تفسير سورة الجن

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة الجن من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ نَفَرٌ ﴾: جماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة.
﴿ جَدُّ رَبِّنَا ﴾: أي عظمة ربنا، يقال: جد فلان في الناس: إذا عظم في عيونهم وجل في صدورهم، ومنه قول أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا. أي عظم.
﴿ شَطَطاً ﴾ أي جورا وغلوا في القول وغيره.
(شهب) جمع شهاب: وهو كل شيء متوقد مضيء. ﴿ مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ﴾ يعني كواكب.
﴿ شِهَاباً رَّصَداً ﴾ يعني نجما أرصد للرجم.
﴿ طَرَآئِقَ قِدَداً ﴾ يقول: فرقا مختلفة الأهواء، وواحد الطرائق طريقة، وواحد القدد قدة، وأصله في الأديم، يقال لكل ما قطع منه: قدة، وجمعها قدد.
﴿ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً ﴾ بخسا: نقصا، ورهقا: ما يرهقه: أي ما يغشاه من المكروه.
﴿ ٱلْقَاسِطُونَ ﴾ أي الجائرون. ﴿ تَحَرَّوْاْ رَشَداً ﴾: أي توخوا وتعمدوا، والتحري: القصد للشيء.
﴿ لأَسْقَيْنَاهُم ﴾ انظر ٢٢ من الحجر.﴿ غَدَقاً ﴾ كثيرا.
﴿ صَعَداً ﴾ شاقا، يقال: تصعدني الأمر إذا شق علي، ومنه قول عمر رضي الله عنه: ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح. ومنه قوله عز وجل:﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ﴾[المدثر: ١٧] يعني عقبته مشاقة. وقيل إنها نزلت في الوليد بن المغيرة وأنه يكلف أن يصعد جبلا في النار من صخرة ملساء، فإذا بلغ أعلاها لم يترك أن يتنفس وجذب إلى أسفلها ثم يكلف مثل ذلك.
﴿ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً ﴾ قيل هي المساجد المعروفة التي يصلى فيها فلا تعبدوا فيها صنما. وقيل المساجد: مواضع السجود من الإنسان: الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان، واحدها مسجد.
﴿ لِبَداً ﴾ أي جماعات، واحدها لبدة. ومعنى لبدا: أي يركب بعضهم بعضا. ومن هذا اشتقاق اللبود التي تفرش. وقوله عز وجل ﴿ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ﴾ أي كادوا يركبون النبي صلى الله عليه وسلم رغبة في القرآن وشهوة لاستماعه.
سورة الجن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الجِنِّ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الأعراف)، وقد جاءت على ذِكْرِ شرفِ النبي صلى الله عليه وسلم، وتحقُّقِ الكرامة له بعد أن رفَضه أهلُ الأرض وآذَوْهُ، فليَّنَ اللهُ له قلوبَ عالَم الجِنِّ؛ فاستمَعوا لهذا القرآن، وآمنوا به، وبرسالة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم؛ لِما لهذا القرآن من عظمة وهداية وبيان واضح، والإنس أدعى أن يؤمنوا بهذا الكتابِ العظيم.

ترتيبها المصحفي
72
نوعها
مكية
ألفاظها
285
ترتيب نزولها
40
العد المدني الأول
28
العد المدني الأخير
28
العد البصري
28
العد الكوفي
28
العد الشامي
28

قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اْسْتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ اْلْجِنِّ} [الجن: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «انطلَقَ النبيُّ ﷺ في طائفةٍ مِن أصحابِه عامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظَ، وقد حِيلَ بَيْنَ الشياطينِ وبَيْنَ خَبَرِ السماءِ، وأُرسِلتْ عليهم الشُّهُبُ، فرجَعتِ الشياطينُ إلى قومِهم، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حِيلَ بَيْننا وبَيْنَ خَبَرِ السماءِ، وأُرسِلتْ علينا الشُّهُبُ، قالوا: ما حالَ بَيْنَكم وبَيْنَ خَبَرِ السماءِ إلا شيءٌ حدَثَ، فاضرِبوا مشارقَ الأرضِ ومغاربَها، فانظُروا ما هذا الذي حالَ بَيْنَكم وبَيْنَ خَبَرِ السماءِ، فانصرَفَ أولئك الذين توجَّهوا نحوَ تِهامةَ إلى النبيِّ ﷺ، وهو بنَخْلةَ، عامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظَ، وهو يُصلِّي بأصحابِه صلاةَ الفجرِ، فلمَّا سَمِعوا القرآنَ استمَعوا له، فقالوا: هذا واللهِ الذي حالَ بَيْنَكم وبَيْنَ خَبَرِ السماءِ، فهنالك حينَ رجَعوا إلى قومِهم، وقالوا: يا قومَنا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبٗا ١ يَهْدِيٓ إِلَى اْلرُّشْدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} [الجن: 1-2]؛ فأنزَلَ اللهُ على نبيِّه ﷺ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اْسْتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ اْلْجِنِّ} [الجن: 1]، وإنَّما أُوحِيَ إليه قولُ الجِنِّ». أخرجه البخاري (٧٧٣).

* سورة (الجِنِّ):

سُمِّيت سورة (الجِنِّ) بهذا الاسم؛ لاشتمالها على أحوالهم وأقوالهم، وعلاقتهم بالإنس.

* سورة {قُلْ أُوحِيَ}:

سُمِّيت بذلك؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

1. الافتتاحية (١-٢).

2. الجِنُّ ورحلة الإيمان (٣-١٥).

3. من صفاتِ الرَّكْبِ، والداعي إليه (١٦-٢٥).

4. الخاتمة (٢٦-٢٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /397).

يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: إظهارُ شرفِ هذا النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث لُيِّنَ له قلوبُ الجِنِّ والإنس وغيرِهم، فصار مالكًا لقلوب المُجانِس وغيره؛ وذلك لعظمة هذا القرآنِ، ولُطْفِ ما له من عظيم الشأن.
هذا، والزمانُ في آخره، وزمان لُبْثِه في قومه دون العُشْرِ من زمن قوم نوح عليهما السلام، أولِ نبيٍّ بعثه اللهُ إلى المخالفين، وما آمن معه من قومه إلا قليلٌ.
وعلى ذلك دلَّت تسميتُها بـ(الجِنِّ)، وبـ {قُلْ أُوحِيَ}». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /127).