تفسير سورة يونس

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة يونس من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ لننظر كيف تعملون ﴾
٥١٨- أوجد الله سبحانه النفس لامتحان الآدمي، ولو أوجدها مبرأة من المادة لم يكن منها عصيان، فجعلها في مادة، كما قال تعالى :﴿ لننظر كيف تعملون ﴾ [ معراج السالكين ضمن رسائل الغزالي رقم١ ص : ١٠٥ ].
﴿ قل أتنبئون الله بما لا يعلم ﴾.
٥١٩- إذ معناه : ما لا يعلم له أصلا، أي يعلم أنه لا أصل له. [ المستصفى : ٢/١٣٨ ].
﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ﴾.
٥٢٠- وهذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى، وهي اللذة الكبرى التي ينسى فيها نعيم أهل الجنة - وقد ذكرنا حقيقتها في كتاب المحبة -١. وقد شهد لها الكتاب والسنة على خلاف ما يعتقده أهل البدعة.
قال جرير بن عبد الله البجلي٢ : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى القمر ليلة البدر فقال :( إنكم ترون ربكم كم ترون القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروها فافعلوا ثم قرأ :﴿ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ﴾٣ " ٤ وهو مخرج في الصحيحين. [ الإحياء : ٤/٣٧٧-٣٧٨ ]
١ - الإحياء : ٤/٣١١..
٢ - هو جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نضر بن ثعلبة بن جشم بن عوف بن خزيمة بن حرب بن علي البجلي الصحابي الشهير. ن الإصابة في تميز الصحابة ١/٢٤٢ وسير أعلام النبلاء ٢/٥٣٠..
٣ - طه: ١٣٠..
٤ - رواه البخاري ومسلم. ن صحيح البخاري كتبا التوحيد باب قول الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾ حديث رقم ٧٤٣٤. ون صحيح مسلم كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما حديث رقم ٦٣٣..
﴿ إذا جاء أجلهم فلا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾.
٥٢١- قال صاحب الشرع عليه السلام :( أربعة قد فرغ منهن : الخلق والخُلق والرزق والأجل )١. [ منهاج العابدين : ٢٠٦ ]
١ - أورده السيوطي في الجامع الصغير (٢/١٧٢ حديث رقم ٥٨٤٨) [[فرغ إلى ابن آدم من أربع : الخلق والخلق والرزق والأجل]] ونسبه السيوطي للطبراني في معجمه الأوسط عن ابن مسعود، ورمز لصحته.
قال محقق منهاج العابدين: "ونقل العلامة المناوي في فيض القدير (٤/٤٨٩) عن الهيثمي قوله: فيه عيسى بن المسيب البجلي، وهو ضعيف عند الجمهور، ووثقه الدارقطني في سننه وضعفه في غيرها". ن هامش منهاج العابدين: ٢٠٦..

﴿ وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ﴾.
٥٢٢- إنه تعالى عالم بجميع الموجودات ومحيط بكل المخلوقات [ الإحياء : ١/١٢٩ ].
﴿ إن عندكم من سلطان بهذا ﴾.
٥٢٣- أي حجة وبرهان. [ نفسه : ١/١١٥ ].
﴿ قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ﴾.
٥٢٤- إن الله تعالى خلق العقول وكمل هذا بالوحي، وأمر أربابها بالنظر في مخلوقاته والتفكر والاعتبار مما أودعه من العجائب في مصنوعاته لقوله سبحانه :﴿ قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ﴾ [ الحكمة في مخلوقات الله عز وجل ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم ١ ص : ٤ ].
سورة يونس
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (يونُسَ) من السُّوَر المكية، وقد بُدِئت بالتنويه بالقرآن وعظَمتِه، وأصَّلتْ لكثير من مسائلِ التوحيد والاعتقاد، ودعَتْ إلى الالتجاء إلى الله وحده، وجاءت على ذِكْرِ حالِ الدنيا، وتعامُلِ الناس معها، وفيها ذِكْرُ قِصص بعض الأنبياء عليهم السلام في دعوةِ أقوامهم، وما عانَوْهُ ولاقَوْهُ من المصاعب؛ لتُثبِّتَ المسلمين، وعلى رأسهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، في طريق الدعوة إلى الله عز وجل؛ فإنَّ اللهَ ناصرٌ دِينَه، ومُعْلٍ كتابَه لا محالةَ.

ترتيبها المصحفي
10
نوعها
مكية
ألفاظها
1889
ترتيب نزولها
51
العد المدني الأول
109
العد المدني الأخير
109
العد البصري
109
العد الكوفي
109
العد الشامي
110

سُمِّيتْ سورة (يونُسَ) بذلك؛ لأنها جاءت على ذِكْرِ قوم (يونُسَ) عليه السلام.


احتوَتْ سورة (يونُسَ) على عدة موضوعات؛ وهي:

1. إنكار موقف المشركين من الوحي (١-٢).

2. تفرُّد الله بالخَلق والقدرة، وإثبات البعث والجزاء (٣-٦).

3. جزاء المؤمنين والكفار (٧-١٠).

4. حِلْمُ الله مع المستعجِلين للعذاب، وسُنَّته بإهلاك الظالمين (١١-١٤).

5. مطالبة المشركين بتبديل القرآن (١٥-١٨).

6. اختلاف الناس وحرصُهم على الحياة الفانية (١٩-٢٤).

7. الترغيب في الجزاء الإلهي (٢٥- ٣٠).

8. إثبات التوحيد والبعث بدليل الفطرة (٣١-٣٦).

9. نفيُ التهمة عن القرآن، وانقسام المشركين حوله (٣٧-٤٤).

10. سرعة زوال الدنيا، وعذاب المشركين في الدارين (٤٥-٥٦).

11. خصائص القرآن، وخَصوصية الله بالتشريع (٥٧-٦١).

12. قواعد الجزاء (٦٢-٧٠).

13. نصرُ الله لأوليائه من الأنبياء وأتباعه (٧٠-١٠٠).

14. قصة (نوح) مع قومه (٧٠-٧٤).

15. قصة (موسى) (٧٥-٩٣).

16. صدقُ القرآن وقصة (يونس) (٩٤-١٠٠).

17. الدعوة إلى الدِّين الحق، واتباع الإسلام (١٠١-١٠٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /303).

بدأت السُّورةُ بالإشارة إلى مقصدِها العظيم؛ وهو إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ بدَلالة عَجْزِ المشركين عن معارضة القرآن، دلالة نبَّه عليها بأسلوب تعريضيٍّ دقيق، بُنِيَ على الكناية بتهجية (الحروف المقطَّعة) في أول السورة، ووصفِ الكتاب بأنه من عند الله؛ لِما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه؛ لأنَّ غيرَه لا يَقدِر على شيء منه؛ وذلك دالٌّ - بلا ريب - على أنه واحد في مُلْكِه، لا شريكَ له في شيءٍ من أمره.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /164)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (11 /87).