تفسير سورة يونس

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة يونس من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿قَدَمَ صِدْقٍ﴾ أي: أَجْرًا حَسَنًا بما قدموه من الأعمالِ الصالحةِ، قال أبو عبيدةَ: كُلّ سابقٍ في خيرٍ أو شَرٍّ فهو عند العرب قَدَمٌ، يقال: لفلانٍ قَدَمٌ في الإسلام: أي: سَابِقَةٌ، والسببُ في إطلاق لفظِ الْقَدَمِ عَلَى هذا المعنى أن السعيَ والسبقَ لا يَحْصُلُ إلا بِالْقَدَمِ، فَسُمِّيَ المسببُ باسم السببِ، كما سُمِّيَتِ النعمةُ يدًا لأنها تُعْطَى بِالْيَدِ.
﴿حَصِيدًا﴾ مَحْصُودَةٌ مَقْطُوعَةٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، والمرادُ هَلَاكُهَا وَذَهَابُ زَرْعِهَا وَثِمَارِهَا.
﴿كَأَن لَّمْ تَغْنَ﴾ كأن لم تكن عَامِرَةً آنِفًا بالزرعِ والنباتِ والأشجارِ.
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى﴾ وهي الجنةُ الكاملةُ في حُسْنِهَا.
﴿وَزِيَادَةٌ﴾ وهي النظرُ إلى وَجْهِ اللهِ الكريمِ، وَسَمَاعُ كَلَامِهِ، والفوزُ بِرضَاهُ، والبهجةُ بِقُرْبِهِ، فبهذا حَصَّلَ لهم أَعْلَى ما يَتَمَنَّاهُ المُتَمَنُّونَ، ويسأله السائلون.
﴿وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ﴾ أي: يَعْلُوهَا غُبَارٌ، يقال: ما علا من الغبارِ في الهواء يُسَمَّى قَتَرًا، وما دَنَا من الأرض يُسَمَّى غَبْرَةً، تقول: رَهِقَهُ بِالْكَسْرِ يَرْهَقُهُ رَهَقًا أي: غَشِيَهُ.
﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ يَغْشَاهُمْ خِزْيٌ وَذُلٌّ وَهَوَانٌ.
﴿فَزَيَّلْنَا﴾ فَرقْنَا بَيْنَ الْعَابِدِينَ وَالمَعْبُودِينَ، وَقَطَعْنَا ما كان بينهم من التواصلِ في الدنيا، يقال: زَيَّلْتُهُ فَتَزَيَّلَ، أي: فَرَّقْتُهُ فَتَفَرَّقَ، والمزايلةُ: المفارقةُ.
﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾ الإسرارُ يكون بمعنى الإخفاءِ وبمعنى الإظهارِ فهو من الأَضْدَادِ، وَالنَّدَامَةُ: الحسرةُ لوقوعِ شيءٍ، أو فواتِ شيءٍ، وَأَصْلُهَا اللّزُومُ، ومنه النديمُ؛ لأنه يُلَازِمُ المُجَالِسَ له، والمعنى أنهم أظهروا الحسرةَ والندمَ لمَّا عَايَنُوا العذابَ وَأَبْصَرُوهُ يومَ القيامةِ.
﴿تُفِيضُونَ﴾ حِينَ تَدْخُلُونَ وتأخذونَ في ذلك العَمَلِ، والإفاضةُ: الدخولُ في العملِ عَلَى جِهَةِ الانتصابِ له والاندفاعِ فيه.
﴿يَعْزُبُ﴾ يَغِيبُ.
﴿غُمَّةً﴾ خَفِيًّا مَسْتُورًا، بَلْ أَظْهَرُوهُ، وَجَاهَرُونِي بِهِ.
﴿لِتَلْفِتَنَا﴾ لِتَصْرِفَنَا.
﴿أَن تَبَوَّآ﴾ أي: اتّخِذَا لِقَوْمِكُمَا بمصرَ بُيُوتًا للصلاة تكون مساجدَ تُصَلّونَ فيها سِرًّا من فرعونَ وَمَلَئِهِ، يقال: تَبَوَّأَ فلانٌ لِنَفْسِهِ بَيْتًا: إذا اتَّخَذَهُ مَبَاءَةً أي: وَطَنًا وَمَنْزِلًا.
﴿قِبْلَةً﴾ أي: اجْعَلُوا مَسَاجِدَكُمْ إلى الْقِبْلَةِ، وَقِبْلَةُ اليهودِ هي بيتُ المقدسِ، سُمِّيَتْ قِبْلَةً لأنّ المُصَلِّيَ يَجْعَلُ وَجْهَهُ مُقَابِلًا لها.
﴿الرِّجْسَ﴾ العذابَ.
100
سُورة هُود
سورة يونس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يونُسَ) من السُّوَر المكية، وقد بُدِئت بالتنويه بالقرآن وعظَمتِه، وأصَّلتْ لكثير من مسائلِ التوحيد والاعتقاد، ودعَتْ إلى الالتجاء إلى الله وحده، وجاءت على ذِكْرِ حالِ الدنيا، وتعامُلِ الناس معها، وفيها ذِكْرُ قِصص بعض الأنبياء عليهم السلام في دعوةِ أقوامهم، وما عانَوْهُ ولاقَوْهُ من المصاعب؛ لتُثبِّتَ المسلمين، وعلى رأسهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، في طريق الدعوة إلى الله عز وجل؛ فإنَّ اللهَ ناصرٌ دِينَه، ومُعْلٍ كتابَه لا محالةَ.

ترتيبها المصحفي
10
نوعها
مكية
ألفاظها
1889
ترتيب نزولها
51
العد المدني الأول
109
العد المدني الأخير
109
العد البصري
109
العد الكوفي
109
العد الشامي
110

سُمِّيتْ سورة (يونُسَ) بذلك؛ لأنها جاءت على ذِكْرِ قوم (يونُسَ) عليه السلام.


احتوَتْ سورة (يونُسَ) على عدة موضوعات؛ وهي:

1. إنكار موقف المشركين من الوحي (١-٢).

2. تفرُّد الله بالخَلق والقدرة، وإثبات البعث والجزاء (٣-٦).

3. جزاء المؤمنين والكفار (٧-١٠).

4. حِلْمُ الله مع المستعجِلين للعذاب، وسُنَّته بإهلاك الظالمين (١١-١٤).

5. مطالبة المشركين بتبديل القرآن (١٥-١٨).

6. اختلاف الناس وحرصُهم على الحياة الفانية (١٩-٢٤).

7. الترغيب في الجزاء الإلهي (٢٥- ٣٠).

8. إثبات التوحيد والبعث بدليل الفطرة (٣١-٣٦).

9. نفيُ التهمة عن القرآن، وانقسام المشركين حوله (٣٧-٤٤).

10. سرعة زوال الدنيا، وعذاب المشركين في الدارين (٤٥-٥٦).

11. خصائص القرآن، وخَصوصية الله بالتشريع (٥٧-٦١).

12. قواعد الجزاء (٦٢-٧٠).

13. نصرُ الله لأوليائه من الأنبياء وأتباعه (٧٠-١٠٠).

14. قصة (نوح) مع قومه (٧٠-٧٤).

15. قصة (موسى) (٧٥-٩٣).

16. صدقُ القرآن وقصة (يونس) (٩٤-١٠٠).

17. الدعوة إلى الدِّين الحق، واتباع الإسلام (١٠١-١٠٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /303).

بدأت السُّورةُ بالإشارة إلى مقصدِها العظيم؛ وهو إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ بدَلالة عَجْزِ المشركين عن معارضة القرآن، دلالة نبَّه عليها بأسلوب تعريضيٍّ دقيق، بُنِيَ على الكناية بتهجية (الحروف المقطَّعة) في أول السورة، ووصفِ الكتاب بأنه من عند الله؛ لِما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه؛ لأنَّ غيرَه لا يَقدِر على شيء منه؛ وذلك دالٌّ - بلا ريب - على أنه واحد في مُلْكِه، لا شريكَ له في شيءٍ من أمره.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /164)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (11 /87).