تفسير سورة لقمان

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة لقمان من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

٩٩١- في البيان : الذي عليه أكثر المفسرين في قوله تعالى :﴿ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ﴾ أنه الغناء١ واستماعه لشراء المغنية : ومن الناس من يشتري ذات لهو الحديث. أو يكون بمعنى : يحبه أو يختاره :﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ﴾٢.
وقيل : نزلت في النضر بن الحارث٣ كان يشتري أحاديث الروم وفارس : ويحدث بها قريشا فيلهيهم بها٤. ( الذخيرة : ١٣/٢٢٦-٢٢٧ )
١ - ن: البيان والتحصيل: ١٨/٥٤١..
٢ - سورة البقرة: ١٥..
٣ - هو النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة القرشي، من بني عبد الدار. قال ابن الأثير: "أجمع أهل المغازي والسير على أنه قتل يوم بدر كافرا" ن: أسد الغابة: ٤/٥٤١-٥٤٢..
٤ - ن: البيان والتحصيل : ١٨/٥٤٢. وأخرج جويبر عن ابن عباس: قال: "نزلت في النضر بن الحارث اشترى قينة..." ن لباب النقول: ١٥٣..
٩٩٢- قال في المقدمات : " من اللباس المحرم : الزائد الذي يخرج به صاحبه للخيلاء والكبر. على الرجال والنساء، لقوله تعالى :﴿ إن الله لا يحب كل مختال فخور ﴾ وقال عليه السلام : " إن الله لا ينظر يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " ١. ( نفسه : ١٣/٢٦٣ )
١ - رواه ابن ماجة في سننه: باب: طول القميص..
٩٩٣- الإسباغ : التعميم. ومنه قوله تعالى :﴿ وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ﴾ أي : عممها. ( نفسه : ١/٢٨٨ )
٩٩٤- قاعدة : " لو " إذا دخلت على ثبوتين عادا نفيين، أو نفيين عادا ثبوتين، أو على نفي وثبوت، فالنفي ثبوت، والثبوت نفي كقولنا : " لو جاءني زيد لأكرمته "، فهما ثبوتان. فما جاءك ولا أكرمته. و : " لو لم يستدن لم يطالب " فهما نفيان. والتقدير : استدان وطولب. و : " لو لم يؤمن أريق دمه " والتقدير : إنه آمن ولم يرق دمه. وبالعكس : " لو آمن لم يقتل ". تقديره : لم يؤمن فقتل.
فإذا تقررت هذه القاعدة فيلزم أن تكون كلمات الله تعالى قد نفذت وليس كذلك، لأن " لو " دخلت هنا على ثبوت أولا، ونفي أخيرا. فيكون الثبوت الأول نفيا، وهو كذلك فإن الشجر ليس أقلاما، ويلزم أن النفي الأخير ثبوت، فتكون نفدت، وليس كذلك. ( الفروق : ١/٨٩ )
٩٩٥- إن عدم نفاد كلمات الله تعالى وإنها غير متناهية أمر ثابت لها لذاتها وما بالذات لا يعلل بالأسباب. فتأمل ذلك. ( الفروق : ١/٩٠ )
٩٩٦- لما كان الغالب على الأوهام أن الشجر كلها إذا صارت أقلاما والبحر المالح مع غيره مدادا يكتب به، يقول الوهم : ما يكتب بهذا شيء إلا نفذ وما عساه أن يكون قطع الله تعالى هذا الربط، وقال : ما نفدت. ( نفسه : ١/٩٠ )
٩٩٧- في مسلم١ : " خمس لا يعلمهن إلا الله، وتلا قوله تعالى :﴿ إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ﴾. ( الذخيرة : ٦/٢٢٩ )
٩٩٨- قوله تعالى :﴿ يعلم ما في الأرحام ﴾ : أتى بلفظ " ما " ولم يأت بلفظ " من " لأن المستقر في الرحم من حيث هو مستقر في الرحم أعم ممن هو عاقل. بل قد يكون بهيمة، ومن الحشرات، فإذا دخل لفظ العموم اندرج العقلاء فيه من جهة عامة، وهي أنهم مستقرون في الأرحام لا من جهة أنهم عقلاء. وهذه الجهة أعم، والأعم لا يستلزم الأخص، فلم يندرج العاقل فيها من حيث إنه عاقل، بل من حيث إنه مستقر، وهو من هذه الجهة غير عاقل، فكان المتعين التعبير بلفظ " ما " دون لفظ " من ". ( العقد : ٢/٢٦٢ )
١ - الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب : لا يدري متى يجيء المطر إلا الله... وفي كتاب : تفسير القرآن، باب قوله تعالى: "الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيظ الأرحام..." وفي كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: ﴿عالم الغيب لا يظهر على غيبه أحدا﴾.
.

سورة لقمان
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (لُقْمانَ) من السُّوَر المكية، وقد جاءت ببيانِ عظمة هذا الكتاب، واتصافه بالحِكْمة، ومن ثَمَّ إثبات صفة الحِكْمة لله عز وجل، كما ذكرت السورةُ الكريمة وصايا (لُقْمانَ) الحكيمِ لابنه، التي يجدُرُ بكلِّ مَن آمَن بهذا الكتاب أن يأخذ بها، وقد تعرَّضتِ السورةُ لدلائلِ وَحْدانية الله وعظمته في هذا الكون، وبيان أقسام الناس، وموقفهم من الكتاب؛ من مؤمنٍ به وكافر.

ترتيبها المصحفي
31
نوعها
مكية
ألفاظها
550
ترتيب نزولها
57
العد المدني الأول
33
العد المدني الأخير
33
العد البصري
34
العد الكوفي
34
العد الشامي
34

* قوله تعالى: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا نزَلتِ: {اْلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا لا يَظلِمُ نفسَه؟ قال: «ليس ذلك؛ إنما هو الشِّرْكُ؛ ألَمْ تَسمَعوا ما قال لُقْمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُه: {يَٰبُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاْللَّهِۖ إِنَّ اْلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٞ} [لقمان: 13]؟!»». أخرجه البخاري (٣٤٢٩).

* سورة (لُقْمانَ):

سُمِّيتْ سورةُ (لُقْمانَ) بهذا الاسم؛ لذكرِ (لُقْمانَ) فيها، ولم يُذكَرْ في سورة أخرى.

* قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها في صلاة الظُّهْرِ:

عن البَراء بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي بنا الظُّهْرَ، فنَسمَعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ مِن سورةِ لُقْمانَ، والذَّاريَاتِ». أخرجه النسائي (٩٧١).

اشتمَلتْ سورةُ (لُقْمانَ) على الموضوعات الآتية:

1. المحسِنون: تعريفٌ وجزاء (١-٥).

2. فريق اللَّهْوِ من الناس (٦-٧).

3. آية الحِكْمة والقُدْرة (٨-١١).

4. نعمة الحِكْمة، والدعوةُ إلى شُكْرها (١٢-١٩).

5. إسباغ النِّعَم (٢٠-٢١).

6. الإنسان بين الكفرِ والإيمان (٢٢-٢٦).

7. كلمات الله التى لا تَنفَدُ (٢٧- ٢٨).

8. نعمة التسخير (٢٩- ٣٢).

9. المُغيَّبات وغُرور الحياة (٣٣-٣٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /27).

جاءت سورةُ (لُقْمانَ) بمقاصِدَ عظيمةٍ؛ منها: إثباتُ الحِكْمة للكتاب، التي يلزم منها حِكْمةُ مُنزِلِه في أقواله وأفعاله؛ وهو اللهُ عزَّ وجلَّ.

ومنها: تذكيرُ المشركين بدلائلِ وَحْدانية الله تعالى، وبنِعَمِه عليهم؛ من خلال وصايا (لُقْمانَ) عليه السلام لابنه، وذكَرتْ مزيَّةَ دِين الإسلام، وتسليةَ الرسول صلى الله عليه وسلم بتمسُّك المسلمين بالعُرْوة الوثقى، وأنه لا يُحزِنه كفرُ مَن كفروا.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /356)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (21 /139).