تفسير سورة ق

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة ق من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ قۤ ﴾: مجراها مجرى سائر حروف الهجاء في أوائل السور. ويقال: ق: جبل من زبرجد أخضر محيط بالأرض.
﴿ مَّرِيجٍ ﴾ أي مختلط.
﴿ فُرُوجٍ ﴾: فتوق وشقوق، ومنه﴿ وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ ﴾[المرسلات: ٩] أي انشقت.
﴿ حَبَّ ٱلْحَصِيدِ ﴾: أراد الحب الحصيد وهو مما أضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين.
﴿ طَلْعٌ نَّضِيدٌ ﴾ أي منضود بعضه إلى جنب بعض.
﴿ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ ﴾ هو الوريد، فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظي اسميه، والوريد: عرقان بين الاوداج وبين اللبتين تزعم العرب أنهما من الوتين، والوتين: عرق مستبطن الصلب أبيض غليظ كأنه قصبة معلق بالقلب يسقى كل عرق في الإنسان، ويقال لمعلق القلب من الوتين، النياط، ويسمى نياطا لتعلقه بالقلب، وسمي الوريد وريدا لأن الروح ترده.
﴿ عَتِيدٌ ﴾: أي حاضر.
﴿ سَكْرَةُ الْمَوْتِ ﴾ أي اختلاط العقل لشدة الموت.
﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ﴾: قيل: الخطاب لمالك وحده، والعرب تأمر الواحد والجمع كما تأمر الإثنين، وذلك أن الرجل أدنى أعوانه في إبله وغنمه اثنان، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة، فجرى كلام الواحد على صاحبيه.
﴿ أُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ ﴾ قربت وأدنيت.
﴿ أَوَّابٍ ﴾: رجاع، أي تواب.
﴿ ٱلُخُلُودِ ﴾: بقاء دائم لا آخر له.
﴿ فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ ﴾ أي طافوا وتباعدوا. ويقال: نقبوا في البلاد: أي ساروا في نقوبها أي طرقها، الواحد نقب. ونقبوا: أي بحثوا وتعرفوا هل من محيص: أي هل يجدون من الموت محيصا: أي معدلا، فلم يجدوا ذلك.
﴿ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه.
﴿ أَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ ﴾: ذكر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر. الأدبار جمع دبر، والأدبار مصدر أدبر إدبارا.
﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ أي بمسلط. انظر ٢٢ من المائدة.
سورة ق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (ق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (المُرسَلات)، وقد افتُتحت بالتنويه بهذا الكتابِ، وتذكيرِ الكفار بأصل خِلْقتهم، وقدرة الله عز وجل على الإحياء من عدمٍ؛ وذلك دليلٌ صريح على قُدْرته على بعثِهم وحسابهم بعد أن أوجَدهم، وفي ذلك دعوةٌ لهم إلى الإيمان بعد أن بيَّن اللهُ لهم مصيرَ من آمن ومصيرَ من كفر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاةِ الفجر.

ترتيبها المصحفي
50
نوعها
مكية
ألفاظها
373
ترتيب نزولها
34
العد المدني الأول
45
العد المدني الأخير
45
العد البصري
45
العد الكوفي
45
العد الشامي
45

* سورةُ (ق):

سُمِّيت سورةُ (ق) بهذا الاسمِ؛ لافتتاحها بهذا الحرفِ.

* كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ سورة (ق) في صلاةِ الفجر:

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه، قال: «إنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقرأُ في الفجرِ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، وكان صلاتُه بعدُ تخفيفًا». أخرجه مسلم (٤٥٨).

* وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (ق) في عيدَيِ الفطرِ والأضحى:

عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ: «أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سألَ أبا واقدٍ اللَّيْثيَّ: ما كان رسولُ اللهِ ﷺ يَقرأُ في الفِطْرِ والأضحى؟ قال: كان النبيُّ ﷺ يَقرأُ بـ {قٓۚ وَاْلْقُرْءَانِ اْلْمَجِيدِ}، و{اْقْتَرَبَتِ اْلسَّاعَةُ وَاْنشَقَّ اْلْقَمَرُ}». أخرجه ابن حبان (٢٨٢٠).

1. إنكار المشركين للبعث (١-٥).

2. التأمُّل في الآيات (٦-١٥).

3. التأمل في الأنفس خَلْقًا ومآلًا (١٦-٣٨).

4. توجيهات للرسول، وتهديد للمشركين (٣٩-٤٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /402).

مقصودُ السورة الدَّلالة على قدرة الله عز وجل أن يَبعَثَ الناسَ بعد موتهم، وأكبَرُ دليلٍ على ذلك خَلْقُهم من عدمٍ، وهو أصعب من بعثِهم من موجود، وفي ذلك يقول البِقاعيُّ رحمه الله: «مقصودها: الدلالةُ على إحاطة القدرة، التي هي نتيجة ما خُتمت به الحُجُرات من إحاطةِ العلم؛ لبيانِ أنه لا بد من البعث ليوم الوعيد؛ لتنكشفَ هذه الإحاطةُ بما يحصل من الفصل بين العباد بالعدل؛ لأن ذلك سِرُّ المُلك، الذي هو سرُّ الوجود.

والذي تكفَّلَ بالدلالة على هذا كلِّه: ما شُوهِد من إحاطة مجدِ القرآن بإعجازه في بلوغه - في كلٍّ من جمعِ المعاني وعلوِّ التراكيب، وجلالة المفرَدات وجزالةِ المقاصد، وتلاؤم الحروف وتناسُبِ النظم، ورشاقة الجمع وحلاوة التفصيل - إلى حدٍّ لا تُطيقه القُوَى من إحاطةِ أوصاف الرسل، الذي اختاره سبحانه لإبلاغِ هذا الكتاب، في الخَلْقِ والخُلُق، وما شُوهِد من إحاطة القدرة بما هدى إليه القرآنُ من آيات الإيجاد والإعدام». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور " للبقاعي (3 /15).