تفسير سورة الأحزاب

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة الأحزاب ( وهي مدنية )

بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق قال :: أنا معمر عن الزهري في قوله :﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾ قال : بلغنا أن ذلك٢ كان في شأن زيد ابن حارثة فضرب له مثلا يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك.
معمر : وقال قتادة : كان رجل٣ لا يسمع شيئا إلا وعاه، فقال الناس : ما يعي هذا إلا أن له قلبين، قال : وكان يسمى ذا القلبين، قال الله :﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾ قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال الحسن : كان الرجل يقول : إن نفسا تأمرني بكذا ونفسا تأمرني بكذا، فقال الله تعالى :﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾.
١ البسملة من (م)..
٢ في (م) أنه كان..
٣ في (ق) كان رجلا. وما أثبتناه من (م) والدر المنثور..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ﴾ قال قتادة : لو دعوت رجلا لغير أبيه، وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس، وقال : وسمع عمر بن الخطاب رجلا يقول : اللهم اغفر لي خطاياي، فقال : استغفر الله للعمد، فأما الخطأ فقد تجوز عنه، قال : وكان يقول : ما أخاف عليكم الخطأ، ولكني أخاف عليكم العمد، وما أخاف عليكم العائلة١ ولكن أخاف عليكم التكاثر، وما أخاف عليكم أن تزدروا أعمالكم، ولكني أخاف عليكم أن تستكثروها.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال قتادة : وكان يقال :٢ ثلاث لا يهلك عليهن ابن آدم : الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه.
١ في (م) العيلة: وهي كثرة العيال مع الفقر..
٢ (وكان يقال:) من (ق)..
نا عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر في قوله تعالى :﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ﴾ [ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ]١ فأيما رجل مات وترك دينا فإلي، ومن ترك مالا فهو لورثته٢.
عبد الرزاق : قال معمر : وفي حرف أبي بن كعب ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم ). عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن بجالة المتيمي قال : مر عمر بغلام وهو يقرأ ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ﴾ وهو أب لهم، فقال عمر : احككها يا غلام٣، قال : أقرأنيها أبي، فأرسل إلى أبي بن كعب فجاءه، قال : فرفع صوته عليه، فقال أبي : كان يشغلني القرآن إذ كان يشغلك الصفق بالأسواق، فسكت عمر.
أنا عبد الرزاق عن معمر في قوله تعالى :﴿ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ﴾، قال معمر : أخبرني قتادة عن الحسن : إلا أن يكون لك ذو قرابة، ليس على دينك فتوصي له بالشئ من مالك، هو وليك في النسب وليس وليك في الدين.
قال عبد الرزاق : أخبرني ابن جريج قال : قلت لعطاء ما قوله :﴿ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ﴾ ؟ قال : هو إعطاء المسلم الكافر، بينهما قرابة ووصيته له. عبد الرزاق قال : أخبرني معمر عن الكلبي أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين فكانوا يتوارثون بالهجرة حتى نزلت ﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى بعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ﴾ فجمع الله٤ المؤمنين والمهاجرين. قال :﴿ إلا إن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ﴾ إلا أن توصوا لأوليائكم، يعني الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينهم.
١ ما بين المعكوفتين سقط من (م)..
٢ رواه البخاري في النفقات ج ٦ ص ١٩٥. ومسلم في الفرائض ج ٥ ص ٦٢.
وأبو داود في الإمارة ج ٤ ص ٢٠٦. والترمذي في الجنائز ج ٢ ص ٢٦٦..

٣ المراد باحككها: امح عبارة (وهو أب لهم) من المصحف، لأنها لم تتواتر نقلا وهي من القراءات الشاذة..
٤ في (ق): فجمع المؤمنين والمهاجرين. وما أثبتناه من (م)..
أنا معمر عن قتادة في قوله :﴿ وإذا أخذنا من النبين ميثاقهم ﴾ قال : أخذ الله ميثاقهم أن يصدق بعضهم بعضا.
أنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ﴾ قال : هي١ الملائكة.
١ في (م) هم الملائكة..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وبلغت القلوب الحناجر ﴾ قال : شخصت من مكانها، فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت.
معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ﴾ قال : ناس من المنافقين : يعدنا محمد أنا نفتتح قصور الشام وفارس، وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله، ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إن بيوتنا عورة ﴾ قال : كان المنافقون يقولون : إن بيوتنا تلي العدو١ ولا نأمن على أهالينا، فيبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجد فيها أحدا.
١ (تلي العدو) من (ق) وورد مكانها في (م) عورة..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الحسن في قوله :﴿ من أقطارها ﴾ قال : نواحيها، وقوله :﴿ سئلوا الفتنة ﴾ يعني الشرك.
أنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ هلم إلينا ﴾ قال : قال المنافقون : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، وهو هالك ومن معه١، هلّم إلينا.
١ في (م) وهو هالك معهم. والمراد بأكلة رأس، أي أن عددهم قليل يمكن جمعهم على رأس ذبيحة واحدة أي يجمعهم مكان ضيق. كناية عن قلة عددهم..
قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ولما رأى المؤمنين الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ﴾ قال : أنزل الله تعالى في سورة البقرة :﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا ﴾ ﴿ ولما رأى المؤمنون روى الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ﴾ لقوله :﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ﴾.
معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾ قال : قضى أجله على الصدق والوفاء.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة :﴿ ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم ﴾ قال : يعذبهم إن شاء أو١ يخرجهم من النفاق إلى الايمان.
١ في (م) إذ، وهو تصحيف..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ من صياصيهم ﴾ قال : من حصونهم.
معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وأرضا لم تطئوها ﴾ قال : مكة.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال الحسن : فارس والروم.
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما نزلت :﴿ إن كنتن تردن الله ورسوله ﴾ الآية، دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم بدأني فقال :" يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك "، قالت : قد علم والله أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت : فقرأ علي :﴿ يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا ﴾ الآية، فقلت : أفي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. ١
١ رواه البخاري في المظالم في حديث طويل ج ٣ ص ١٠٦.
وفي تفسير سورة الأحزاب باختصار: ج ٦ ص ٢٣.
والترمذي في التفسير ج ٢ ص ٣٠.
والنسائي في النكاح ج ٦ ص ٥٥..

عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ يضاعف لها العذاب ضعفين ﴾ قال : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ ومن يقنت منكن لله ورسوله ﴾ قال : كل قنوت في القرآن طاعة.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ لستن كأحد من النساء ﴾ قال : كأحد من نساء هذه الأمة. عبد الرزاق عن معمر عن قتادة :﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ قال : نفاق. عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن شروس أنه سمع عكرمة قال : يقول : شهوة الزنا.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله :﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ قال : كانت المرأة تخرج تتمشى بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية.
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن العالية بنت ظبيان التي طلق١ النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت، وكان يقال لها : أم المساكين، فتزوجت قبل أن يحرم على الناس أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
١ طلق: بمعنى طلقها..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ءايت الله والحكمة ﴾ قال : القرآن والسنة.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : لما ذكر الله أزواج النبي صلى الله عليه وسلم دخل نساء من المسلمات عليهن فقلن : ذكرتن ولم نذكر، ولو كان فينا خير ذكرنا، فأنزل الله تعالى :﴿ إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ﴾.
أنا عبد الرزاق قال : أنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال : لا يكون الرجل من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم زينب وهي ابنة عمته، وهو يريدها لزيد، فظنت أنه يريدها لنفسه، فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت، فأنزل الله :﴿ ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذ قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾ فرضيت وسلمت١.
١ أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني.
انظر الرواية في الدر: ج ٥ ص ٢٠١..

عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ﴾ قال : أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق، ﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ قال قتادة : جاء زيد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن زينب إشتد علي لسانها، وأنا أريد أن أطلقها قال له النبي صلى الله عليه وسلم :" اتق الله وأمسك عليك١ زوجك٢ "، والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس إن أمره٣ بطلاقها، فأنزل الله تعالى :﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا ﴾ قال قتادة : لما أهل طلقها زيد ﴿ زوجناكها ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر وأخبرني من سمع الحسن يقول : ما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية أشد عليه منها، قوله :﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾ ولو كان كاتما من الوحي شيئا لكتمها٤، قال : وكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فتقول : أما أنتن فزوجكن آباؤكن وأما أنا فزوجني رب العرش٥.
١ في (م) أمسك عليك زوجك واتق الله..
٢ روى القسم الأول من الحديث الترمذي في التفسير ج ٥ ص ٣١، ٣٢..
٣ في (م) أن أمره إن يطلقها..
٤ روى القسم الأول من الحديث الترمذي في التفسير ج ٥ ص ٣١، ٣٢..
٥ رواه الترمذي في التفسير ج ٥ ص ٣٣..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له ﴾ أي : فيما أحل الله له.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ﴾ قال : يعني زيدا، يقول : ليس بأبيه١، وقد ولد للنبي صلى الله عليه وسلم رجال ونساء. عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ وخاتم النبيين ﴾ يقول : آخر النبيين.
١ في (م) ليس بابنه..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ وسبحوه بكرة وأصيلا ﴾ قال : صلاة الصبح وصلاة العصر.
معمر عن الحسن في قوله :﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾ إن بني إسرائيل سألوا موسى هل يصلي ربك فكأن ذلك كبر في صدره، فأوحى الله إليه أن أخبرهم أني أصلي وأن صلاتي أن رحمتي سبقت غضبي.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ تحيتهم يوم يلقونه سلام ﴾ قال : تحية أهل الجنة : السلام.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ودع أذاهم ﴾ قال : اصبر على أذاهم.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ﴾ قال :١ التي نكحت ولم يبين بها ولم يفرض لها، فليس لها صداق وليس عليها عدة.
١ في (م) قال: المرأة التي..
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ﴾ قال : إن ميمونة وهبت نفسها للنبي فقبلها١، ووهبت سودة يومها لعائشة، قال الزهري : إن الهبة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ولا يحل لأحد أن تهب له٢ امرأة نفسها بغير صداق. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ قد علمنا ما فرضنا عليهم ﴾ قال : ما فرض الله عليهم٣ ألا ينكح إلا بوجود شهداء وصداق، ولا ينكح الرجل أكثر من أربع.
١ في (م) فقبلها بغير صداق..
٢ كلمة (له) من (م)..
٣ العبارة في (م): قال: فرض الله عليهن أن لا ينكحن إلا بولي وشهيدي عدل وصداق....
عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن أبي رزين في قوله :﴿ ترجى من تشاء منهن ﴾ قال : المرجيات ميمونة وسودة وصفية وجويرية وأم حبيبة، وكانت عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب سواء في قسم النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يساوي٤ بينهن في القسم. عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول :" اللهم هذا فيما أطيق وأملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. ٥
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أيوب أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : فلا تخبر أزواجك أني اخترتك فقال : النبي صلى الله عليه وسلم :" يا عائشة إنما بعثث عند مبلغا ولم أبعث متعنتا ". ٦
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ﴾ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم موسعا عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف يشاء، فذلك قوله تعالى :﴿ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ﴾ إذا علمن أن ذلك من الله.
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله :﴿ ترجي من تشاء منهن ﴾ قال : كان ذلك حين أنزل الله أن يخيرهن، قال الزهري : وما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجى منهن أحدا، ولقد آواهن كلهن حتى مات، قال معمر : وقال قتادة : جعله في حل أن يدع من شاء منهن ويؤوي إليه من يشاء، بغير قسم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم. عبد الرزاق قال معمر : وأخبرني من سمع الحسن يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة فليس١ لأحد أن يخطبها حتى يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يدعها، ففي ذلك أنزلت ترجي من تشاء منهن. . . الآية.
١ في (م) فليس يحل لأحد..
عبد الرزاق عن معمر عن الحسن في قوله تعالى :﴿ لا يحل لك النساء من بعد ﴾ هؤلاء اللاتي عندك، قال الحسن : لما خيرهن فاخترن الله ورسوله قصر عليهن فقال : لا يحل لك النساء من بعد، اللاتي عندك. عبد الرزاق عن معمر وقال الزهري : قبض النبي صلى الله عليه وسلم وما نعلمه يتزوج النساء.
عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي قال :﴿ لا يحل لك النساء من بعد ﴾ يقول : ما قص الله عليك من بنات العم وبنات الخال وبنات وبنات.
معمر عن أبي عثمان البصري عن أنس قال : لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب أهدت إليه أم سليم١ حيسا في تور٢ من الحجارة، قال أنس فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم :" اذهب فادع من لقيت من المسلمين "، قال : فدعوت له من لقيت، فجعلوا يدخلون ويأكلون ويخرجون، ووضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على الطعام، فدعا فيه، أو قال فيه ما شاء الله أن يقول، ولم أدع أحدا لقيته إلا دعوته فأكلوا حتى شبعوا وخرجوا وبقي٣ طائفة منهم فأطالوا عنده الحديث، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يستحي منهم أن يقول لهم شيئا، فخرج وتركهم في البيت، فأنزل الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ﴾. ٤
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال قتادة : غير متحينين طعاما، ﴿ ولكن إذا دعيتم فادخلوا ﴾ حتى بلغ ﴿ لقلوبكم وقلوبهن ﴾. عبد الرزاق عن الثوري عن أبي سنان عن سعيد بن جبير في قوله تعالى :﴿ ومن يتوكل على الله ﴾ قال : التوكل جماع الإيمان. عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن خيثمة، قال : ما من شيء٥ يقرءونه في القرآن ﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ إلا وهو في التوراة يا أيها المساكين. عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن رجلا قال :٦ لو قبض النبي صلى الله عليه وسلم لتزوجت فلانة، يعني عائشة، فأنزل الله تعالى :﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ﴾.
[ عبد الرزاق قال : معمر سمعت أن هذا الرجل طلحة بن عبيد الله ]٧.
١ في (ق) أم سلمة. وهو تصحيف..
٢ الحيس: هو: الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن.
والتور: هو: إناء يوضع فيه الطعام وقد يتوضأ منه..

٣ في (م) وبقيت..
٤ رواه الترمذي في التفسير ج ٥ ص ٣٦ ومسلم في النكاح ج ٤ ص ١٥١ في حديث طويل..
٥ في (م) قال: ما شيء..
٦ في (ق) قال: لو قد قبض النبي صلى الله عليه وسلم لقد تزوجت فلانة..
٧ الرواية التي بين المعكوفتين من (م)..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله ﴾ قال : بلغني أن الله تبارك اسمه قال : شتمني عبدي ولم يكن له أن يشتمني، وكذبني عبدي ولم يكن له أن يكذبني، أما شتمه إياي فقوله : إني اتخذت ولدا، وأنا الأحد الصمد، وأما تكذيبه إياي فزعم أني لن أبعثه يعني بعد الموت. عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله١.
١ رواه البخاري في التفسير ج ٦ ص ٩٥ والنسائي في الجنائز ج ٤ ص ١١٢..
عبد الرزاق عن معمر عن الحسن قال : كن إماء بالمدينة يقال لهن كذا وكذا، كن يخرجن فيتعرض لهن السفهاء فيؤذوهن، فكانت المرأة الحرة١ تخرج فيحسبون أنها أمة، فيتعرضون لها ويؤذونها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنات أن يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن من الإماء أنهن حرائر فلا يؤذين٢. عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن صفية بنت نسيبة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : لما نزلت هذه الآية ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها.
١ كلمة (الحرة) من (ق)..
٢ أخرجه سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم مع اختلاف في اللفظ انظر الروايات في الدر ج ٥ ص ٢٢١..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن ناسا من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم فنزلت :﴿ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ﴾ يقول : لنحرشنك بهم.
معمر وأخبرني عن ابن طاوس عن أبيه قال : نزلت في بعض أمور النساء يعني ﴿ والذين في قلوبهم مرض ﴾. عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال : قلت لعكرمة أرأيت قول الله ﴿ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : الزناة. عبد الرزاق قال : أنا أبو يزيد سلم١ بن عبيد الله الصنعاني عن إسماعيل ابن شروس عن عكرمة في قوله :﴿ والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : الزناة.
١ في (م) سالم بن عبد الله. وفي الجرح والتعديل للرازي: سلم بن عبد الله أبو يزيد الصنعاني انظر ج ٤ ص ٢٨٦..
عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله :﴿ لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ﴾ قالا : إن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة فلا يستترون، وكان موسى رجلا حييا لا يفعل ذلك، فكانوا يقولون : ما يمنع موسى أن يسعى معنا إلا أنه آدر، فاغتسل يوما ووضع ثوبه على حجر فسعى الحجر بثوبه، فأتبعه موسى خلفه ويقول : ثوبي يا حجر ؟ ثوبي يا حجر ؟ حتى مر على بني إسرائيل فنظروا إليه، فرأوه بريئا مما كانوا يقولون فأدرك الحجر فأخذ ثوبه. عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوءة بعض وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا : ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا آدر، فذهب يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه قال : فجمح١ موسى في أثره يقول : ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوءة موسى، فقالوا : والله ما بموسى بأس، قال : فقام الحجر بعدما نظروا إليه فأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضربا " قال أبو هريرة إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة أثر ضربه بالحجر٢.
١ في (م) فخرج..
٢ رواه البخاري في الغسل ج ١ ص ٧٣.
ومسلم في الفضائل ج ٧ ص ٩٩.
والترمذي في التفسير ج ٥ ص ٣٨..

عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله :﴿ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ﴾ إلى آخر السورة قالا : هي فرائض الله التي عرضها١ على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها.
عبد الرزاق عن الثوري عن غير واحد عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى :﴿ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ﴾ قال : هي الفرائض. قال : وقوله :﴿ فأبين أن يحملنها ﴾ قال : فلم تستطعها، قال : فقيل لآدم : هل أنت آخذها بما فيها ؟ قال : وما فيها ؟ قال : إن أحسنت أجرت وإن أسأت عوقبت٢، قال : فحملها.
عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الأمانة ثلاث الصلاة والصيام والغسل من الجنابة " ٣.
عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن مسلم أبي الضحى عن مسروق عن أبي بن كعب قال : من الأمانة أن المرأة أؤتمنت على فرجها. عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال : أخبرني وهب الديناري قال : في الزبور مكتوب أن الله يقول : من اغتسل من الجنابة فإنه٤ عبدي حقا ومن لم يغتسل من الجنابة فإنه عدوي حقا.
١ في (م) التي عرض..
٢ في (م) جوزيت..
٣ أخرجه عبد بن حميد. انظر الدر ج ٥ ص ٢٢٥..
٤ في (م) فهو..
سورة الأحزاب
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الأحزاب) من السُّوَر المدنيَّة، وقد تعرَّضتْ لذِكْرِ كثيرٍ من الأحداث والأحكام؛ على رأسِ تلك الأحداثِ قصةُ غزوة (الأحزاب)، وما تعلق بها مِن عِبَرٍ وعِظات؛ كحُسْنِ الظن بالله، والاعتماد عليه، مشيرةً إلى غَدْرِ اليهود، وأخلاقهم الشائنة، كما اشتملت السورةُ على ذكرِ آية الحِجاب، وذكرِ آداب الاستئذان، والدخول على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وخُتِمت السورةُ بكثيرٍ من التوجيهات والعِظات للمؤمنين.

ترتيبها المصحفي
33
نوعها
مدنية
ألفاظها
1303
ترتيب نزولها
90
العد المدني الأول
73
العد المدني الأخير
73
العد البصري
73
العد الكوفي
73
العد الشامي
73

* قوله تعالى: {اْدْعُوهُمْ لِأٓبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اْللَّهِۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمْ فَإِخْوَٰنُكُمْ فِي اْلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمْۚ} [الأحزاب: 5]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: «أنَّ أبا حُذَيفةَ بنَ عُتْبةَ بنِ ربيعةَ بنِ عبدِ شمسٍ - وكان ممَّن شَهِدَ بَدْرًا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم - تَبنَّى سالمًا، وأنكَحَه بنتَ أخيه هندَ بنتَ الوليدِ بنِ عُتْبةَ بنِ ربيعةَ، وهو مولًى لامرأةٍ مِن الأنصارِ؛ كما تَبنَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم زيدًا، وكان مَن تَبنَّى رجُلًا في الجاهليَّةِ، دعَاه الناسُ إليه، ووَرِثَ مِن ميراثِه، حتى أنزَلَ اللهُ: {اْدْعُوهُمْ لِأٓبَآئِهِمْ} إلى قولِه: {وَمَوَٰلِيكُمْۚ} [الأحزاب: 5]؛ فرُدُّوا إلى آبائِهم؛ فمَن لم يُعلَمْ له أبٌ، كان مولًى وأخًا في الدِّينِ، فجاءت سَهْلةُ بنتُ سُهَيلِ بنِ عمرٍو القُرَشيِّ ثم العامريِّ - وهي امرأةُ أبي حُذَيفةَ بنِ عُتْبةَ - النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كنَّا نرى سالمًا ولدًا، وقد أنزَلَ اللهُ فيه ما قد عَلِمْتَ...» فذكَر الحديثَ. أخرجه البخاري (5088).

* قوله تعالى: {مِّنَ اْلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ اْللَّهَ عَلَيْهِۖ} [الأحزاب: 23]:

عن حُمَيدٍ الطَّويلِ، عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «غابَ عَمِّي أنسُ بنُ النَّضْرِ عن قتالِ بَدْرٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، غِبْتُ عن أوَّلِ قتالٍ قاتَلْتَ المشرِكين، لَئِنِ اللهُ أشهَدَني قتالَ المشرِكين لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أصنَعُ، فلمَّا كان يومُ أُحُدٍ، وانكشَفَ المسلمون، قال: اللهمَّ إنِّي أعتذِرُ إليك ممَّا صنَعَ هؤلاء - يعني أصحابَه -، وأبرَأُ إليك ممَّا صنَعَ هؤلاء - يعني المشرِكين -، ثم تقدَّمَ، فاستقبَلَه سعدُ بنُ مُعاذٍ، فقال: يا سعدُ بنَ مُعاذٍ، الجَنَّةَ ورَبِّ النَّضْرِ! إنِّي أجدُ رِيحَها مِن دُونِ أُحُدٍ، قال سعدٌ: فما استطَعْتُ يا رسولَ اللهِ ما صنَعَ». قال أنسٌ: «فوجَدْنا به بِضْعًا وثمانينَ ضَرْبةً بالسَّيفِ، أو طَعْنةً برُمْحٍ، أو رَمْيةً بسَهْمٍ، ووجَدْناه قد قُتِلَ، وقد مثَّلَ به المشرِكون، فما عرَفَه أحدٌ إلا أختُه ببنانِه». قال أنسٌ: كنَّا نُرى أو نظُنُّ أنَّ هذه الآيةَ نزَلتْ فيه وفي أشباهِه: {مِّنَ اْلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ اْللَّهَ عَلَيْهِۖ} [الأحزاب: 23] إلى آخرِ الآيةِ». وقال: «إنَّ أختَه - وهي تُسمَّى الرُّبَيِّعَ - كسَرتْ ثَنِيَّةَ امرأةٍ، فأمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالقِصاصِ، فقال أنسٌ: يا رسولَ اللهِ، والذي بعَثَك بالحقِّ، لا تُكسَرُ ثَنِيَّتُها، فرَضُوا بالأَرْشِ، وترَكوا القِصاصَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِن عبادِ اللهِ مَن لو أقسَمَ على اللهِ لَأبَرَّه»». أخرجه البخاري (٢٨٠٥).

* قوله تعالى: {وَكَفَى اْللَّهُ اْلْمُؤْمِنِينَ اْلْقِتَالَۚ} [الأحزاب: 25]:

عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه، قال: «شغَلَنا المشرِكون يومَ الخَنْدقِ عن صلاةِ الظُّهْرِ حتى غرَبتِ الشَّمْسُ، وذلك قبل أن يَنزِلَ في القتالِ ما نزَلَ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَكَفَى اْللَّهُ اْلْمُؤْمِنِينَ اْلْقِتَالَۚ} [الأحزاب: 25]، فأمَرَ بِلالًا فأذَّنَ وأقامَ فصلَّى الظُّهْرَ، ثمَّ أمَرَه فأقامَ فصلَّى العصرَ، ثمَّ أمَرَه فأقامَ فصلَّى المغربَ، ثمَّ أمَرَه فأقامَ فصلَّى العِشاءَ». أخرجه النسائي (٦٦١).

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اْلْحَيَوٰةَ اْلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٢٨ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اْللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَاْلدَّارَ اْلْأٓخِرَةَ فَإِنَّ اْللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمٗا} [الأحزاب: 28-29]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لم أزَلْ حريصًا على أن أسألَ عُمَرَ رضي الله عنه عن المرأتَينِ مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَينِ قال اللهُ لهما: {إِن ‌تَتُوبَآ إِلَى اْللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَاۖ} [التحريم: 4]، فحجَجْتُ معه، فعدَلَ وعدَلْتُ معه بالإداوةِ، فتبرَّزَ حتى جاءَ، فسكَبْتُ على يدَيهِ مِن الإداوةِ فتوضَّأَ، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، مَن المرأتانِ مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتانِ قال اللهُ عز وجل لهما: {إِن ‌تَتُوبَآ إِلَى اْللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَاۖ} [التحريم: 4]؟ فقال: واعجبي لك يا بنَ عبَّاسٍ! عائشةُ وحَفْصةُ، ثمَّ استقبَلَ عُمَرُ الحديثَ يسُوقُه، فقال:

إنِّي كنتُ وجارٌ لي مِن الأنصارِ في بني أُمَيَّةَ بنِ زيدٍ، وهي مِن عوالي المدينةِ، وكنَّا نتناوَبُ النُّزولَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيَنزِلُ يومًا وأنزِلُ يومًا، فإذا نزَلْتُ جِئْتُه مِن خَبَرِ ذلك اليومِ مِن الأمرِ وغيرِه، وإذا نزَلَ فعَلَ مِثْلَه، وكنَّا مَعشَرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فلمَّا قَدِمْنا على الأنصارِ إذا هم قومٌ تَغلِبُهم نساؤُهم، فطَفِقَ نساؤُنا يأخُذْنَ مِن أدبِ نساءِ الأنصارِ، فصِحْتُ على امرأتي، فراجَعتْني، فأنكَرْتُ أن تُراجِعَني، فقالت: ولِمَ تُنكِرُ أن أُراجِعَك؟! فواللهِ، إنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُراجِعْنُه، وإنَّ إحداهنَّ لَتهجُرُه اليومَ حتى اللَّيلِ، فأفزَعَني، فقلتُ: خابَتْ مَن فعَلَ منهنَّ بعظيمٍ، ثم جمَعْتُ عليَّ ثيابي، فدخَلْتُ على حَفْصةَ، فقلتُ: أيْ حَفْصةُ، أتُغاضِبُ إحداكنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اليومَ حتى اللَّيلِ؟ فقالت: نَعم، فقلت: خابَتْ وخَسِرتْ! أفتأمَنُ أن يَغضَبَ اللهُ لغضَبِ رسولِه صلى الله عليه وسلم فتَهلِكِينَ؟! لا تَستكثري على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولا تُراجِعيه في شيءٍ، ولا تهجُريه، واسأليني ما بدا لكِ، ولا يغُرَّنَّكِ أن كانت جارتُك هي أوضأَ منك، وأحَبَّ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم - يريدُ عائشةَ -.

وكنَّا تحدَّثْنا أنَّ غسَّانَ تُنعِلُ النِّعالَ لغَزْوِنا، فنزَلَ صاحبي يومَ نَوْبتِه، فرجَعَ عِشاءً، فضرَبَ بابي ضربًا شديدًا، وقال: أنائمٌ هو؟! ففَزِعْتُ، فخرَجْتُ إليه، وقال: حدَثَ أمرٌ عظيمٌ، قلتُ: ما هو؟ أجاءت غسَّانُ؟ قال: لا، بل أعظَمُ منه وأطوَلُ، طلَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نساءَه، قال: قد خابَتْ حَفْصةُ وخَسِرتْ، كنتُ أظُنُّ أنَّ هذا يُوشِكُ أن يكونَ، فجمَعْتُ عليَّ ثيابي، فصلَّيْتُ صلاةَ الفجرِ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدخَلَ مَشرُبةً له، فاعتزَلَ فيها، فدخَلْتُ على حَفْصةَ فإذا هي تَبكِي، قلتُ: ما يُبكِيكِ؟ أوَلَمْ أكُنْ حذَّرْتُكِ؟! أطلَّقَكنَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! قالت: لا أدري! هو ذا في المَشرُبةِ، فخرَجْتُ، فجِئْتُ المِنبَرَ، فإذا حَوْلَه رَهْطٌ يَبكِي بعضُهم، فجلَسْتُ معهم قليلًا، ثم غلَبَني ما أجدُ، فجِئْتُ المَشرُبةَ التي هو فيها، فقلتُ لغلامٍ له أسوَدَ: استأذِنْ لِعُمَرَ، فدخَلَ، فكلَّمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم خرَجَ، فقال: ذكَرْتُك له فصمَتَ، فانصرَفْتُ حتى جلَسْتُ مع الرَّهْطِ الذين عند المِنبَرِ، ثمَّ غلَبَني ما أجدُ، فجِئْتُ، فذكَرَ مِثْلَه، فجلَسْتُ مع الرَّهْطِ الذين عند المِنبَرِ، ثمَّ غلَبَني ما أجدُ، فجِئْتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذِنْ لِعُمَرَ، فذكَرَ مِثْلَه، فلمَّا ولَّيْتُ منصرِفًا، فإذا الغلامُ يَدْعوني، قال: أَذِنَ لك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فدخَلْتُ عليه، فإذا هو مضطجِعٌ على رمالِ حصيرٍ ليس بَيْنه وبَيْنه فِراشٌ قد أثَّرَ الرِّمالُ بجَنْبِه، متَّكِئٌ على وسادةٍ مِن أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، فسلَّمْتُ عليه، ثم قلتُ وأنا قائمٌ: طلَّقْتَ نساءَك؟ فرفَعَ بصَرَه إليَّ، فقال: «لا»، ثم قلتُ وأنا قائمٌ أستأنِسُ: يا رسولَ اللهِ، لو رأَيْتَني وكنَّا مَعشَرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فلمَّا قَدِمْنا على قومٍ تَغلِبُهم نساؤُهم، فذكَرَه، فتبسَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم قلتُ: لو رأَيْتَني، ودخَلْتُ على حَفْصةَ، فقلتُ: لا يغُرَّنَّكِ أنْ كانت جارتُكِ هي أوضأَ منكِ وأحَبَّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم - يريدُ عائشةَ -، فتبسَّمَ أخرى، فجلَسْتُ حينَ رأَيْتُه تبسَّمَ، ثم رفَعْتُ بصَري في بيتِه، فواللهِ ما رأَيْتُ فيه شيئًا يرُدُّ البصَرَ غيرَ أَهَبَةٍ ثلاثةٍ، فقلتُ: ادعُ اللهَ فَلْيُوسِّعْ على أُمَّتِك؛ فإنَّ فارسَ والرُّومَ وُسِّعَ عليهم، وأُعطُوا الدُّنيا وهم لا يعبُدون اللهَ، وكان متَّكِئًا، فقال: «أوَفِي شكٍّ أنتَ يا بنَ الخطَّابِ؟! أولئك قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الحياةِ الدنيا»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، استغفِرْ لي، فاعتزَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن أجلِ ذلك الحديثِ حينَ أفشَتْهُ حَفْصةُ إلى عائشةَ، وكان قد قال: «ما أنا بداخلٍ عليهنَّ شهرًا»؛ مِن شِدَّةِ مَوْجِدتِه عليهنَّ حينَ عاتَبَه اللهُ، فلمَّا مضَتْ تِسْعٌ وعشرون، دخَلَ على عائشةَ، فبدَأَ بها، فقالت له عائشةُ: إنَّك أقسَمْتَ ألَّا تدخُلَ علينا شهرًا، وإنَّا أصبَحْنا لِتِسْعٍ وعِشْرينَ ليلةً أعُدُّها عدًّا؟! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرون»، وكان ذلك الشَّهْرُ تِسْعًا وعِشْرينَ، قالت عائشةُ: فأُنزِلتْ آيةُ التَّخييرِ، فبدَأَ بي أوَّلَ امرأةٍ، فقال: «إنِّي ذاكرٌ لكِ أمرًا، ولا عليكِ ألَّا تَعجَلي حتى تَستأمري أبوَيكِ»، قالت: قد أعلَمُ أنَّ أبوَيَّ لم يكُونا يأمُرانِي بفِراقك، ثم قال: «إنَّ اللهَ قال: {يَٰٓأَيُّهَا اْلنَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَٰجِكَ} [الأحزاب: 28] إلى قولِه: {عَظِيمٗا} [الأحزاب: 29]»، قلتُ: أفي هذا أستأمِرُ أبوَيَّ؟! فإنِّي أريدُ اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرةَ، ثم خيَّرَ نساءَه، فقُلْنَ مِثْلَ ما قالت عائشةُ». أخرجه البخاري (٢٤٦٨).

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلْمُسْلِمِينَ وَاْلْمُسْلِمَٰتِ وَاْلْمُؤْمِنِينَ وَاْلْمُؤْمِنَٰتِ وَاْلْقَٰنِتِينَ وَاْلْقَٰنِتَٰتِ وَاْلصَّٰدِقِينَ وَاْلصَّٰدِقَٰتِ وَاْلصَّٰبِرِينَ وَاْلصَّٰبِرَٰتِ وَاْلْخَٰشِعِينَ وَاْلْخَٰشِعَٰتِ وَاْلْمُتَصَدِّقِينَ وَاْلْمُتَصَدِّقَٰتِ وَاْلصَّٰٓئِمِينَ وَاْلصَّٰٓئِمَٰتِ وَاْلْحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَاْلْحَٰفِظَٰتِ وَاْلذَّٰكِرِينَ اْللَّهَ كَثِيرٗا وَاْلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ اْللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةٗ وَأَجْرًا عَظِيمٗا} [الأحزاب: 35]:

عن أُمِّ عطيَّةَ نُسَيبةَ بنتِ كعبٍ رضي الله عنها: أنَّها أتت النبيَّ ﷺ، فقالت: «ما أرى كلَّ شيءٍ إلا للرِّجالِ، وما أرى النِّساءَ يُذكَرْنَ بشيءٍ»؛ فنزَلتْ هذه الآيةُ: {إِنَّ اْلْمُسْلِمِينَ وَاْلْمُسْلِمَٰتِ وَاْلْمُؤْمِنِينَ وَاْلْمُؤْمِنَٰتِ} [الأحزاب: 35] الآيةَ. أخرجه الترمذي (٣٢١١).

* قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «جاء زيدُ بنُ حارثةَ يشكو زَيْنَبَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أمسِكْ عليك أهلَك»؛ فنزَلتْ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]». أخرجه ابن حبان (٧٠٤٥).

* قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٞ مِّنْهَا وَطَرٗا زَوَّجْنَٰكَهَا} [الأحزاب: 37]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتْ هذه الآيةُ في زَيْنَبَ بنتِ جحشٍ {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٞ مِّنْهَا وَطَرٗا زَوَّجْنَٰكَهَا} [الأحزاب: 37]، قال: فكانت تَفخَرُ على أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ تقولُ: زوَّجَكنَّ أهلُكنَّ، وزوَّجَني اللهُ مِن فوقِ سَبْعِ سمواتٍ». أخرجه الترمذي (3213).

* قوله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـْٔوِيٓ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ اْبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَۚ} [الأحزاب: 51]:

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كنتُ أغارُ على اللاتي وهَبْنَ أنفُسَهنَّ لرسولِ اللهِ ﷺ، وأقولُ: تَهَبُ المرأةُ نفسَها؟ فلمَّا أنزَلَ اللهُ: {تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُـْٔوِيٓ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُۖ وَمَنِ اْبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَۚ} [الأحزاب: 51]، قالت: قلتُ: واللهِ، ما أرى رَبَّك إلا يُسارِعُ في هواك». أخرجه البخاري (٤٧٨٨).

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ اْلنَّبِيِّ إِلَّآ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَٰظِرِينَ إِنَىٰهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَاْدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَاْنتَشِرُواْ وَلَا مُسْتَـْٔنِسِينَ لِحَدِيثٍۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي اْلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِۦ مِنكُمْۖ وَاْللَّهُ لَا يَسْتَحْيِۦ مِنَ اْلْحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسْـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اْللَّهِ وَلَآ أَن تَنكِحُوٓاْ أَزْوَٰجَهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦٓ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اْللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53]:

عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا تزوَّجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بنتَ جَحْشٍ، دعَا القومَ، فطَعِموا ثمَّ جلَسوا يَتحدَّثون، وإذا هو كأنَّه يَتهيَّأُ للقيامِ، فلَمْ يقُوموا، فلمَّا رأى ذلك قامَ، فلمَّا قامَ قامَ مَن قامَ، وقعَدَ ثلاثةُ نفَرٍ، فجاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِيدخُلَ فإذا القومُ جلوسٌ، ثمَّ إنَّهم قاموا، فانطلَقْتُ فجِئْتُ فأخبَرْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّهم قد انطلَقوا، فجاءَ حتى دخَلَ، فذهَبْتُ أدخُلُ، فألقى الحِجابَ بَيْني وبَيْنه؛ فأنزَلَ اللهُ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ اْلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الآيةَ». أخرجه البخاري (٤٧٩١).

* سورةُ (الأحزاب):

سُمِّيت سورةُ (الأحزاب) بذلك؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ أحزابِ المشركين مِن قُرَيشٍ وغطَفانَ وبعضِ العرب، الذين تَحزَّبوا واجتمعوا لغَزْوِ المسلمين بالمدينة، فردَّ اللهُ كيدهم في غزوة (الأحزاب) المعروفة.

اشتمَلتْ سورةُ (الأحزاب) على الموضوعات الآتية:

1. أمرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بتقوى الله، والتوكل عليه (١-٣).

2. تصحيح مفاهيمَ اجتماعية خاطئة (٤-٥).

3. وَلاية النبيِّ صلى الله عليه وسلم العامة، وأخذُ اللهِ الميثاقَ من النبيِّين عليهم السلام (٦-٨).

4. قصة غزوة (الأحزاب) (٩-٢٠).

5. الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأُسوة الحسنة، وأصحابه نجومٌ يُهتدى بها (٢١-٢٤).

6. نتيجة المعركة، وغدر اليهود (٢٥-٢٧).

7. النبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلم (٢٨-٥٩) .

8. مع زوجاته رضوان الله عليهم (٢٨-٣٤) .

9. المساواة بين الرجال والنساء في التكليف والجزاء (٣٥).

10. قصته صلى الله عليه وسلم مع زينبَ رضي الله عنها (٣٦-٣٩).

11. خاتمُ النبيِّين وبعض صفاته (٤٠-٤٨) .

12. خصائصه في أحكام الزواج (٤٩-٥٢).

13. آداب دخول بيته، والأمر بالحِجاب (٥٣-٥٥).

14. مكانتُه، وحرمة إيذائه (٥٦- ٥٨).

15. حِجاب زوجاته والمرأة المسلمة (٥٩).

16. جزاء المنافقين والكفار (٦٠-٦٨).

17. توجيهاتٌ وعِظات للمؤمنين (٦٩-٧١).

18. عظمة تكليف الإنسان، وحملُه الأمانة (٧٢-٧٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /68).

حثَّتْ سورةُ (الأحزاب) على حُسْنِ الظنِّ بالله، والتوكُّلِ عليه؛ فالله هو صاحبُ الحِكْمة والقوَّة والقُدْرة، وهو المتصرِّفُ في الكون، يَعلَم ما يصلحُ للخلائق، ويُدبِّر لهم أحسَنَ تدبير؛ فيُعلِي شأنَ من يشاء، ويَخفِض شأنَ من يشاء.

وتسميتُها بـ(الأحزاب) أوضحُ دليلٍ على ذلك؛ بتأمُّل القصة التي أشارت إليها، ودلَّتْ عليها.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /370).