تفسير سورة ق

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة ق من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ﴾ ( ٨ )
١٠٢٣- قد شرط الله عز وجل الإنابة في الفهم والتذكير فقال تعالى :﴿ تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ﴾. ( الإحياء : ١/٣٣٥ )
﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ﴾( ١٩ )
١٠٢٤- قيل في معنى قوله تعالى :﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ﴾ أي بالسابقة يعني أظهرتها. ( نفسه : ١/١٤٨ )
﴿ فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ﴾( ٢٢ )
١٠٢٥- الحياة الدنيا نوم بالإضافة إلى الآخرة، فإذا مات ظهرت له الأشياء على ما يشاهده الآن، ويقال له عند ذلك :﴿ فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ﴾. ( المنقذ من الضلال : ٣٣٣ )
١٠٢٦- بعد الموت وعند ذلك ينكشف الغطاء وتنجلي الأسرار ويصادف كل أحد ما قدمه من خير أو شر محضرا، ويشاهد كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وعندها يقال له : فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } إنما الغطاء : الخيال والوهم. ( مشكاة الأنوار ضمن المجموعة رقم ٤ ص : ١١ )
١٠٢٧- أراد به الملك الموكل به. ( الإحياء : ١/٣٤٥ )
﴿ قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ﴾( ٢٧ )
١٠٢٨- أراد به الشيطان. ( نفسه : ١/٣٤٥ )
﴿ من خشي الرحمان بالغيب ﴾( ٣٣ )
١٠٢٩- علق الخشية باسم الرحمان، دون اسم الخيار أو المنتقم والمتكبر ونحوه، لتكون الخشية مع ذكر الرحمة، فلا تكون الخشية تطير قلبك بمرة، فيكون تخويفا في تأمين، وتحركا في تسكين، كما تقول : أما تخشى الوالدة الرحيمة ؟ أما تخاف الوالد الشفيق ؟ أما تحذر الأمير الكريم ؟ والمراد من ذلك أن يكون الطريق عدلا فلا تذهب إلى أمن أو قنوط. ( منهاج العابدين : ٢٥٧ )
﴿ ولدينا مزيد ﴾( ٣٥ )
١٠٣٠- قال بعض المفسرين : يأتي أهل الجنة في وقت المزيد ثلاث تحف من عند رب العالمين :
إحداهما : هدية من عند الله تعالى ليس عندهم في الجنان مثلها فذلك قوله تعالى :﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ﴾١.
والثانية : السلام عليهم من ربهم، فيزيد ذلك على الهدية فضلا، وهو قوله تعالى :﴿ سلام قولا من رب رحيم ﴾٢.
والثالثة : يقول الله تعالى : إني عنكم راض، فيكون ذلك أفضل من الهدية والتسليم فذلك قوله تعالى :﴿ ورضوان من الله أكبر ﴾٣ أي من النعيم الذي هم فيه. ( الإحياء : ١/٣٦٣ )
١ - السجدة: ١٧..
٢ - يس: ٥٨..
٣ - التوبة: ٧٣..
﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو اتقى وألقى السمع وهو شهيد ﴾( ٣٧ )
١٠٣١- ومعنى كونه ذا قلب : أن يكون قابلا للعلم فهما، ثم لا تعينه القدرة على الفهم حتى يلقي السمع وهو شهيد، حاضر القلب، ليستقبل كل ما ألقي إليه بحسن الإصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول المنة. ( نفسه : ١/٦٤ )
١٠٣٢- أن يكون مشتغلا بالعلم هو المراد بمن له قلب، أو كان فيه من العقل ما يحمله على إلقاء السمع وحسن الإصغاء والضراعة. ( ميزان العمل : ٣٤٤-٣٤٥ )
١٠٣٣- ﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ﴾ فجعل من لم يتذكر بالقرآن مفلسا من القلب، ولست أعني بالقلب هذا الذي تكتنفه عظام الصدر، بل أعني به السر الذي هو من عالم الأمر، واللحم الذي هو من عالم الخلق عرشه والصدر كرسيه، وسائر الأعضاء عالمه ومملكته، ولله الخلق والأمر جميعا، ولكن ذلك السر الذي قال الله تعالى فيه :﴿ قل الروح من أمر ربي ﴾١ هو الأمير والملك، لأن بين عالم الأمر وعالم الخلق ترتيبا، وعالم الأمر أمير على عالم الخلق، وهو اللطيفة التي إذا صلحت صلح سائر الجسد. ( الإحياء : ٤/٢٧ )
١ - الإسراء: ٣٥..
سورة ق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُرسَلات)، وقد افتُتحت بالتنويه بهذا الكتابِ، وتذكيرِ الكفار بأصل خِلْقتهم، وقدرة الله عز وجل على الإحياء من عدمٍ؛ وذلك دليلٌ صريح على قُدْرته على بعثِهم وحسابهم بعد أن أوجَدهم، وفي ذلك دعوةٌ لهم إلى الإيمان بعد أن بيَّن اللهُ لهم مصيرَ من آمن ومصيرَ من كفر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاةِ الفجر.

ترتيبها المصحفي
50
نوعها
مكية
ألفاظها
373
ترتيب نزولها
34
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
45

* سورةُ (ق):

سُمِّيت سورةُ (ق) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحها بهذا الحرفِ.

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (ق) في صلاةِ الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «إنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الفجرِ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، وكان صلاتُه بعدُ تخفيفًا». أخرجه مسلم (٤٥٨).

* وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (ق) في عيدَيِ الفطرِ والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (٢٨٢٠).

1. إنكار المشركين للبعث (١-٥).

2. التأمُّل في الآيات (٦-١٥).

3. التأمل في الأنفس خَلْقًا ومآلًا (١٦-٣٨).

4. توجيهات للرسول، وتهديد للمشركين (٣٩-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /402).

مقصودُ السورة الدَّلالة على قدرة الله عز وجل أن يَبعَثَ الناسَ بعد موتهم، وأكبَرُ دليلٍ على ذلك خَلْقُهم من عدمٍ، وهو أصعب من بعثِهم من موجود، وفي ذلك يقول البِقاعيُّ رحمه الله: «مقصودها: الدلالةُ على إحاطة القدرة، التي هي نتيجة ما خُتمت به الحُجُرات من إحاطةِ العلم؛ لبيانِ أنه لا بد من البعث ليوم الوعيد؛ لتنكشفَ هذه الإحاطةُ بما يحصل من الفصل بين العباد بالعدل؛ لأن ذلك سِرُّ المُلك، الذي هو سرُّ الوجود.

والذي تكفَّلَ بالدلالة على هذا كلِّه: ما شُوهِد من إحاطة مجدِ القرآن بإعجازه في بلوغه - في كلٍّ من جمعِ المعاني وعلوِّ التراكيب، وجلالة المفرَدات وجزالةِ المقاصد، وتلاؤم الحروف وتناسُبِ النظم، ورشاقة الجمع وحلاوة التفصيل - إلى حدٍّ لا تُطيقه القُوَى من إحاطةِ أوصاف الرسل، الذي اختاره سبحانه لإبلاغِ هذا الكتاب، في الخَلْقِ والخُلُق، وما شُوهِد من إحاطة القدرة بما هدى إليه القرآنُ من آيات الإيجاد والإعدام». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (3 /15).