تفسير سورة ق

المنتخب

تفسير سورة سورة ق من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم المعروف بـالمنتخب.
لمؤلفه مجموعة من المؤلفين .

١ -، ٢ - ق: حرف من حروف الهجاء افتتحت السورة به على طريقة القرآن الكريم فى افتتاح بعض السور ببعض هذه الحروف للتحدى وتنبيه الأذهان، أُقسم بالقرآن ذى الكرامة والمجد والشرف: إنا أرسلناك - يا محمد - لتنذر الناس به، فلم يؤمن أهل مكة، بل عجبوا أن جاءهم رسول من جنسهم يُنذرهم بالبعث، فقال الكافرون: هذا شئ منكر عجيب.
٣ - أبعد أن نموت ونصير تراباً نرجع؟ ذلك البعث بعد الموت رجْع بعيد الوقوع.
٤ - قد علمنا ما تأخذه الأرض من أجسامهم بعد الموت، وعندنا كتاب دقيق الإحصاء والحفظ.
٥ - لم يتدبروا ما جاءهم به الرسول، بل كذَّبوا به من فورهم دون تدبّر وتفكر، فهم فى شأن مضطرب لا يستقرون على حال.
٦ - أغفلوا فلم ينظروا إلى السماء مرفوعة فوقهم بغير عمد؟ كيف أحكمنا بناءها وزيَّناها بالكواكب، وليس فيها أى شقوق تعاب بها؟
٧ - والأرض بسطناها وأرسينا فيها جبالاً ثوابت ضاربة فى أعماقها، وأنبتنا فيها من كل صنف يبتهج به من النبات، يسر الناظرين.
٨ - جعلنا ذلك تبصيرا وتذكيرا لكل عبد راجع إلى ربه، يُفكر فى دلائل قدرته.
٩ - ونزَّلنا من السماء ماء كثير الخير والبركات، فأنبتنا به جنات ذات أشجار وأزهار وثمار، وأخرجنا به حب الزرع الذى يحصد.
١٠ - والنخل ذاهبات إلى السماء طولاً، لها طلع متراكم بعضه فوق بعض لكثرة ما فيه من مادة الثمر.
١١ - أنبتناها رزقاً للعباد، وأحيينا بالماء أرضاً جف نباتها، كذلك خروج الموتى من القبور حين يبعثون.
١٢ -، ١٣، ١٤ - كذبت بالرسل قبل هؤلاء أمم كثيرة: قوم نوح، والقوم المعروفون بأصحاب الرس، وثمود، وعاد، وفرعون، وقوم لوط، والقوم المعروفون بأصحاب الأيكة، وقوم تُبَّع، كل من هؤلاء كذب رسوله فحق عليهم ما وعدتهم به من الهلاك.
١٥ - أعطلت إرادتنا أو عوَّقت قدرتنا فعجزنا عن الخلق الأول فلا نستطيع إعادتهم؟! لم نعجز باعترافهم، بل هم فى ريب وشبهة من خلق جديد بعد الموت.
١٦ - أقسم: لقد خلقنا الإنسان ونعلم ما تحدثه به نفسه، ونحن - بعلمنا بأحواله كلها - أقرب إليه من عرق الوريد، الذى هو أقرب شئ منه.
١٧ - إذ يتلقى الملكان الحافظان أحدهما عن اليمين قعيد والآخر عن الشمال قعيد، لتسجيل أعماله.
١٨ - ما يتكلم به من قول إلا لديه ملك حافظ مهيأ لكتابة قوله.
١٩ - وجاءت غشية الموت بالحق الذى لا مرية فيه. ذلك الأمر الحق ما كنت تهرب منه.
٢٠ - ونفخ فى الصور نفخة البعث، ذلك النفخ يوم وقوع العذاب الذى توعدهم به.
٢١ - وجاءت كل نفس برة أو فاجرة معها من يسوقها إلى المحشر، ومن يشهد بعملها.
٢٢ - ثم يقال - تقريعاً - للمكذب: لقد كنت فى الدنيا فى غفلة تامة من هذا الذى تقاسيه، فأزلنا عنك الحجاب الذى يُغطى عنك أمور الآخرة. فبصرك اليوم نافذ قوى.
٢٣ - وقال شيطانه الذى كان مقيضاً له فى الدنيا: هذا هو الكافر الذى عندى مُهيأ لجهنم بإضلالى.
٢٤ -، ٢٥ - يقال للملكين: ألقيا فى جهنم كل مبالغ فى الكفر، مبالغ فى العناد، وترك الانقياد للحق، مبالغ فى المنع لكل خير، ظالم متجاوز للحق، شاك فى الله تعالى وفيما أنزله.
٢٦ - الذى اتخذ مع الله إلهاً آخر يعبده فألقياه فى العذاب البالغ غاية الشدة.
٢٧ - قال الشيطان رداً لقول الكافر: ربنا ما أطغيته، ولكن كان فى ضلال بعيد عن الحق، فأعنته عليه بإغوائى.
٢٨ - قال تعالى للكافرين وقرنائهم: لا تختصموا عندى فى موقف الحساب والجزاء، وقد قدَّمت إليكم فى الدنيا وعيداً على الكفر فى رسالاتى إليكم، فلم تؤمنوا.
٢٩ - ما يُغَيَّر القول الذى عندى ووعيدى بإدخال الكافرين النار، ولست بظلام للعبيد فلا أعاقب عبداً بغير ذنب.
٣٠ - يوم يقول الحق لجهنم تقريعاً للكافرين: هل امتلأت، وتقول جهنم غضباً عليهم: هل من زيادة أستزيد بها من هؤلاء الظالمين؟.
٣١ - وأدنيت الجنة مزينة للذين اتقوا ربهم - بامتثال أمره واجتناب نهيه - مكاناً غير بعيد منهم.
٣٢ - هذا الثواب الذى توعدون به لكل رجَّاع إلى الله، شديد الحفظ لشريعته.
٣٣ - من خاف عقاب من وسعت رحمته كل شئ - وهو غائب عنه لم يره - وجاء فى الآخرة بقلب راجع إليه تعالى.
٣٤ - يُقال تكريماً للمؤمنين: ادخلوا الجنة آمنين ذلك اليوم الذى دخلتم فيه الجنة هو يوم البقاء الذى لا انتهاء له.
٣٥ - لهؤلاء المتقين كل ما يشاءون فى الجنة، وعندنا مزيد من النعيم مما لا يخطر على قلب بشر.
٣٦ - وكثيراً أهلكنا من قبل هؤلاء المكذبين من أهل القرون الماضية، هم أشد من هؤلاء قوة وتسلّطاً، فطوَّفوا فى البلاد وأمعنوا فى البحث والطلب، هل كان لهم مهرب من الهلاك؟.
٣٧ - إن فيما فعل بالأمم الماضية لعظة لمن كان له قلب يدرك الحقائق، أو أصغى إلى الهداية وهو حاضر بفطنته.
٣٨ - أقسم: لقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما من الخلائق فى ستة أيام، وما أصابنا أى إعياء.
٣٩ -، ٤٠ - إذا تبين ذلك، فاصبر - أيها الرسول - على ما يقول هؤلاء المكذبون من الزور والبهتان فى شأن رسالتك، ونزه خالقك ومربيك عن كل نقص، حامداً له وقت الفجر، ووقت العصر، لعظم العبادة فيهما، ونزهه فى بعض الليل وأعقاب الصلاة.
٤١ -، ٤٢ - واستمع لما أُخبرك به من حديث القيامة لعظم شأنه، يوم يُنادى الملك المنادى من مكان قريب ممن يُناديهم، يوم يسمعون النفخة الثانية بالحق الذى هو البعث. ذلك اليوم هو يوم الخروج من القبور.
٤٣ - إنا نحن - وحدنا - نُحيى الخلائق ونُميتهم فى الدنيا، وإلينا - وحدنا - الرجوع فى الآخرة.
٤٥ - نحن أعلم بكل ما يقولون من الأكاذيب فى شأن رسالتك، وما أنت عليهم بمسلط تجبرهم على ما تريد، وإنما أنت منذر، فذكر بالقرآن المؤمن الذى يخاف عقابى، فتنفعه الذكرى.
سورة ق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُرسَلات)، وقد افتُتحت بالتنويه بهذا الكتابِ، وتذكيرِ الكفار بأصل خِلْقتهم، وقدرة الله عز وجل على الإحياء من عدمٍ؛ وذلك دليلٌ صريح على قُدْرته على بعثِهم وحسابهم بعد أن أوجَدهم، وفي ذلك دعوةٌ لهم إلى الإيمان بعد أن بيَّن اللهُ لهم مصيرَ من آمن ومصيرَ من كفر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاةِ الفجر.

ترتيبها المصحفي
50
نوعها
مكية
ألفاظها
373
ترتيب نزولها
34
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
45

* سورةُ (ق):

سُمِّيت سورةُ (ق) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحها بهذا الحرفِ.

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (ق) في صلاةِ الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «إنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الفجرِ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، وكان صلاتُه بعدُ تخفيفًا». أخرجه مسلم (٤٥٨).

* وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (ق) في عيدَيِ الفطرِ والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (٢٨٢٠).

1. إنكار المشركين للبعث (١-٥).

2. التأمُّل في الآيات (٦-١٥).

3. التأمل في الأنفس خَلْقًا ومآلًا (١٦-٣٨).

4. توجيهات للرسول، وتهديد للمشركين (٣٩-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /402).

مقصودُ السورة الدَّلالة على قدرة الله عز وجل أن يَبعَثَ الناسَ بعد موتهم، وأكبَرُ دليلٍ على ذلك خَلْقُهم من عدمٍ، وهو أصعب من بعثِهم من موجود، وفي ذلك يقول البِقاعيُّ رحمه الله: «مقصودها: الدلالةُ على إحاطة القدرة، التي هي نتيجة ما خُتمت به الحُجُرات من إحاطةِ العلم؛ لبيانِ أنه لا بد من البعث ليوم الوعيد؛ لتنكشفَ هذه الإحاطةُ بما يحصل من الفصل بين العباد بالعدل؛ لأن ذلك سِرُّ المُلك، الذي هو سرُّ الوجود.

والذي تكفَّلَ بالدلالة على هذا كلِّه: ما شُوهِد من إحاطة مجدِ القرآن بإعجازه في بلوغه - في كلٍّ من جمعِ المعاني وعلوِّ التراكيب، وجلالة المفرَدات وجزالةِ المقاصد، وتلاؤم الحروف وتناسُبِ النظم، ورشاقة الجمع وحلاوة التفصيل - إلى حدٍّ لا تُطيقه القُوَى من إحاطةِ أوصاف الرسل، الذي اختاره سبحانه لإبلاغِ هذا الكتاب، في الخَلْقِ والخُلُق، وما شُوهِد من إحاطة القدرة بما هدى إليه القرآنُ من آيات الإيجاد والإعدام». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (3 /15).

٤٤ - يوم تنشق الأرض عنهم فيخرجون منها مسرعين إلى المحشر ذلك الأمر العظيم حشر هَيِّن ويسير علينا - وحدنا -.