَفَار ".
أَيْ اِسْتَكْثَرَ هَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ النَّار فَزَادَا عَلَى سَائِر الشَّجَر ; قَالَهُ اِبْن بَحْر.
وَجَوَاب الْقَسَم قِيلَ هُوَ :" قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ " عَلَى إِرَادَة اللَّام ; أَيْ لَقَدْ عَلِمْنَا.
وَقِيلَ : هُوَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى " وَهُوَ اِخْتِيَار التِّرْمِذِيّ مُحَمَّد بْن عَلِيّ قَالَ :" ق " قَسَم بِاسْمٍ هُوَ أَعْظَم الْأَسْمَاء الَّتِي خَرَجَتْ إِلَى الْعِبَاد وَهُوَ الْقُدْرَة، وَأَقْسَمَ أَيْضًا بِالْقُرْآنِ الْمَجِيد، ثُمَّ اِقْتَصَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْقُدْرَة مِنْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرَضِينَ وَأَرْزَاق الْعِبَاد، وَخَلْق الْآدَمِيِّينَ، وَصِفَة يَوْم الْقِيَامَة وَالْجَنَّة وَالنَّار، ثُمَّ قَالَ :" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب " [ ق : ٣٧ ] فَوَقَعَ الْقَسَم عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَة كَأَنَّهُ قَالَ :" ق " أَيْ بِالْقُدْرَةِ وَالْقُرْآن الْمَجِيد أَقْسَمْت أَنَّ فِيمَا اِقْتَصَصْت فِي هَذِهِ السُّورَة " لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد " [ ق : ٣٧ ].
وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : جَوَابه " مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل ".
وَقَالَ أَهْل الْكُوفَة : جَوَاب هَذَا الْقَسَم " بَلْ عَجِبُوا ".
وَقَالَ الْأَخْفَش : جَوَابه مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ :" ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " لَتُبْعَثُنَّ ; يَدُلّ عَلَيْهِ " أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ".
أَيْ الرَّفِيع الْقَدْر.
وَقِيلَ : الْكَرِيم ; قَالَهُ الْحَسَن.
وَقِيلَ : الْكَثِير ; مَأْخُوذ مِنْ كَثْرَة الْقَدْر وَالْمَنْزِلَة لَا مِنْ كَثْرَة الْعَدَد، مِنْ قَوْلهمْ : كَثِير فُلَان فِي النُّفُوس ; وَمِنْهُ قَوْل الْعَرَب فِي الْمَثَل السَّائِر :" فِي كُلّ شَجَر نَار، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخ وَالْعَفَار ".
أَيْ اِسْتَكْثَرَ هَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ النَّار فَزَادَا عَلَى سَائِر الشَّجَر ; قَالَهُ اِبْن بَحْر.
وَجَوَاب الْقَسَم قِيلَ هُوَ :" قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُص الْأَرْض مِنْهُمْ " عَلَى إِرَادَة اللَّام ; أَيْ لَقَدْ عَلِمْنَا.
وَقِيلَ : هُوَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى " وَهُوَ اِخْتِيَار التِّرْمِذِيّ مُحَمَّد بْن عَلِيّ قَالَ :" ق " قَسَم بِاسْمٍ هُوَ أَعْظَم الْأَسْمَاء الَّتِي خَرَجَتْ إِلَى الْعِبَاد وَهُوَ الْقُدْرَة، وَأَقْسَمَ أَيْضًا بِالْقُرْآنِ الْمَجِيد، ثُمَّ اِقْتَصَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْقُدْرَة مِنْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرَضِينَ وَأَرْزَاق الْعِبَاد، وَخَلْق الْآدَمِيِّينَ، وَصِفَة يَوْم الْقِيَامَة وَالْجَنَّة وَالنَّار، ثُمَّ قَالَ :" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب " [ ق : ٣٧ ] فَوَقَعَ الْقَسَم عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَة كَأَنَّهُ قَالَ :" ق " أَيْ بِالْقُدْرَةِ وَالْقُرْآن الْمَجِيد أَقْسَمْت أَنَّ فِيمَا اِقْتَصَصْت فِي هَذِهِ السُّورَة " لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد " [ ق : ٣٧ ].
وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : جَوَابه " مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل ".
وَقَالَ أَهْل الْكُوفَة : جَوَاب هَذَا الْقَسَم " بَلْ عَجِبُوا ".
وَقَالَ الْأَخْفَش : جَوَابه مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ :" ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " لَتُبْعَثُنَّ ; يَدُلّ عَلَيْهِ " أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ".
بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى تَقْدِير لِأَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ، يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالضَّمِير لِلْكُفَّارِ.
وَقِيلَ : لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّار جَمِيعًا.
ثُمَّ مَيَّزَ بَيْنهمْ
" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى تَقْدِير لِأَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ، يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالضَّمِير لِلْكُفَّارِ.
وَقِيلَ : لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّار جَمِيعًا.
ثُمَّ مَيَّزَ بَيْنهمْ
فَقَالَ الْكَافِرُونَ
وَلَمْ يَقُلْ فَقَالُوا، بَلْ قَبَّحَ حَالهمْ وَفِعْلهمْ وَوَصَفَهُمْ بِالْكُفْرِ، كَمَا تَقُول : جَاءَنِي فُلَان فَأَسْمَعَنِي الْمَكْرُوه، وَقَالَ لِي الْفَاسِق أَنْتَ كَذَا وَكَذَا.
وَلَمْ يَقُلْ فَقَالُوا، بَلْ قَبَّحَ حَالهمْ وَفِعْلهمْ وَوَصَفَهُمْ بِالْكُفْرِ، كَمَا تَقُول : جَاءَنِي فُلَان فَأَسْمَعَنِي الْمَكْرُوه، وَقَالَ لِي الْفَاسِق أَنْتَ كَذَا وَكَذَا.
هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ
الْعَجِيب الْأَمْر الَّذِي يُتَعَجَّب مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْعُجَاب بِالضَّمِّ، وَالْعُجَّاب بِالتَّشْدِيدِ أَكْثَر مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْأُعْجُوبَة.
وَقَالَ قَتَادَة : عَجَّبَهُمْ أَنْ دُعُوا إِلَى إِلَه وَاحِد.
وَقِيلَ : مِنْ إِنْذَارهمْ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُور.
وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآن أَوْلَى.
الْعَجِيب الْأَمْر الَّذِي يُتَعَجَّب مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْعُجَاب بِالضَّمِّ، وَالْعُجَّاب بِالتَّشْدِيدِ أَكْثَر مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْأُعْجُوبَة.
وَقَالَ قَتَادَة : عَجَّبَهُمْ أَنْ دُعُوا إِلَى إِلَه وَاحِد.
وَقِيلَ : مِنْ إِنْذَارهمْ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُور.
وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآن أَوْلَى.
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا
نُبْعَث ; فَفِيهِ إِضْمَار.
نُبْعَث ; فَفِيهِ إِضْمَار.
ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ
الرَّجْع الرَّدّ أَيْ هُوَ رَدّ بَعِيد أَيْ مُحَال.
يُقَال : رَجَعْته أَرْجِعهُ رَجْعًا، وَرَجَعَ هُوَ يَرْجِع رُجُوعًا، وَفِيهِ إِضْمَار آخَر ; أَيْ وَقَالُوا أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا.
وَذِكْر الْبَعْث وَإِنْ لَمْ يَجْرِ هَا هُنَا فَقَدْ جَرَى فِي مَوَاضِع، وَالْقُرْآن كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَة.
وَأَيْضًا ذِكْر الْبَعْث مُنْطَوٍ تَحْت قَوْله :" بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ " لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُنْذِر بِالْعِقَابِ وَالْحِسَاب فِي الْآخِرَة.
الرَّجْع الرَّدّ أَيْ هُوَ رَدّ بَعِيد أَيْ مُحَال.
يُقَال : رَجَعْته أَرْجِعهُ رَجْعًا، وَرَجَعَ هُوَ يَرْجِع رُجُوعًا، وَفِيهِ إِضْمَار آخَر ; أَيْ وَقَالُوا أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا.
وَذِكْر الْبَعْث وَإِنْ لَمْ يَجْرِ هَا هُنَا فَقَدْ جَرَى فِي مَوَاضِع، وَالْقُرْآن كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَة.
وَأَيْضًا ذِكْر الْبَعْث مُنْطَوٍ تَحْت قَوْله :" بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِر مِنْهُمْ " لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُنْذِر بِالْعِقَابِ وَالْحِسَاب فِي الْآخِرَة.
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ
أَيْ مَا تَأْكُل مِنْ أَجْسَادهمْ فَلَا يَضِلّ عَنَّا شَيْء حَتَّى تَتَعَذَّر عَلَيْنَا الْإِعَادَة.
وَفِي التَّنْزِيل :" قَالَ فَمَا بَال الْقُرُون الْأُولَى قَالَ عِلْمهَا عِنْد رَبِّي فِي كِتَاب لَا يَضِلّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى " [ طَه :
٥١ - ٥٢ ].
وَفِي الصَّحِيح :( كُلّ اِبْن آدَم يَأْكُلهُ التُّرَاب إِلَّا عَجْب الذَّنَب مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّب ) وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَثَبَتَ أَنَّ الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء وَالشُّهَدَاء لَا تَأْكُل الْأَرْض أَجْسَادهمْ ; حَرَّمَ اللَّه عَلَى الْأَرْض أَنْ تَأْكُل أَجْسَادهمْ.
وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَاب " التَّذْكِرَة " وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي هَذَا الْكِتَاب.
وَقَالَ السُّدِّيّ : النَّقْص هُنَا الْمَوْت يَقُول قَدْ عَلِمْنَا مِنْهُمْ مَنْ يَمُوت وَمَنْ يَبْقَى ; لِأَنَّ مَنْ مَاتَ دُفِنَ فَكَأَنَّ الْأَرْض تَنْقُص مِنْ النَّاس.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : هُوَ مَنْ يَدْخُل فِي الْإِسْلَام مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
أَيْ مَا تَأْكُل مِنْ أَجْسَادهمْ فَلَا يَضِلّ عَنَّا شَيْء حَتَّى تَتَعَذَّر عَلَيْنَا الْإِعَادَة.
وَفِي التَّنْزِيل :" قَالَ فَمَا بَال الْقُرُون الْأُولَى قَالَ عِلْمهَا عِنْد رَبِّي فِي كِتَاب لَا يَضِلّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى " [ طَه :
٥١ - ٥٢ ].
وَفِي الصَّحِيح :( كُلّ اِبْن آدَم يَأْكُلهُ التُّرَاب إِلَّا عَجْب الذَّنَب مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّب ) وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَثَبَتَ أَنَّ الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء وَالشُّهَدَاء لَا تَأْكُل الْأَرْض أَجْسَادهمْ ; حَرَّمَ اللَّه عَلَى الْأَرْض أَنْ تَأْكُل أَجْسَادهمْ.
وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَاب " التَّذْكِرَة " وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي هَذَا الْكِتَاب.
وَقَالَ السُّدِّيّ : النَّقْص هُنَا الْمَوْت يَقُول قَدْ عَلِمْنَا مِنْهُمْ مَنْ يَمُوت وَمَنْ يَبْقَى ; لِأَنَّ مَنْ مَاتَ دُفِنَ فَكَأَنَّ الْأَرْض تَنْقُص مِنْ النَّاس.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : هُوَ مَنْ يَدْخُل فِي الْإِسْلَام مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ
أَيْ بِعِدَّتِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ فَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِل.
وَقِيلَ : اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَيْ مَحْفُوظ مِنْ الشَّيَاطِين أَوْ مَحْفُوظ فِيهِ كُلّ شَيْء.
وَقِيلَ : الْكِتَاب عِبَارَة عَنْ الْعِلْم وَالْإِحْصَاء ; كَمَا تَقُول : كَتَبْت عَلَيْك هَذَا أَيْ حَفِظْته ; وَهَذَا تَرْك الظَّاهِر مِنْ غَيْر ضَرُورَة.
وَقِيلَ : أَيْ وَعِنْدنَا كِتَاب حَفِيظ لِأَعْمَالِ بَنِي آدَم لِنُحَاسِبهُمْ عَلَيْهَا.
أَيْ بِعِدَّتِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ فَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِل.
وَقِيلَ : اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَيْ مَحْفُوظ مِنْ الشَّيَاطِين أَوْ مَحْفُوظ فِيهِ كُلّ شَيْء.
وَقِيلَ : الْكِتَاب عِبَارَة عَنْ الْعِلْم وَالْإِحْصَاء ; كَمَا تَقُول : كَتَبْت عَلَيْك هَذَا أَيْ حَفِظْته ; وَهَذَا تَرْك الظَّاهِر مِنْ غَيْر ضَرُورَة.
وَقِيلَ : أَيْ وَعِنْدنَا كِتَاب حَفِيظ لِأَعْمَالِ بَنِي آدَم لِنُحَاسِبهُمْ عَلَيْهَا.
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ
أَيْ الْقُرْآن فِي قَوْل الْجَمِيع ; حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ : بِالْحَقِّ الْقُرْآن.
وَقِيلَ : الْإِسْلَام.
وَقِيلَ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَيْ الْقُرْآن فِي قَوْل الْجَمِيع ; حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ : بِالْحَقِّ الْقُرْآن.
وَقِيلَ : الْإِسْلَام.
وَقِيلَ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ
أَيْ مُخْتَلِط.
يَقُولُونَ مَرَّة سَاحِر وَمَرَّة شَاعِر وَمَرَّة كَاهِن ; قَالَهُ الضَّحَّاك وَابْن زَيْد.
وَقَالَ قَتَادَة : مُخْتَلِف.
الْحَسَن : مُلْتَبِس ; وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَاسِد، وَمِنْهُ مَرِجَتْ أَمَانَات النَّاس أَيْ فَسَدَتْ ; وَمَرِجَ الدِّين وَالْأَمْر اِخْتَلَطَ ; قَالَ أَبُو دَاوُد :
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْمَرِيج الْأَمْر الْمُنْكَر.
وَقَالَ عَنْهُ عِمْرَان بْن أَبِي عَطَاء :" مَرِيج " مُخْتَلِط.
وَأَنْشَدَ :
الْخُوط الْغُصْن.
وَقَالَ عَنْهُ الْعَوْفِيّ : فِي أَمْر ضَلَالَة وَهُوَ قَوْلهمْ سَاحِر شَاعِر مَجْنُون كَاهِن.
وَقِيلَ : مُتَغَيِّر.
وَأَصْل الْمَرَج الِاضْطِرَاب وَالْقَلَق ; يُقَال : مَرِجَ أَمْر النَّاس وَمَرِجَ أَمْر الدِّين وَمَرِجَ الْخَاتَم فِي إِصْبَعِي إِذَا قَلِقَ مِنْ الْهُزَال.
وَفِي الْحَدِيث :( كَيْف بِك يَا عَبْد اللَّه إِذَا كُنْت فِي قَوْم قَدْ مَرِجَتْ عُهُودهمْ وَأَمَانَاتهمْ وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا وَهَكَذَا ) وَشَبَّكَ بَيْن أَصَابِعه.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَاب " التَّذْكِرَة ".
أَيْ مُخْتَلِط.
يَقُولُونَ مَرَّة سَاحِر وَمَرَّة شَاعِر وَمَرَّة كَاهِن ; قَالَهُ الضَّحَّاك وَابْن زَيْد.
وَقَالَ قَتَادَة : مُخْتَلِف.
الْحَسَن : مُلْتَبِس ; وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَاسِد، وَمِنْهُ مَرِجَتْ أَمَانَات النَّاس أَيْ فَسَدَتْ ; وَمَرِجَ الدِّين وَالْأَمْر اِخْتَلَطَ ; قَالَ أَبُو دَاوُد :
مَرِجَ الدِّين فَأَعْدَدْت لَهُ | مُشْرِف الْحَارِك مَحْبُوك الْكَتَد |
وَقَالَ عَنْهُ عِمْرَان بْن أَبِي عَطَاء :" مَرِيج " مُخْتَلِط.
وَأَنْشَدَ :
فَجَالَتْ فَالْتَمَسْت بِهِ حَشَاهَا | فَخَرَّ كَأَنَّهُ خُوط مَرِيج |
وَقَالَ عَنْهُ الْعَوْفِيّ : فِي أَمْر ضَلَالَة وَهُوَ قَوْلهمْ سَاحِر شَاعِر مَجْنُون كَاهِن.
وَقِيلَ : مُتَغَيِّر.
وَأَصْل الْمَرَج الِاضْطِرَاب وَالْقَلَق ; يُقَال : مَرِجَ أَمْر النَّاس وَمَرِجَ أَمْر الدِّين وَمَرِجَ الْخَاتَم فِي إِصْبَعِي إِذَا قَلِقَ مِنْ الْهُزَال.
وَفِي الْحَدِيث :( كَيْف بِك يَا عَبْد اللَّه إِذَا كُنْت فِي قَوْم قَدْ مَرِجَتْ عُهُودهمْ وَأَمَانَاتهمْ وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا وَهَكَذَا ) وَشَبَّكَ بَيْن أَصَابِعه.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَاب " التَّذْكِرَة ".
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ
نَظَر اِعْتِبَار وَتَفَكُّر، وَأَنَّ الْقَادِر عَلَى إِيجَادهَا قَادِر عَلَى الْإِعَادَة.
نَظَر اِعْتِبَار وَتَفَكُّر، وَأَنَّ الْقَادِر عَلَى إِيجَادهَا قَادِر عَلَى الْإِعَادَة.
كَيْفَ بَنَيْنَاهَا
فَرَفَعْنَاهَا بِلَا عُمُد
فَرَفَعْنَاهَا بِلَا عُمُد
وَزَيَّنَّاهَا
بِالنُّجُومِ
بِالنُّجُومِ
وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ
جَمْع فَرْج وَهُوَ الشَّقّ ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
تَسُدّ بِهِ فَرْجهَا مِنْ دُبُر
وَقَالَ الْكِسَائِيّ : لَيْسَ فِيهَا تَفَاوُت وَلَا اِخْتِلَاف وَلَا فُتُوق.
جَمْع فَرْج وَهُوَ الشَّقّ ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
تَسُدّ بِهِ فَرْجهَا مِنْ دُبُر
وَقَالَ الْكِسَائِيّ : لَيْسَ فِيهَا تَفَاوُت وَلَا اِخْتِلَاف وَلَا فُتُوق.
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا
أَيْ بَسَطَ الْأَرْض طُولًا وَعَرْضًا.
مَسْأَلَة : فِي هَذِهِ الْآيَة رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَرْض كَالْكُرَةِ، وَرَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَرْض تَهْوِي أَبْوَابهَا عَلَيْهَا ; وَزَعَمَ اِبْن الرَّاوَنْدِيّ أَنَّ تَحْت الْأَرْض جِسْمًا صَعَّادًا كَالرِّيحِ الصَّعَّادَة ; وَهِيَ مُنْحَدِرَة فَاعْتَدَلَ الْهَاوِي وَالصَّعَّادِي فِي الْجِرْم وَالْقُوَّة فَتَوَافَقَا.
وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّ الْأَرْض مُرَكَّب مِنْ جِسْمَيْنِ، أَحَدهمَا مُنْحَدِر، وَالْآخَر مُصْعِد، فَاعْتَدَلَا، فَلِذَلِكَ وَقَفَتْ.
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْل الْكِتَاب الْقَوْل بِوُقُوفِ الْأَرْض وَسُكُونهَا وَمَدّهَا، وَأَنَّ حَرَكَتهَا إِنَّمَا تَكُون فِي الْعَادَة بِزَلْزَلَةٍ تُصِيبهَا.
أَيْ بَسَطَ الْأَرْض طُولًا وَعَرْضًا.
مَسْأَلَة : فِي هَذِهِ الْآيَة رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَرْض كَالْكُرَةِ، وَرَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَرْض تَهْوِي أَبْوَابهَا عَلَيْهَا ; وَزَعَمَ اِبْن الرَّاوَنْدِيّ أَنَّ تَحْت الْأَرْض جِسْمًا صَعَّادًا كَالرِّيحِ الصَّعَّادَة ; وَهِيَ مُنْحَدِرَة فَاعْتَدَلَ الْهَاوِي وَالصَّعَّادِي فِي الْجِرْم وَالْقُوَّة فَتَوَافَقَا.
وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّ الْأَرْض مُرَكَّب مِنْ جِسْمَيْنِ، أَحَدهمَا مُنْحَدِر، وَالْآخَر مُصْعِد، فَاعْتَدَلَا، فَلِذَلِكَ وَقَفَتْ.
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْل الْكِتَاب الْقَوْل بِوُقُوفِ الْأَرْض وَسُكُونهَا وَمَدّهَا، وَأَنَّ حَرَكَتهَا إِنَّمَا تَكُون فِي الْعَادَة بِزَلْزَلَةٍ تُصِيبهَا.
وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ
أَيْ جِبَالًا ثَوَابِت ; وَاحِدهَا رَاسِيَة ; لِأَنَّ الْأَرْض تَرْسُو بِهَا، أَيْ تَثْبُت ; وَالْإِرْسَاء الثُّبُوت ; قَالَ عَنْتَرَة :
وَقَالَ جَمِيل :
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطَاء : أَوَّل جَبَل وُضِعَ عَلَى الْأَرْض أَبُو قُبَيْس.
أَيْ جِبَالًا ثَوَابِت ; وَاحِدهَا رَاسِيَة ; لِأَنَّ الْأَرْض تَرْسُو بِهَا، أَيْ تَثْبُت ; وَالْإِرْسَاء الثُّبُوت ; قَالَ عَنْتَرَة :
فَصَبَرَتْ عَارِفَة لِذَلِكَ حُرَّة | تَرْسُو إِذَا نَفْس الْجَبَان تَطَلَّع |
أَحُبّهَا الَّذِي أَرْسَى قَوَاعِده | حُبًّا إِذَا ظَهَرَتْ آيَاته بَطَنَا |
وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ
أَيْ مِنْ كُلّ نَوْع مِنْ النَّبَات
أَيْ مِنْ كُلّ نَوْع مِنْ النَّبَات
بَهِيجٍ
أَيْ حَسَن يَسُرّ النَّاظِرِينَ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْحَجّ " بَيَانه.
أَيْ حَسَن يَسُرّ النَّاظِرِينَ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْحَجّ " بَيَانه.
تَبْصِرَةً وَذِكْرَى
أَيْ جَعَلْنَا ذَلِكَ تَبْصِرَة لِنَدُلّ بِهِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم : نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر ; يَعْنِي جَعَلْنَا ذَلِكَ تَبْصِيرًا وَتَنْبِيهًا عَلَى قُدْرَتنَا " وَذِكْرَى " مَعْطُوف عَلَيْهِ.
أَيْ جَعَلْنَا ذَلِكَ تَبْصِرَة لِنَدُلّ بِهِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتنَا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم : نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر ; يَعْنِي جَعَلْنَا ذَلِكَ تَبْصِيرًا وَتَنْبِيهًا عَلَى قُدْرَتنَا " وَذِكْرَى " مَعْطُوف عَلَيْهِ.
لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ
رَاجِع إِلَى اللَّه تَعَالَى، مُفَكِّر فِي قُدْرَته.
رَاجِع إِلَى اللَّه تَعَالَى، مُفَكِّر فِي قُدْرَته.
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
أَيْ مِنْ السَّحَاب
أَيْ مِنْ السَّحَاب
مَاءً مُبَارَكًا
أَيْ كَثِير الْبَرَكَة.
أَيْ كَثِير الْبَرَكَة.
فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ
التَّقْدِير : وَحَبّ النَّبْت الْحَصِيد وَهُوَ كُلّ مَا يُحْصَد.
هَذَا قَوْل الْبَصْرِيِّينَ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : هُوَ مِنْ بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفْسه، كَمَا يُقَال : مَسْجِد الْجَامِع وَرَبِيع الْأَوَّل وَحَقّ الْيَقِين وَحَبْل الْوَرِيد وَنَحْوهَا ; قَالَ الْفَرَّاء.
وَالْأَصْل الْحَبّ الْحَصِيد فَحُذِفَتْ الْأَلِف وَاللَّام وَأُضِيفَ الْمَنْعُوت إِلَى النَّعْت.
وَقَالَ الضَّحَّاك : حَبّ الْحَصِيد الْبُرّ وَالشَّعِير.
وَقِيلَ : كُلّ حَبّ يُحْصَد وَيُدَّخَر وَيُقْتَات.
التَّقْدِير : وَحَبّ النَّبْت الْحَصِيد وَهُوَ كُلّ مَا يُحْصَد.
هَذَا قَوْل الْبَصْرِيِّينَ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : هُوَ مِنْ بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفْسه، كَمَا يُقَال : مَسْجِد الْجَامِع وَرَبِيع الْأَوَّل وَحَقّ الْيَقِين وَحَبْل الْوَرِيد وَنَحْوهَا ; قَالَ الْفَرَّاء.
وَالْأَصْل الْحَبّ الْحَصِيد فَحُذِفَتْ الْأَلِف وَاللَّام وَأُضِيفَ الْمَنْعُوت إِلَى النَّعْت.
وَقَالَ الضَّحَّاك : حَبّ الْحَصِيد الْبُرّ وَالشَّعِير.
وَقِيلَ : كُلّ حَبّ يُحْصَد وَيُدَّخَر وَيُقْتَات.
وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ
نَصْب عَلَى الْحَال رَدًّا عَلَى قَوْله :" وَحَبّ الْحَصِيد " وَ " بَاسِقَات " حَال.
وَالْبَاسِقَات الطِّوَال قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة.
وَقَالَ قَتَادَة وَعَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : بِسُوقِهَا اِسْتِقَامَتهَا فِي الطُّول.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : مُسْتَوِيَات.
وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة أَيْضًا وَالْفَرَّاء : مَوَاقِير حَوَامِل ; يُقَال لِلشَّاةِ بَسَقَتْ إِذَا وَلَدَتْ، قَالَ الشَّاعِر :
وَالْأَوَّل فِي اللُّغَة أَكْثَر وَأَشْهَر ; يُقَال بَسَقَ النَّخْل بُسُوقًا إِذَا طَالَ.
قَالَ :
وَيُقَال : بَسَقَ فُلَان عَلَى أَصْحَابه أَيْ عَلَاهُمْ، وَأَبْسَقَتْ النَّاقَة إِذَا وَقَعَ فِي ضَرْعهَا اللَّبَن قَبْل النِّتَاج فَهِيَ مُبْسِق وَنُوق مَبَاسِيق.
وَقَالَ قُطْبَة بْن مَالِك : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأ " بَاصِقَات " بِالصَّادِ ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ.
قُلْت : الَّذِي فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ قُطْبَة بْن مَالِك قَالَ : صَلَّيْت وَصَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " حَتَّى قَرَأَ " وَالنَّخْل بَاسِقَات " قَالَ فَجَعَلْت أُرَدِّدهَا وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ ; إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوز إِبْدَال الصَّاد مِنْ السِّين لِأَجْلِ الْقَاف.
نَصْب عَلَى الْحَال رَدًّا عَلَى قَوْله :" وَحَبّ الْحَصِيد " وَ " بَاسِقَات " حَال.
وَالْبَاسِقَات الطِّوَال قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة.
وَقَالَ قَتَادَة وَعَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : بِسُوقِهَا اِسْتِقَامَتهَا فِي الطُّول.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : مُسْتَوِيَات.
وَقَالَ الْحَسَن وَعِكْرِمَة أَيْضًا وَالْفَرَّاء : مَوَاقِير حَوَامِل ; يُقَال لِلشَّاةِ بَسَقَتْ إِذَا وَلَدَتْ، قَالَ الشَّاعِر :
فَلَمَّا تَرَكْنَا الدَّار ظَلَّتْ مُنِيفَة | بِقُرَّانَ فِيهِ الْبَاسِقَات الْمَوَاقِر |
قَالَ :
لَنَا خَمْر وَلَيْسَتْ خَمْر كَرْم | وَلَكِنْ مِنْ نِتَاج الْبَاسِقَات |
كِرَام فِي السَّمَاء ذَهَبْنَ طُولًا | وَفَاتَ ثِمَارهَا أَيْدِي الْجُنَاة |
وَقَالَ قُطْبَة بْن مَالِك : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأ " بَاصِقَات " بِالصَّادِ ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ.
قُلْت : الَّذِي فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ قُطْبَة بْن مَالِك قَالَ : صَلَّيْت وَصَلَّى بِنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ " ق وَالْقُرْآن الْمَجِيد " حَتَّى قَرَأَ " وَالنَّخْل بَاسِقَات " قَالَ فَجَعَلْت أُرَدِّدهَا وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ ; إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوز إِبْدَال الصَّاد مِنْ السِّين لِأَجْلِ الْقَاف.
لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ
الطَّلْع هُوَ أَوَّل مَا يَخْرُج مِنْ ثَمَر النَّخْل ; يُقَال : طَلَعَ الطَّلْع طُلُوعًا وَأَطْلَعَتْ النَّخْلَة، وَطَلْعهَا كُفُرَّاهَا قَبْل أَنْ يَنْشَقّ.
" نَضِيد " أَيْ مُتَرَاكِب قَدْ نَضَدَ بَعْضه عَلَى بَعْض.
وَفِي الْبُخَارِيّ " النَّضِيد " الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامه وَمَعْنَاهُ مَنْضُود بَعْضه عَلَى بَعْض ; فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامه فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ.
الطَّلْع هُوَ أَوَّل مَا يَخْرُج مِنْ ثَمَر النَّخْل ; يُقَال : طَلَعَ الطَّلْع طُلُوعًا وَأَطْلَعَتْ النَّخْلَة، وَطَلْعهَا كُفُرَّاهَا قَبْل أَنْ يَنْشَقّ.
" نَضِيد " أَيْ مُتَرَاكِب قَدْ نَضَدَ بَعْضه عَلَى بَعْض.
وَفِي الْبُخَارِيّ " النَّضِيد " الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامه وَمَعْنَاهُ مَنْضُود بَعْضه عَلَى بَعْض ; فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامه فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ.
رِزْقًا لِلْعِبَادِ
أَيْ رَزَقْنَاهُمْ رِزْقًا، أَوْ عَلَى مَعْنَى أَنْبَتْنَاهَا رِزْقًا ; لِأَنَّ الْإِنْبَات فِي مَعْنَى الرِّزْق، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول لَهُ أَيْ أَنْبَتْنَاهَا لِرِزْقِهِمْ، وَالرِّزْق مَا كَانَ مُهَيَّأ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ.
أَيْ رَزَقْنَاهُمْ رِزْقًا، أَوْ عَلَى مَعْنَى أَنْبَتْنَاهَا رِزْقًا ; لِأَنَّ الْإِنْبَات فِي مَعْنَى الرِّزْق، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول لَهُ أَيْ أَنْبَتْنَاهَا لِرِزْقِهِمْ، وَالرِّزْق مَا كَانَ مُهَيَّأ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ.
وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ
أَيْ مِنْ الْقُبُور أَيْ كَمَا أَحْيَا اللَّه هَذِهِ الْأَرْض الْمَيْتَة فَكَذَلِكَ يُخْرِجكُمْ أَحْيَاء بَعْد مَوْتكُمْ ; فَالْكَاف فِي مَحَلّ رَفْع عَلَى الِابْتِدَاء.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْر مَوْضِع.
وَقَالَ " مَيْتًا " لِأَنَّ الْمَقْصُود الْمَكَان وَلَوْ قَالَ مَيْتَة لَجَازَ.
أَيْ مِنْ الْقُبُور أَيْ كَمَا أَحْيَا اللَّه هَذِهِ الْأَرْض الْمَيْتَة فَكَذَلِكَ يُخْرِجكُمْ أَحْيَاء بَعْد مَوْتكُمْ ; فَالْكَاف فِي مَحَلّ رَفْع عَلَى الِابْتِدَاء.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْر مَوْضِع.
وَقَالَ " مَيْتًا " لِأَنَّ الْمَقْصُود الْمَكَان وَلَوْ قَالَ مَيْتَة لَجَازَ.
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
أَيْ كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ كَذَّبَ أُولَئِكَ فَحَلَّ بِهِمْ الْعِقَاب ; ذَكَّرَهُمْ نَبَأ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ وَخَوَّفَهُمْ مَا أَخَذَهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ فِي غَيْر مَوْضِع عِنْد ذِكْرهمْ.
أَيْ كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ كَذَّبَ أُولَئِكَ فَحَلَّ بِهِمْ الْعِقَاب ; ذَكَّرَهُمْ نَبَأ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ وَخَوَّفَهُمْ مَا أَخَذَهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ فِي غَيْر مَوْضِع عِنْد ذِكْرهمْ.
وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ
أَيْ كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ كَذَّبَ أُولَئِكَ فَحَلَّ بِهِمْ الْعِقَاب ; ذَكَّرَهُمْ نَبَأ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ وَخَوَّفَهُمْ مَا أَخَذَهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ فِي غَيْر مَوْضِع عِنْد ذِكْرهمْ.
أَيْ كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ كَذَّبَ أُولَئِكَ فَحَلَّ بِهِمْ الْعِقَاب ; ذَكَّرَهُمْ نَبَأ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ وَخَوَّفَهُمْ مَا أَخَذَهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ فِي غَيْر مَوْضِع عِنْد ذِكْرهمْ.
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ
أَيْ كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ كَذَّبَ أُولَئِكَ فَحَلَّ بِهِمْ الْعِقَاب ; ذَكَّرَهُمْ نَبَأ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ وَخَوَّفَهُمْ مَا أَخَذَهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ فِي غَيْر مَوْضِع عِنْد ذِكْرهمْ.
أَيْ كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ فَكَذَلِكَ كَذَّبَ أُولَئِكَ فَحَلَّ بِهِمْ الْعِقَاب ; ذَكَّرَهُمْ نَبَأ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ وَخَوَّفَهُمْ مَا أَخَذَهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ فِي غَيْر مَوْضِع عِنْد ذِكْرهمْ.
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ
مِنْ هَذِهِ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة.
مِنْ هَذِهِ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة.
كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
أَيْ فَحَقَّ عَلَيْهِمْ وَعِيدِي وَعِقَابِي.
أَيْ فَحَقَّ عَلَيْهِمْ وَعِيدِي وَعِقَابِي.
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ
أَيْ أَفَعَيِينَا بِهِ فَنَعْيَا بِالْبَعْثِ.
وَهَذَا تَوْبِيخ لِمُنْكِرِي الْبَعْث وَجَوَاب قَوْلهمْ :" ذَلِكَ رَجْع بَعِيد " [ ق : ٣ ].
يُقَال : عَيِيت بِالْأَمْرِ إِذَا لَمْ تَعْرِف وَجْهه.
أَيْ أَفَعَيِينَا بِهِ فَنَعْيَا بِالْبَعْثِ.
وَهَذَا تَوْبِيخ لِمُنْكِرِي الْبَعْث وَجَوَاب قَوْلهمْ :" ذَلِكَ رَجْع بَعِيد " [ ق : ٣ ].
يُقَال : عَيِيت بِالْأَمْرِ إِذَا لَمْ تَعْرِف وَجْهه.
بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
أَيْ فِي حِيرَة مِنْ الْبَعْث مِنْهُمْ مُصَدِّق وَمِنْهُمْ مُكَذِّب ; يُقَال : لَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْر يَلْبِسهُ لَبْسًا.
أَيْ فِي حِيرَة مِنْ الْبَعْث مِنْهُمْ مُصَدِّق وَمِنْهُمْ مُكَذِّب ; يُقَال : لَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْر يَلْبِسهُ لَبْسًا.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ
يَعْنِي النَّاس، وَقِيلَ آدَم.
يَعْنِي النَّاس، وَقِيلَ آدَم.
وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
أَيْ مَا يَخْتَلِج فِي سِرّه وَقَلْبه وَضَمِيره، وَفِي هَذَا زَجْر عَنْ الْمَعَاصِي الَّتِي يَسْتَخْفِي بِهَا.
وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَاد بِالْإِنْسَانِ آدَم ; فَاَلَّذِي وَسْوَسَتْ بِهِ نَفْسه هُوَ الْأَكْل مِنْ الشَّجَرَة، ثُمَّ هُوَ عَامّ لِوَلَدِهِ.
وَالْوَسْوَسَة حَدِيث النَّفْس بِمَنْزِلَةِ الْكَلَام الْخَفِيّ.
قَالَ الْأَعْشَى :
وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف ".
أَيْ مَا يَخْتَلِج فِي سِرّه وَقَلْبه وَضَمِيره، وَفِي هَذَا زَجْر عَنْ الْمَعَاصِي الَّتِي يَسْتَخْفِي بِهَا.
وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْمُرَاد بِالْإِنْسَانِ آدَم ; فَاَلَّذِي وَسْوَسَتْ بِهِ نَفْسه هُوَ الْأَكْل مِنْ الشَّجَرَة، ثُمَّ هُوَ عَامّ لِوَلَدِهِ.
وَالْوَسْوَسَة حَدِيث النَّفْس بِمَنْزِلَةِ الْكَلَام الْخَفِيّ.
قَالَ الْأَعْشَى :
تَسْمَع لِلْحَلْيِ وَسْوَاسًا إِذَا اِنْصَرَفَتْ | كَمَا اِسْتَعَانَ بِرِيحٍ عِشْرِق زَجِل |
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
هُوَ حَبْل الْعَاتِق وَهُوَ مُمْتَدّ مِنْ نَاحِيَة حَلْقه إِلَى عَاتِقه، وَهُمَا وَرِيدَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال.
رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة.
وَالْحَبْل هُوَ الْوَرِيد فَأُضِيفَ إِلَى نَفْسه لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ.
وَقَالَ الْحَسَن : الْوَرِيد الْوَتِين وَهُوَ عِرْق مُعَلَّق بِالْقَلْبِ.
وَهَذَا تَمْثِيل لِلْقُرْبِ ; أَيْ نَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل وَرِيده الَّذِي هُوَ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْه قُرْب الْمَسَافَة.
وَقِيلَ : أَيْ وَنَحْنُ أَمْلَك بِهِ مِنْ حَبْل وَرِيده مَعَ اِسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ : أَيْ وَنَحْنُ أَعْلَم بِمَا تُوَسْوِس بِهِ نَفْسه مِنْ حَبْل وَرِيده الَّذِي هُوَ مِنْ نَفْسه ; لِأَنَّهُ عِرْق يُخَالِط الْقَلْب، فَعِلْم الرَّبّ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ عِلْم الْقَلْب، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ مُقَاتِل قَالَ : الْوَرِيد عِرْق يُخَالِط الْقَلْب، وَهَذَا الْقُرْب قُرْب الْعِلْم وَالْقُدْرَة، وَأَبْعَاض الْإِنْسَان يَحْجُب الْبَعْض الْبَعْض وَلَا يَحْجُب عِلْم اللَّه شَيْء.
هُوَ حَبْل الْعَاتِق وَهُوَ مُمْتَدّ مِنْ نَاحِيَة حَلْقه إِلَى عَاتِقه، وَهُمَا وَرِيدَانِ عَنْ يَمِين وَشِمَال.
رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي اللُّغَة.
وَالْحَبْل هُوَ الْوَرِيد فَأُضِيفَ إِلَى نَفْسه لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ.
وَقَالَ الْحَسَن : الْوَرِيد الْوَتِين وَهُوَ عِرْق مُعَلَّق بِالْقَلْبِ.
وَهَذَا تَمْثِيل لِلْقُرْبِ ; أَيْ نَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل وَرِيده الَّذِي هُوَ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْه قُرْب الْمَسَافَة.
وَقِيلَ : أَيْ وَنَحْنُ أَمْلَك بِهِ مِنْ حَبْل وَرِيده مَعَ اِسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ : أَيْ وَنَحْنُ أَعْلَم بِمَا تُوَسْوِس بِهِ نَفْسه مِنْ حَبْل وَرِيده الَّذِي هُوَ مِنْ نَفْسه ; لِأَنَّهُ عِرْق يُخَالِط الْقَلْب، فَعِلْم الرَّبّ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ عِلْم الْقَلْب، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ مُقَاتِل قَالَ : الْوَرِيد عِرْق يُخَالِط الْقَلْب، وَهَذَا الْقُرْب قُرْب الْعِلْم وَالْقُدْرَة، وَأَبْعَاض الْإِنْسَان يَحْجُب الْبَعْض الْبَعْض وَلَا يَحْجُب عِلْم اللَّه شَيْء.
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ
أَيْ نَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل وَرِيده حِين يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ، وَهُمَا الْمَلَكَانِ الْمُوَكَّلَانِ بِهِ، أَيْ نَحْنُ أَعْلَم بِأَحْوَالِهِ فَلَا نَحْتَاج إِلَى مَلَك يُخْبِر وَلَكِنَّهُمَا وُكِّلَا بِهِ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ، وَتَوْكِيدًا لِلْأَمْرِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَقَتَادَة :" الْمُتَلَقِّيَانِ " مَلَكَانِ يَتَلَقَّيَانِ عَمَلك : أَحَدهمَا عَنْ يَمِينك يَكْتُب حَسَنَاتك، وَالْآخَر عَنْ شِمَالك يَكْتُب سَيِّئَاتك.
قَالَ الْحَسَن : حَتَّى إِذَا مُتّ طُوِيَتْ صَحِيفَة عَمَلك وَقِيلَ لَك يَوْم الْقِيَامَة :" اِقْرَأْ كِتَابك كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حَسِيبًا " [ الْإِسْرَاء : ١٤ ] عَدَلَ وَاَللَّه عَلَيْك مَنْ جَعَلَك حَسِيب نَفْسك.
وَقَالَ مُجَاهِد : وَكَّلَ اللَّه بِالْإِنْسَانِ مَعَ عِلْمه بِأَحْوَالِهِ مَلَكَيْنِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَيْنِ بِالنَّهَارِ يَحْفَظَانِ عَمَله، وَيَكْتُبَانِ أَثَره إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ : أَحَدهمَا عَنْ يَمِينه يَكْتُب الْحَسَنَات، وَالْآخَر عَنْ شِمَاله يَكْتُب السَّيِّئَات، فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :" عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد ".
وَقَالَ سُفْيَان : بَلَغَنِي أَنَّ كَاتِب الْحَسَنَات أَمِين عَلَى كَاتِب السَّيِّئَات فَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْد قَالَ لَا تَعْجَل لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِر اللَّه.
وَرُوِيَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَة ; قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( كَاتِب الْحَسَنَات عَلَى يَمِين الرَّجُل وَكَاتِب السَّيِّئَات عَلَى يَسَاره وَكَاتِب الْحَسَنَات أَمِين عَلَى كَاتِب السَّيِّئَات فَإِذَا عَمِلَ حَسَنَة كَتَبَهَا صَاحِب الْيَمِين عَشْرًا وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَة قَالَ صَاحِب الْيَمِين لِصَاحِبِ الشِّمَال دَعْهُ سَبْع سَاعَات لَعَلَّهُ يُسَبِّح أَوْ يَسْتَغْفِر ).
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيث عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ مَقْعَد مَلَكَيْك عَلَى ثَنِيَّتك لِسَانك قَلَمهمَا وَرِيقك مِدَادهمَا وَأَنْتَ تَجْرِي فِيمَا لَا يَعْنِيك فَلَا تَسْتَحِي مِنْ اللَّه وَلَا مِنْهُمَا ).
وَقَالَ الضَّحَّاك : مَجْلِسهمَا تَحْت الثَّغْر.
عَلَى الْحَنَك.
وَرَوَاهُ عَوْف عَنْ الْحَسَن قَالَ : وَكَانَ الْحَسَن يُعْجِبهُ أَنْ يُنَظِّف عَنْفَقَته.
وَإِنَّمَا قَالَ :" قَعِيد " وَلَمْ يَقُلْ قَعِيدَانِ وَهُمَا اِثْنَانِ ; لِأَنَّ الْمُرَاد عَنْ الْيَمِين قَعِيد وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد فَحُذِفَ الْأَوَّل لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ.
قَالَهُ سِيبَوَيْهِ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : نَحْنُ بِمَا عِنْدنَا وَأَنْتَ بِمَا عِنْدك رَاضٍ وَالرَّأْي مُخْتَلِف وَقَالَ الْفَرَزْدَق :
وَلَمْ يَقُلْ رَاضِيَانِ وَلَا غَدُورَيْنِ.
وَمَذْهَب الْمُبَرِّد : أَنَّ الَّذِي فِي التِّلَاوَة أَوَّل أُخِّرَ اِتِّسَاعًا، وَحُذِفَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّل عَلَيْهِ.
وَمَذْهَب الْأَخْفَش وَالْفَرَّاء : أَنَّ الَّذِي فِي التِّلَاوَة يُؤَدِّي عَنْ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْع وَلَا حَذْف فِي الْكَلَام.
وَ " قَعِيد " بِمَعْنَى قَاعِد كَالسَّمِيعِ وَالْعَلِيم وَالْقَدِير وَالشَّهِيد.
أَيْ نَحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْل وَرِيده حِين يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ، وَهُمَا الْمَلَكَانِ الْمُوَكَّلَانِ بِهِ، أَيْ نَحْنُ أَعْلَم بِأَحْوَالِهِ فَلَا نَحْتَاج إِلَى مَلَك يُخْبِر وَلَكِنَّهُمَا وُكِّلَا بِهِ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ، وَتَوْكِيدًا لِلْأَمْرِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَقَتَادَة :" الْمُتَلَقِّيَانِ " مَلَكَانِ يَتَلَقَّيَانِ عَمَلك : أَحَدهمَا عَنْ يَمِينك يَكْتُب حَسَنَاتك، وَالْآخَر عَنْ شِمَالك يَكْتُب سَيِّئَاتك.
قَالَ الْحَسَن : حَتَّى إِذَا مُتّ طُوِيَتْ صَحِيفَة عَمَلك وَقِيلَ لَك يَوْم الْقِيَامَة :" اِقْرَأْ كِتَابك كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حَسِيبًا " [ الْإِسْرَاء : ١٤ ] عَدَلَ وَاَللَّه عَلَيْك مَنْ جَعَلَك حَسِيب نَفْسك.
وَقَالَ مُجَاهِد : وَكَّلَ اللَّه بِالْإِنْسَانِ مَعَ عِلْمه بِأَحْوَالِهِ مَلَكَيْنِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَيْنِ بِالنَّهَارِ يَحْفَظَانِ عَمَله، وَيَكْتُبَانِ أَثَره إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ : أَحَدهمَا عَنْ يَمِينه يَكْتُب الْحَسَنَات، وَالْآخَر عَنْ شِمَاله يَكْتُب السَّيِّئَات، فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :" عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد ".
وَقَالَ سُفْيَان : بَلَغَنِي أَنَّ كَاتِب الْحَسَنَات أَمِين عَلَى كَاتِب السَّيِّئَات فَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْد قَالَ لَا تَعْجَل لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِر اللَّه.
وَرُوِيَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَة ; قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( كَاتِب الْحَسَنَات عَلَى يَمِين الرَّجُل وَكَاتِب السَّيِّئَات عَلَى يَسَاره وَكَاتِب الْحَسَنَات أَمِين عَلَى كَاتِب السَّيِّئَات فَإِذَا عَمِلَ حَسَنَة كَتَبَهَا صَاحِب الْيَمِين عَشْرًا وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَة قَالَ صَاحِب الْيَمِين لِصَاحِبِ الشِّمَال دَعْهُ سَبْع سَاعَات لَعَلَّهُ يُسَبِّح أَوْ يَسْتَغْفِر ).
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيث عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ مَقْعَد مَلَكَيْك عَلَى ثَنِيَّتك لِسَانك قَلَمهمَا وَرِيقك مِدَادهمَا وَأَنْتَ تَجْرِي فِيمَا لَا يَعْنِيك فَلَا تَسْتَحِي مِنْ اللَّه وَلَا مِنْهُمَا ).
وَقَالَ الضَّحَّاك : مَجْلِسهمَا تَحْت الثَّغْر.
عَلَى الْحَنَك.
وَرَوَاهُ عَوْف عَنْ الْحَسَن قَالَ : وَكَانَ الْحَسَن يُعْجِبهُ أَنْ يُنَظِّف عَنْفَقَته.
وَإِنَّمَا قَالَ :" قَعِيد " وَلَمْ يَقُلْ قَعِيدَانِ وَهُمَا اِثْنَانِ ; لِأَنَّ الْمُرَاد عَنْ الْيَمِين قَعِيد وَعَنْ الشِّمَال قَعِيد فَحُذِفَ الْأَوَّل لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ.
قَالَهُ سِيبَوَيْهِ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : نَحْنُ بِمَا عِنْدنَا وَأَنْتَ بِمَا عِنْدك رَاضٍ وَالرَّأْي مُخْتَلِف وَقَالَ الْفَرَزْدَق :
إِنِّي ضَمِنْت لِمَنْ أَتَانِي مَا جَنَى | وَأَبَى فَكَانَ وَكُنْت غَيْر غَدُور |
وَمَذْهَب الْمُبَرِّد : أَنَّ الَّذِي فِي التِّلَاوَة أَوَّل أُخِّرَ اِتِّسَاعًا، وَحُذِفَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّل عَلَيْهِ.
وَمَذْهَب الْأَخْفَش وَالْفَرَّاء : أَنَّ الَّذِي فِي التِّلَاوَة يُؤَدِّي عَنْ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْع وَلَا حَذْف فِي الْكَلَام.
وَ " قَعِيد " بِمَعْنَى قَاعِد كَالسَّمِيعِ وَالْعَلِيم وَالْقَدِير وَالشَّهِيد.
وَقِيلَ :" قَعِيد " بِمَعْنَى مُقَاعَد مِثْل أَكِيل وَنَدِيم بِمَعْنَى مُؤَاكَل وَمُنَادَم.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : فَعِيل وَفَعُول مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْع ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ " [ الشُّعَرَاء : ١٦ ] وَقَوْله :" وَالْمَلَائِكَة بَعْد ذَلِكَ ظَهِير " [ التَّحْرِيم : ٤ ].
وَقَالَ الشَّاعِر فِي الْجَمْع، أَنْشَدَهُ الثَّعْلَبِيّ :
وَالْمُرَاد بِالْقَعِيدِ هَاهُنَا الْمُلَازِم الثَّابِت لَا ضِدّ الْقَائِم.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : فَعِيل وَفَعُول مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْع ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ " [ الشُّعَرَاء : ١٦ ] وَقَوْله :" وَالْمَلَائِكَة بَعْد ذَلِكَ ظَهِير " [ التَّحْرِيم : ٤ ].
وَقَالَ الشَّاعِر فِي الْجَمْع، أَنْشَدَهُ الثَّعْلَبِيّ :
أَلِكْنِي إِلَيْهَا وَخَيْر الرَّسُو | ل أَعْلَمهُمْ بِنَوَاحِي الْخَبَر |
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
أَيْ مَا يَتَكَلَّم بِشَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ ; مَأْخُوذ مِنْ لَفْظ الطَّعَام وَهُوَ إِخْرَاجه مِنْ الْفَم.
وَفِي الرَّقِيب ثَلَاثَة أَوْجُه : أَحَدهَا أَنَّهُ الْمُتَّبِع لِلْأُمُورِ.
الثَّانِي أَنَّهُ الْحَافِظ، قَالَهُ السُّدِّيّ.
الثَّالِث أَنَّهُ الشَّاهِد، قَالَهُ الضَّحَّاك.
وَفِي الْعَتِيد وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ الْحَاضِر الَّذِي لَا يَغِيب.
الثَّانِي أَنَّهُ الْحَافِظ الْمُعَدّ إِمَّا لِلْحِفْظِ وَإِمَّا لِلشَّهَادَةِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : الْعَتِيد الشَّيْء الْحَاضِر الْمُهَيَّأ ; وَقَدْ عَتَّدَهُ تَعْتِيدًا وَأَعْتَدَهُ إِعْتَادًا أَيْ أَعَدَّهُ لِيَوْمٍ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأ " [ يُوسُف : ٣١ ] وَفَرَس عَتَد وَعَتِد بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْرهَا الْمُعَدّ لِلْجَرْيِ.
قُلْت وَكُلّه يَرْجِع إِلَى مَعْنَى الْحُضُور، وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
قَالَ أَبُو الْجَوْزَاء وَمُجَاهِد : يُكْتَب عَلَى الْإِنْسَان كُلّ شَيْء حَتَّى الْأَنِين فِي مَرَضه.
وَقَالَ عِكْرِمَة : لَا يُكْتَب إِلَّا مَا يُؤْجَر بِهِ أَوْ يُؤْزَر عَلَيْهِ.
وَقِيلَ : يُكْتَب عَلَيْهِ كُلّ مَا يَتَكَلَّم بِهِ، فَإِذَا كَانَ آخِر النَّهَار مُحِيَ عَنْهُ مَا كَانَ مُبَاحًا، نَحْو اِنْطَلِقْ اُقْعُدْ كُلْ، مِمَّا لَا يَتَعَلَّق بِهِ أَجْر وَلَا وِزْر، وَاَللَّه أَعْلَم.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَأَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( مَا مِنْ حَافِظَيْنِ يَرْفَعَانِ إِلَى اللَّه مَا حَفِظَا فَيَرَى اللَّه فِي أَوَّل الصَّحِيفَة خَيْرًا وَفِي آخِرهَا خَيْرًا إِلَّا قَالَ اللَّه تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ اِشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي مَا بَيْن طَرَفَيْ الصَّحِيفَة ).
وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ :( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَة مَعَهُمْ صُحُف بِيض فَأَمْلُوا فِي أَوَّلهَا وَفِي آخِرهَا خَيْرًا يُغْفَر لَكُمْ مَا بَيْن ذَلِكَ ).
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْم الْحَافِظ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بْن الْفَضْل بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُوسَى الْحَرَشِيّ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْل بْن عَبْد اللَّه قَالَ : سَمِعْت الْأَعْمَش يُحَدِّث عَنْ زَيْد بْن وَهْب عَنْ اِبْن مَسْعُود، قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ الْحَافِظَيْنِ إِذَا نَزَلَا عَلَى الْعَبْد أَوْ الْأَمَة مَعَهُمَا كِتَاب مَخْتُوم فَيَكْتُبَانِ مَا يَلْفِظ بِهِ الْعَبْد أَوْ الْأَمَة فَإِذَا أَرَادَا أَنْ يَنْهَضَا قَالَ أَحَدهمَا لِلْآخَرِ فُكَّ الْكِتَاب الْمَخْتُوم الَّذِي مَعَك فَيَفُكّهُ لَهُ فَإِذَا فِيهِ مَا كَتَبَ سَوَاء فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيد " غَرِيب، مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ زَيْد، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا سُهَيْل.
أَيْ مَا يَتَكَلَّم بِشَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ عَلَيْهِ ; مَأْخُوذ مِنْ لَفْظ الطَّعَام وَهُوَ إِخْرَاجه مِنْ الْفَم.
وَفِي الرَّقِيب ثَلَاثَة أَوْجُه : أَحَدهَا أَنَّهُ الْمُتَّبِع لِلْأُمُورِ.
الثَّانِي أَنَّهُ الْحَافِظ، قَالَهُ السُّدِّيّ.
الثَّالِث أَنَّهُ الشَّاهِد، قَالَهُ الضَّحَّاك.
وَفِي الْعَتِيد وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ الْحَاضِر الَّذِي لَا يَغِيب.
الثَّانِي أَنَّهُ الْحَافِظ الْمُعَدّ إِمَّا لِلْحِفْظِ وَإِمَّا لِلشَّهَادَةِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : الْعَتِيد الشَّيْء الْحَاضِر الْمُهَيَّأ ; وَقَدْ عَتَّدَهُ تَعْتِيدًا وَأَعْتَدَهُ إِعْتَادًا أَيْ أَعَدَّهُ لِيَوْمٍ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأ " [ يُوسُف : ٣١ ] وَفَرَس عَتَد وَعَتِد بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْرهَا الْمُعَدّ لِلْجَرْيِ.
قُلْت وَكُلّه يَرْجِع إِلَى مَعْنَى الْحُضُور، وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
لَئِنْ كُنْت مِنِّي فِي الْعِيَان مُغَيَّبًا | فَذِكْرك عِنْدِي فِي الْفُؤَاد عَتِيد |
وَقَالَ عِكْرِمَة : لَا يُكْتَب إِلَّا مَا يُؤْجَر بِهِ أَوْ يُؤْزَر عَلَيْهِ.
وَقِيلَ : يُكْتَب عَلَيْهِ كُلّ مَا يَتَكَلَّم بِهِ، فَإِذَا كَانَ آخِر النَّهَار مُحِيَ عَنْهُ مَا كَانَ مُبَاحًا، نَحْو اِنْطَلِقْ اُقْعُدْ كُلْ، مِمَّا لَا يَتَعَلَّق بِهِ أَجْر وَلَا وِزْر، وَاَللَّه أَعْلَم.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَأَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( مَا مِنْ حَافِظَيْنِ يَرْفَعَانِ إِلَى اللَّه مَا حَفِظَا فَيَرَى اللَّه فِي أَوَّل الصَّحِيفَة خَيْرًا وَفِي آخِرهَا خَيْرًا إِلَّا قَالَ اللَّه تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ اِشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي مَا بَيْن طَرَفَيْ الصَّحِيفَة ).
وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ :( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَة مَعَهُمْ صُحُف بِيض فَأَمْلُوا فِي أَوَّلهَا وَفِي آخِرهَا خَيْرًا يُغْفَر لَكُمْ مَا بَيْن ذَلِكَ ).
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْم الْحَافِظ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بْن الْفَضْل بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة قَالَ حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُوسَى الْحَرَشِيّ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْل بْن عَبْد اللَّه قَالَ : سَمِعْت الْأَعْمَش يُحَدِّث عَنْ زَيْد بْن وَهْب عَنْ اِبْن مَسْعُود، قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ الْحَافِظَيْنِ إِذَا نَزَلَا عَلَى الْعَبْد أَوْ الْأَمَة مَعَهُمَا كِتَاب مَخْتُوم فَيَكْتُبَانِ مَا يَلْفِظ بِهِ الْعَبْد أَوْ الْأَمَة فَإِذَا أَرَادَا أَنْ يَنْهَضَا قَالَ أَحَدهمَا لِلْآخَرِ فُكَّ الْكِتَاب الْمَخْتُوم الَّذِي مَعَك فَيَفُكّهُ لَهُ فَإِذَا فِيهِ مَا كَتَبَ سَوَاء فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيد " غَرِيب، مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ زَيْد، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا سُهَيْل.
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيث أَنَس أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ اللَّه وَكَّلَ بِعَبْدِهِ مَلَكَيْنِ يَكْتُبَانِ عَمَله فَإِذَا مَاتَ قَالَا رَبّنَا قَدْ مَاتَ فُلَان فَأْذَنْ لَنَا أَنْ نَصْعَد إِلَى السَّمَاء فَيَقُول اللَّه تَعَالَى، إِنَّ سَمَاوَاتِي مَمْلُوءَة مِنْ مَلَائِكَتِي يُسَبِّحُونَنِي فَيَقُولَانِ رَبّنَا نُقِيم فِي الْأَرْض فَيَقُول اللَّه تَعَالَى إِنَّ أَرْضِي مَمْلُوءَة مِنْ خَلْقِي يُسَبِّحُونَنِي فَيَقُولَانِ يَا رَبّ فَأَيْنَ نَكُون فَيَقُول اللَّه تَعَالَى كُونَا عَلَى قَبْر عَبْدِي فَكَبِّرَانِي وَهَلِّلَانِي وَسَبِّحَانِي وَاكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ).
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ
أَيْ غَمَرَتْهُ شِدَّته ; فَالْإِنْسَان مَا دَامَ حَيًّا تُكْتَب عَلَيْهِ أَقْوَال وَأَفْعَال لِيُحَاسَب عَلَيْهَا، ثُمَّ يَجِيئهُ الْمَوْت وَهُوَ مَا يَرَاهُ عِنْد الْمُعَايَنَة مِنْ ظُهُور الْحَقّ فِيمَا كَانَ اللَّه تَعَالَى وَعَدَهُ وَأَوْعَدَهُ.
وَقِيلَ : الْحَقّ هُوَ الْمَوْت سُمِّيَ حَقًّا إِمَّا لِاسْتِحْقَاقِهِ وَإِمَّا لِانْتِقَالِهِ إِلَى دَار الْحَقّ ; فَعَلَى هَذَا يَكُون فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِيره وَجَاءَتْ سَكْرَة الْحَقّ بِالْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة أَبِي بَكْر وَابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ; لِأَنَّ السَّكْرَة هِيَ الْحَقّ فَأُضِيفَتْ إِلَى نَفْسهَا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ.
وَقِيلَ : يَجُوز أَنْ يَكُون الْحَقّ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة هُوَ اللَّه تَعَالَى ; أَيْ جَاءَتْ سَكْرَة أَمْر اللَّه تَعَالَى بِالْمَوْتِ.
وَقِيلَ : الْحَقّ هُوَ الْمَوْت وَالْمَعْنَى وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْمَوْتِ ; ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ.
وَقَدْ زَعَمَ مَنْ طَعَنَ عَلَى الْقُرْآن فَقَالَ : أُخَالِف الْمُصْحَف كَمَا خَالَفَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق فَقَرَأَ : وَجَاءَتْ سَكْرَة الْحَقّ بِالْمَوْتِ.
فَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَبَا بَكْر رُوِيَتْ عَنْهُ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا مُوَافِقَة لِلْمُصْحَفِ فَعَلَيْهَا الْعَمَل، وَالْأُخْرَى مَرْفُوضَة تَجْرِي مَجْرَى النِّسْيَان مِنْهُ إِنْ كَانَ قَالَهَا، أَوْ الْغَلَط مِنْ بَعْض مَنْ نَقَلَ الْحَدِيث.
قَالَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق الْقَاضِي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ مَنْصُور عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ مَسْرُوق قَالَ : لَمَّا اِحْتُضِرَ أَبُو بَكْر أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَة فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَتْ : هَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْر
فَقَالَ أَبُو بَكْر : هَلَّا قُلْت كَمَا قَالَ اللَّه :" وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد " وَذَكَرَ الْحَدِيث.
وَالسَّكْرَة وَاحِدَة السَّكَرَات.
وَفِي الصَّحِيح عَنْ عَائِشَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بَيْن يَدَيْهِ رَكْوَة - أَوْ عُلْبَة - فِيهَا مَاء فَجَعَلَ يُدْخِل يَدَيْهِ فِي الْمَاء، فَيَمْسَح بِهِمَا وَجْهه وَيَقُول :( لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَات ) ثُمَّ نَصَبَ يَده فَجَعَلَ يَقُول :( فِي الرَّفِيق الْأَعْلَى ) حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَده.
خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( إِنَّ الْعَبْد الصَّالِح لَيُعَالِج الْمَوْت وَسَكَرَاته وَإِنَّ مَفَاصِله لَيُسَلِّم بَعْضهَا عَلَى بَعْض تَقُول السَّلَام عَلَيْك تُفَارِقنِي وَأُفَارِقك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ).
وَقَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم :" يَا مَعْشَر الْحَوَارِيِّينَ اُدْعُوا اللَّه أَنْ يُهَوِّن عَلَيْكُمْ هَذِهِ السَّكْرَة " يَعْنِي سَكَرَات الْمَوْت.
وَرُوِيَ :( إِنَّ الْمَوْت أَشَدّ مِنْ ضَرْب بِالسُّيُوفِ وَنَشْر بِالْمَنَاشِيرِ وَقَرْض بِالْمَقَارِيضِ ).
أَيْ غَمَرَتْهُ شِدَّته ; فَالْإِنْسَان مَا دَامَ حَيًّا تُكْتَب عَلَيْهِ أَقْوَال وَأَفْعَال لِيُحَاسَب عَلَيْهَا، ثُمَّ يَجِيئهُ الْمَوْت وَهُوَ مَا يَرَاهُ عِنْد الْمُعَايَنَة مِنْ ظُهُور الْحَقّ فِيمَا كَانَ اللَّه تَعَالَى وَعَدَهُ وَأَوْعَدَهُ.
وَقِيلَ : الْحَقّ هُوَ الْمَوْت سُمِّيَ حَقًّا إِمَّا لِاسْتِحْقَاقِهِ وَإِمَّا لِانْتِقَالِهِ إِلَى دَار الْحَقّ ; فَعَلَى هَذَا يَكُون فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِيره وَجَاءَتْ سَكْرَة الْحَقّ بِالْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة أَبِي بَكْر وَابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ; لِأَنَّ السَّكْرَة هِيَ الْحَقّ فَأُضِيفَتْ إِلَى نَفْسهَا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ.
وَقِيلَ : يَجُوز أَنْ يَكُون الْحَقّ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة هُوَ اللَّه تَعَالَى ; أَيْ جَاءَتْ سَكْرَة أَمْر اللَّه تَعَالَى بِالْمَوْتِ.
وَقِيلَ : الْحَقّ هُوَ الْمَوْت وَالْمَعْنَى وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْمَوْتِ ; ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ.
وَقَدْ زَعَمَ مَنْ طَعَنَ عَلَى الْقُرْآن فَقَالَ : أُخَالِف الْمُصْحَف كَمَا خَالَفَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق فَقَرَأَ : وَجَاءَتْ سَكْرَة الْحَقّ بِالْمَوْتِ.
فَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَبَا بَكْر رُوِيَتْ عَنْهُ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا مُوَافِقَة لِلْمُصْحَفِ فَعَلَيْهَا الْعَمَل، وَالْأُخْرَى مَرْفُوضَة تَجْرِي مَجْرَى النِّسْيَان مِنْهُ إِنْ كَانَ قَالَهَا، أَوْ الْغَلَط مِنْ بَعْض مَنْ نَقَلَ الْحَدِيث.
قَالَ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق الْقَاضِي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ مَنْصُور عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ مَسْرُوق قَالَ : لَمَّا اِحْتُضِرَ أَبُو بَكْر أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَة فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَتْ : هَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْر
فَقَالَ أَبُو بَكْر : هَلَّا قُلْت كَمَا قَالَ اللَّه :" وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد " وَذَكَرَ الْحَدِيث.
وَالسَّكْرَة وَاحِدَة السَّكَرَات.
وَفِي الصَّحِيح عَنْ عَائِشَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بَيْن يَدَيْهِ رَكْوَة - أَوْ عُلْبَة - فِيهَا مَاء فَجَعَلَ يُدْخِل يَدَيْهِ فِي الْمَاء، فَيَمْسَح بِهِمَا وَجْهه وَيَقُول :( لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَات ) ثُمَّ نَصَبَ يَده فَجَعَلَ يَقُول :( فِي الرَّفِيق الْأَعْلَى ) حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَده.
خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :( إِنَّ الْعَبْد الصَّالِح لَيُعَالِج الْمَوْت وَسَكَرَاته وَإِنَّ مَفَاصِله لَيُسَلِّم بَعْضهَا عَلَى بَعْض تَقُول السَّلَام عَلَيْك تُفَارِقنِي وَأُفَارِقك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ).
وَقَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم :" يَا مَعْشَر الْحَوَارِيِّينَ اُدْعُوا اللَّه أَنْ يُهَوِّن عَلَيْكُمْ هَذِهِ السَّكْرَة " يَعْنِي سَكَرَات الْمَوْت.
وَرُوِيَ :( إِنَّ الْمَوْت أَشَدّ مِنْ ضَرْب بِالسُّيُوفِ وَنَشْر بِالْمَنَاشِيرِ وَقَرْض بِالْمَقَارِيضِ ).
ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
أَيْ يُقَال لِمَنْ جَاءَتْهُ سَكْرَة الْمَوْت ذَلِكَ مَا كُنْت تَفِرّ مِنْهُ وَتَمِيل عَنْهُ.
يُقَال : حَادَ عَنْ الشَّيْء يَحِيد حُيُودًا وَحَيْدَة وَحَيْدُودَة مَالَ عَنْهُ وَعَدَلَ.
وَأَصْله حَيَدُودَة بِتَحْرِيكِ الْيَاء فَسُكِّنَتْ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام فَعْلُول غَيْر صَعْفُوق.
وَتَقُول فِي الْإِخْبَار عَنْ نَفْسك : حِدْت عَنْ الشَّيْء أَحِيد حَيْدًا وَمَحِيدًا إِذَا مِلْت عَنْهُ قَالَ طَرَفَة :
أَيْ يُقَال لِمَنْ جَاءَتْهُ سَكْرَة الْمَوْت ذَلِكَ مَا كُنْت تَفِرّ مِنْهُ وَتَمِيل عَنْهُ.
يُقَال : حَادَ عَنْ الشَّيْء يَحِيد حُيُودًا وَحَيْدَة وَحَيْدُودَة مَالَ عَنْهُ وَعَدَلَ.
وَأَصْله حَيَدُودَة بِتَحْرِيكِ الْيَاء فَسُكِّنَتْ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام فَعْلُول غَيْر صَعْفُوق.
وَتَقُول فِي الْإِخْبَار عَنْ نَفْسك : حِدْت عَنْ الشَّيْء أَحِيد حَيْدًا وَمَحِيدًا إِذَا مِلْت عَنْهُ قَالَ طَرَفَة :
أَبَا مُنْذِر رُمْت الْوَفَاء فَهِبْته | وَحِدْت كَمَا حَادَ الْبَعِير عَنْ الدَّحْض |
خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى أُمّ جُنْدَب | نَقُضّ لُبَانَات الْفُؤَاد الْمُعَذَّب |
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيب وَمَنْزِل | بِسَقْطِ اللِّوَى بَيْن الدُّخُول فَحَوْمَل |
فَإِنْ تَزْجُرَانِي يَا بْن عَفَّان أَنْزَجِر | وَإِنْ تَدَعَانِي أَحْمِ عِرْضًا مُمَنَّعَا |
وَقَالَ الْمَازِنِيّ : قَوْله " أَلْقِيَا " يَدُلّ عَلَى أَلْقِ أَلْقِ.
وَقَالَ الْمُبَرِّد : هِيَ تَثْنِيَة عَلَى التَّوْكِيد، الْمَعْنَى أَلْقِ أَلْقِ فَنَابَ " أَلْقِيَا " مَنَاب التَّكْرَار.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون " أَلْقِيَا " تَثْنِيَة عَلَى خِطَاب الْحَقِيقَة مِنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى يُخَاطِب بِهِ الْمَلَكَيْنِ.
وَقِيلَ : هُوَ مُخَاطَبَة لِلسَّائِقِ وَالْحَافِظ.
وَقِيلَ : إِنَّ الْأَصْل أَلْقِينَ بِالنُّونِ الْخَفِيفَة تُقْلَب فِي الْوَقْف أَلِفًا فَحُمِلَ الْوَصْل عَلَى الْوَقْف.
وَقَرَأَ الْحَسَن " أَلْقِينَ " بِالنُّونِ الْخَفِيفَة نَحْو قَوْله :" وَلَيَكُونَا مِنْ الصَّاغِرِينَ " [ يُوسُف : ٣٢ ] وَقَوْله :" لَنَسْفَعًا " [ الْعَلَق : ١٥ ].
كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
أَيْ مُعَانِد ; قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة.
وَقَالَ بَعْضهمْ : الْعَنِيد الْمُعْرِض عَنْ الْحَقّ ; يُقَال عَنَدَ يَعْنِد بِالْكَسْرِ عُنُودًا أَيْ خَالَفَ وَرَدَّ الْحَقّ وَهُوَ يَعْرِفهُ فَهُوَ عَنِيد وَعَانِد، وَجَمْع الْعَنِيد عُنُد مِثْل رَغِيف وَرُغُف.
أَيْ مُعَانِد ; قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة.
وَقَالَ بَعْضهمْ : الْعَنِيد الْمُعْرِض عَنْ الْحَقّ ; يُقَال عَنَدَ يَعْنِد بِالْكَسْرِ عُنُودًا أَيْ خَالَفَ وَرَدَّ الْحَقّ وَهُوَ يَعْرِفهُ فَهُوَ عَنِيد وَعَانِد، وَجَمْع الْعَنِيد عُنُد مِثْل رَغِيف وَرُغُف.
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ
يَعْنِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَكُلّ حَقّ وَاجِب.
يَعْنِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَكُلّ حَقّ وَاجِب.
مُعْتَدٍ
فِي مَنْطِقه وَسِيرَته وَأَمْره ; ظَالِم.
فِي مَنْطِقه وَسِيرَته وَأَمْره ; ظَالِم.
مُرِيبٍ
شَاكّ فِي التَّوْحِيد ; قَالَهُ الْحَسَن وَقَتَادَة.
يُقَال : أَرَابَ الرَّجُل فَهُوَ مُرِيب إِذَا جَاءَ بِالرِّيبَةِ.
وَهُوَ الْمُشْرِك يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى :
شَاكّ فِي التَّوْحِيد ; قَالَهُ الْحَسَن وَقَتَادَة.
يُقَال : أَرَابَ الرَّجُل فَهُوَ مُرِيب إِذَا جَاءَ بِالرِّيبَةِ.
وَهُوَ الْمُشْرِك يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى :
الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة.
وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ :" مَنَّاع لِلْخَيْرِ " أَنَّهُ كَانَ يَمْنَع بَنِي أَخِيهِ مِنْ الْإِسْلَام.
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة.
وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ :" مَنَّاع لِلْخَيْرِ " أَنَّهُ كَانَ يَمْنَع بَنِي أَخِيهِ مِنْ الْإِسْلَام.
فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ
تَأْكِيد لِلْأَمْرِ الْأَوَّل.
تَأْكِيد لِلْأَمْرِ الْأَوَّل.
قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ
يَعْنِي الشَّيْطَان الَّذِي قُيِّضَ لِهَذَا الْكَافِر الْعَنِيد تَبَرَّأَ مِنْهُ وَكَذَّبَهُ.
يَعْنِي الشَّيْطَان الَّذِي قُيِّضَ لِهَذَا الْكَافِر الْعَنِيد تَبَرَّأَ مِنْهُ وَكَذَّبَهُ.
وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ
عَنْ الْحَقّ وَكَانَ طَاغِيًا بِاخْتِيَارِهِ وَإِنَّمَا دَعَوْته فَاسْتَجَابَ لِي.
وَقَرِينه هُنَا هُوَ شَيْطَانه بِغَيْرِ اِخْتِلَاف حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ.
وَحَكَى الثَّعْلَبِيّ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُقَاتِل : قَرِينه الْمَلَك ; وَذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة يَقُول لِلْمَلَكِ الَّذِي كَانَ يَكْتُب سَيِّئَاته : رَبّ إِنَّهُ أَعْجَلَنِي، فَيَقُول الْمَلَك : رَبّنَا مَا أَطْغَيْته أَيْ مَا أَعْجَلْته.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : يَقُول الْكَافِر رَبّ إِنَّهُ زَادَ عَلَيَّ فِي الْكِتَابَة، فَيَقُول الْمَلَك : رَبّنَا مَا أَطْغَيْته أَيْ مَا زِدْت عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَة ; فَحِينَئِذٍ يَقُول اللَّه تَعَالَى :
عَنْ الْحَقّ وَكَانَ طَاغِيًا بِاخْتِيَارِهِ وَإِنَّمَا دَعَوْته فَاسْتَجَابَ لِي.
وَقَرِينه هُنَا هُوَ شَيْطَانه بِغَيْرِ اِخْتِلَاف حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ.
وَحَكَى الثَّعْلَبِيّ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُقَاتِل : قَرِينه الْمَلَك ; وَذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة يَقُول لِلْمَلَكِ الَّذِي كَانَ يَكْتُب سَيِّئَاته : رَبّ إِنَّهُ أَعْجَلَنِي، فَيَقُول الْمَلَك : رَبّنَا مَا أَطْغَيْته أَيْ مَا أَعْجَلْته.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : يَقُول الْكَافِر رَبّ إِنَّهُ زَادَ عَلَيَّ فِي الْكِتَابَة، فَيَقُول الْمَلَك : رَبّنَا مَا أَطْغَيْته أَيْ مَا زِدْت عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَة ; فَحِينَئِذٍ يَقُول اللَّه تَعَالَى :
قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ
يَعْنِي الْكَافِرِينَ وَقُرَنَاءَهُمْ مِنْ الشَّيَاطِين.
قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْقَرِين الشَّيْطَان.
يَعْنِي الْكَافِرِينَ وَقُرَنَاءَهُمْ مِنْ الشَّيَاطِين.
قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْقَرِين الشَّيْطَان.
وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ
أَيْ أَرْسَلْت الرُّسُل.
وَقِيلَ : هَذَا خِطَاب لِكُلِّ مَنْ اِخْتَصَمَ.
وَقِيلَ : هُوَ لِلِاثْنَيْنِ وَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْع.
أَيْ أَرْسَلْت الرُّسُل.
وَقِيلَ : هَذَا خِطَاب لِكُلِّ مَنْ اِخْتَصَمَ.
وَقِيلَ : هُوَ لِلِاثْنَيْنِ وَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْع.
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ
قِيلَ هُوَ قَوْله :" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلهَا " [ الْأَنْعَام : ١٦٠ ] وَقِيلَ هُوَ قَوْله :" لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ " [ السَّجْدَة : ١٣ ].
وَقَالَ الْفَرَّاء : مَا يُكْذَب عِنْدِي أَيْ مَا يُزَاد فِي الْقَوْل وَلَا يَنْقُص لِعِلْمِي بِالْغَيْبِ.
قِيلَ هُوَ قَوْله :" مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلهَا " [ الْأَنْعَام : ١٦٠ ] وَقِيلَ هُوَ قَوْله :" لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ " [ السَّجْدَة : ١٣ ].
وَقَالَ الْفَرَّاء : مَا يُكْذَب عِنْدِي أَيْ مَا يُزَاد فِي الْقَوْل وَلَا يَنْقُص لِعِلْمِي بِالْغَيْبِ.
وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
أَيْ مَا أَنَا بِمُعَذِّبٍ مَنْ لَمْ يُجْرِم ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِي مَعْنَاهُ فِي " الْحَجّ " وَغَيْرهَا.
أَيْ مَا أَنَا بِمُعَذِّبٍ مَنْ لَمْ يُجْرِم ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِي مَعْنَاهُ فِي " الْحَجّ " وَغَيْرهَا.
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
قَرَأَ نَافِع وَأَبُو بَكْر " يَوْم يَقُول " بِالْيَاءِ اِعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ :" لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ".
الْبَاقُونَ بِالنُّونِ عَلَى الْخِطَاب مِنْ اللَّه تَعَالَى وَهِيَ نُون الْعَظَمَة.
وَقَرَأَ الْحَسَن " يَوْم أَقُول ".
وَعَنْ اِبْن مَسْعُود وَغَيْره " يَوْم يُقَال ".
وَانْتَصَبَ " يَوْم " عَلَى مَعْنَى مَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ يَوْم.
وَقِيلَ : بِفِعْلٍ مُقَدَّر مَعْنَاهُ : وَأَنْذِرْهُمْ " يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم هَلْ اِمْتَلَأْت " لِمَا سَبَقَ مِنْ وَعْده إِيَّاهَا أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا.
وَهَذَا الِاسْتِفْهَام عَلَى سَبِيل التَّصْدِيق لِخَبَرِهِ، وَالتَّحْقِيق لِوَعْدِهِ، وَالتَّقْرِيع لِأَعْدَائِهِ، وَالتَّنْبِيه لِجَمِيعِ عِبَاده.
" وَتَقُول " جَهَنَّم " هَلْ مِنْ مَزِيد " أَيْ مَا بَقِيَ فِي مَوْضِع لِلزِّيَادَةِ ; كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام :( هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيل مِنْ رَبْع أَوَمَنْزِل ) أَيْ مَا تَرَكَ ; فَمَعْنَى الْكَلَام الْجَحْد.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِسْتِفْهَامًا بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَة ; أَيْ هَلْ مِنْ مَزِيد فَأَزْدَاد ؟.
وَإِنَّمَا صَلَحَ هَذَا لِلْوَجْهَيْنِ ; لِأَنَّ فِي الِاسْتِفْهَام ضَرْبًا مِنْ الْجَحْد.
وَقِيلَ : لَيْسَ ثَمَّ قَوْل وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى طَرِيق، الْمَثَل ; أَيْ إِنَّهَا فِيمَا يَظْهَر مِنْ حَالهَا بِمَنْزِلَةِ النَّاطِقَة بِذَلِكَ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
وَهَذَا تَفْسِير مُجَاهِد وَغَيْره.
أَيْ هَلْ فِيَّ مِنْ مَسْلَك قَدْ اِمْتَلَأْت.
وَقِيلَ : يُنْطِق اللَّه النَّار حَتَّى تَقُول هَذَا كَمَا تَنْطِق الْجَوَارِح.
وَهَذَا أَصَحّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي سُورَة " الْفُرْقَان " وَفِي صَحِيح مُسْلِم وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَا تَزَال جَهَنَّم يُلْقَى فِيهَا وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد حَتَّى يَضَع رَبّ الْعِزَّة فِيهَا قَدَمه فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض وَتَقُول قَطْ قَطْ بِعِزَّتِك وَكَرَمك وَلَا يَزَال فِي الْجَنَّة فَضْل حَتَّى يُنْشِئ اللَّه لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنهُمْ فَضْل الْجَنَّة ) لَفْظ مُسْلِم.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة :( وَأَمَّا النَّار فَلَا تَمْتَلِئ حَتَّى يَضَع اللَّه عَلَيْهَا رِجْله يَقُول لَهَا قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئ وَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض فَلَا يَظْلِم اللَّه مِنْ خَلْقه أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّة فَإِنَّ اللَّه يُنْشِئ لَهَا خَلْقًا ).
قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّه : أَمَّا مَعْنَى الْقَدَم هُنَا فَهُمْ قَوْم يُقَدِّمهُمْ اللَّه إِلَى النَّار، وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمه أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل النَّار.
وَكَذَلِكَ الرِّجْل وَهُوَ الْعَدَد الْكَثِير مِنْ النَّاس وَغَيْرهمْ ; يُقَال : رَأَيْت رِجْلًا مِنْ النَّاس وَرِجْلًا مِنْ جَرَاد، قَالَ الشَّاعِر :
قَرَأَ نَافِع وَأَبُو بَكْر " يَوْم يَقُول " بِالْيَاءِ اِعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ :" لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ".
الْبَاقُونَ بِالنُّونِ عَلَى الْخِطَاب مِنْ اللَّه تَعَالَى وَهِيَ نُون الْعَظَمَة.
وَقَرَأَ الْحَسَن " يَوْم أَقُول ".
وَعَنْ اِبْن مَسْعُود وَغَيْره " يَوْم يُقَال ".
وَانْتَصَبَ " يَوْم " عَلَى مَعْنَى مَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ يَوْم.
وَقِيلَ : بِفِعْلٍ مُقَدَّر مَعْنَاهُ : وَأَنْذِرْهُمْ " يَوْم نَقُول لِجَهَنَّم هَلْ اِمْتَلَأْت " لِمَا سَبَقَ مِنْ وَعْده إِيَّاهَا أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا.
وَهَذَا الِاسْتِفْهَام عَلَى سَبِيل التَّصْدِيق لِخَبَرِهِ، وَالتَّحْقِيق لِوَعْدِهِ، وَالتَّقْرِيع لِأَعْدَائِهِ، وَالتَّنْبِيه لِجَمِيعِ عِبَاده.
" وَتَقُول " جَهَنَّم " هَلْ مِنْ مَزِيد " أَيْ مَا بَقِيَ فِي مَوْضِع لِلزِّيَادَةِ ; كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام :( هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيل مِنْ رَبْع أَوَمَنْزِل ) أَيْ مَا تَرَكَ ; فَمَعْنَى الْكَلَام الْجَحْد.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِسْتِفْهَامًا بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَة ; أَيْ هَلْ مِنْ مَزِيد فَأَزْدَاد ؟.
وَإِنَّمَا صَلَحَ هَذَا لِلْوَجْهَيْنِ ; لِأَنَّ فِي الِاسْتِفْهَام ضَرْبًا مِنْ الْجَحْد.
وَقِيلَ : لَيْسَ ثَمَّ قَوْل وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى طَرِيق، الْمَثَل ; أَيْ إِنَّهَا فِيمَا يَظْهَر مِنْ حَالهَا بِمَنْزِلَةِ النَّاطِقَة بِذَلِكَ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
اِمْتَلَأَ الْحَوْض وَقَالَ قَطْنِي | مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْت بَطْنِي |
أَيْ هَلْ فِيَّ مِنْ مَسْلَك قَدْ اِمْتَلَأْت.
وَقِيلَ : يُنْطِق اللَّه النَّار حَتَّى تَقُول هَذَا كَمَا تَنْطِق الْجَوَارِح.
وَهَذَا أَصَحّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي سُورَة " الْفُرْقَان " وَفِي صَحِيح مُسْلِم وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَا تَزَال جَهَنَّم يُلْقَى فِيهَا وَتَقُول هَلْ مِنْ مَزِيد حَتَّى يَضَع رَبّ الْعِزَّة فِيهَا قَدَمه فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض وَتَقُول قَطْ قَطْ بِعِزَّتِك وَكَرَمك وَلَا يَزَال فِي الْجَنَّة فَضْل حَتَّى يُنْشِئ اللَّه لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنهُمْ فَضْل الْجَنَّة ) لَفْظ مُسْلِم.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة :( وَأَمَّا النَّار فَلَا تَمْتَلِئ حَتَّى يَضَع اللَّه عَلَيْهَا رِجْله يَقُول لَهَا قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئ وَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بَعْض فَلَا يَظْلِم اللَّه مِنْ خَلْقه أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّة فَإِنَّ اللَّه يُنْشِئ لَهَا خَلْقًا ).
قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّه : أَمَّا مَعْنَى الْقَدَم هُنَا فَهُمْ قَوْم يُقَدِّمهُمْ اللَّه إِلَى النَّار، وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمه أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل النَّار.
وَكَذَلِكَ الرِّجْل وَهُوَ الْعَدَد الْكَثِير مِنْ النَّاس وَغَيْرهمْ ; يُقَال : رَأَيْت رِجْلًا مِنْ النَّاس وَرِجْلًا مِنْ جَرَاد، قَالَ الشَّاعِر :
فَمَرَّ بِنَا رِجْل مِنْ النَّاس وَانْزَوَى | إِلَيْهِمْ مِنْ الْحَيّ الْيَمَانِينَ أَرْجُل |
قَبَائِل مِنْ لَخْم وَعُكْل وَحِمْيَر | عَلَى اِبْنَيْ نِزَار بِالْعَدَاوَةِ أَحْفَل |
وَقَدْ نَقَّبْت فِي الْآفَاق حَتَّى | رَضِيت مِنْ الْغَنِيمَة بِالْإِيَابِ |
وَقِيلَ : طَوَّفُوا فِي الْبِلَاد يَلْتَمِسُونَ مَحِيصًا مِنْ الْمَوْت.
قَالَ الْحَارِث بْن حِلِّزَة :
نَقَّبُوا فِي الْبِلَاد مِنْ حَذَر الْمَوْ | ت وَجَالُوا فِي الْأَرْض كُلّ مَجَال |
وَالنَّقْب هُوَ الْخَرْق وَالدُّخُول فِي الشَّيْء.
وَقِيلَ : النَّقْب الطَّرِيق فِي الْجَبَل، وَكَذَلِكَ الْمَنْقَب وَالْمَنْقَبَة ; عَنْ اِبْن السِّكِّيت.
وَنَقَبَ الْجِدَار نَقْبًا، وَاسْم تِلْكَ النَّقْبَة نَقْب أَيْضًا، وَجَمْع النَّقْب النُّقُوب ; أَيْ خَرَقُوا الْبِلَاد وَسَارُوا فِي نُقُوبهَا.
وَقِيلَ : أَثَّرُوا فِيهَا كَتَأْثِيرِ الْحَدِيد فِيمَا يَنْقُب.
وَقَرَأَ السُّلَمِيّ يَحْيَى بْن يَعْمَر " فَنَقِّبُوا " بِكَسْرِ الْقَاف وَالتَّشْدِيد عَلَى الْأَمْر بِالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيد ; أَيْ طُوفُوا الْبِلَاد وَسِيرُوا فِيهَا فَانْظُرُوا " هَلْ مِنْ " الْمَوْت " مَحِيص " وَمَهْرَب ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ.
وَحَكَى الْقُشَيْرِيّ " فَنَقِبُوا " بِكَسْرِ الْقَاف مَعَ التَّخْفِيف ; أَيْ أَكْثَرُوا السَّيْر فِيهَا حَتَّى نَقِبَتْ دَوَابّهمْ.
الْجَوْهَرِيّ : وَنَقِبَ الْبَعِير بِالْكَسْرِ إِذَا رَقَّتْ أَخْفَافه، وَأَنْقَبَ الرَّجُل، إِذَا نَقِبَ بَعِيره، وَنَقِبَ الْخُفّ الْمَلْبُوس أَيْ تَخَرَّقَ.
وَالْمَحِيص مَصْدَر حَاصَ عَنْهُ يَحِيص حَيْصًا وَحُيُوصًا وَمَحِيصًا وَمَحَاصًا وَحَيَصَانًا ; أَيْ عَدَلَ وَحَادَ.
يُقَال : مَا عَنْهُ مَحِيص أَيْ مَحِيد وَمَهْرَب.
وَالِانْحِيَاص مِثْله ; يُقَال لِلْأَوْلِيَاءِ : حَاصُوا عَنْ الْعَدُوّ وَلِلْأَعْدَاءِ اِنْهَزَمُوا.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى
أَيْ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ السُّورَة تَذْكِرَة وَمَوْعِظَة
أَيْ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ السُّورَة تَذْكِرَة وَمَوْعِظَة
لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ
أَيْ عَقْل يَتَدَبَّر بِهِ ; فَكَنَّى بِالْقَلْبِ عَنْ الْعَقْل لِأَنَّهُ مَوْضِعه ; قَالَ مَعْنَاهُ مُجَاهِد وَغَيْره.
وَقِيلَ : لِمَنْ كَانَ لَهُ حَيَاة وَنَفْس مُمَيِّزَة، فَعَبَّرَ عَنْ النَّفْس الْحَيَّة بِالْقَلْبِ ; لِأَنَّهُ وَطَنهَا وَمَعْدِن حَيَاتهَا ; كَمَا قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس :
وَفِي التَّنْزِيل :: " لِيُنْذِر مَنْ كَانَ حَيًّا " [ يس : ٧٠ ].
وَقَالَ يَحْيَى بْن مُعَاذ : الْقَلْب قَلْبَانِ ; قَلْب مُحْتَشٍ بِأَشْغَالِ الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَمْر مِنْ الْأُمُور الْآخِرَة لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع، وَقَلْب قَدْ اِحْتَشَى بِأَهْوَالِ الْآخِرَة حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَمْر مِنْ أُمُور الدُّنْيَا لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع لِذَهَابِ قَلْبه فِي الْآخِرَة.
أَيْ عَقْل يَتَدَبَّر بِهِ ; فَكَنَّى بِالْقَلْبِ عَنْ الْعَقْل لِأَنَّهُ مَوْضِعه ; قَالَ مَعْنَاهُ مُجَاهِد وَغَيْره.
وَقِيلَ : لِمَنْ كَانَ لَهُ حَيَاة وَنَفْس مُمَيِّزَة، فَعَبَّرَ عَنْ النَّفْس الْحَيَّة بِالْقَلْبِ ; لِأَنَّهُ وَطَنهَا وَمَعْدِن حَيَاتهَا ; كَمَا قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس :
أَغَرَّك مِنِّي أَنَّ حُبّك قَاتِلِي | وَأَنَّك مَهْمَا تَأْمُرِي الْقَلْب يَفْعَل |
وَقَالَ يَحْيَى بْن مُعَاذ : الْقَلْب قَلْبَانِ ; قَلْب مُحْتَشٍ بِأَشْغَالِ الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَمْر مِنْ الْأُمُور الْآخِرَة لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع، وَقَلْب قَدْ اِحْتَشَى بِأَهْوَالِ الْآخِرَة حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَمْر مِنْ أُمُور الدُّنْيَا لَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع لِذَهَابِ قَلْبه فِي الْآخِرَة.
أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ
أَيْ اِسْتَمَعَ الْقُرْآن.
تَقُول الْعَرَب : أَلْقِ إِلَيَّ سَمْعك أَيْ اِسْتَمِعْ.
وَقَدْ مَضَى فِي " طه " كَيْفِيَّة الِاسْتِمَاع وَثَمَرَته.
أَيْ اِسْتَمَعَ الْقُرْآن.
تَقُول الْعَرَب : أَلْقِ إِلَيَّ سَمْعك أَيْ اِسْتَمِعْ.
وَقَدْ مَضَى فِي " طه " كَيْفِيَّة الِاسْتِمَاع وَثَمَرَته.
وَهُوَ شَهِيدٌ
أَيْ شَاهِد الْقَلْب ; قَالَ الزَّجَّاج : أَيْ قَلْبه حَاضِر فِيمَا يَسْمَع.
وَقَالَ سُفْيَان : أَيْ لَا يَكُون حَاضِرًا وَقَلْبه غَائِب.
ثُمَّ قِيلَ : الْآيَة لِأَهْلِ الْكِتَاب ; قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة.
وَقَالَ الْحَسَن : إِنَّهَا فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى خَاصَّة.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب وَأَبُو صَالِح : إِنَّهَا فِي أَهْل الْقُرْآن خَاصَّة.
أَيْ شَاهِد الْقَلْب ; قَالَ الزَّجَّاج : أَيْ قَلْبه حَاضِر فِيمَا يَسْمَع.
وَقَالَ سُفْيَان : أَيْ لَا يَكُون حَاضِرًا وَقَلْبه غَائِب.
ثُمَّ قِيلَ : الْآيَة لِأَهْلِ الْكِتَاب ; قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة.
وَقَالَ الْحَسَن : إِنَّهَا فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى خَاصَّة.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب وَأَبُو صَالِح : إِنَّهَا فِي أَهْل الْقُرْآن خَاصَّة.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
أَصْل " سِتَّة " سِدْسَة، فَأَرَادُوا إِدْغَام الدَّال فِي السِّين فَالْتَقَيَا عِنْد مَخْرَج التَّاء فَغَلَبَتْ عَلَيْهِمَا.
وَإِنْ شِئْت قُلْت : أُبْدِلَ مِنْ إِحْدَى السِّينَيْنِ تَاء وَأُدْغِمَ فِي الدَّال ; لِأَنَّك تَقُول فِي تَصْغِيرهَا : سُدَيْسَة، وَفِي الْجَمْع أَسْدَاس، وَالْجَمْع وَالتَّصْغِير يَرُدَّانِ الْأَسْمَاء إِلَى أُصُولهَا.
وَيَقُولُونَ : جَاءَ فُلَان سَادِسًا وَسَادِتًا وَسَاتًّا ; فَمَنْ قَالَ : سَادِتًا أَبْدَلَ مِنْ السِّين تَاء.
وَالْيَوْم : مِنْ طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَمْس فَلَا يَوْم ; قَالَهُ الْقُشَيْرِيّ.
وَقَالَ : وَمَعْنَى ( فِي سِتَّة أَيَّام ) أَيْ مِنْ أَيَّام الْآخِرَة، كُلّ يَوْم أَلْف سَنَة ; لِتَفْخِيمِ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
وَقِيلَ : مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا.
قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره : أَوَّلهَا الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة.
وَذَكَرَ هَذِهِ الْمُدَّة وَلَوْ أَرَادَ خَلْقهَا فِي لَحْظَة لَفَعَلَ ; إِذْ هُوَ الْقَادِر عَلَى أَنْ يَقُول لَهَا كُونِي فَتَكُون ; وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّم الْعِبَاد الرِّفْق وَالتَّثَبُّت فِي الْأُمُور، وَلِتَظْهَر قُدْرَته لِلْمَلَائِكَةِ شَيْئًا بَعْد شَيْء.
وَهَذَا عِنْد مَنْ يَقُول : خَلْق الْمَلَائِكَة قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
وَحِكْمَة أُخْرَى خَلَقَهَا فِي سِتَّة أَيَّام لِأَنَّ لِكُلِّ شَيْء عِنْده أَجَلًا.
وَبَيَّنَ بِهَذَا تَرْك مُعَاجَلَة الْعُصَاة بِالْعِقَابِ ; لِأَنَّ لِكُلِّ شَيْء عِنْده أَجَلًا.
أَصْل " سِتَّة " سِدْسَة، فَأَرَادُوا إِدْغَام الدَّال فِي السِّين فَالْتَقَيَا عِنْد مَخْرَج التَّاء فَغَلَبَتْ عَلَيْهِمَا.
وَإِنْ شِئْت قُلْت : أُبْدِلَ مِنْ إِحْدَى السِّينَيْنِ تَاء وَأُدْغِمَ فِي الدَّال ; لِأَنَّك تَقُول فِي تَصْغِيرهَا : سُدَيْسَة، وَفِي الْجَمْع أَسْدَاس، وَالْجَمْع وَالتَّصْغِير يَرُدَّانِ الْأَسْمَاء إِلَى أُصُولهَا.
وَيَقُولُونَ : جَاءَ فُلَان سَادِسًا وَسَادِتًا وَسَاتًّا ; فَمَنْ قَالَ : سَادِتًا أَبْدَلَ مِنْ السِّين تَاء.
وَالْيَوْم : مِنْ طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَمْس فَلَا يَوْم ; قَالَهُ الْقُشَيْرِيّ.
وَقَالَ : وَمَعْنَى ( فِي سِتَّة أَيَّام ) أَيْ مِنْ أَيَّام الْآخِرَة، كُلّ يَوْم أَلْف سَنَة ; لِتَفْخِيمِ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
وَقِيلَ : مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا.
قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره : أَوَّلهَا الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة.
وَذَكَرَ هَذِهِ الْمُدَّة وَلَوْ أَرَادَ خَلْقهَا فِي لَحْظَة لَفَعَلَ ; إِذْ هُوَ الْقَادِر عَلَى أَنْ يَقُول لَهَا كُونِي فَتَكُون ; وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّم الْعِبَاد الرِّفْق وَالتَّثَبُّت فِي الْأُمُور، وَلِتَظْهَر قُدْرَته لِلْمَلَائِكَةِ شَيْئًا بَعْد شَيْء.
وَهَذَا عِنْد مَنْ يَقُول : خَلْق الْمَلَائِكَة قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
وَحِكْمَة أُخْرَى خَلَقَهَا فِي سِتَّة أَيَّام لِأَنَّ لِكُلِّ شَيْء عِنْده أَجَلًا.
وَبَيَّنَ بِهَذَا تَرْك مُعَاجَلَة الْعُصَاة بِالْعِقَابِ ; لِأَنَّ لِكُلِّ شَيْء عِنْده أَجَلًا.
وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ
وَاللُّغُوب التَّعَب وَالْإِعْيَاء، تَقُول مِنْهُ : لَغَبَ يَلْغُب بِالضَّمِّ لُغُوبًا، وَلَغِبَ بِالْكَسْرِ يَلْغَب لُغُوبًا لُغَة ضَعِيفَة فِيهِ.
وَأَلْغَبْته أَنَا أَيْ أَنْصَبْته.
قَالَ قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ : هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي يَهُود الْمَدِينَة زَعَمُوا أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام، أَوَّلهَا يَوْم الْأَحَد وَآخِرهَا يَوْم الْجُمُعَة، وَاسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت ; فَجَعَلُوهُ رَاحَة، فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ.
وَاللُّغُوب التَّعَب وَالْإِعْيَاء، تَقُول مِنْهُ : لَغَبَ يَلْغُب بِالضَّمِّ لُغُوبًا، وَلَغِبَ بِالْكَسْرِ يَلْغَب لُغُوبًا لُغَة ضَعِيفَة فِيهِ.
وَأَلْغَبْته أَنَا أَيْ أَنْصَبْته.
قَالَ قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ : هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي يَهُود الْمَدِينَة زَعَمُوا أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام، أَوَّلهَا يَوْم الْأَحَد وَآخِرهَا يَوْم الْجُمُعَة، وَاسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت ; فَجَعَلُوهُ رَاحَة، فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ.
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ
خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يَقُولهُ الْمُشْرِكُونَ ; أَيْ هَوِّنْ أَمْرهمْ عَلَيْك.
وَنَزَلَتْ قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ فَهِيَ مَنْسُوخَة.
وَقِيلَ : هُوَ ثَابِت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ : فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولهُ الْيَهُود مِنْ قَوْلهمْ : إِنَّ اللَّه اِسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت.
خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يَقُولهُ الْمُشْرِكُونَ ; أَيْ هَوِّنْ أَمْرهمْ عَلَيْك.
وَنَزَلَتْ قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ فَهِيَ مَنْسُوخَة.
وَقِيلَ : هُوَ ثَابِت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ : فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولهُ الْيَهُود مِنْ قَوْلهمْ : إِنَّ اللَّه اِسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت.
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ
قِيلَ : إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ الصَّلَوَات الْخَمْس.
قَالَ أَبُو صَالِح : قَبْل طُلُوع الشَّمْس صَلَاة الصُّبْح، وَقَبْل الْغُرُوب صَلَاة الْعَصْر.
وَرَوَاهُ جَرِير بْن عَبْد اللَّه مَرْفُوعًا قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، فَقَالَ :( أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَر لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَته فَإِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاة قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل غُرُوبهَا - يَعْنِي الْعَصْر وَالْفَجْر ثُمَّ قَرَأَ جَرِير - " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل غُرُوبهَا " [ طَه : ١٣٠ ] مُتَّفَق عَلَيْهِ وَاللَّفْظ لِمُسْلِمٍ.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس :" قَبْل الْغُرُوب " الظُّهْر وَالْعَصْر.
قِيلَ : إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ الصَّلَوَات الْخَمْس.
قَالَ أَبُو صَالِح : قَبْل طُلُوع الشَّمْس صَلَاة الصُّبْح، وَقَبْل الْغُرُوب صَلَاة الْعَصْر.
وَرَوَاهُ جَرِير بْن عَبْد اللَّه مَرْفُوعًا قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، فَقَالَ :( أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَر لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَته فَإِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاة قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل غُرُوبهَا - يَعْنِي الْعَصْر وَالْفَجْر ثُمَّ قَرَأَ جَرِير - " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل غُرُوبهَا " [ طَه : ١٣٠ ] مُتَّفَق عَلَيْهِ وَاللَّفْظ لِمُسْلِمٍ.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس :" قَبْل الْغُرُوب " الظُّهْر وَالْعَصْر.
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
يَعْنِي صَلَاة الْعِشَاءَيْنِ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد تَسْبِيحه بِالْقَوْلِ تَنْزِيهًا قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل الْغُرُوب ; قَالَهُ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَأَبُو الْأَحْوَص.
وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء فِي قَوْله :" قَبْل طُلُوع الشَّمْس " قَالَ رَكْعَتَيْ الْفَجْر " وَقَبْل الْغُرُوب " الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْمَغْرِب ; وَقَالَ ثُمَامَة بْن عَبْد اللَّه بْن أَنَس : كَانَ ذَوُو الْأَلْبَاب مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْمَغْرِب.
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّن لِصَلَاةِ الْمَغْرِب اِبْتَدَرُوا السَّوَارِي فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُل الْغَرِيب لَيَدْخُل الْمَسْجِد فَيَحْسِب أَنَّ الصَّلَاة قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَة مَنْ يُصَلِّيهِمَا.
وَقَالَ قَتَادَة : مَا أَدْرَكْت أَحَدًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنَسًا وَأَبَا بَرْزَة الْأَسْلَمِيّ.
قَوْله تَعَالَى :" وَمِنْ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَار السُّجُود " فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال : الْأَوَّل : هُوَ تَسْبِيح اللَّه تَعَالَى فِي اللَّيْل، قَالَهُ أَبُو الْأَحْوَص.
الثَّانِي : أَنَّهَا صَلَاة اللَّيْل كُلّه، قَالَهُ مُجَاهِد.
الثَّالِث : أَنَّهَا رَكْعَتَا الْفَجْر، قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
الرَّابِع : أَنَّهَا صَلَاة الْعِشَاء الْآخِرَة، قَالَهُ اِبْن زَيْد.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : مَنْ قَالَ إِنَّهُ التَّسْبِيح فِي اللَّيْل فَيَعْضُدهُ الصَّحِيح ( مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْل فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير سُبْحَان اللَّه وَالْحَمْد لِلَّهِ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيم ).
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا الصَّلَاة بِاللَّيْلِ فَإِنَّ الصَّلَاة تُسَمَّى تَسْبِيحًا لِمَا فِيهَا مِنْ تَسْبِيح اللَّه، وَمِنْهُ سُبْحَة الضُّحَى.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا صَلَاة الْفَجْر أَوْ الْعِشَاء فَلِأَنَّهُمَا مِنْ صَلَاة اللَّيْل، وَالْعِشَاء أَوْضَحَهُ.
يَعْنِي صَلَاة الْعِشَاءَيْنِ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد تَسْبِيحه بِالْقَوْلِ تَنْزِيهًا قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل الْغُرُوب ; قَالَهُ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَأَبُو الْأَحْوَص.
وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء فِي قَوْله :" قَبْل طُلُوع الشَّمْس " قَالَ رَكْعَتَيْ الْفَجْر " وَقَبْل الْغُرُوب " الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْمَغْرِب ; وَقَالَ ثُمَامَة بْن عَبْد اللَّه بْن أَنَس : كَانَ ذَوُو الْأَلْبَاب مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْمَغْرِب.
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّن لِصَلَاةِ الْمَغْرِب اِبْتَدَرُوا السَّوَارِي فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُل الْغَرِيب لَيَدْخُل الْمَسْجِد فَيَحْسِب أَنَّ الصَّلَاة قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَة مَنْ يُصَلِّيهِمَا.
وَقَالَ قَتَادَة : مَا أَدْرَكْت أَحَدًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنَسًا وَأَبَا بَرْزَة الْأَسْلَمِيّ.
قَوْله تَعَالَى :" وَمِنْ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَار السُّجُود " فِيهِ أَرْبَعَة أَقْوَال : الْأَوَّل : هُوَ تَسْبِيح اللَّه تَعَالَى فِي اللَّيْل، قَالَهُ أَبُو الْأَحْوَص.
الثَّانِي : أَنَّهَا صَلَاة اللَّيْل كُلّه، قَالَهُ مُجَاهِد.
الثَّالِث : أَنَّهَا رَكْعَتَا الْفَجْر، قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
الرَّابِع : أَنَّهَا صَلَاة الْعِشَاء الْآخِرَة، قَالَهُ اِبْن زَيْد.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : مَنْ قَالَ إِنَّهُ التَّسْبِيح فِي اللَّيْل فَيَعْضُدهُ الصَّحِيح ( مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْل فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير سُبْحَان اللَّه وَالْحَمْد لِلَّهِ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيم ).
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا الصَّلَاة بِاللَّيْلِ فَإِنَّ الصَّلَاة تُسَمَّى تَسْبِيحًا لِمَا فِيهَا مِنْ تَسْبِيح اللَّه، وَمِنْهُ سُبْحَة الضُّحَى.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا صَلَاة الْفَجْر أَوْ الْعِشَاء فَلِأَنَّهُمَا مِنْ صَلَاة اللَّيْل، وَالْعِشَاء أَوْضَحَهُ.
وَأَدْبَارَ السُّجُودِ
قَالَ عُمَر وَعَلِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَالْحَسَن بْن عَلِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالشَّعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالزُّهْرِيّ : أَدْبَار السُّجُود الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب، وَأَدْبَار النُّجُوم الرَّكْعَتَانِ قَبْل الْفَجْر، وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس، وَقَدْ رَفَعَهُ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( رَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب أَدْبَار السُّجُود ) ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ.
وَلَفْظ الْمَاوَرْدِيّ : وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : بِتّ لَيْلَة عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْر، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ :( يَا بْن عَبَّاس رَكْعَتَانِ قَبْل الْفَجْر أَدْبَار النُّجُوم وَرَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب أَدْبَار السُّجُود ).
وَقَالَ أَنَس : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب قَبْل أَنْ يَتَكَلَّم كُتِبَتْ صَلَاته فِي عِلِّيِّينَ ".
قَالَ أَنَس فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الْأُولَى " قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ " [ الْكَافِرُونَ : ١ ] وَفِي الثَّانِيَة " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " [ الْإِخْلَاص : ١ ] قَالَ مُقَاتِل : وَوَقْتهَا مَا لَمْ يَغْرُب الشَّفَق الْأَحْمَر.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : هُوَ الْوَتْر.
قَالَ اِبْن زَيْد : هُوَ النَّوَافِل بَعْد الصَّلَوَات، رَكْعَتَانِ بَعْد كُلّ صَلَاة مَكْتُوبَة، قَالَ النَّحَّاس : وَالظَّاهِر يَدُلّ عَلَى هَذَا إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى اِتِّبَاع الْأَكْثَر وَهُوَ صَحِيح عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَص : هُوَ التَّسْبِيح فِي أَدْبَار السُّجُود.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ وَهُوَ الْأَقْوَى فِي النَّظَر.
وَفِي صَحِيح الْحَدِيث : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول فِي دُبُر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ( لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير اللَّهُمَّ لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدّ مِنْك الْجَدّ ) وَقِيلَ : إِنَّهُ مَنْسُوخ بِالْفَرَائِضِ فَلَا يَجِب عَلَى أَحَد إِلَّا خَمْس صَلَوَات، نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَة.
قَرَأَ نَافِع وَابْن كَثِير وَحَمْزَة " وَإِدْبَار السُّجُود " بِكَسْرِ الْهَمْزَة عَلَى الْمَصْدَر مِنْ أَدْبَرَ الشَّيْء إِدْبَارًا إِذَا وَلَّى.
الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا جَمْع دُبُر.
وَهِيَ قِرَاءَة عَلِيّ وَابْن عَبَّاس، وَمِثَالهَا طُنُب وَأَطْنَاب، أَوْ دُبْر كَقُفْلٍ وَأَقْفَال.
وَقَدْ اِسْتَعْمَلُوهُ ظَرْفًا نَحْو جِئْتُك فِي دُبُر الصَّلَاة وَفِي أَدْبَار الصَّلَاة.
وَلَا خِلَاف فِي آخِر " وَالطُّور ".
" وَإِدْبَار النُّجُوم " [ الطُّور : ٤٩ ] أَنَّهُ بِالْكَسْرِ مَصْدَر، وَهُوَ ذَهَاب ضَوْئِهَا إِذَا طَلَعَ الْفَجْر الثَّانِي، وَهُوَ الْبَيَاض الْمُنْشَقّ مِنْ سَوَاد اللَّيْل.
قَالَ عُمَر وَعَلِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَالْحَسَن بْن عَلِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالشَّعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالزُّهْرِيّ : أَدْبَار السُّجُود الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب، وَأَدْبَار النُّجُوم الرَّكْعَتَانِ قَبْل الْفَجْر، وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس، وَقَدْ رَفَعَهُ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( رَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب أَدْبَار السُّجُود ) ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ.
وَلَفْظ الْمَاوَرْدِيّ : وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : بِتّ لَيْلَة عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْر، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ :( يَا بْن عَبَّاس رَكْعَتَانِ قَبْل الْفَجْر أَدْبَار النُّجُوم وَرَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب أَدْبَار السُّجُود ).
وَقَالَ أَنَس : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب قَبْل أَنْ يَتَكَلَّم كُتِبَتْ صَلَاته فِي عِلِّيِّينَ ".
قَالَ أَنَس فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الْأُولَى " قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ " [ الْكَافِرُونَ : ١ ] وَفِي الثَّانِيَة " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " [ الْإِخْلَاص : ١ ] قَالَ مُقَاتِل : وَوَقْتهَا مَا لَمْ يَغْرُب الشَّفَق الْأَحْمَر.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : هُوَ الْوَتْر.
قَالَ اِبْن زَيْد : هُوَ النَّوَافِل بَعْد الصَّلَوَات، رَكْعَتَانِ بَعْد كُلّ صَلَاة مَكْتُوبَة، قَالَ النَّحَّاس : وَالظَّاهِر يَدُلّ عَلَى هَذَا إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى اِتِّبَاع الْأَكْثَر وَهُوَ صَحِيح عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَص : هُوَ التَّسْبِيح فِي أَدْبَار السُّجُود.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ وَهُوَ الْأَقْوَى فِي النَّظَر.
وَفِي صَحِيح الْحَدِيث : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول فِي دُبُر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ( لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير اللَّهُمَّ لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدّ مِنْك الْجَدّ ) وَقِيلَ : إِنَّهُ مَنْسُوخ بِالْفَرَائِضِ فَلَا يَجِب عَلَى أَحَد إِلَّا خَمْس صَلَوَات، نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَة.
قَرَأَ نَافِع وَابْن كَثِير وَحَمْزَة " وَإِدْبَار السُّجُود " بِكَسْرِ الْهَمْزَة عَلَى الْمَصْدَر مِنْ أَدْبَرَ الشَّيْء إِدْبَارًا إِذَا وَلَّى.
الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا جَمْع دُبُر.
وَهِيَ قِرَاءَة عَلِيّ وَابْن عَبَّاس، وَمِثَالهَا طُنُب وَأَطْنَاب، أَوْ دُبْر كَقُفْلٍ وَأَقْفَال.
وَقَدْ اِسْتَعْمَلُوهُ ظَرْفًا نَحْو جِئْتُك فِي دُبُر الصَّلَاة وَفِي أَدْبَار الصَّلَاة.
وَلَا خِلَاف فِي آخِر " وَالطُّور ".
" وَإِدْبَار النُّجُوم " [ الطُّور : ٤٩ ] أَنَّهُ بِالْكَسْرِ مَصْدَر، وَهُوَ ذَهَاب ضَوْئِهَا إِذَا طَلَعَ الْفَجْر الثَّانِي، وَهُوَ الْبَيَاض الْمُنْشَقّ مِنْ سَوَاد اللَّيْل.
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ
مَفْعُول الِاسْتِمَاع مَحْذُوف ; أَيْ اِسْتَمِعْ النِّدَاء وَالصَّوْت أَوْ الصَّيْحَة وَهِيَ صَيْحَة الْقِيَامَة، وَهِيَ النَّفْخَة الثَّانِيَة، وَالْمُنَادِي جِبْرِيل.
وَقِيلَ : إِسْرَافِيل.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَقِيلَ إِسْرَافِيل يَنْفُخ وَجِبْرِيل يُنَادِي، فَيُنَادِي بِالْحَشْرِ وَيَقُول : هَلُمُّوا إِلَى الْحِسَاب فَالنِّدَاء عَلَى هَذَا فِي الْمَحْشَر.
وَقِيلَ : وَاسْتَمِعْ نِدَاء الْكُفَّار بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور مِنْ مَكَان قَرِيب، أَيْ يَسْمَع الْجَمِيع فَلَا يَبْعُد أَحَد عَنْ ذَلِكَ النِّدَاء.
قَالَ عِكْرِمَة : يُنَادِي مُنَادِي الرَّحْمَن فَكَأَنَّمَا يُنَادِي فِي آذَانهمْ.
وَقِيلَ : الْمَكَان الْقَرِيب صَخْرَة بَيْت الْمَقْدِس.
وَيُقَال : إِنَّهَا وَسَط الْأَرْض وَأَقْرَب الْأَرْض مِنْ السَّمَاء بِاثْنَيْ عَشَر مِيلًا.
وَقَالَ كَعْب : بِثَمَانِيَة عَشَر مِيلًا، ذَكَرَ الْأَوَّل الْقُشَيْرِيّ والزَّمَخْشَرِيّ، وَالثَّانِي الْمَاوَرْدِيّ.
فَيَقِف جِبْرِيل أَوْ إِسْرَافِيل عَلَى الصَّخْرَة فَيُنَادِي بِالْحَشْرِ : أَيَّتهَا الْعِظَام الْبَالِيَة، وَالْأَوْصَال الْمُتَقَطِّعَة، وَيَا عِظَامًا نَخِرَة، وَيَا أَكْفَانًا فَانِيَة، وَيَا قُلُوبًا خَاوِيَة، وَيَا أَبْدَانًا فَاسِدَة، وَيَا عُيُونًا سَائِلَة، قُومُوا لِعَرْضِ رَبّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ قَتَادَة : هُوَ إِسْرَافِيل صَاحِب الصُّور.
مَفْعُول الِاسْتِمَاع مَحْذُوف ; أَيْ اِسْتَمِعْ النِّدَاء وَالصَّوْت أَوْ الصَّيْحَة وَهِيَ صَيْحَة الْقِيَامَة، وَهِيَ النَّفْخَة الثَّانِيَة، وَالْمُنَادِي جِبْرِيل.
وَقِيلَ : إِسْرَافِيل.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَقِيلَ إِسْرَافِيل يَنْفُخ وَجِبْرِيل يُنَادِي، فَيُنَادِي بِالْحَشْرِ وَيَقُول : هَلُمُّوا إِلَى الْحِسَاب فَالنِّدَاء عَلَى هَذَا فِي الْمَحْشَر.
وَقِيلَ : وَاسْتَمِعْ نِدَاء الْكُفَّار بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور مِنْ مَكَان قَرِيب، أَيْ يَسْمَع الْجَمِيع فَلَا يَبْعُد أَحَد عَنْ ذَلِكَ النِّدَاء.
قَالَ عِكْرِمَة : يُنَادِي مُنَادِي الرَّحْمَن فَكَأَنَّمَا يُنَادِي فِي آذَانهمْ.
وَقِيلَ : الْمَكَان الْقَرِيب صَخْرَة بَيْت الْمَقْدِس.
وَيُقَال : إِنَّهَا وَسَط الْأَرْض وَأَقْرَب الْأَرْض مِنْ السَّمَاء بِاثْنَيْ عَشَر مِيلًا.
وَقَالَ كَعْب : بِثَمَانِيَة عَشَر مِيلًا، ذَكَرَ الْأَوَّل الْقُشَيْرِيّ والزَّمَخْشَرِيّ، وَالثَّانِي الْمَاوَرْدِيّ.
فَيَقِف جِبْرِيل أَوْ إِسْرَافِيل عَلَى الصَّخْرَة فَيُنَادِي بِالْحَشْرِ : أَيَّتهَا الْعِظَام الْبَالِيَة، وَالْأَوْصَال الْمُتَقَطِّعَة، وَيَا عِظَامًا نَخِرَة، وَيَا أَكْفَانًا فَانِيَة، وَيَا قُلُوبًا خَاوِيَة، وَيَا أَبْدَانًا فَاسِدَة، وَيَا عُيُونًا سَائِلَة، قُومُوا لِعَرْضِ رَبّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ قَتَادَة : هُوَ إِسْرَافِيل صَاحِب الصُّور.
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ
يَعْنِي صَيْحَة الْبَعْث.
وَمَعْنَى " الْخُرُوج " الِاجْتِمَاع إِلَى الْحِسَاب.
يَعْنِي صَيْحَة الْبَعْث.
وَمَعْنَى " الْخُرُوج " الِاجْتِمَاع إِلَى الْحِسَاب.
ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ
أَيْ يَوْم الْخُرُوج مِنْ الْقُبُور.
أَيْ يَوْم الْخُرُوج مِنْ الْقُبُور.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ
نُمِيت الْأَحْيَاء وَنُحْيِي الْمَوْتَى، أَثْبَتَ هُنَا الْحَقِيقَة
نُمِيت الْأَحْيَاء وَنُحْيِي الْمَوْتَى، أَثْبَتَ هُنَا الْحَقِيقَة
يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا
إِلَى الْمُنَادِي صَاحِب الصُّور إِلَى بَيْت الْمَقْدِس.
إِلَى الْمُنَادِي صَاحِب الصُّور إِلَى بَيْت الْمَقْدِس.
ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ
أَيْ هَيِّن سَهْل.
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " تَشَقَّق " بِتَخْفِيفِ الشِّين عَلَى حَذْف التَّاء الْأُولَى.
الْبَاقُونَ بِإِدْغَامِ التَّاء فِي الشِّين.
وَأَثْبَتَ اِبْن مُحَيْصِن وَابْن كَثِير وَيَعْقُوب يَاء " الْمُنَادِي " فِي الْحَالَيْنِ عَلَى الْأَصْل، وَأَثْبَتَهَا نَافِع وَأَبُو عَمْرو فِي الْوَصْل لَا غَيْر، وَحَذَفَ الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ.
قُلْت : وَقَدْ زَادَتْ السُّنَّة هَذِهِ الْآيَة بَيَانًا ; فَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ مُعَاوِيَة بْن حَيْدَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث ذَكَرَهُ قَالَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّام فَقَالَ :( مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا تُحْشَرُونَ رُكْبَانًا وَمُشَاة وَتُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهكُمْ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى أَفْوَاهكُمْ الْفِدَام تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّة أَنْتُمْ خَيْرهمْ وَأَكْرَمهُمْ عَلَى اللَّه وَإِنَّ أَوَّل مَا يُعْرِب عَنْ أَحَدكُمْ فَخِذه ) فِي رِوَايَة أُخْرَى ( فَخِذه وَكَفّه ) وَخَرَّجَ عَلِيّ بْن مَعْبَد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث ذَكَرَهُ : ثُمَّ يَقُول - يَعْنِي اللَّه تَعَالَى - لِإِسْرَافِيل :( اُنْفُخْ نَفْخَة الْبَعْث فَيَنْفُخ فَتَخْرُج الْأَرْوَاح كَأَمْثَالِ النَّحْل قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَيَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَيَرْجِعَنَّ كُلّ رُوح إِلَى جَسَده فَتَدْخُل الْأَرْوَاح فِي الْأَرْض إِلَى الْأَجْسَاد ثُمَّ تَدْخُل فِي الْخَيَاشِيم فَتَمْشِي فِي الْأَجْسَاد مَشْي السُّمّ فِي اللَّدِيغ ثُمَّ تَنْشَقّ الْأَرْض عَنْكُمْ وَأَنَا أَوَّل مَنْ تَنْشَقّ عَنْهُ الْأَرْض فَتَخْرُجُونَ مِنْهَا شَبَابًا كُلّكُمْ أَبْنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَاللِّسَان يَوْمئِذٍ بِالسُّرْيَانِيَّةِ ) وَذَكَرَ الْحَدِيث، وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمِيع هَذَا وَغَيْره فِي " التَّذْكِرَة " مُسْتَوْفًى وَالْحَمْد لِلَّهِ.
أَيْ هَيِّن سَهْل.
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " تَشَقَّق " بِتَخْفِيفِ الشِّين عَلَى حَذْف التَّاء الْأُولَى.
الْبَاقُونَ بِإِدْغَامِ التَّاء فِي الشِّين.
وَأَثْبَتَ اِبْن مُحَيْصِن وَابْن كَثِير وَيَعْقُوب يَاء " الْمُنَادِي " فِي الْحَالَيْنِ عَلَى الْأَصْل، وَأَثْبَتَهَا نَافِع وَأَبُو عَمْرو فِي الْوَصْل لَا غَيْر، وَحَذَفَ الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ.
قُلْت : وَقَدْ زَادَتْ السُّنَّة هَذِهِ الْآيَة بَيَانًا ; فَرَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ مُعَاوِيَة بْن حَيْدَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث ذَكَرَهُ قَالَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّام فَقَالَ :( مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا تُحْشَرُونَ رُكْبَانًا وَمُشَاة وَتُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهكُمْ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى أَفْوَاهكُمْ الْفِدَام تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّة أَنْتُمْ خَيْرهمْ وَأَكْرَمهُمْ عَلَى اللَّه وَإِنَّ أَوَّل مَا يُعْرِب عَنْ أَحَدكُمْ فَخِذه ) فِي رِوَايَة أُخْرَى ( فَخِذه وَكَفّه ) وَخَرَّجَ عَلِيّ بْن مَعْبَد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث ذَكَرَهُ : ثُمَّ يَقُول - يَعْنِي اللَّه تَعَالَى - لِإِسْرَافِيل :( اُنْفُخْ نَفْخَة الْبَعْث فَيَنْفُخ فَتَخْرُج الْأَرْوَاح كَأَمْثَالِ النَّحْل قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَيَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَيَرْجِعَنَّ كُلّ رُوح إِلَى جَسَده فَتَدْخُل الْأَرْوَاح فِي الْأَرْض إِلَى الْأَجْسَاد ثُمَّ تَدْخُل فِي الْخَيَاشِيم فَتَمْشِي فِي الْأَجْسَاد مَشْي السُّمّ فِي اللَّدِيغ ثُمَّ تَنْشَقّ الْأَرْض عَنْكُمْ وَأَنَا أَوَّل مَنْ تَنْشَقّ عَنْهُ الْأَرْض فَتَخْرُجُونَ مِنْهَا شَبَابًا كُلّكُمْ أَبْنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَاللِّسَان يَوْمئِذٍ بِالسُّرْيَانِيَّةِ ) وَذَكَرَ الْحَدِيث، وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمِيع هَذَا وَغَيْره فِي " التَّذْكِرَة " مُسْتَوْفًى وَالْحَمْد لِلَّهِ.
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ
أَيْ مِنْ تَكْذِيبك وَشَتْمك.
أَيْ مِنْ تَكْذِيبك وَشَتْمك.
وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ
أَيْ بِمُسَلَّطٍ تُجْبِرهُمْ عَلَى الْإِسْلَام ; فَتَكُون الْآيَة مَنْسُوخَة بِالْأَمْرِ بِالْقِتَالِ.
وَالْجَبَّار مِنْ الْجَبْرِيَّة وَالتَّسَلُّط إِذْ لَا يُقَال جَبَّار بِمَعْنَى مُجْبِر، كَمَا لَا يُقَال خَرَّاج بِمَعْنَى مُخْرِج ; حَكَاهُ الْقُشَيْرِيّ.
النَّحَّاس : وَقِيلَ مَعْنَى جَبَّار لَسْت تُجْبِرهُمْ، وَهُوَ خَطَأ لِأَنَّهُ لَا يَكُون فَعَّال مِنْ أَفَعَلَ.
وَحَكَى، الثَّعْلَبِيّ : وَقَالَ ثَعْلَب قَدْ جَاءَتْ أَحْرُف فَعَّال بِمَعْنَى مُفْعِل وَهِيَ شَاذَّة، جَبَّار بِمَعْنَى مُجْبِر، وَدَرَّاك بِمَعْنَى مُدْرِك، وَسَرَّاع بِمَعْنَى مُسْرِع، وَبَكَّاء بِمَعْنَى مُبْكٍ، وَعَدَّاء بِمَعْنَى مُعْدٍ.
وَقَدْ قُرِئَ " وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيل الرَّشَّاد " [ غَافِر : ٢٩ ] بِتَشْدِيدِ الشِّين بِمَعْنَى الْمُرْشِد وَهُوَ مُوسَى.
وَقِيلَ : هُوَ اللَّه.
وَكَذَلِكَ قُرِئَ " أَمَّا السَّفِينَة فَكَانَتْ لِمَسَّاكِينَ " [ الْكَهْف : ٧٩ ] يَعْنِي مُمْسِكِينَ.
وَقَالَ أَبُو حَامِد الْخَارْزَنْجِيّ : تَقُول الْعَرَب : سَيْف سَقَّاط بِمَعْنَى مُسْقِط.
وَقِيلَ :" بِجَبَّارٍ " بِمُسَيْطِرٍ كَمَا فِي الْغَاشِيَة " لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ " [ الْغَاشِيَة : ٢١ ].
وَقَالَ الْفَرَّاء : سَمِعْت مِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول جَبَرَهُ عَلَى الْأَمْر أَيْ قَهَرَهُ، فَالْجَبَّار مِنْ هَذِهِ اللُّغَة بِمَعْنَى الْقَهْر صَحِيح.
قِيلَ : الْجَبَّار مِنْ قَوْلهمْ جَبَرْته عَلَى الْأَمْر أَيْ أَجْبَرْته وَهِيَ لُغَة كِنَانِيَّة وَهُمَا لُغَتَانِ.
الْجَوْهَرِيّ : وَأَجْبَرْته عَلَى الْأَمْر أَكْرَهْته عَلَيْهِ، وَأَجْبَرْته أَيْضًا نَسَبْته إِلَى الْجَبْر، كَمَا تَقُول أَكَفَرْته إِذَا نَسَبْته إِلَى الْكُفْر.
أَيْ بِمُسَلَّطٍ تُجْبِرهُمْ عَلَى الْإِسْلَام ; فَتَكُون الْآيَة مَنْسُوخَة بِالْأَمْرِ بِالْقِتَالِ.
وَالْجَبَّار مِنْ الْجَبْرِيَّة وَالتَّسَلُّط إِذْ لَا يُقَال جَبَّار بِمَعْنَى مُجْبِر، كَمَا لَا يُقَال خَرَّاج بِمَعْنَى مُخْرِج ; حَكَاهُ الْقُشَيْرِيّ.
النَّحَّاس : وَقِيلَ مَعْنَى جَبَّار لَسْت تُجْبِرهُمْ، وَهُوَ خَطَأ لِأَنَّهُ لَا يَكُون فَعَّال مِنْ أَفَعَلَ.
وَحَكَى، الثَّعْلَبِيّ : وَقَالَ ثَعْلَب قَدْ جَاءَتْ أَحْرُف فَعَّال بِمَعْنَى مُفْعِل وَهِيَ شَاذَّة، جَبَّار بِمَعْنَى مُجْبِر، وَدَرَّاك بِمَعْنَى مُدْرِك، وَسَرَّاع بِمَعْنَى مُسْرِع، وَبَكَّاء بِمَعْنَى مُبْكٍ، وَعَدَّاء بِمَعْنَى مُعْدٍ.
وَقَدْ قُرِئَ " وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيل الرَّشَّاد " [ غَافِر : ٢٩ ] بِتَشْدِيدِ الشِّين بِمَعْنَى الْمُرْشِد وَهُوَ مُوسَى.
وَقِيلَ : هُوَ اللَّه.
وَكَذَلِكَ قُرِئَ " أَمَّا السَّفِينَة فَكَانَتْ لِمَسَّاكِينَ " [ الْكَهْف : ٧٩ ] يَعْنِي مُمْسِكِينَ.
وَقَالَ أَبُو حَامِد الْخَارْزَنْجِيّ : تَقُول الْعَرَب : سَيْف سَقَّاط بِمَعْنَى مُسْقِط.
وَقِيلَ :" بِجَبَّارٍ " بِمُسَيْطِرٍ كَمَا فِي الْغَاشِيَة " لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ " [ الْغَاشِيَة : ٢١ ].
وَقَالَ الْفَرَّاء : سَمِعْت مِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول جَبَرَهُ عَلَى الْأَمْر أَيْ قَهَرَهُ، فَالْجَبَّار مِنْ هَذِهِ اللُّغَة بِمَعْنَى الْقَهْر صَحِيح.
قِيلَ : الْجَبَّار مِنْ قَوْلهمْ جَبَرْته عَلَى الْأَمْر أَيْ أَجْبَرْته وَهِيَ لُغَة كِنَانِيَّة وَهُمَا لُغَتَانِ.
الْجَوْهَرِيّ : وَأَجْبَرْته عَلَى الْأَمْر أَكْرَهْته عَلَيْهِ، وَأَجْبَرْته أَيْضًا نَسَبْته إِلَى الْجَبْر، كَمَا تَقُول أَكَفَرْته إِذَا نَسَبْته إِلَى الْكُفْر.
فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه لَوْ خَوَّفْتنَا فَنَزَلَتْ :" فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَاف وَعِيد " أَيْ مَا أَعْدَدْته لِمَنْ عَصَانِي مِنْ الْعَذَاب ; فَالْوَعِيد الْعَذَاب وَالْوَعْد الثَّوَاب، قَالَ الشَّاعِر :
وَكَانَ قَتَادَة يَقُول : اللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ يَخَاف وَعِيدك وَيَرْجُو مَوْعِدك.
وَأَثْبَتَ الْيَاء فِي " وَعِيدِي " يَعْقُوب فِي الْحَالَيْنِ، وَأَثْبَتَهَا وَرْش فِي الْوَصْل دُون الْوَقْف، وَحَذَفَ الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
تَمَّ تَفْسِير سُورَة " ق " وَالْحَمْد لِلَّهِ.
قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه لَوْ خَوَّفْتنَا فَنَزَلَتْ :" فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَاف وَعِيد " أَيْ مَا أَعْدَدْته لِمَنْ عَصَانِي مِنْ الْعَذَاب ; فَالْوَعِيد الْعَذَاب وَالْوَعْد الثَّوَاب، قَالَ الشَّاعِر :
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْته أَوْ وَعَدْته | لَمُخْلِف إِيعَادِي وَمُنْجِز مَوْعِدِي |
وَأَثْبَتَ الْيَاء فِي " وَعِيدِي " يَعْقُوب فِي الْحَالَيْنِ، وَأَثْبَتَهَا وَرْش فِي الْوَصْل دُون الْوَقْف، وَحَذَفَ الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
تَمَّ تَفْسِير سُورَة " ق " وَالْحَمْد لِلَّهِ.