تفسير سورة سبأ

التفسير القيم

تفسير سورة سورة سبأ من كتاب التفسير القيم من كلام ابن القيم المعروف بـالتفسير القيم.
لمؤلفه ابن القيم . المتوفي سنة 751 هـ

سورة سبأ

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة سبإ (٣٤) : آية ٢٢]
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)
فتأمل كيف أخذت هذه الآية على المشركين مجامع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك وسدت بها عليهم الباب أبلغ سد وأحكمه، فإن العابد إنما يتعلق بالمعبود لما يرجو من نفعه، وإلا فلو كان لا يرجو منفعة منه فلا يتعلق قلبه به أبدا. وحينئذ فلا بد أن يكون المعبود إما مالكا للأسباب التي ينتفع بها عابده، أو شريكا لمالكها، أو ظهيرا أو وزيرا أو معاونا له، أو وجيها ذا حرمة وقدر، يشفع عنده فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة من كل وجه انتفت أسباب الشرك وانقطعت مواده.
فنفى سبحانه عن آلهتهم أن تملك مثقال ذرة في السموات والأرض.
فقد يقول المشرك: هي شريكة للمالك الحق. فنفى شركها له.
فيقول المشرك: قد تكون ظهيرا أو وزيرا، أو معاونا. فقال: وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ.
435
ولم يبق إلا الشفاعة فنفاها عن آلهتهم، وأخبر أنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه فإن لم يأذن للشافع لم يتقدم بالشفاعة بين يديه، كما يكون في حق المخلوقين. فإن المشفوع عنده يحتاج إلى الشافع وإلى معاونته له فيقبل شفاعته، وإن لم يأذن له منها. وأما من كل ما سواه فقير إليه بذاته فهو الغني بذاته عن كل ما سواه. فكيف يشفع عنده أحد بغير إذنه؟.
436
سورة سبأ
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (سَبَأٍ) من السُّوَر المكِّية، وقد نزَلتْ بعد سورة (لُقْمانَ)، وافتُتِحت بحمدِ الله وإثباتِ العلم له، وجاءت على ذِكْرِ إثباتِ البعث والجزاء، وأنَّه سبحانه يُعطِي مَن أطاع وآمَن، ويَمنَع من كفَر وجحَد، وقومُ (سَبَأٍ) هم مثالٌ واقعي لكفرِ النعمة وجحودها، ومثالٌ لقدرةِ الله عزَّ وجلَّ في الإيجاد والإعدام والتصرُّف في الكون، و(سَبَأٌ): اسمٌ لرجُلٍ.

ترتيبها المصحفي
34
نوعها
مكية
ألفاظها
884
ترتيب نزولها
58
العد المدني الأول
56
العد المدني الأخير
56
العد البصري
56
العد الكوفي
56
العد الشامي
55

* سورةُ (سَبَأٍ):

سُمِّيت سورةُ (سَبَأٍ) بهذا الاسم؛ لورودِ قصة أهل (سَبَأٍ) فيها، و(سَبَأٌ): اسمٌ لرجُلٍ؛ صح عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: «إنَّ رجُلًا سألَ رسولَ اللهِ ﷺ عن سَبَأٍ؛ ما هو؟ أرجُلٌ أم امرأةٌ أم أرضٌ؟ فقال: «بل هو رجُلٌ، ولَدَ عشَرةً، فسكَنَ اليمَنَ منهم ستَّةٌ، وبالشَّامِ منهم أربعةٌ؛ فأمَّا اليمانيُّون: فمَذْحِجٌ، وكِنْدةُ، والأَزْدُ، والأشعَريُّون، وأنمارٌ، وحِمْيَرُ، عرَبًا كلُّها، وأمَّا الشَّاميَّةُ: فلَخْمٌ، وجُذَامُ، وعاملةُ، وغسَّانُ»». أخرجه أحمد (٢٨٩٨).

1. الاستفتاح بالحمد (١-٢).

2. قضية البعث والجزاء (٣-٩).

3. أمثلة عن شكرِ النعمة وكفرها (١٠-٢١).

4. داودُ وسليمان عليهما السلام مثالٌ عملي للأوَّابين الشاكرين (١٠-١٤).

5. قومُ (سَبَأٍ) مثالٌ واقعي لعاقبة كفرِ النِّعمة (١٥-٢١).

6. حوار مع المشركين (٢٢-٢٨).

7. مِن مَشاهدِ يوم القيامة (٢٩-٣٣).

8. التَّرَف والمُترَفون (٣٤-٣٩).

9. عَوْدٌ إلى مَشاهدِ يوم القيامة (٤٠-٤٢).

10. عود إلى حال المشركين في الدنيا (٤٣-٤٥).

11. دعوة للتفكُّر والنظر (٤٦-٥٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم " لمجموعة من العلماء (6 /172).

مقصدُها هو إثباتُ قدرةِ الله عزَّ وجلَّ على الإيجادِ والإعدامِ والتَّصرُّفِ في الكونِ، يُعطِي مَن شكَر، ويَمنَع مَن جحَد وكفَر، وذلك حقيقٌ منه إثباتُ يوم البعث والجزاء، ووقوعُه لا محالة، وقصَّةُ (سَبَأٍ) أكبَرُ دليل على ذلك المقصد.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /377).