تفسير سورة ق

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة ق من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
وهي مكية ١. روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من قرأ سورة ق هون الله تعالى عليه الموت وسكراته " ٢. وفيها موضعان :
١ قال القرطبي: قال ابن عباس وقتادة: إلا آية وهي قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب﴾ راجع الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ١..
٢ الحديث: لم أقف عليه..

– قوله تعالى :﴿ فاصبر على ما يقولون ﴾ :
اختلف في الآية هل هي منسوخة أو محكمة ؟ فقيل هي آية موادعة مختصة بجميع الكفار نسختها آية القتال. وقيل بل هي محكمة نزلت في اليهود وهم أصحاب جزية فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصبر على أذاهم وما يتكلمون به لأنه روي أن اليهود سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء في خلق السموات والأرض فلما أخبرهم قالوا : ثم ماذا يا محمد ؟ قال : " ثم استوى على العرش ". قالوا قد أصبت لو أتممت : ثم استراح.
فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك غضبا شديدا فنزلت الآية :﴿ ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ( ٣٨ ) فاصبر على ما يقولون ﴾ وهذا القول أحسن ١.
-قوله تعالى :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ( ٣٩ ) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ( ٤٠ ) ﴾ :
التسبيح في هذه الآية بمعنى الصلاة. وقوله تعالى :﴿ قبل طلوع الشمس ﴾ اختلف فيها. فقيل يعني الصبح وقيل ركعتي الفجر. واختلف في قوله :﴿ وقبل الغروب ﴾ فقيل هي العصر. قاله قتادة وغيره، وقيل الظهر والعصر قاله ابن عباس، وقيل الركعتان قبل المغرب. وقد اختلف فيهما، فمن الناس من أجازهما ومنهم من لم يجزهما وهو المشهور من المذهب. وقد قال قتادة : ما أدركت أحدا يصلي الركعتين قبل المغرب إلا أنسا وأبا برزة ٢.
١ راجع الإيضاح ص ٣٦١..
٢ أبا برزة: هو نفلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي: أبو برزة. صحابي غلبت عليه كنيته واختلف في اسمه. شهد قتال الأزارقة. توفي سنة ٦٥هـ/ ٦٨٥م. انظر تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٤..
واختلف في قوله ﴿ ومن الليل ﴾، فقيل هي صلاة العشاءين وقيل العشاء فقط قاله ابن زيد : وقيل صلاة الليل، قاله مجاهد.
واختلف في قوله تعالى :﴿ وأدبار السجود ﴾ فقيل هي الركعتان قبل المغرب، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، كأنه روعي أدبار صلاة النهار كما روعي أدبار النجوم في صلاة الليل. فقيل هي الركعتان مع الفجر، وقال هذا عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب والشعبي والأوزاعي وغيرهم. وقيل هي الوتر، قاله ابن عباس فيما ذكره عنه بعضهم، وقيل هي صلاة الليل. وهي النوافل إثر الصلوات، قاله ابن زيد وابن عباس أيضا. وهذا القول أظهر على لفظ الآية. قال المهدوي : وقيل إنه منسوخ بالفرائض. وقال بعض العلماء هو مندوب إليه. وقيل هو التسبيح أدبار الصلوات ١.
١ راجع مختلف هذه الأقوال في أحكام القرآن لابن العربي ٤/ ١٧١٥، ١٧١٦، وفي أحكام القرآن للجصاص ٥/ ٢٩٣، وفي أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/٣٨٧، ٣٨٨..
سورة ق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُرسَلات)، وقد افتُتحت بالتنويه بهذا الكتابِ، وتذكيرِ الكفار بأصل خِلْقتهم، وقدرة الله عز وجل على الإحياء من عدمٍ؛ وذلك دليلٌ صريح على قُدْرته على بعثِهم وحسابهم بعد أن أوجَدهم، وفي ذلك دعوةٌ لهم إلى الإيمان بعد أن بيَّن اللهُ لهم مصيرَ من آمن ومصيرَ من كفر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاةِ الفجر.

ترتيبها المصحفي
50
نوعها
مكية
ألفاظها
373
ترتيب نزولها
34
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
45

* سورةُ (ق):

سُمِّيت سورةُ (ق) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحها بهذا الحرفِ.

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (ق) في صلاةِ الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «إنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الفجرِ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، وكان صلاتُه بعدُ تخفيفًا». أخرجه مسلم (٤٥٨).

* وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (ق) في عيدَيِ الفطرِ والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (٢٨٢٠).

1. إنكار المشركين للبعث (١-٥).

2. التأمُّل في الآيات (٦-١٥).

3. التأمل في الأنفس خَلْقًا ومآلًا (١٦-٣٨).

4. توجيهات للرسول، وتهديد للمشركين (٣٩-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /402).

مقصودُ السورة الدَّلالة على قدرة الله عز وجل أن يَبعَثَ الناسَ بعد موتهم، وأكبَرُ دليلٍ على ذلك خَلْقُهم من عدمٍ، وهو أصعب من بعثِهم من موجود، وفي ذلك يقول البِقاعيُّ رحمه الله: «مقصودها: الدلالةُ على إحاطة القدرة، التي هي نتيجة ما خُتمت به الحُجُرات من إحاطةِ العلم؛ لبيانِ أنه لا بد من البعث ليوم الوعيد؛ لتنكشفَ هذه الإحاطةُ بما يحصل من الفصل بين العباد بالعدل؛ لأن ذلك سِرُّ المُلك، الذي هو سرُّ الوجود.

والذي تكفَّلَ بالدلالة على هذا كلِّه: ما شُوهِد من إحاطة مجدِ القرآن بإعجازه في بلوغه - في كلٍّ من جمعِ المعاني وعلوِّ التراكيب، وجلالة المفرَدات وجزالةِ المقاصد، وتلاؤم الحروف وتناسُبِ النظم، ورشاقة الجمع وحلاوة التفصيل - إلى حدٍّ لا تُطيقه القُوَى من إحاطةِ أوصاف الرسل، الذي اختاره سبحانه لإبلاغِ هذا الكتاب، في الخَلْقِ والخُلُق، وما شُوهِد من إحاطة القدرة بما هدى إليه القرآنُ من آيات الإيجاد والإعدام». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (3 /15).