١١ -﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾
المصدر المؤول من أن وما بعدها منصوب على نزع الخافض (الباء)، «مخلصًا» حال من فاعل «أعبد»، الجار «له» متعلق بـ «مخلصًا»، «الدين» مفعول به لـ «مخلصًا».
١٨ -﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ «الذين» نعت لـ «عباد»، «هم» ضمير فصل لا محل له.
٢٥ -﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾ «حيث» اسم ظرفي مبني على الضم، في محل جرّ، متعلق بـ «أتاهم»، وجملة «لا يشعرون» مضاف إليه.
٤٣ -﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا -[١٠٨٤]- يَعْقِلُونَ﴾ «أم» المنقطعة، الجار «من دون» متعلق بمحذوف مفعول ثان، مقول القول محذوف، أي: أيشفعون، والواو حالية عطفت هذه الحال على حال مقدرة للاستقصاء، والتقدير: أيشفعون في كل حال، ولو كانوا لا يملكون شيئًا، وجملة «ولو كانوا» حال من فاعل الفعل المقدر، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.
٦٢ -﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾
جملة «وهو على كل شيء وكيل» معطوفة على الاستئنافية، والجار «على كل» متعلق بـ «وكيل».
٦٤ -﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾
الفاء زائدة، «غير» مفعول به مقدم لـ «أعبد»، ولم يعمل «تأمرونِّي»، -[١٠٨٩]- والمعنى: أفغير الله أعبد تأمروني؟ وجملة «تأمرونِّي» استئنافية؛ لأنها مؤخرة في التقدير، ولا ينقاس حذف «أن» مع «أعبد» في القول الآخر، وأدغمت نون الرفع في نون الوقاية، و «أيها» منادى بأداة نداء محذوفة، مبني على الضم، و «ها» للتنبيه و «الجاهلون» عطف بيان، وجملة النداء مستأنفة، وجملة «أعبد» مقول القول.
سورةُ (الزُّمَر) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بدلائلَ كثيرةٍ على وَحْدانية الله، واستحقاقه للألوهية، وذكَرتْ آياتٍ لله عز وجل في هذا الكون، وبيَّنت مآلَ مَن آمن واتقى، ومآلَ من عصى وكفَر بالله؛ مِن تقسيمِ الله لهم إلى زُمَرٍ: زُمْرة إلى الجنة والسعادة، وزُمْرة إلى النار والشقاء، وقد أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الزُّمَر) قبل النوم.
عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «لمَّا اجتمَعْنا للهجرةِ، اتَّعَدتُّ أنا وعيَّاشُ بنُ أبي ربيعةَ وهشامُ بنُ العاصِ المِيضأةَ، مِيضأةَ بني غِفَارَ فوقَ سَرِفَ، وقُلْنا: أيُّكم لم يُصبِحْ عندها فقد احتبَسَ؛ فَلْيَمضِ صاحِباه، فحُبِسَ عنَّا هشامُ بنُ العاصِ.
فلمَّا قَدِمْنا مَنزِلَنا في بني عمرِو بنِ عوفٍ، وخرَجَ أبو جهلِ بنُ هشامٍ والحارثُ بنُ هشامٍ إلى عيَّاشِ بنِ أبي ربيعةَ، وكان ابنَ عَمِّهما وأخاهما لأُمِّهما، حتى قَدِمَا علينا المدينةَ، فكلَّماه، فقالا له: إنَّ أُمَّك نذَرتْ ألَّا تَمَسَّ رأسَها بمُشْطٍ حتى تَراكَ، فرَقَّ لها، فقلتُ له: يا عيَّاشُ، واللهِ، إن يريدُك القومُ إلا عن دِينِك؛ فاحذَرْهم؛ فواللهِ، لو قد آذى أمَّك القَمْلُ لَامتشَطتْ، ولو قد اشتَدَّ عليها حرُّ مكَّةَ، أحسَبُه قال: لاستَظلَّتْ، قال: إنَّ لي هناك مالًا فآخُذُه، قال: قلتُ: واللهِ، إنَّك لَتَعلَمُ أنِّي مِن أكثَرِ قُرَيشٍ مالًا؛ فلك نصفُ مالي، ولا تَذهَبْ معهما، فأبى إلا أن يخرُجَ معهما، فقلتُ له لمَّا أبى عليَّ: أمَا إذ فعَلْتَ ما فعَلْتَ، فخُذْ ناقتي هذه؛ فإنَّها ناقةٌ ذَلُولٌ؛ فالزَمْ ظَهْرَها، فإن رابَك مِن القومِ رَيْبٌ، فانْجُ عليها.
فخرَجَ معهما عليها، حتى إذا كانوا ببعضِ الطريقِ، قال أبو جهلِ بنُ هشامٍ: واللهِ، لقد استبطأتُ بعيري هذا، أفلا تَحمِلُني على ناقتِك هذه؟ قال: بلى، فأناخَ وأناخَا؛ ليَتحوَّلَ عليها، فلمَّا استوَوْا بالأرضِ عَدَيَا عليه، فأوثَقاه، ثم أدخَلاه مكَّةَ، وفتَنَاه فافتتَنَ، قال: فكنَّا نقولُ: واللهِ، لا يَقبَلُ اللهُ ممَّن افتتَنَ صَرْفًا ولا عَدْلًا، ولا يَقبَلُ توبةَ قومٍ عرَفوا اللهَ ثم رجَعوا إلى الكفرِ لبلاءٍ أصابهم.
قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسِهم، فلمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ ﷺ المدينةَ، أنزَلَ اللهُ عز وجل فيهم وفي قولِنا لهم وقولِهم لأنفسِهم: {يَٰعِبَادِيَ اْلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ يَغْفِرُ اْلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ اْلْغَفُورُ اْلرَّحِيمُ}[الزمر: 53] إلى قولِه: {وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}[الزمر: 55].
قال عُمَرُ: فكتَبْتُها في صحيفةٍ، وبعَثْتُ بها إلى هشامِ بنِ العاصِ، قال هشامٌ: فلَمْ أزَلْ أقرَؤُها بذِي طُوًى أصعَدُ بها فيه حتى فَهِمْتُها، قال: فأُلقِيَ في نفسي أنَّها إنَّما نزَلتْ فينا، وفيما كنَّا نقولُ في أنفسِنا، ويقالُ فينا، فرجَعْتُ فجلَسْتُ على بعيري، فلَحِقْتُ برسولِ اللهِ ﷺ بالمدينةِ». أخرجه البزار (١٥٥).
عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجُلٌ مِن أهلِ الكتابِ، فقال: يا أبا القاسمِ، أبلَغَك أنَّ اللهَ عز وجل يَحمِلُ الخلائقَ على إصبَعٍ، والسَّمواتِ على إصبَعٍ، والأرَضِينَ على إصبَعٍ، والشَّجَرَ على إصبَعٍ، والثَّرى على إصبَعٍ، قال: فضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى بدَتْ نواجذُه، قال: فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اْللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦ وَاْلْأَرْضُ جَمِيعٗا قَبْضَتُهُۥ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ}[الزمر: 67]
إلى آخرِ الآيةِ». أخرجه البخاري (٧٤١٥).
* سورة (الزُّمَر):
سُمِّيت سورةُ (الزُّمَر) بهذا الاسم؛ لأنَّ اللهَ ذكَر فيها زُمْرة السُّعداء من أهل الجنة، وزُمْرة الأشقياء من أهل النار.
* كان صلى الله عليه وسلم لا ينامُ حتى يَقرأَ (الزُّمَر):
عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان النبيُّ ﷺ لا ينامُ حتى يَقرأَ الزُّمَرَ، وبني إسرائيلَ». أخرجه الترمذي (٣٤٠٥).
1. القرآن تنزيلٌ من الله تعالى، والعبادة له وَحْده (١-٤).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /478).
مقصدُ سورة (الزُّمَر) هو الدَّلالة على صِدْقِ الله عزَّ وجلَّ في وعدِه؛ فحاشاه أن يفُوتَه شيء، أو أن يُخلِفَ وعدَه، وقد أعذَرَ إلى الكفار بإنذارِهم بالحشر، وهو واقعٌ حاصل بتقسيم الناس إلى زُمَرٍ على ما يستحِقُّون من أعمالهم: زُمْرة المتقين الأبرار، وزُمْرة الكفار الأشرار.
ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /423).