تفسير سورة لقمان

إيجاز البيان

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن المعروف بـإيجاز البيان.
لمؤلفه بيان الحق النيسابوري . المتوفي سنة 553 هـ

سورة لقمان
٦ لَهْوَ الْحَدِيثِ: الغناء «١». نزلت في قرشي اشترى مغنية «٢».
وقيل «٣» : الأسمار الكسروية اشتراها النّضر بن الحارث المقتول في أسرى بدر.
١٢ وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ: قال طاوس: الْحِكْمَةَ: العقل، فقال له مجاهد: ما العقل؟ قال: [يؤتيها] «٤» من يطيع الله، وإن كان أسود
(١) ثبت هذا المعنى في عدة آثار وردت عن ابن عباس، وابن مسعود، وغيرهما من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.
راجع ذلك في الأدب المفرد: ٢٧٥، وتفسير الطبري: (٢١/ ٦١- ٦٣)، والمستدرك للحاكم: ٢/ ٤١١، كتاب التفسير، «تفسير سورة لقمان»، والسنن الكبرى للبيهقي:
١٠/ ٢٢٥، كتاب الشهادات، باب «الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين ويجمع عليهما ويغنيان».
وانظر تفسير ابن كثير: (٦/ ٣٣٣، ٣٣٤)، والدر المنثور: (٦/ ٥٠٤، ٥٠٥).
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ٢١/ ٦٣ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ٥٠٤، وزاد نسبته إلى الفريابي، وابن مردويه عن ابن عباس أيضا.
وانظر أسباب النزول للواحدي: ٤٠٠، وتفسير الماوردي: ٣/ ٢٧٧.
(٣) ذكره الفراء في معانيه: ٢/ ٣٢٦، ونقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٧٦ عن الفراء والكلبي.
ونقله الواحدي في أسباب النزول: ٤٠٠ عن الكلبي، ومقاتل.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان: ٤/ ٣٠٥، حديث رقم (٥١٩٤) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
والمراد ب «الأسمار الكسروية» كتب الأعاجم وحكاياتهم وأساطيرهم القديمة.
(٤) عن نسخة «ج».
اللّون، منتن الريح، قبيح المنظر، صغير الخطر «١».
١٤ وَهْناً عَلى وَهْنٍ: نطفة وجنينا «٢». أو ضعف الحمل على ضعف الأنوثة «٣».
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ: اشكر لي حق النعمة، ولهما حق التربية «٤».
١٥ وَإِنْ جاهَداكَ: جهدا في قبولك الشرك وجهدت في الامتناع.
وسئل الحسن: أرأيت إن قالا له: لا تصل في المسجد. قال:
فليطعهما، فإنّما يأمرانه به شفقة أن يصيبه شيء «٥».
١٦ إِنَّها إِنْ تَكُ: الهاء كناية عن الخطيئة، أو عائدة إلى الحسنة «٦».
ويجوز رفع مِثْقالَ «٧» مع هذا التأنيث لأنّ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ/ خَرْدَلٍ: معناه خردلة. و «المثقال» مقدار يوازن غيره ف «مثقال حبة» :
مقدار وزنها، وقد كثر المثقال على مقدار الدينار، فإذا قيل: مثقال كافور فمعناه: مقدار الدينار الوازن، وعلى هذا قول أبي حنيفة «٨» في استثناء
(١) لم أقف على تخريج هذا الخبر.
(٢) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٨٠.
(٣) انظر هذا القول في تفسير الطبري: ٢١/ ٦٩، وتفسير الماوردي: ٣/ ٢٨٠، والمحرر الوجيز: ١١/ ٤٩٤، وزاد المسير: ٦/ ٣١٩.
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٨٠، والقرطبي في تفسيره: ١٤/ ٦٥.
(٥) لم أقف على تخريج هذا الخبر.
(٦) تفسير الطبري: ٢١/ ٧١، وتفسير البغوي: ٣/ ٤٩٢، والمحرر الوجيز: ١١/ ٤٩٩، والبحر المحيط: ٧/ ١٨٧. [.....]
(٧) وهي قراءة نافع كما في السبعة لابن مجاهد: ٥١٣.
وانظر توجيه هذه القراءة في معاني القرآن للفراء: ٢/ ٣٢٨، ومعاني القرآن للزجاج:
(٤/ ١٩٧، ١٩٨)، وحجة القراءات: ٥٦٥، والكشف لمكي: ٢/ ١٨٨، والبحر المحيط:
٧/ ١٨٧.
(٨) وهو قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، كما في تحفة الفقهاء للسمرقندي: (٣/ ٣٢٧- ٣٢٨).
وانظر أقوال العلماء في هذه المسألة في الاستغناء للقرافي: (٧٢٣- ٧٢٤).
المقدر من المقدور وإن لم يكن جنسا.
١٨ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ: لا تكثر إمالته كبرا وإعراضا «١».
ولا تصاعر «٢» : لا تلزم خدك الصّعر.
١٩ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ: إذ أوّله زفير وآخره شهيق «٣».
٢٨ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ: كخلق نفس واحد «٤».
٢٧ وَالْبَحْرُ: بالرفع على الابتداء، والخبر يَمُدُّهُ وحسن الابتداء في أثناء الكلام لأنّ قوله: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ قد فرغ فيها «أن» من عملها.
وقيل: واو وَالْبَحْرُ واو حال وليس للعطف، أي: والبحر هذه حاله «٥».
٣١ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ: كل معتبر مفكّر في الخلق.
٣٢ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ: في ارتفاعه وتغطيته ما تحته.
فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ: عدل وفيّ بما عاهد الله عليه في
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٢/ ١٢٧، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٣٤٤، ومعاني الزجاج: ٤/ ١٩٨، والمفردات للراغب: ٢٨١.
(٢) هذه قراءة نافع، والكسائي وحمزة، وأبي عمرو، كما في السبعة لابن مجاهد: ٥١٣، والتبصرة لمكي: ٢٩٥، والتيسير للداني: ١٧٦.
(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ٢١/ ٧٧ عن قتادة، ونقله الماوردي في تفسيره:
٣/ ٢٨٤ عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ٥٢٤، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة أيضا.
(٤) ينظر هذا القول في مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٢/ ١٢٨، وتفسير الطبري: ٢١/ ٨٢، ومعاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢٠٠، وتفسير الماوردي: ٣/ ٢٨٦.
(٥) عن معاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢٠٠، وانظر إعراب القرآن للنحاس: (٣/ ٢٨٧، ٢٨٨)، والبيان لابن الأنباري: ٢/ ٢٥٦، والتبيان للعكبري: ٢/ ١٠٤٥.
660
البحر «١».
كُلُّ خَتَّارٍ: غدّار «٢»، وختره الشراب: أفسد مزاجه «٣».
(١) نقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٨٨ عن النقاش، ونص كلامه: معناه: عدل في العهد، يفي في البر بما عاهد الله عليه في البحر».
(٢) غريب القرآن لليزيدي: ٢٩٩، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٣٤٥، وتفسير الطبري:
٢١/ ٨٥، ومعاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢٠١، والمفردات للراغب: ١٤٢.
(٣) اللسان: ٤/ ٢٢٩ (ختر).
661
سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).