تفسير سورة الأحزاب

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

دعاؤهم كذلك ﴿ أَقْسَطُ ﴾: أعدل ﴿ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ﴾: فادعوهم أخي ومولاي بهذا المعنى ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ﴾: إثم ﴿ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ ﴾: من النسبة ﴿ وَلَـٰكِن ﴾: الجناح في ﴿ مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾: به، في الحديث:" مَلعُونٌ من نُسبَ إلى غَير أبيه "وفي منسوخ القرآن: " لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آباءكم " ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾: في كل الأمور، فيجب كونه أحب ﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾: حرمة واحتراما، فلا يقال لهن: أمهات المؤمنات وقرئ: وهو أبٌ لَهُم، أي: دينًا، فالمؤمنون إخوة ﴿ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ ﴾: ذوو القرابات ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ ﴾: في الإرث ﴿ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ ﴾: فريضته ﴿ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: بحق الدين ﴿ وَٱلْمُهَاجِرِينَ ﴾: بحق الهجرة، نسخ الإرث بهما بهذه الآية، وبالأنفال ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ ﴾: من أحبابكم ﴿ مَّعْرُوفاً ﴾: بوصية فجائر ﴿ كَانَ ذَلِكَ ﴾: الحكم ﴿ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً ﴾: وخلافه شرع قبل لمصالح ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ ﴾: في التبليغ ﴿ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ﴾: ذكر أولي العزم لمزيد شرفهم ﴿ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً ﴾: شديدا ﴿ لِّيَسْأَلَ ﴾: الله ﴿ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ﴾: في التبليغ تبكيتا للكفرة فأثابهم ﴿ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ ﴾: حين اتفق المشركون وأهل الكتاب، وهم خمسة عشر ألفا، وحاصروا المدينة شهرا، والنبي صلى الله عليه وسلم حفر الخندق بشَوْر سلمان، ولم يقع بينهم إلا الترامي ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً ﴾: الصبا، قلعت خيامهم ﴿ وَجُنُوداً ﴾: من الملائكة ﴿ لَّمْ تَرَوْهَا ﴾: فكبروا من جوانبهم حتى انهزموا خائفين ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ ﴾: أعلى الوادي ﴿ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ ﴾: أي: أحاطوا بكم ﴿ وَإِذْ زَاغَتِ ﴾: مالت ﴿ ٱلأَبْصَارُ ﴾: عن مستوى نظرها حيرة ﴿ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ﴾: من الرعب ﴿ ٱلْحَنَاجِرَ ﴾: منتهى الحلقوم إذ الرئة تنتفخ بالروح فيرتفع بارتفاعها إليه، ولما اشتكوا منه قال عليه الصلاة والسلام:" قُوْلُوا: اللّهُمّ اسْتُر عوراتنا وآمن روعتنا "﴿ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ ﴾: أنواع الظن المؤمنون إنجاز وعده والمنافقون إخلافه، وزيدت الألف تشبيها للفواصل بالقوافي ﴿ هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ﴾: اختبر ﴿ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾: فظهر المخلص من غيره ﴿ وَزُلْزِلُواْ ﴾: بالخوف ﴿ زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾: ضعف اعتقاده ﴿ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً ﴾: باطلا ﴿ وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ ﴾: المنافقون ﴿ يٰأَهْلَ يَثْرِبَ ﴾: اسم المدينة قديما فغيرها عليه الصلاة والسلام بطيبة، لما فيه معنى اللوم ﴿ لاَ مُقَامَ لَكُمْ ﴾: هنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ فَٱرْجِعُواْ ﴾: هاربين أو مرتدين ﴿ رْجِعُواْ وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ ﴾: للرجوع ﴿ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾: مُخْتلّة بلا حصن ﴿ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن ﴾: ما ﴿ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً * وَلَوْ دُخِلَتْ ﴾: بيوتهم ﴿ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ﴾: جوانبها ﴿ ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ ﴾: الشرك ﴿ لآتَوْهَا ﴾: فعلوها ﴿ وَمَا تَلَبَّثُواْ ﴾: في إجابة الفتنة ﴿ بِهَآ إِلاَّ ﴾: لبثا ﴿ يَسِيراً ﴾: لحبهم الكفر ﴿ وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ ﴾: في الزحف ﴿ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً ﴾: عن الوفاء به ﴿ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ وَإِذاً ﴾: إن فررتم ﴿ لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ ﴾: زمانا ﴿ قَلِيلاً ﴾: بقية آجالكم
﴿ قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً ﴾: مصيبة ﴿ أَوْ ﴾: من يمنع إن ﴿ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾: يدفع الضر عنهم ﴿ قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ ﴾: المثبطين للمسلمين ﴿ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ ﴾: من ساكني المدينة ﴿ هَلُمَّ إِلَيْنَا ﴾: تستريحوا، إذ يهود المدينة طلبوا المنافقين ليستريحوا وهم خوفوا المؤمنين ليرجعوا ﴿ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ ﴾: لا يقاتلون ﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾: رياء حال كونهم ﴿ أَشِحَّةً ﴾: بخلاء ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾: بالإعانة والإنفاق ﴿ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ ﴾: وقت الحرب ﴿ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ ﴾: في أحداقهم ﴿ كَٱلَّذِي ﴾: كنظر من ﴿ يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ﴾: سكرات ﴿ ٱلْمَوْتِ ﴾: لواذا بك ﴿ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ ﴾: ضربوكم ﴿ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ﴾: كالأسنة لأجل الغنيمة وغيرها ﴿ أَشِحَّةً ﴾: بخلاء ﴿ عَلَى ٱلْخَيْرِ ﴾: كالغنيمة ﴿ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ ﴾: حقيقة ﴿ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ﴾: من نحو الصلاة ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ ﴾: الإحباط ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً * يَحْسَبُونَ ﴾: هؤلاء لجنبهم ﴿ ٱلأَحْزَابَ ﴾: المنهزمة ﴿ لَمْ يَذْهَبُواْ ﴾: ما انهزموا، ففروا إلى المدينة ﴿ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ ﴾: يتمنوا لخوفهم ﴿ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ ﴾: كائنون مع البدو ﴿ فِي ٱلأَعْرَابِ ﴾: ليسلموا من القتال ﴿ يَسْأَلُونَ ﴾: الناس ﴿ عَنْ أَنبَآئِكُمْ ﴾: بلا مشاهدتكم جبناء ﴿ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ ﴾: وكان قتال ﴿ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾: رياء ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ ﴾: خصلة حقها أن يؤتسى بها أو قدوة يتأسى به ﴿ حَسَنَةٌ ﴾: كالتصبر ﴿ لِّمَن ﴾: بدل من لكم ﴿ كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ ﴾: ثوابه ﴿ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ ﴾: نعيمة ﴿ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ ﴾: بقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم ﴾[البقرة: ٢١٤] الآية ﴿ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾: بإخبره وأظهارهما كراهة اتحادهما ضميرا أو للتعظيم ﴿ وَمَا زَادَهُمْ ﴾: ذلك ﴿ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ﴾: انقيادا ﴿ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ﴾: فثبتوا وجاهدوا ﴿ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ﴾: نذره بأن قاتل حتى استشهد حمزة رضي الله تعالى عنه ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ ﴾: الشهادة كعثمان رضي الله تعالى عنه ﴿ وَمَا بَدَّلُواْ ﴾: عهدهم ﴿ تَبْدِيلاً ﴾: كالمنافقين ﴿ لِّيَجْزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ ﴾: بإماتتهم على النفاق ﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾: بتوفيق التوبة وقبولها ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾: لمن تاب ﴿ وَرَدَّ ٱللَّهُ ﴾: الأحزب ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: عن المدينة ﴿ بِغَيْظِهِمْ ﴾: متغيظين ﴿ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً ﴾: نفعا ﴿ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ ﴾: بالريح والملك ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ﴾: فيما أراد ﴿ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم ﴾: عاونوا الأحزاب، ونقضوا عهد النبي عليه الصلاة والسلام ﴿ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾: بني قريظة ﴿ مِن صَيَاصِيهِمْ ﴾: حصونهم جمع صيصة ﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ﴾: الخوف ﴿ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ ﴾: منهم وهم المقاتلة ﴿ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً ﴾: وهم الذراري والنساء ﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ ﴾: مزارعهم ﴿ وَدِيَارَهُمْ ﴾: حصونهم ﴿ وَأَمْوَالَهُمْ ﴾: النقود والمواشي ﴿ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا ﴾: خيبر أو فارس والروم، والمضي لتحقيق وقوعه ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً * يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾: أي: سعتها ﴿ وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ ﴾: متعة الطلاق، قدمه على ﴿ وَأُسَرِّحْكُنَّ ﴾: أطلقكن حثا على الكرم وحسن الخلق ﴿ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾: بلا ضرر ﴿ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ﴾: فاخترن الأخرة ﴿ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ﴾: من النشوز وسوء الخلق ﴿ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ﴾: ضعفي عذاب غيرهن، إذ عظم الذنب بعظم المذنب ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ ﴾: التضعيف ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً ﴾: لا ينظر إلى أنكن نساء نبيه ﴿ وَمَن يَقْنُتْ ﴾: يطع ﴿ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ﴾: لعظم شأنها ﴿ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ﴾: في الدارين ﴿ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ ﴾: أصله وحد، يستوي إفرادا وتذكيرا وغيرهما، أي: كجماعة واحدة ﴿ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾: فضيلة ﴿ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ ﴾: للرجال، بل غلظن الكلام ﴿ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَ ﴾: فجور ﴿ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾: بعيدا عن الريبة
﴿ وَقَرْنَ ﴾: اسكن بكسر القاف وفتحها من أقررن بكسر الراء وفتحها، أو وقريقر وقارا، أو اجتمعن من قار يقار: اجتمع ﴿ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ ﴾: تظهرن زينتكن، بنحو التّبخْتُر في المشي ﴿ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ ﴾: قبل الإسلام من إظهار النساء محاسنهن للرجال، والأخرى: الفسوق في الإسلام ﴿ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ ﴾: الإثم المدنس لعرضكم يا ﴿ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ﴾: قال الأكثرون: أراد نساء النبي كما يدل عليه سابق الآية ولاحقها، وفي الحديث:" إن عليا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم أجمعين أهل البيت "ولا دليل على الحصر في أحد من الطرفين ﴿ وَيُطَهِّرَكُمْ ﴾: منه ﴿ تَطْهِيـراً * وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: القرآن ﴿ وَٱلْحِكْـمَةِ ﴾: السنة، ولا تنسين هذه النعمة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً ﴾: بمطيعه ﴿ خَبِيراً ﴾: بخلقه ﴿ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾: المناقدين لحكم الله ﴿ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: المصديقين بما يجب تصديقه ﴿ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ ﴾: المطيعين ﴿ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ ﴾: في الإيمان ﴿ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ ﴾: على طاعة ﴿ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ ﴾: المتواضعين لله ﴿ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ ﴾: عن الحرام ﴿ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ ﴾: في الحديث:" من أيقظ امرأته في الليل فصليا فهما تلك الليلة منهم "والعطف لاختلاف جنسي الأنثى والذكر وأوصاف كل زوجين، والعطف في الأول واجب، وفي الثاني جائز ﴿ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً ﴾: لذنوبهم ﴿ وَأَجْراً عَظِيماً * وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ ﴾: أي: جنسهما ﴿ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ ﴾: الاختيار ﴿ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾: كعبد الله بن جحش جين خطب النبي عليه الصلاة والسلام أخته زينب ابنة عمَّة النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فكرها ثم رضيا بعد نزولها ﴿ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً * وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ﴾: بالإسلام ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾: بالعتق، و هو زيد حين رأى النبي عليه الصلاة والسلام زوجها زينب فوقع في نفسه الشريفة حبها، وفي نفس زيد كراهيتها، فأراد فراقها فقال له: ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾: زينب ﴿ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ ﴾: في طلاقها ﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾: من إرادتك نكاحها لوفارقها ﴿ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ ﴾: فليس العتب على اخفائه فقط بل بضميمة مخافتهم وإظهار ما ينافي إضماره ﴿ لنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً ﴾: حاجةً وطلقها وانقضت عدتها ﴿ زَوَّجْنَاكَهَا ﴾: بلا واسطة عقد ﴿ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ ﴾: تزوج ﴿ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾: قضاؤه ﴿ مَفْعُولاً ﴾: لا محالة ﴿ مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ﴾: قسم ﴿ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ﴾: كسنته في الأنبياء ﴿ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ ﴾: في رفع الحرج عنهم فيما أباح لهم ﴿ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾: فعله ﴿ قَدَراً ﴾: قضاء ﴿ مَّقْدُوراً ﴾: مقضيا ﴿ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ ﴾: تعريض بعد تصريح ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً ﴾: كافيا للمخاوف ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ ﴾: كل موضع سماه باسمه الكريم، فهز لإثبات رسالته فلا يخل بتعظيمه ﴿ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾: نسبا فبمجرد تبنيه لم تثبت أبوته، وأما طاهر وطيب وقاسم وإبراهيم فما بلغوا مبلغ الرجال ولو كان ولده رجلاً للاق به أن يكون نبيًّا كما ورد في إبراهيم ﴿ وَلَـٰكِن ﴾: كان ﴿ رَّسُولَ ٱللَّهِ ﴾: والرسول أبو أمته شفقة ﴿ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ ﴾: أي: آخر من نبئ فلا يرد عيسى عليه السلام على أنه على دينه ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً ﴾: أول النهار ﴿ وَأَصِيلاً ﴾: أخره لمزيد شرفها أو دائما ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ﴾: بالرحمة ﴿ وَمَلاَئِكَتُهُ ﴾: بالاستغفار لكم، فالمشترك إرادة الخير ﴿ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ ﴾: المعاصي ﴿ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾: الطاعة ﴿ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ ﴾: منه ﴿ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ ﴾: بلسان الملائكة ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾: كالجنة ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً ﴾: على أمتك ﴿ وَمُبَشِّراً ﴾: للمطيع ﴿ وَنَذِيراً ﴾: للعاصي ﴿ وَدَاعِياً إِلَى ﴾: طاعة ﴿ ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ ﴾: بأمره ﴿ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾: للقلوب فراقبهم، إنما شبهه بالسراج لا الشمس لأنه منه سرج لا تعدن وقد اقتبس منه عليه الصلاة والسلام الأنبياء والأولياء والائمة ﴿ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً ﴾: على الأمم ﴿ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ ﴾: ذُمْ على مخالفتهم ﴿ وَدَعْ أَذَاهُمْ ﴾: بالمحاربة إلى أن تؤمر بها ﴿ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾: في كل امورك ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾: خصهن ترغيبا فيهن ﴿ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾: تجامعوهن ﴿ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾: تستوفون عددها، أفهم أن العدة حقهم، وظاهرة عدم وجوبها بمجرد الخلوة ﴿ فَمَتِّعُوهُنَّ ﴾: أعطوهن المتعة إن لم يفرض صداقهن، فإن فرض فنصف المفروض كما مر، وأمر بالمشترك بين الوجوب والندب فإنها سنة إن فرض ﴿ وَسَرِّحُوهُنَّ ﴾: طلقوهن ﴿ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾: بلا ضرار
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴾: مهورهن، ليس القيد للشرط بل لإيثار الأفضل ﴿ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ﴾: غنمكه كصفية، فإن المشتراة لا يتحقق بدو أمرها ﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ﴾: بخلاف النصارى فإنهم يحرمون من بينهم وبينها سبعة أجداد، واليهود يتزوجون بنات الأخ والأخت ﴿ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ﴾: إلى المدينة، ولو بلا رفاقه أو المعيَّة شرط مخصوص به كما في قصة أم هانئ ﴿ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا ﴾: يطلب نكاحها بلا صداق، خلص إحلالها ﴿ خَالِصَةً لَّكَ ﴾: خلوصا ﴿ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: أفهم أن نكاحها لا ينعقد بلفظها لأن اللفظ تابع للمعنى، وقد خص عليه الصلاة والسلام به ولو بلا ولي ومهر وشاهد، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لكن ما وقع له، وقيل: وقع في أربع و ﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ ﴾: المؤمنين ﴿ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ ﴾: من شرائط العقد ووجوب القسم والمهر بالوطء ﴿ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾: من التوسيع فيها، أفهم باعتراض هذه الجملة أن تخصيصه عليه الصلاة والسلام به لمعان فيه تقتضى الفرق بيننا وبينه فيه لا توسعة عليه ﴿ لِكَيْلاَ ﴾: متعلق خالصة ﴿ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ﴾: ضيق في النكاح ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾: لما يعسر التحرز عنه ﴿ رَّحِيماً ﴾: بالتوسعة ﴿ تُرْجِي ﴾: تؤخر ﴿ مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ ﴾: تضم ﴿ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ ﴾: خيره في القسم بعدما كان واجبا عليه، ولكنه واعاه إلى موته صلى الله عليه وسلم، أو تطلق وتمسك ﴿ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ ﴾: إصابتها ﴿ مِمَّنْ عَزَلْتَ ﴾: عن القسم أو طلقتها رجعية ﴿ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾: فيه ﴿ ذَلِكَ ﴾: التخيير ﴿ أَدْنَىٰ ﴾: أقرب إلى ﴿ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﴾: لأن حكم كلهن فيه سواء فإن سويت فرحن وإن رجحت عرفن الله تعالى، فيرضين ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ ﴾: من الميل إلى البعض طبعا ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾: بالكل ﴿ حَلِيماً ﴾: لا يؤاخذكم بما ليس في وسعكم ﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ ﴾: بعد التسع ممن اخترته أو بعد اليوم ﴿ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ﴾: بتطليق إحداهن ونكاح بدلها ﴿ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ﴾: فيحل لك، واختلف في نسخها بآية ترجى، ولكن ما تزوج عليهن بعد بلا خلاف، وتملك مارية أم إبراهيم ﴿ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ﴾: فلا تعتدوا حدوده ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾: في الدخول بدعائكم ﴿ ِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ ﴾: منتظرين ﴿ إِنَاهُ ﴾: وقته أو نضجه ﴿ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ ﴾: أي: و غير ﴿ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾: بينكم في بيته والخطاب لجماعة معينة بلا عموم، وكان يوم وليمة تزوجه بزينب ﴿ إِنَّ ذَٰلِكُمْ ﴾: المكث ﴿ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ﴾: أن يخرجكم ﴿ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ ﴾: لا يترك بيانه ترك المستحي ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ﴾: أي: أزواجه ﴿ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ﴾: ستر ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾: السؤال هكذا ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾: من الخواطر الشيطانية ﴿ وَمَا كَانَ ﴾: ما صح ﴿ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ ﴾: بفعل ما يكرهه ﴿ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾: بعد وفاته أو فراقه بشرط الدخول ﴿ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ ﴾: من الايذاء أو النكاح ﴿ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً * إِن تُبْدُواْ شَيْئاً ﴾: كنكاحهن ﴿ أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً * لاَّ جُنَاحَ ﴾: إثم ﴿ عَلَيْهِنَّ فِيۤ ﴾: ترك الاحتجاب عن ﴿ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ ﴾: ترك الخال والعم لأنهما بمنزله الوالدين، ويؤيده: او لما مر في النور ﴿ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ ﴾: أي: المؤمنات ﴿ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾: عبيدا أو إماء ﴿ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ ﴾: فيما أمرتن به ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾: لا يخفي عليه شيء ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ ﴾: يعتنون بتعظيم شَأنه ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ ﴾: اعتنوا به أيضًا ﴿ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾: قولوا اللهم صلى على محمد وسلم، وهما فرض غير مؤقت عند الأكثرين، ويجب في تشهد الصلوات فقط عن الشافعي رحمة الله تعالى ويكرهان على غير الرسل والملائكة إلا تبعا ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾: بأن ينسبوا إليهما ما لا يليق بهما ﴿ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ ﴾: أبعدهم من رحمته ﴿ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ ﴾: من جناية استحقوها ﴿ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً ﴾: كذبا ﴿ وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾: ظاهرا ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ ﴾: يرخين ﴿ عَلَيْهِنَّ مِن ﴾: بعض ﴿ جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾: بأن يرخين بعض الجلباب على وجوههن إذا خرجن لحاجة إلا عينا واحدة ﴿ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ ﴾: أقرب إلى ﴿ أَن يُعْرَفْنَ ﴾: بأنهن حرائر ﴿ فَلاَ يُؤْذَيْنَ ﴾: إذا فسقتهم كانوا يتعرضون للإماء ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾: لما سلف ﴿ رَّحِيماً ﴾: بكم فيراعي مصالحكم
﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ ﴾: عن نفاقهم ﴿ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾: ضعف إيمان كالفسقة ﴿ وَ ﴾: المؤمنون ﴿ ٱلْمُرْجِفُونَ ﴾: المخبرون بالكذب ﴿ فِي ٱلْمَدِينَةِ ﴾: عن أراجيفهم في المسلمين ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾: لنسلطنك عليهم ﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ ﴾: في المدينة ﴿ إِلاَّ ﴾: جوارا ﴿ قَلِيلاً ﴾: حال كونهم ﴿ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ ﴾: وجدوا ﴿ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾: والثلاثة قوم واحد، سن الله تعالى ذلك ﴿ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ﴾: منافقي الأمم ﴿ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً * يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ ﴾: أهل مكة استهزاء ﴿ عَنِ ﴾: وقت ﴿ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾: أي: يعلمك بها، أي: لا تعلمها ﴿ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ ﴾: وقتا ﴿ قَرِيباً * إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ﴾: نار شديدة ﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾: ينجيهم عنها ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ ﴾: تصرف من جهة إلى جهة ﴿ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ ﴾: كلحم يشوى ﴿ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ * وَقَالُواْ ﴾: الأتباع منهم: ﴿ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ ﴾: والألفين كما في الظنونا ﴿ رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ﴾: مثلي عذابنا ﴿ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ﴾: عظما وعددا ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ ﴾: في إيذاء رسولكم ﴿ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ ﴾: بنسبته إلى الزنا أو الأدرة أو قتل هارون ﴿ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ ﴾: بخسف قارون أو نهب الحجر ثوبه عند غسله حتى رأوه سليماً، أو إحياء هارون حتى أخبر ببراءته ﴿ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً ﴾: ذا جاه ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ﴾: صوابا ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾: بقبولها ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ ﴾: ظفر بكل خير ﴿ فَوْزاً عَظِيماً * إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ ﴾: الطاعة المذكورة فإنها واجبة الأداء كالأمانة ﴿ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ ﴾: فقلن أي: شيء فيها؟ فأجبن: إن احسنتن أثبتن، وإن أسأتن عوقبتن ﴿ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ ﴾: خفن ﴿ مِنْهَا ﴾: فضججن إلى الله تعالى ثلاثة أيام ﴿ وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ ﴾: آدم ضعفه بعد عرضها عليه ﴿ إِنَّهُ ﴾: جنسه ﴿ كَانَ ظَلُوماً ﴾: بنفسه يتحمل ما لا يطيقه ﴿ جَهُولاً ﴾: بوخامة عاقبته، وعن الحسن وغيره: إن الأمانة في غير ذوي العقول انقياد مُرادِه تعالى وفهم طاعته، والظلم والجهالة الخيانة والمبالغة لعظمة الموصوف أو لتعديه إلى غيره
﴿ لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ﴾: متعلق العرض على آدم المُقدّر ﴿ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ﴾: بتضييعهم لها.
﴿ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾: بحفظها، أفهم بالتوبة مكان الإثابة أن ظلومية طبيعتهم لا تخليهم عن الفرطات: ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾: للتائبين ﴿ رَّحِيماً ﴾: بالمطيعين - والله أعْلَمُ بالصّواب.
سورة الأحزاب
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الأحزاب) من السُّوَر المدنيَّة، وقد تعرَّضتْ لذِكْرِ كثيرٍ من الأحداث والأحكام؛ على رأسِ تلك الأحداثِ قصةُ غزوة (الأحزاب)، وما تعلق بها مِن عِبَرٍ وعِظات؛ كحُسْنِ الظن بالله، والاعتماد عليه، مشيرةً إلى غَدْرِ اليهود، وأخلاقهم الشائنة، كما اشتملت السورةُ على ذكرِ آية الحِجاب، وذكرِ آداب الاستئذان، والدخول على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وخُتِمت السورةُ بكثيرٍ من التوجيهات والعِظات للمؤمنين.

ترتيبها المصحفي
33
نوعها
مدنية
ألفاظها
1303
ترتيب نزولها
90
العد المدني الأول
73
العد المدني الأخير
73
العد البصري
73
العد الكوفي
73
العد الشامي
73

* قوله تعالى: {اْدْعُوهُمْ لِأٓبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اْللَّهِۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمْ فَإِخْوَٰنُكُمْ فِي اْلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمْۚ} [الأحزاب: 5]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ أبا حُذَيفةَ بنَ عُتْبةَ بنِ ربيعةَ بنِ عبدِ شمسٍ - وكان ممَّن شَهِدَ بَدْرًا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم - تَبنَّى سالمًا، وأنكَحَه بنتَ أخيه هندَ بنتَ الوليدِ بنِ عُتْبةَ بنِ ربيعةَ، وهو مولًى لامرأةٍ مِن الأنصارِ؛ كما تَبنَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيدًا، وكان مَن تَبنَّى رجُلًا في الجاهليَّةِ، دعَاه الناسُ إليه، ووَرِثَ مِن ميراثِه، حتى أنزَلَ اللهُ: {اْدْعُوهُمْ لِأٓبَآئِهِمْ} إلى قولِه: {وَمَوَٰلِيكُمْۚ} [الأحزاب: 5]؛ فرُدُّوا إلى آبائِهم؛ فمَن لم يُعلَمْ له أبٌ، كان مولًى وأخًا في الدِّينِ، فجاءت سَهْلةُ بنتُ سُهَيلِ بنِ عمرٍو القُرَشيِّ ثم العامريِّ - وهي امرأةُ أبي حُذَيفةَ بنِ عُتْبةَ - النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كنَّا نرى سالمًا ولدًا، وقد أنزَلَ اللهُ فيه ما قد عَلِمْتَ...» فذكَر الحديثَ. أخرجه البخاري (5088).

* قوله تعالى: {مِّنَ اْلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ اْللَّهَ عَلَيْهِۖ} [الأحزاب: 23]:

عن حُمَيدٍ الطَّويلِ، عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «غابَ عَمِّي أنسُ بنُ النَّضْرِ عن قتالِ بَدْرٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، غِبْتُ عن أوَّلِ قتالٍ قاتَلْتَ المشرِكين، لَئِنِ اللهُ أشهَدَني قتالَ المشرِكين لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أصنَعُ، فلمَّا كان يومُ أُحُدٍ، وانكشَفَ المسلمون، قال: اللهمَّ إنِّي أعتذِرُ إليك ممَّا صنَعَ هؤلاء - يعني أصحابَه -، وأبرَأُ إليك ممَّا صنَعَ هؤلاء - يعني المشرِكين -، ثم تقدَّمَ، فاستقبَلَه سعدُ بنُ مُعاذٍ، فقال: يا سعدُ بنَ مُعاذٍ، الجَنَّةَ ورَبِّ النَّضْرِ! إنِّي أجدُ رِيحَها مِن دُونِ أُحُدٍ، قال سعدٌ: فما استطَعْتُ يا رسولَ اللهِ ما صنَعَ». قال أنسٌ: «فوجَدْنا به بِضْعًا وثمانينَ ضَرْبةً بالسَّيفِ، أو طَعْنةً برُمْحٍ، أو رَمْيةً بسَهْمٍ، ووجَدْناه قد قُتِلَ، وقد مثَّلَ به المشرِكون، فما عرَفَه أحدٌ إلا أختُه ببنانِه». قال أنسٌ: كنَّا نُرى أو نظُنُّ أنَّ هذه الآيةَ نزَلتْ فيه وفي أشباهِه: {مِّنَ اْلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ اْللَّهَ عَلَيْهِۖ} [الأحزاب: 23] إلى آخرِ الآيةِ». وقال: «إنَّ أختَه - وهي تُسمَّى الرُّبَيِّعَ - كسَرتْ ثَنِيَّةَ امرأةٍ، فأمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالقِصاصِ، فقال أنسٌ: يا رسولَ اللهِ، والذي بعَثَك بالحقِّ، لا تُكسَرُ ثَنِيَّتُها، فرَضُوا بالأَرْشِ، وترَكوا القِصاصَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِن عبادِ اللهِ مَن لو أقسَمَ على اللهِ لَأبَرَّه»». أخرجه البخاري (٢٨٠٥).

* قوله تعالى: {وَكَفَى اْللَّهُ اْلْمُؤْمِنِينَ اْلْقِتَالَۚ} [الأحزاب: 25]:

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه، قال: «شغَلَنا المشرِكون يومَ الخَنْدقِ عن صلاةِ الظُّهْرِ حتى غرَبتِ الشَّمْسُ، وذلك قبل أن يَنزِلَ في القتالِ ما نزَلَ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَكَفَى اْللَّهُ اْلْمُؤْمِنِينَ اْلْقِتَالَۚ} [الأحزاب: 25]، فأمَرَ بِلالًا فأذَّنَ وأقامَ فصلَّى الظُّهْرَ، ثمَّ أمَرَه فأقامَ فصلَّى العصرَ، ثمَّ أمَرَه فأقامَ فصلَّى المغربَ، ثمَّ أمَرَه فأقامَ فصلَّى العِشاءَ». أخرجه النسائي (٦٦١).

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اْلْحَيَوٰةَ اْلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٢٨ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اْللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَاْلدَّارَ اْلْأٓخِرَةَ فَإِنَّ اْللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمٗا} [الأحزاب: 28-29]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لم أزَلْ حريصًا على أن أسألَ عُمَرَ رضي الله عنه عن المرأتَينِ مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَينِ قال اللهُ لهما: {إِن ‌تَتُوبَآ إِلَى اْللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَاۖ} [التحريم: 4]، فحجَجْتُ معه، فعدَلَ وعدَلْتُ معه بالإداوةِ، فتبرَّزَ حتى جاءَ، فسكَبْتُ على يدَيهِ مِن الإداوةِ فتوضَّأَ، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، مَن المرأتانِ مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتانِ قال اللهُ عز وجل لهما: {إِن ‌تَتُوبَآ إِلَى اْللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَاۖ} [التحريم: 4]؟ فقال: واعجبي لك يا بنَ عبَّاسٍ! عائشةُ وحَفْصةُ، ثمَّ استقبَلَ عُمَرُ الحديثَ يسُوقُه، فقال:

إنِّي كنتُ وجارٌ لي مِن الأنصارِ في بني أُمَيَّةَ بنِ زيدٍ، وهي مِن عوالي المدينةِ، وكنَّا نتناوَبُ النُّزولَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيَنزِلُ يومًا وأنزِلُ يومًا، فإذا نزَلْتُ جِئْتُه مِن خَبَرِ ذلك اليومِ مِن الأمرِ وغيرِه، وإذا نزَلَ فعَلَ مِثْلَه، وكنَّا مَعشَرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فلمَّا قَدِمْنا على الأنصارِ إذا هم قومٌ تَغلِبُهم نساؤُهم، فطَفِقَ نساؤُنا يأخُذْنَ مِن أدبِ نساءِ الأنصارِ، فصِحْتُ على امرأتي، فراجَعتْني، فأنكَرْتُ أن تُراجِعَني، فقالت: ولِمَ تُنكِرُ أن أُراجِعَك؟! فواللهِ، إنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُراجِعْنُه، وإنَّ إحداهنَّ لَتهجُرُه اليومَ حتى اللَّيلِ، فأفزَعَني، فقلتُ: خابَتْ مَن فعَلَ منهنَّ بعظيمٍ، ثم جمَعْتُ عليَّ ثيابي، فدخَلْتُ على حَفْصةَ، فقلتُ: أيْ حَفْصةُ، أتُغاضِبُ إحداكنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اليومَ حتى اللَّيلِ؟ فقالت: نَعم، فقلت: خابَتْ وخَسِرتْ! أفتأمَنُ أن يَغضَبَ اللهُ لغضَبِ رسولِه صلى الله عليه وسلم فتَهلِكِينَ؟! لا تَستكثري على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولا تُراجِعيه في شيءٍ، ولا تهجُريه، واسأليني ما بدا لكِ، ولا يغُرَّنَّكِ أن كانت جارتُك هي أوضأَ منك، وأحَبَّ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم - يريدُ عائشةَ -.

وكنَّا تحدَّثْنا أنَّ غسَّانَ تُنعِلُ النِّعالَ لغَزْوِنا، فنزَلَ صاحبي يومَ نَوْبتِه، فرجَعَ عِشاءً، فضرَبَ بابي ضربًا شديدًا، وقال: أنائمٌ هو؟! ففَزِعْتُ، فخرَجْتُ إليه، وقال: حدَثَ أمرٌ عظيمٌ، قلتُ: ما هو؟ أجاءت غسَّانُ؟ قال: لا، بل أعظَمُ منه وأطوَلُ، طلَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نساءَه، قال: قد خابَتْ حَفْصةُ وخَسِرتْ، كنتُ أظُنُّ أنَّ هذا يُوشِكُ أن يكونَ، فجمَعْتُ عليَّ ثيابي، فصلَّيْتُ صلاةَ الفجرِ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدخَلَ مَشرُبةً له، فاعتزَلَ فيها، فدخَلْتُ على حَفْصةَ فإذا هي تَبكِي، قلتُ: ما يُبكِيكِ؟ أوَلَمْ أكُنْ حذَّرْتُكِ؟! أطلَّقَكنَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! قالت: لا أدري! هو ذا في المَشرُبةِ، فخرَجْتُ، فجِئْتُ المِنبَرَ، فإذا حَوْلَه رَهْطٌ يَبكِي بعضُهم، فجلَسْتُ معهم قليلًا، ثم غلَبَني ما أجدُ، فجِئْتُ المَشرُبةَ التي هو فيها، فقلتُ لغلامٍ له أسوَدَ: استأذِنْ لِعُمَرَ، فدخَلَ، فكلَّمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم خرَجَ، فقال: ذكَرْتُك له فصمَتَ، فانصرَفْتُ حتى جلَسْتُ مع الرَّهْطِ الذين عند المِنبَرِ، ثمَّ غلَبَني ما أجدُ، فجِئْتُ، فذكَرَ مِثْلَه، فجلَسْتُ مع الرَّهْطِ الذين عند المِنبَرِ، ثمَّ غلَبَني ما أجدُ، فجِئْتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذِنْ لِعُمَرَ، فذكَرَ مِثْلَه، فلمَّا ولَّيْتُ منصرِفًا، فإذا الغلامُ يَدْعوني، قال: أَذِنَ لك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فدخَلْتُ عليه، فإذا هو مضطجِعٌ على رمالِ حصيرٍ ليس بَيْنه وبَيْنه فِراشٌ قد أثَّرَ الرِّمالُ بجَنْبِه، متَّكِئٌ على وسادةٍ مِن أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، فسلَّمْتُ عليه، ثم قلتُ وأنا قائمٌ: طلَّقْتَ نساءَك؟ فرفَعَ بصَرَه إليَّ، فقال: «لا»، ثم قلتُ وأنا قائمٌ أستأنِسُ: يا رسولَ اللهِ، لو رأَيْتَني وكنَّا مَعشَرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فلمَّا قَدِمْنا على قومٍ تَغلِبُهم نساؤُهم، فذكَرَه، فتبسَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم قلتُ: لو رأَيْتَني، ودخَلْتُ على حَفْصةَ، فقلتُ: لا يغُرَّنَّكِ أنْ كانت جارتُكِ هي أوضأَ منكِ وأحَبَّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم - يريدُ عائشةَ -، فتبسَّمَ أخرى، فجلَسْتُ حينَ رأَيْتُه تبسَّمَ، ثم رفَعْتُ بصَري في بيتِه، فواللهِ ما رأَيْتُ فيه شيئًا يرُدُّ البصَرَ غيرَ أَهَبَةٍ ثلاثةٍ، فقلتُ: ادعُ اللهَ فَلْيُوسِّعْ على أُمَّتِك؛ فإنَّ فارسَ والرُّومَ وُسِّعَ عليهم، وأُعطُوا الدُّنيا وهم لا يعبُدون اللهَ، وكان متَّكِئًا، فقال: «أوَفِي شكٍّ أنتَ يا بنَ الخطَّابِ؟! أولئك قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الحياةِ الدنيا»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، استغفِرْ لي، فاعتزَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن أجلِ ذلك الحديثِ حينَ أفشَتْهُ حَفْصةُ إلى عائشةَ، وكان قد قال: «ما أنا بداخلٍ عليهنَّ شهرًا»؛ مِن شِدَّةِ مَوْجِدتِه عليهنَّ حينَ عاتَبَه اللهُ، فلمَّا مضَتْ تِسْعٌ وعشرون، دخَلَ على عائشةَ، فبدَأَ بها، فقالت له عائشةُ: إنَّك أقسَمْتَ ألَّا تدخُلَ علينا شهرًا، وإنَّا أصبَحْنا لِتِسْعٍ وعِشْرينَ ليلةً أعُدُّها عدًّا؟! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرون»، وكان ذلك الشَّهْرُ تِسْعًا وعِشْرينَ، قالت عائشةُ: فأُنزِلتْ آيةُ التَّخييرِ، فبدَأَ بي أوَّلَ امرأةٍ، فقال: «إنِّي ذاكرٌ لكِ أمرًا، ولا عليكِ ألَّا تَعجَلي حتى تَستأمري أبوَيكِ»، قالت: قد أعلَمُ أنَّ أبوَيَّ لم يكُونا يأمُرانِي بفِراقك، ثم قال: «إنَّ اللهَ قال: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَٰجِكَ} [الأحزاب: 28] إلى قولِه: {عَظِيمٗا} [الأحزاب: 29]»، قلتُ: أفي هذا أستأمِرُ أبوَيَّ؟! فإنِّي أريدُ اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرةَ، ثم خيَّرَ نساءَه، فقُلْنَ مِثْلَ ما قالت عائشةُ». أخرجه البخاري (٢٤٦٨).

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلْمُسْلِمِينَ وَاْلْمُسْلِمَٰتِ وَاْلْمُؤْمِنِينَ وَاْلْمُؤْمِنَٰتِ وَاْلْقَٰنِتِينَ وَاْلْقَٰنِتَٰتِ وَاْلصَّٰدِقِينَ وَاْلصَّٰدِقَٰتِ وَاْلصَّٰبِرِينَ وَاْلصَّٰبِرَٰتِ وَاْلْخَٰشِعِينَ وَاْلْخَٰشِعَٰتِ وَاْلْمُتَصَدِّقِينَ وَاْلْمُتَصَدِّقَٰتِ وَاْلصَّٰٓئِمِينَ وَاْلصَّٰٓئِمَٰتِ وَاْلْحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَاْلْحَٰفِظَٰتِ وَاْلذَّٰكِرِينَ اْللَّهَ كَثِيرٗا وَاْلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ اْللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةٗ وَأَجْرًا عَظِيمٗا} [الأحزاب: 35]:

عن أُمِّ عطيَّةَ نُسَيبةَ بنتِ كعبٍ رضي الله عنها: أنَّها أتت النبيَّ ﷺ، فقالت: «ما أرى كلَّ شيءٍ إلا للرِّجالِ، وما أرى النِّساءَ يُذكَرْنَ بشيءٍ»؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {إِنَّ اْلْمُسْلِمِينَ وَاْلْمُسْلِمَٰتِ وَاْلْمُؤْمِنِينَ وَاْلْمُؤْمِنَٰتِ} [الأحزاب: 35] الآيةَ. أخرجه الترمذي (٣٢١١).

* قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «جاء زيدُ بنُ حارثةَ يشكو زَيْنَبَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أمسِكْ عليك أهلَك»؛ فنزَلتْ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]». أخرجه ابن حبان (٧٠٤٥).

* قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٞ مِّنْهَا وَطَرٗا زَوَّجْنَٰكَهَا} [الأحزاب: 37]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ هذه الآيةُ في زَيْنَبَ بنتِ جحشٍ {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٞ مِّنْهَا وَطَرٗا زَوَّجْنَٰكَهَا} [الأحزاب: 37]، قال: فكانت تَفخَرُ على أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ تقولُ: زوَّجَكنَّ أهلُكنَّ، وزوَّجَني اللهُ مِن فوقِ سَبْعِ سمواتٍ». أخرجه الترمذي (3213).

* قوله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـْٔوِيٓ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ اْبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَۚ} [الأحزاب: 51]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كنتُ أغارُ على اللاتي وهَبْنَ أنفُسَهنَّ لرسولِ اللهِ ﷺ، وأقولُ: تَهَبُ المرأةُ نفسَها؟ فلمَّا أنزَلَ اللهُ: {تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـْٔوِيٓ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ اْبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَۚ} [الأحزاب: 51]، قالت: قلتُ: واللهِ، ما أرى رَبَّك إلا يُسارِعُ في هواك». أخرجه البخاري (٤٧٨٨).

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ اْلنَّبِيِّ إِلَّآ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَٰظِرِينَ إِنَىٰهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَاْدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَاْنتَشِرُواْ وَلَا مُسْتَـْٔنِسِينَ لِحَدِيثٍۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي اْلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِۦ مِنكُمْۖ وَاْللَّهُ لَا يَسْتَحْيِۦ مِنَ اْلْحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسْـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اْللَّهِ وَلَآ أَن تَنكِحُوٓاْ أَزْوَٰجَهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦٓ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اْللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا تزوَّجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بنتَ جَحْشٍ، دعَا القومَ، فطَعِموا ثمَّ جلَسوا يَتحدَّثون، وإذا هو كأنَّه يَتهيَّأُ للقيامِ، فلَمْ يقُوموا، فلمَّا رأى ذلك قامَ، فلمَّا قامَ قامَ مَن قامَ، وقعَدَ ثلاثةُ نفَرٍ، فجاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِيدخُلَ فإذا القومُ جلوسٌ، ثمَّ إنَّهم قاموا، فانطلَقْتُ فجِئْتُ فأخبَرْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّهم قد انطلَقوا، فجاءَ حتى دخَلَ، فذهَبْتُ أدخُلُ، فألقى الحِجابَ بَيْني وبَيْنه؛ فأنزَلَ اللهُ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ اْلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الآيةَ». أخرجه البخاري (٤٧٩١).

* سورةُ (الأحزاب):

سُمِّيت سورةُ (الأحزاب) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ أحزابِ المشركين مِن قُرَيشٍ وغطَفانَ وبعضِ العرب، الذين تَحزَّبوا واجتمعوا لغَزْوِ المسلمين بالمدينة، فردَّ اللهُ كيدهم في غزوة (الأحزاب) المعروفة.

اشتمَلتْ سورةُ (الأحزاب) على الموضوعات الآتية:

1. أمرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتقوى الله، والتوكل عليه (١-٣).

2. تصحيح مفاهيمَ اجتماعية خاطئة (٤-٥).

3. وَلاية النبيِّ صلى الله عليه وسلم العامة، وأخذُ اللهِ الميثاقَ من النبيِّين عليهم السلام (٦-٨).

4. قصة غزوة (الأحزاب) (٩-٢٠).

5. الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأُسوة الحسنة، وأصحابه نجومٌ يُهتدى بها (٢١-٢٤).

6. نتيجة المعركة، وغدر اليهود (٢٥-٢٧).

7. النبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلم (٢٨-٥٩) .

8. مع زوجاته رضوان الله عليهم (٢٨-٣٤) .

9. المساواة بين الرجال والنساء في التكليف والجزاء (٣٥).

10. قصته صلى الله عليه وسلم مع زينبَ رضي الله عنها (٣٦-٣٩).

11. خاتمُ النبيِّين وبعض صفاته (٤٠-٤٨) .

12. خصائصه في أحكام الزواج (٤٩-٥٢).

13. آداب دخول بيته، والأمر بالحِجاب (٥٣-٥٥).

14. مكانتُه، وحرمة إيذائه (٥٦- ٥٨).

15. حِجاب زوجاته والمرأة المسلمة (٥٩).

16. جزاء المنافقين والكفار (٦٠-٦٨).

17. توجيهاتٌ وعِظات للمؤمنين (٦٩-٧١).

18. عظمة تكليف الإنسان، وحملُه الأمانة (٧٢-٧٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /68).

حثَّتْ سورةُ (الأحزاب) على حُسْنِ الظنِّ بالله، والتوكُّلِ عليه؛ فالله هو صاحبُ الحِكْمة والقوَّة والقُدْرة، وهو المتصرِّفُ في الكون، يَعلَم ما يصلحُ للخلائق، ويُدبِّر لهم أحسَنَ تدبير؛ فيُعلِي شأنَ من يشاء، ويَخفِض شأنَ من يشاء.

وتسميتُها بـ(الأحزاب) أوضحُ دليلٍ على ذلك؛ بتأمُّل القصة التي أشارت إليها، ودلَّتْ عليها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /370).