تفسير سورة الزمر

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة الزمر من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾ : أي يقولون ما نعبدهم. ( الإحياء : ١/٣٤٤ )
﴿ وأنزل لكم من الأنعام ﴾ : أي خلق. ( الحكمة في مخلوقات الله عز وجل ضمن المجموعة رقم ١ ص : ١٥ ).
﴿ لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده ﴾ : أخبر الله تعالى أن النار أعدها لأعدائه، وإنما خوف بها أولياءه. ( الإحياء : ٤/١٥٤ )
﴿ أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ﴾ : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى :﴿ أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ﴾ ما هذا الشرح ؟ فقال :( هو التوسعة، إن النور إذا قذف به في القلب اتسع له الصدر وانشرح ). ( نفسه : ٣/٢٦ )
إن أول ما ينبه العبد للعبادة ويتحرك لسلوك طريقها بخطرة سماوية وتوفيق خاص إلهي، وهو المعني بقوله سبحانه تعالى :﴿ أمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ﴾ وإليه أشار صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم فقال :( إن النور إذا دخل القلب انفسخ وانشرح، فقيل : يا رسول الله هل لذلك من علامة يعرف بها ؟ فقال : نعم التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت ). ( منهاج العابدين : ٥١ وفيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ضمن المجموعة رقم ٣ ص : ١٤٣ ).
إنما مراد الطاعات وأعمال الجوارح كلها تصفية القلب وتزكيته وجلاؤه ومراد تزكيته : حصول أنوار المعارف فيه، وهو المراد بقوله تعالى :﴿ أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ﴾ ( معارج القدس في معراج معرفة النفس : ٩٧ )
قوله صلى الله عليه وسلم :( خلق الله الخلق في ظلمة ثم رش عليهم شيئا من نوره، فمن أصابه شيء من ذلك النور اهتدى، ومن لم يصبه فظلمات بعضها فوق بعض ) وهو معنى قوله تعالى :﴿ أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ﴾. ( سر العالمين وكشف ما في الدارين ضمن المجموعة رقم ٦ ص : ٣٠ ).
﴿ الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ﴾ : الحديث الحسن : كلام الله القديم المنزل المحفوظ في صدور الرجال الراسخين، المعلوم في قلوب المؤمنين الذي ﴿ لا ريب فيه هدى للمتقين ﴾ وهذه الكلمات النبوية المستخرجة من الأسرار الإلهية التي نطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وصدقه الله تعالى في جميع منطقه حيث قال :﴿ وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ﴾. ( المعارف العقلية : ٥٨-٥٩ )
﴿ وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ﴾( ٤٤ )
٩٣٣- قيل في التفسير : عملوا أعمالا ظنوا أنها حسنات فكانت في كفة السيئات. ( الإحياء : ١/١٤٧ و ٣/٣٣ )
﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ﴾ ( ٥٠ ).
٩٣٤- وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم ﴾. ( نفسه : ٤/١٥٤ )
٩٣٥- ﴿ لا تقنطوا من رحمة الله ﴾ حرم أصل اليأس. ( نفسه : ٤/١٥٤ )
﴿ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ﴾( ٥٧ )
٩٣٦- قال الثوري في قوله تعالى :﴿ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ﴾ قال : هم الذين ادعوا محبة الله تعالى ولم يكونوا بها صادقين. ( نفسه : ٤/٤٠٨ )
﴿ الله خالق كل شيء ﴾( ٥٩ )١
١ ن تفسير قوله تعالى: ﴿خالق كل شيء﴾ (الأنعام: ١٠٣).
﴿ ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ﴾( ٦٥ )
٩٣٧- يلبث الخلق في النفخة الأولى أربعين سنة، ثم يحيي الله تعالى إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية، فذلك قوله تعالى :﴿ ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ﴾ على أرجلهم ينظرون إلى البعث. ( نفسه : ٤/٥٤٥ )
﴿ وترى الملائكة حافين من حول العرش ﴾( ٧٢ )
٩٣٨- حفاف الشيء : حوله. ( نفسه : ١/١٦٦ )
سورة الزمر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الزُّمَر) من السُّوَر المكية، وقد جاءت بدلائلَ كثيرةٍ على وَحْدانية الله، واستحقاقه للألوهية، وذكَرتْ آياتٍ لله عز وجل في هذا الكون، وبيَّنت مآلَ مَن آمن واتقى، ومآلَ من عصى وكفَر بالله؛ مِن تقسيمِ الله لهم إلى زُمَرٍ: زُمْرة إلى الجنة والسعادة، وزُمْرة إلى النار والشقاء، وقد أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءتُه لسورة (الزُّمَر) قبل النوم.

ترتيبها المصحفي
39
نوعها
مكية
ألفاظها
1177
ترتيب نزولها
59
العد المدني الأول
72
العد المدني الأخير
72
العد البصري
72
العد الكوفي
75
العد الشامي
73

* قوله تعالى: {يَٰعِبَادِيَ اْلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ يَغْفِرُ اْلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ اْلْغَفُورُ اْلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ اْلْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥٤ وَاْتَّبِعُوٓاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ اْلْعَذَابُ بَغْتَةٗ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 53-55]:

عن عُمَرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه، قال: «لمَّا اجتمَعْنا للهجرةِ، اتَّعَدتُّ أنا وعيَّاشُ بنُ أبي ربيعةَ وهشامُ بنُ العاصِ المِيضأةَ، مِيضأةَ بني غِفَارَ فوقَ سَرِفَ، وقُلْنا: أيُّكم لم يُصبِحْ عندها فقد احتبَسَ؛ فَلْيَمضِ صاحِباه، فحُبِسَ عنَّا هشامُ بنُ العاصِ.

فلمَّا قَدِمْنا مَنزِلَنا في بني عمرِو بنِ عوفٍ، وخرَجَ أبو جهلِ بنُ هشامٍ والحارثُ بنُ هشامٍ إلى عيَّاشِ بنِ أبي ربيعةَ، وكان ابنَ عَمِّهما وأخاهما لأُمِّهما، حتى قَدِمَا علينا المدينةَ، فكلَّماه، فقالا له: إنَّ أُمَّك نذَرتْ ألَّا تَمَسَّ رأسَها بمُشْطٍ حتى تَراكَ، فرَقَّ لها، فقلتُ له: يا عيَّاشُ، واللهِ، إن يريدُك القومُ إلا عن دِينِك؛ فاحذَرْهم؛ فواللهِ، لو قد آذى أمَّك القَمْلُ لَامتشَطتْ، ولو قد اشتَدَّ عليها حرُّ مكَّةَ، أحسَبُه قال: لاستَظلَّتْ، قال: إنَّ لي هناك مالًا فآخُذُه، قال: قلتُ: واللهِ، إنَّك لَتَعلَمُ أنِّي مِن أكثَرِ قُرَيشٍ مالًا؛ فلك نصفُ مالي، ولا تَذهَبْ معهما، فأبى إلا أن يخرُجَ معهما، فقلتُ له لمَّا أبى عليَّ: أمَا إذ فعَلْتَ ما فعَلْتَ، فخُذْ ناقتي هذه؛ فإنَّها ناقةٌ ذَلُولٌ؛ فالزَمْ ظَهْرَها، فإن رابَك مِن القومِ رَيْبٌ، فانْجُ عليها.

فخرَجَ معهما عليها، حتى إذا كانوا ببعضِ الطريقِ، قال أبو جهلِ بنُ هشامٍ: واللهِ، لقد استبطأتُ بعيري هذا، أفلا تَحمِلُني على ناقتِك هذه؟ قال: بلى، فأناخَ وأناخَا؛ ليَتحوَّلَ عليها، فلمَّا استوَوْا بالأرضِ عَدَيَا عليه، فأوثَقاه، ثم أدخَلاه مكَّةَ، وفتَنَاه فافتتَنَ، قال: فكنَّا نقولُ: واللهِ، لا يَقبَلُ اللهُ ممَّن افتتَنَ صَرْفًا ولا عَدْلًا، ولا يَقبَلُ توبةَ قومٍ عرَفوا اللهَ ثم رجَعوا إلى الكفرِ لبلاءٍ أصابهم.

قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسِهم، فلمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ ﷺ المدينةَ، أنزَلَ اللهُ عز وجل فيهم وفي قولِنا لهم وقولِهم لأنفسِهم: {يَٰعِبَادِيَ اْلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ يَغْفِرُ اْلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ اْلْغَفُورُ اْلرَّحِيمُ} [الزمر: 53] إلى قولِه: {وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55].

قال عُمَرُ: فكتَبْتُها في صحيفةٍ، وبعَثْتُ بها إلى هشامِ بنِ العاصِ، قال هشامٌ: فلَمْ أزَلْ أقرَؤُها بذِي طُوًى أصعَدُ بها فيه حتى فَهِمْتُها، قال: فأُلقِيَ في نفسي أنَّها إنَّما نزَلتْ فينا، وفيما كنَّا نقولُ في أنفسِنا، ويقالُ فينا، فرجَعْتُ فجلَسْتُ على بعيري، فلَحِقْتُ برسولِ اللهِ ﷺ بالمدينةِ». أخرجه البزار (١٥٥).

* قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اْللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦ وَاْلْأَرْضُ جَمِيعٗا قَبْضَتُهُۥ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ وَاْلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبْحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]:

عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: «أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجُلٌ مِن أهلِ الكتابِ، فقال: يا أبا القاسمِ، أبلَغَك أنَّ اللهَ عز وجل يَحمِلُ الخلائقَ على إصبَعٍ، والسَّمواتِ على إصبَعٍ، والأرَضِينَ على إصبَعٍ، والشَّجَرَ على إصبَعٍ، والثَّرى على إصبَعٍ، قال: فضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى بدَتْ نواجذُه، قال: فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اْللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِۦ وَاْلْأَرْضُ جَمِيعٗا قَبْضَتُهُۥ يَوْمَ اْلْقِيَٰمَةِ} [الزمر: 67] إلى آخرِ الآيةِ». أخرجه البخاري (٧٤١٥).

* سورة (الزُّمَر):

سُمِّيت سورةُ (الزُّمَر) بهذا الاسم؛ لأنَّ اللهَ ذكَر فيها زُمْرة السُّعداء من أهل الجنة، وزُمْرة الأشقياء من أهل النار.

* كان صلى الله عليه وسلم لا ينامُ حتى يَقرأَ (الزُّمَر):

عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، قالت: «كان النبيُّ ﷺ لا ينامُ حتى يَقرأَ الزُّمَرَ، وبني إسرائيلَ». أخرجه الترمذي (٣٤٠٥).

1. القرآن تنزيلٌ من الله تعالى، والعبادة له وَحْده (١-٤).

2. آيات الله تعالى في الآفاق والأنفس (٥-٧).

3. مقارنة بين المؤمن والكافر (٨-٩).

4. إرشادٌ للمؤمنين، ووعيد لعبَدةِ الأصنام (١٠-٢٠) .

5. دلائل وَحْدانية الله تعالى، وقُدْرته (٢١).

6. حال المؤمنين مع القرآن، عذاب الكافرين (٢٢-٢٦).

7. ضَرْبُ الأمثال للتذكير (٢٧-٣١).

8. وعيدٌ للمشركين، ووعد للمؤمنين (٣٢-٣٧).

9. ضَلال المشركين، وتهديد الله لهم (٣٨-٤٠).

10. مظاهر قدرة الله تعالى (٤١-٤٨).

11. الإنسان بين الضَّراء والسَّراء (٤٩-٥٢).

12. دعوة للرجوع إلى الله تعالى (٥٣-٥٩).

13. دلائلُ ألوهية الله تعالى، ووَحْدانيته (٦٠-٦٧).

14. أهوال الآخرة، ومآل الأشقياء والسُّعداء (٦٨-٧٥).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /478).

مقصدُ سورة (الزُّمَر) هو الدَّلالة على صِدْقِ الله عزَّ وجلَّ في وعدِه؛ فحاشاه أن يفُوتَه شيء، أو أن يُخلِفَ وعدَه، وقد أعذَرَ إلى الكفار بإنذارِهم بالحشر، وهو واقعٌ حاصل بتقسيم الناس إلى زُمَرٍ على ما يستحِقُّون من أعمالهم: زُمْرة المتقين الأبرار، وزُمْرة الكفار الأشرار.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /423).