تفسير سورة يونس

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة يونس من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ يعني عملا صالحا قدموه. وقيل قدم صدق: محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم عند ربهم.
﴿ حَمِيمٍ ﴾ أي ماء حار انظر ٧٠ من الأنعام.
﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا ﴾ أي دعاؤهم: أي قولهم وكلامهم، والدعوى: الإدعاء.
﴿ تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ ﴾ أي من عند نفسي.
﴿ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا ﴾ أي زينتها بالنبات.
﴿ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ ﴾ أي يغشى وجوههم ﴿ قَتَرٌ ﴾ أي غبار.
﴿ تَرْهَقُهُمْ ﴾ أي تغشاهم، ومنه قولهم: غلام مراهق، أي قد غشاه الإحتلام. ﴿ ذِلَّةٌ ﴾ أي صغار. ﴿ عَاصِمٍ ﴾ أي مانع. ﴿ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ ﴾ جمع قطعة. ومن قرأ قطعا بتسكين الطاء: أراد اسم ما قطع، تقول: قطعت الشيء قطعا بفتح القاف في المصدر، واسم ما قطع فسقط قطع، والجمع أقطاع.
﴿ زَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ﴾ أي فرقنا بينهم.
﴿ هُنَالِكَ ﴾ يعني في ذلك الوقت، وهو من أسماء المواضع، ويستعمل في أسماء الأزمنة. ﴿ تَبْلُواْ ﴾ أي تختبر ﴿ أَسْلَفَتْ ﴾ قدمت.
﴿ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ﴾ أي وجبت.
﴿ يَهْدِيۤ ﴾: أصله يهتدي فأدغمت التاء في الدال.
﴿ الآنَ ﴾ أي في هذا الوقت. والآن هو الوقت الذي أنت فيه.
﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ ﴾ أي يستخبرونك.﴿ إِي وَرَبِّيۤ ﴾: إي توكيد للأقسام، المعنى نعم ور، قال أبو عمر: إي وربي تصديق.
﴿ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ ﴾: أظهروها ويقال كتموها، يعني كتمها العظماء من السفلة الذين أضلوهم. وأسر: من الأضداد.
﴿ تَتْلُواْ ﴾: أي تقرأ، وتتلو أي تتبع أيضا.﴿ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾: أي تدفعون فيه بكثرة.
﴿ تَبْدِيلَ ﴾: أي تغيير الشيء عن حاله، والأبدال جعل الشيء مكان شيء.
﴿ يَخْرُصُونَ ﴾: يحدسون، يريد التخمين، وهو الظن من غير تحقيق، وربما أصاب وربما أخطأ.
﴿ غُمَّةً ﴾ أي ظلمة، وقوله عز وجل ﴿ غُمَّةً ﴾ أي غم واحد، كما يقال: كربة وكرب.﴿ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ ﴾ أي أمضوا ما في أنفسكم ولا تؤخرون، كقوله:﴿ فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ ﴾[طه: ٧٢] أي فأمض ما أنت ممض.
﴿ تَلْفِتَنَا ﴾: أي تصرفنا، والإلتفات: الإنصراف عما كنت مقبلا عليه.(كبرياء) أي عظمة أو ملك، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: أي الملك، ومنه سمي الملك كبرياء، لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا.
﴿ ٱطْمِسْ ﴾: أي امح: أي أذهبه، من قولك: طمس الطريق إذا عفا ودرس.
﴿ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ﴾ أي نلقيك على نجوة من الأرض: أي ارتفاع من الأرض ببدنك: أي وحدك. ويقال: إنما ذكر البدن دلالة على خروج الروح منه: أي ننجيك ببدن لا روح فيه. ويقال: ببدنك أي بدرعك والبدن: الدرع.
﴿ بَوَّأْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾: أنزلناهم، ويقال: جعلنا لهم مبوأ، وهو المنزل الملزوم.
﴿ ٱلرِّجْسَ ﴾ انظر ١٣٥ من الأعراف.
سورة يونس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يونُسَ) من السُّوَر المكية، وقد بُدِئت بالتنويه بالقرآن وعظَمتِه، وأصَّلتْ لكثير من مسائلِ التوحيد والاعتقاد، ودعَتْ إلى الالتجاء إلى الله وحده، وجاءت على ذِكْرِ حالِ الدنيا، وتعامُلِ الناس معها، وفيها ذِكْرُ قِصص بعض الأنبياء عليهم السلام في دعوةِ أقوامهم، وما عانَوْهُ ولاقَوْهُ من المصاعب؛ لتُثبِّتَ المسلمين، وعلى رأسهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، في طريق الدعوة إلى الله عز وجل؛ فإنَّ اللهَ ناصرٌ دِينَه، ومُعْلٍ كتابَه لا محالةَ.

ترتيبها المصحفي
10
نوعها
مكية
ألفاظها
1889
ترتيب نزولها
51
العد المدني الأول
109
العد المدني الأخير
109
العد البصري
109
العد الكوفي
109
العد الشامي
110

سُمِّيتْ سورة (يونُسَ) بذلك؛ لأنها جاءت على ذِكْرِ قوم (يونُسَ) عليه السلام.


احتوَتْ سورة (يونُسَ) على عدة موضوعات؛ وهي:

1. إنكار موقف المشركين من الوحي (١-٢).

2. تفرُّد الله بالخَلق والقدرة، وإثبات البعث والجزاء (٣-٦).

3. جزاء المؤمنين والكفار (٧-١٠).

4. حِلْمُ الله مع المستعجِلين للعذاب، وسُنَّته بإهلاك الظالمين (١١-١٤).

5. مطالبة المشركين بتبديل القرآن (١٥-١٨).

6. اختلاف الناس وحرصُهم على الحياة الفانية (١٩-٢٤).

7. الترغيب في الجزاء الإلهي (٢٥- ٣٠).

8. إثبات التوحيد والبعث بدليل الفطرة (٣١-٣٦).

9. نفيُ التهمة عن القرآن، وانقسام المشركين حوله (٣٧-٤٤).

10. سرعة زوال الدنيا، وعذاب المشركين في الدارين (٤٥-٥٦).

11. خصائص القرآن، وخَصوصية الله بالتشريع (٥٧-٦١).

12. قواعد الجزاء (٦٢-٧٠).

13. نصرُ الله لأوليائه من الأنبياء وأتباعه (٧٠-١٠٠).

14. قصة (نوح) مع قومه (٧٠-٧٤).

15. قصة (موسى) (٧٥-٩٣).

16. صدقُ القرآن وقصة (يونس) (٩٤-١٠٠).

17. الدعوة إلى الدِّين الحق، واتباع الإسلام (١٠١-١٠٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /303).

بدأت السُّورةُ بالإشارة إلى مقصدِها العظيم؛ وهو إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ بدَلالة عَجْزِ المشركين عن معارضة القرآن، دلالة نبَّه عليها بأسلوب تعريضيٍّ دقيق، بُنِيَ على الكناية بتهجية (الحروف المقطَّعة) في أول السورة، ووصفِ الكتاب بأنه من عند الله؛ لِما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه؛ لأنَّ غيرَه لا يَقدِر على شيء منه؛ وذلك دالٌّ - بلا ريب - على أنه واحد في مُلْكِه، لا شريكَ له في شيءٍ من أمره.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /164)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (11 /87).