تفسير سورة لقمان

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ﴾ [ لقمان : ٦ ].
٧٣٢- مكي : روى ابن وهب عن مالك، عن ابن المنكدر أنه قال : إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة : أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن اللهو ومزامير الشيطان أدخلوهم في رياض المسك. ثم يقول للملائكة : أسمعوهم حمدي وثنائي وأخبروهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ١
٧٣٣- ابن العربي : روى عبد الله بن المبارك عن مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من جلس إلى قينة٢ يسمع منها صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ). ٣
٧٣٤- القرطبي : قال ابن القاسم : سألت مالكا عن الغناء، فقال : قال الله تعالى :﴿ فماذا بعد الحق إلا الضلال ﴾٤ : أفحق هو ؟. ٥
١ -الهداية: ٢٦٤ م. خ ع رقم: ٥٣٣٧. ينظر: أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٤٩٣، والجواهر الحسان: ٣/٢٠٧..
٢ - قينة: الأمة المغنية. والقين: العبد جمع قيان. القاموس..
٣ - أحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٤٩٣..
٤ - سورة يونس، الآية: ٣٢..
٥ - الجامع: ١٤/٥٢. قال القرطبي: ذكر إسحاق بن عيسى الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال: "إنما يفعله عندنا الفُسّاق".
وذكر أبو الطيب الطاهر بن عبد الله الطبري قال: أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه، وقال: إذا اشترى جارية ووجدها مغنية كان لها ردها بالعيب.
قال ابن خويز منداد: فأما مالك، فيقال عنه: إنه كان عالما بالصناعة وكان مذهبه تحريمها: وروى عنه أنه قال: "تعلمت هذه الصناعة وأنا غلام شاب فقالت لي أمي: أي بني! إن هذه الصناعة يصلح لها من كان صبيح الوجه ولست كذلك. فاطلب العلوم الدينية فصحبت ربيعة فجعل الله في ذلك خيرا": ١٤/٥٥. ينظر: روح المعاني: م ٧ ج ٢١/٦٩. وينظر: كتاب الامتاع والانتفاع بمسألة السماع لابن دراج السبتي: ٦٨/٧١..

الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾ [ لقمان : ١٢ ].
٧٣٥- مكي : روى ابن وهب عن مالك، أنه قال : قال لقمان لابنه : إن الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون. وهم إلى الآخرة سراعا يذهبون، وإنك قد استدبرت الدنيا منذ كنت. واستقبلت الآخرة. وإن دارا تصير١ إليها أقرب إليك من دار تخرج عنها، يا بني، ليس غنى كصحة ولا نعيم كطيب نفس. ٢
وروى أشهب عن مالك، أن لقمان كان يقول لابنه : اتق الله جهد نفسك قال : وكان يقول : يا بني لا تجالس الفجار ولا تماشهم، اتق الله أن ينزل عليهم عذاب فيصيبك معهم. يا بني جالس العلماء وماشهم عسى أن تنزل عليهم رحمة فتصيبك معهم.
٧٣٦- ابن عبد البر : قرأت على أبي محمد عبد الله بن محمد أن أحمد بن محمد المكي حدثهم قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا : القعنبي عن مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم قال لابنه : يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بالحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء. ٣
١ - تصير إليها: في أحكام القرآن لابن العربي: تسير إليها "بالسين": ٣/١٤٩٥..
٢ - الهداية: ٢٦٥ م. خ. ع رقم: ٥٣٣٧. ينظر: البيان والتحصيل: ١٨/٢١١، وأحكام القرآن لابن العربي: ٣/١٣٩٥-١٣٩٦. قال ابن العربي بعد أن ذكر مجموعة من الحكم عن الإمام مالك: "وذكر مالك كلاما كثيرا من الحكمة عن لقمان، وأدخل من حكمته فصلا في كتاب الجامع من موطئه، لأن الله ذكره في كتابه، وذكر من حكمته فصلا يعضده الكتاب والسنة، ينبه بذلك على أن الحكمة تؤخذ من كل أحد، وجائز أن يكون نبيا، وجائز أن يكون عالما، أي أوتي الحكمة، وهي العمل بالعلم". ٣/١٤٩٦-١٣٩٦..
٣ - جامع بيان العلم: ١٤١..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه ﴾ [ لقمان : ١٣ ].
٧٣٧- أبو نعيم : عن ابن وهب قال : سمعت مالك بن أنس يقول : بلغني أن لقمان قال لابنه : يا بني ليس غناء كصحة ولا نعيم كطيب نفس، قال مالك : قال لقمان لابنه : يا بني إن الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون وهم إلى الآخرة سراع يذهبون، وإنك قد استدبرت الدنيا منذ كنت واستقبلت الآخرة، وإن دارا تسير إليها أقرب إليك من دار تخرج منها. ١
١ - الحلية: ٦/٣٢٠..
الآية الرابعة : قوله تعالى :﴿ ولا تصعر خدك للناس ﴾ [ لقمان : ١٨ ].
٧٣٨- ابن كثير : قال مالك عن زيد بن أسلم :﴿ ولا تصعر خدك للناس ﴾ : لا تتكلم وأنت معرض. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٤٤٧..
الآية الخامسة : قوله تعالى :﴿ وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ﴾ [ لقمان : ٣٢ ].
٧٣٩- ابن كثير : قال مالك عن زيد بن أسلم وهو الذي كلما عاهد نقض عهده. ١
١ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٤٥٤..
سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).